الأكاديمية

كتابة الأخبار للإذاعة

تسعة عناصر يجب أن تتوفر في كتابتك للخبر الإذاعي الجيد

على مر العصور، استطاعت الإذاعة أن تثبت نفسها كوسيلة إعلامية لا مثيل لها، حينما نُغمر في زحام الحياة اليومية، يبقى الصوت هو الوسيلة المثلى لنقل الأخبار والقصص، ورغم الثورة التكنولوجية التي أحدثت تحولات كبيرة في وسائل الإعلام، تظل الإذاعة تحتفظ بجاذبيتها الخاصة، ومهما تقدمت الوسائط الحديثة وبرزت بصورة أكبر، سيظل الصوت الوسيلة التي تتسم بالبساطة والفعالية.

أحد أبرز ما يميز الإذاعة هو قدرتها على إقحام المستمع في الأحداث وجعله يعيش اللحظة، وهنا تأتي أهمية الكتابة للإذاعة، فهي ليست مجرد كلمات تُنقل، بل هي كلمات تُعَش وتُحَس.

كتابة الأخبار للإذاعة ليست مهمة سهلة كما يعتقد البعض، فهي تتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة المستمع واحتياجاته، يجب على الصحفي أو الكاتب أن يكون لديه القدرة على تحويل المعلومات إلى قصص تلامس الأذواق وترتقي بالمستوى الثقافي للمستمع.

وفي ظل السعي المستمر نحو تحقيق الابتكار وتقديم محتوى جديد ومتجدد، يجب أن نبحث عن أفكار جديدة وأساليب مختلفة تضفي طابعًا خاصًا على الكتابة الإذاعية، فمن خلال تقديم تقارير تفاعلية أو استخدام تقنيات صوتية مبتكرة، يمكن أن تُغير الإذاعة من نمط استقبال المستمع وتجعله يشارك بشكل أكبر في الحوار الإعلامي.

الإذاعة ليست مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هي منصة لإلقاء الضوء على القضايا، والثقافات، والأشخاص، وتحفيز التفكير النقدي والحوار البناء، وعلى الكتاب والصحفيين المساهمة في تعزيز هذا الدور من خلال تقديم محتوى ذو جودة عالية وفعالية.

كما أن الإذاعة وسيلة إعلاميّة سريعة موجهة إلى جميعِ الناس سواءً كانوا مثقفين أو أُميين، لذلك يجبُ أن تكونَ الكتابةُ بصيغةِ الحاضر البسيطة، قصيرةٍ وواضحة، يسهُلُ الاستماعُ إليها ويسهُلُ تذكّرها.

إفهم الخبر: قبل أن تبدأ بكتابة الخبر، عليك فهمه بشكل جيد، فالفهم هو العقد الذي يربط الصحفي بجمهوره، فإذا لم تكن لديك فكرة واضحة عن ما تنقله، فكيف سيفهمه الجمهور؟

الجذب من البداية: يجب أن تكون البداية قوية لجذب انتباه المستمعين، فهم يريدون أن يعرفوا ما حدث، وأنت عليك أن تقدم لهم هذا الخبر بأسلوب جذّاب، تحتوي الجملةُ الأولى على خبر الحدث، لكنها يجبُ أن تجلبَ الانتباه أيضاً، احرص دائماً على أن تكونَ كتاباتُك جذّابة، خاصّة في بداية الخبر، فإذا جلبتَ انتباهَ المستمعين، فسيبقون في الاستماع.

صيغة الحاضر (المضارع): استخدم صيغة المضارع في الكتابة، فهي تعطي شعورًا بالحيوية والواقعية، وكأن الحدث يحدث الآن، يجب أن تصفَ الأحداثِ التي وقعتْ للتو أو في الوقت الذي تقع فيه، أو أثناء وقوعها والمضارعُ هو الأنسب لرواية الأحداث ومعالجتِها.

الجمل القصيرة: احرص على أن تكون جملك قصيرة ومباشرة، المستمع لا يملك الوقت لتحليل الجمل المعقدة، ويحتاج إلى فهم الخبر بسرعة، غالباً ما يكونُ الخبرُ معقداً، والمستمعين لا يُمكنُهم العودة إلى الوراء لذلك يجب أن يفهموا فوراً، حرّر الجمل بصيغة [فعل، فاعل، ومفعول به]، و اكتفِ بفكرةٍ واحدة في الجملة، تجنّب الأسماء الموصولة بنقطة وبدءِ جملةٍ جديدة.

الدقة: كل كلمة وفعل يجب أن يكون له معنى وغرض. تجنب اللغة المعقدة والمبهمة، النّص يجبُ أن يكونَ قصيراً وكل كلمة لها أهميّتها، لذلك يجبُ استخدامُ الكلمةِ الصحيحة والأفعال المناسبة.

المستحيل الذي يدرسه خبراء الإعلام لطلبتهم هو الحياد

الموضوعية: المستحيل الذي يدرسه خبراء الإعلام لطلبتهم هو الحياد، فبمجرد إختيارك للعمل في الصحافة والإعلام فقد تنازلت عن حيادك، لكن عدم القدرة على الحياد لا يعني عدم الإلتزام بالموضوعية فأنت هنا لتقديم الخبر وليس لإعطاء رأيك الشخصي، دع المستمع يحكم على الموضوع بناءً على المعلومات التي قدمتها له بأكبر قدر من الموضوعية.

تحدث قبل الكتابة: نشرةُ أخبارِ الإذاعة هي عملية شفوية، لذلك يجب أن يكون النص الذي تكتبه قابلاً للنطق بسهولة، لذلك اكتُب نصّك و أنتَ تهمِسُ به، وعندما تجدُ صعوبةً في كلمة غيّرها لأنّك يمكنُ أن تجدَ صعوبة في قراءتها على الهواء، و عندما تنتهي من كتابةِ نصّك أعِد قراءته بصوت عال، و إذا لم تعجبك النتيجة غيّر النّص.

الاتصال المباشر: حتى وإن كنت تكتب وحدك، فكر دائمًا في جمهورك، تخيل وجوههم، تفكيرهم، وردود أفعالهم. وأنت تكتب أخبارك لوحدك وأمام الميكروفون وليس لديك اتصال بالجمهور، حاول دائماً أن تتخيل مستمعيك، حاول أن توجّه حديثك لشخص ما، إذا كتبتَ بهذه الطريقة فإنّ الجمهور سيشعرُ أنّك تكلّمه وسيواصلُ الاستماع إليك.

الوصف: استخدم الوصف بحذر، ولكن بفعالية، فالمستمع لا يمكنه رؤية الأحداث، لذلك عليك أن تصفها له بطريقة تجعله يتخيلها بوضوح. فالإذاعة موجّهةٌ للأذن، لكن النص المكتوب بطريقة جيّدة يجعلُ المستمع يتخيل صوراَ ذهنية، للحصولِ على هذه النتيجة استخدم أسلوبَ الوصف، ولتكن متأكداً أنّك لم تنسَ شيئاً في الخبر تذكّر الأسئلة الخمسة، ولوصفها تذكر الحواس الخمس، فكل المعلومات تصلنا عبر حواسّنا، إذن أعطِ الخبر لمستمعيك كي يروه ويشموه ويلمسوه ويسمعوه ويتذوّقوه، أكتب الصوت لتكتمل لدى المستمع الصورة.

في الختام، الكتابة للإذاعة هي فن وتقنية تحتاج إلى مهارة وتدريب، عليك دائمًا البقاء متعلمًا لأن العالم يتغير، ومعه تتغير الأخبار وطرق تقديمها.

عبيدة فرج الله
عمان، الأردن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

التعليقات

شاهد أيضاً
إغلاق