الأكاديمية

استطلاع رأي الشارع (فوكس بوب)

الإذاعة هي صوت الناس، ونافذتهم للتعبير، ولهذا تفتح لهم المجال ليقولوا كلمتهم، في الأماكن التي يعيشون فيها ويتفاعلون معها. ومن هذا المنطلق، يذهب الصحفي إلى الشارع، إلى السوق، إلى الحي، ليجمع انطباعات الناس وآرائهم حول سؤال واحد مشترك، في ما يُعرف بـ “استطلاع رأي الشارع” أو ما يُسمى عالميًا بـ “فوكس بوب”، أي “صوت الشعب”.

مدة الاستطلاع:
لا تتجاوز دقيقة ونصف، وقد تكون دقيقة واحدة حسب توجيهات رئاسة التحرير.

ما هو استطلاع رأي الشارع؟
هو تجميع صوتي مركّب لإجابات مجموعة من الأشخاص على سؤال موحد. يهدف إلى نقل نبض الشارع وموقف الناس من موضوع ما، دون ادعاء التمثيل الإحصائي أو العلمي.

من يشارك في الاستطلاع؟
المتحدثون هم مواطنون عاديون من مختلف الخلفيات. لا مكان في هذا النوع من التقارير للمسؤولين أو النخب أو المختصين. الفكرة الأساسية أن يحمل صوت الشارع صدق الناس وتنوع آرائهم.

أين يُجرى الاستطلاع؟
في الأماكن العامة حيث يتواجد الناس العاديون: الشوارع، الأسواق، مواقف النقل، الساحات المفتوحة… المهم أن تكون البيئة طبيعية ومليئة بالحركة.

عدد المتحدثين ومدّتهم:
يُعدّ ستة أشخاص عددًا مثاليًا، بحيث يتحدث كل شخص لمدة 15 ثانية، ليكتمل الاستطلاع في دقيقة ونصف.
في حال رغبت بإعداد نسخة أقصر، فإن أربعة إلى خمسة أشخاص كافون.

خطوات التنفيذ العملي:

  • اختر سؤالًا واضحًا ومباشرًا.
  • توجّه إلى الميدان، وتحدث مع الناس عشوائيًا.
  • لا تطرح عدة أسئلة، بل ركّز على سؤال واحد فقط.
  • حاول تغيير المكان والزمان لتفادي تشابه الأجوبة أو اقتصارها على شريحة واحدة.
  • راقب تنوع الأجوبة واحرص على تضمين الآراء المتباينة.

كيفية تقديم الاستطلاع:
استطلاع الشارع لا يُعدّ استطلاعًا علميًا ولا دراسة ميدانية. بل هو صورة صوتية سريعة تعكس جزءًا من الرأي العام. لذلك:

  • تجنّب التعميم.
  • لا تستخدم عبارات مثل: “جميع السكان يرفضون” أو “أجمع المواطنون على…”

مدخل الاستطلاع:
كما هو الحال في الريبورتاج، يُرفق استطلاع الرأي بمدخل تمهيدي يجيب عن أسئلة: من؟ ماذا؟ أين؟ متى؟ وما هو السؤال المطروح؟
يقوم الصحفي بصياغة هذا المدخل، بينما يعيد المذيع كتابته لاحقًا ليتناسب مع أسلوب أدائه وصوته.

ختامًا، يبقى استطلاع رأي الشارع أداة إعلامية بسيطة في شكلها، لكنها غنيّة في مضمونها. فهي تنقل صوت الناس كما هو، بلا فلترة ولا تحليل، وتمنح المستمع نافذة حقيقية على تنوّع الآراء واختلاف المواقف. ولأنها تعبّر عن الشارع، فهي تذكّرنا دائمًا بأن الإعلام الجيّد يبدأ بالاستماع للناس… لا الحديث عنهم فقط.

إذا أُنجز الاستطلاع بدقة، وبتنويع في الأصوات والمواقع، وباحترام لأخلاقيات العمل الصحفي، فإنه يصبح أكثر من مجرد أصوات مجمّعة، بل وثيقة صوتية تنبض بالحياة اليومية للمجتمع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة