الأكاديمية

فن إجراء المقابلات الإذاعية: دليل عملي للمحاور المحترف

تُعدّ المقابلة الصحفية أحد الأعمدة الأساسية في العمل الإذاعي، إذ تُستخدم بشكل يومي على الهواء مباشرة أو في تسجيلات الاستوديو أو من قلب الشارع. فالإذاعة كوسيلة إعلامية نابضة، لا تعمل في عزلة، بل تتصل يوميًا بجمهورها، وتمنح الصوت لكل من لديه ما يضيفه، سواء كان سياسيًا، خبيرًا، فنانًا، أو مواطنًا عاديًا.

ومن أجل أن تكون المقابلة إضافة نوعية لا مجرد محادثة، لا بد من التسلّح بمجموعة من المهارات والاستعدادات المهنية. فيما يلي خارطة الطريق لإجراء مقابلة إذاعية ناجحة ومؤثرة:

أولًا: قبل المقابلة – الإعداد هو نصف النجاح

  • ابحث بعمق
    اجمع معلومات دقيقة عن موضوع المقابلة وسيرة الضيف، ولا تكتفِ بالمعلومات العامة. المعرفة المسبقة تعزز من جودة الحوار وتمنحك القدرة على التفاعل الذكي.
  • صُغ أسئلتك باحتراف
    رتّب أسئلتك وفق تسلسل منطقي يساعد على بناء الحوار بشكل تصاعدي. دوّن ملاحظاتك وكن مرنًا لتعديلها أثناء المقابلة حسب السياق.
  • وضّح هويتك ودورك
    عند الاتصال لتحديد الموعد أو أثناء اللقاء، عرّف بنفسك بوضوح: من أنت؟ لمَن تعمل؟ وما الهدف من المقابلة؟ هل ستُبث كاملة، مجتزأة، أو ضمن تقرير؟ الشفافية تبني الثقة.
  • هيّئ بيئة مريحة
    اختر المكان المناسب، واطرح لمحة عامة عن محاور النقاش، فذلك يساعد الضيف على الشعور بالارتياح ويُخرجه من دائرة التوتر.

ثانيًا: أثناء المقابلة – إدارة حوار لا استجواب

  • ابدأ بأسئلة مفتوحة
    استخدم أسئلة تبدأ بـ “لماذا” أو “كيف” بدلاً من “هل”، لتشجيع الضيف على التوسّع والتعبير، مما يُغني المادة الإذاعية بمحتوى حي.
  • اسأل سؤالًا واحدًا في كل مرة
    طرح أكثر من سؤال دفعة واحدة يُربك الضيف، وغالبًا ما يُجيب عن السؤال الأخير فقط، مما يُفقد الحوار ترابطه.
  • ابقَ محايدًا
    دورك ليس تبنّي وجهة نظر أو الانحياز، بل الوصول إلى إجابات واضحة، دقيقة، ومتوازنة. احرص على أن يبقى الميكروفون للضيف.
  • استمع بتركيز
    الاستماع هو مهارة لا تقل أهمية عن طرح السؤال. أنصت جيدًا، وابحث في الإجابات عن نقاط تستحق التوسّع أو التوضيح.
  • وجّه الحوار بلُطف
    بعض الضيوف يميلون للإطالة أو التهرب من الإجابة، خاصة السياسيين. حين يحدث ذلك، تدخّل بلباقة وأعِد توجيه الحديث نحو محورك الأساسي.
  • تعامل مع المواقف المحرجة بثبات
    إذا رفض الضيف الإجابة، أو تهرّب بسؤالٍ مضاد، لا تنسحب. أعد السؤال بصيغة أبسط وبنبرة هادئة، فأنت من يقود دفة الحوار.

ثالثًا: نصائح ختامية لتميّز المقابلة

  • تفاعل بصريًا وإنسانيًا.
    اظهر اهتمامك بما يُقال من خلال التواصل البصري، وإيماءات الرأس، وتعبيرات وجهك. التفاعل يطمئن الضيف ويشجعه على الانفتاح.
  • ارفض الإجابات المكتوبة مسبقًا
    أوضح أن القراءة من ورقة تفقد الصوت عفويته وتلقائيته. شجّع الضيف على التحدث بطريقته الخاصة، فذلك أكثر صدقًا وأثرًا للمستمع.
  • فكّر بالمونتاج منذ البداية
    خلال الحوار، انتبه للمقاطع التي تصلح للبث كاقتباسات قوية. المقابلة الناجحة هي التي تمنحك مادة قابلة للتوظيف إذاعيًا بسهولة.
  • راجع جودة التسجيل قبل المغادرة
    لا تكتفِ بالثقة في الجهاز. استمع إلى جزء من نهاية التسجيل للتأكد من أن الصوت واضح وسليم، تفاديًا لأي مفاجآت خلال مرحلة الإنتاج.

الخلاصة

المقابلة الإذاعية ليست مجرد طرح أسئلة، بل هي فن متكامل يجمع بين التحضير العميق، والإنصات النشط، والحضور الذهني، والتوازن المهني. إتقان هذا الفن يرفع من مستوى المادة الإعلامية، ويعزز الثقة بين الإذاعة وجمهورها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة