الديمقراطية ج1
[soundcloud url=”https://api.soundcloud.com/tracks/321125076″ params=”color=ff5500&auto_play=false&hide_related=false&show_comments=true&show_user=true&show_reposts=false” width=”100%” height=”166″ iframe=”true” /]
هي شكلٌ من أشكالِ الحكمِ يشاركُ فيها جميعُ المواطنينَ المؤهلينَ على قَدَمًِ المساواة إما مباشرة أو من خلالِ ممثلينَ عنهم منتخبين في اقتراحِ، وتطويرِ، واستحداثِ القوانين. وهي تشملُ الأوضاعَ الاجتماعيةَ والاقتصاديةَ والثقافيةَ التي تُمَكِّنُ المواطنينَ منَ الممارسةِ الحرةَِ والمتساويةِ لتقريرِ المصيرِ السياسي. ويُطلقُ مصطلحُ الديمقراطيةِ أحيانا على المعنى الضَيَّقِ لوصفِ نظامِ الحكمِ في دولةٍ ديمقراطيةٍ، أو بمعنىً أوسع لوصفِ ثقافةِ مجتمع. والديمقراطيّةُ بهذا المعنَى الأوسعِ هي نظامٌ اجتماعيٌ مميزٌ يُؤمنُ بهِ ويسيرُ عليه المجتمعُ ويشيرُ إلى ثقافةٍ سياسيّةٍ وأخلاقيةٍ معيّنةٍ تتجلى فيها مفاهيمُ تتعلقُ بضرورةِ تداولِ السلطةِ سِلميا وبصورةٍ دورية.
اشتقاقُ الكلمة
إمّا لُغويّاً، فالديمقراطيّةُ كلمةٌ مركبةٌ مِن كلمتين: الأولى مشتقةٌ من الكلمةِ اليونانية Δήμος أو Demos وتَعني عامةَ الناس، والثانية Κρατία أو kratia وتعني حُكْم. وبهذا تكونُ الديمقراطيةُ Demoacratia تَعني لغةً ‘حُكمَ الشعب’ أو ‘حُكمَ الشعبِ لِنفسهِ’.
الديمقراطيةُ تعني في الأصل حُكمَ الشعبِ لنفسه، لكنَّ كثيراً ما يُطلقُ اللفظُ علَى الديمقراطيةِ الليبراليةِ لأنها النظامُ السائدُ للديمقراطيةِ في دولِ الغرب، وكذلكَ في العالمِ في القرنِ الحادي والعشرين، وبهذا يكونُ استخدامُ لفظِ “الديمقراطية” لوصفِ الديمقراطيةِ الليبراليةِ خلطا شائعا في استخدامِ المصطلحِ سواءً في الغربِ أو الشرق، فالديمقراطيةُ هي شكلٌ من أشكالِ الحُكمِ السياسي قائمٌ بالإجمالِ علَى التداولِ السِلميِ للسلطةِ وحُكمِ الأكثريّةِ بينما الليبراليةُ تؤكدُ على حمايةِ حقوقِ الأفرادِ والأقلياتِ وهذا نوعٌ من تقييدِ الأغلبيةِ في التعاملِ معَ الأقلياتِ والأفرادِ بخلافِ الأنظمةِ الديمقراطيةِ التي لا تشتملُ على دُستورٍ يُلزِمُ مثلَ هذهِ الحماية والتي تُدعى بالديمقراطياتِِ اللاليبرالية، فهنالكَ تقاربٌ بينهما في أمورٍ وتباعدٌ في اُخرى يَظهرُ في العلاقةِ بينَ الديمقراطيةِ والليبراليةِ كما قد تختلفُ العلاقةُ بين الديمقراطيةِ والعلمانيةِ باختلافِ رأيِ الأغلبية.
اشكالُ الديمقراطية
توجدُ عِدةُ أشكالٍ منَ الديمقراطية ، ولكنَ هناكَ شكلانِ أساسيان ، وكلاهُما يَهتمُ بكيفيةِ تحقيقِ ارادةِ مجموعِ المواطنينَ المؤهلينَ لتلكَ المُمارسة. إحدي نماذجِ الديمقراطيةِ هي الديمقراطيةُ المباشرة، التى يتمتعُ فيها كلُ المواطنينَ المؤهلينَ بالمشاركةِ المباشرةِ والفعالةِ في صُنعِ القرارِ في تشكيلِ الحكومةِ. في معظمِ الديمقراطياتِ الحديثة، يَظلُ مجموعُ المواطنينَ المؤهلينَ همُ السلطةُ السياديةُ في صُنعِ القرارِ ولكنْ تُمارسُ السلطةُ السياسيةُ بشكلٍ غيرِ مباشرٍ من خلالِ ممثلينَ منتخبينْ، وهذا ما يُسمى الديمقراطيةَ التمثيلية. نشأ مفهومُ الديمقراطيةِ التمثيليةِ إلى حدٍ كبيرٍ منَ الأفكارٍ والمؤسساتِ التي وُضِعتْ خلالَ العصورِ الأوروبيةِ الوسطى، وعصرِ الاصلاحِ، وعصرِ التنويرِ، والثوراتِ الأمريكيةِوالفرنسية.
أهدافُ االديمقراطية
تحقيقُ مبادىءِ الحريةِ والعدالةِ والمساواة .
تحقيقُ الأمنِ الشخصيِ والاجتماعيِ والاقتصادي .
ترسيخُ قِيمِ الصدقِ والأمانةِ والتعايشِ السِلمي .
مشاركةُ الشعبِ في اتخاذِ القرار.
احترامُ المالِ العامِ والمحافظةِ عليه .
احترامُ حقوقِ الانسان
محاسنُ الديمقراطية
– الاستقرارُ السياسيُ: منَ النقاطِ التي تُحسبُ للديمقراطيةِ هو أنَّ خلقَ نظامٍ يستطيعُ فيه الشعبُ أن يستبدلَ الإدارةَ الحاكمةَ من دون ِتغييرِ الأسُسِ القانونيةِ للحُكم، تهدفُ من خلالهِ الديمقراطيةُ إلى تقليلِ الغموضِ وعدمِ الاستقرارِ السياسي، وطمأنةِ المواطنينَ بأنه معَ كلِ امتعاضِهمْ منَ السياساتِ الحاليةِ فإنَهُم سيحصلونَ على فرصٍ منتَظِمةٍ لتغييرٍ حُكَّامِهِمْ أو تغييرِ السياساتِ التي لا تتفقُ وآرائَهم. وهذا نظامٌ أفضلُ منَ الذي تَحدثُ فيه التغييراتُ عبرَ اللُجوءِ إلى العنف. البعضُ يعتقدُ بأنَّ الاستقرارَ السياسيَ أمرٌ مُفرطٌ إذا ما بقيتِ المجموعةُ الحاكمةُ في مدةٍ طويلةٍ على سِدةٍ الحُكم. ومن ناحيةٍ أخرى هذا امرٌ شائعٌ في الأنظمةِ غيرِ الديمقراطية.
– التجاوبُ الفعالُ في أوقاتِ الحروب: إنَّ الديمقراطيةَ التعدديةَ كما يَظهرُ من تعريفِها تعني أنَّ السلطةَ ليست مُركزة. ومنَ الانتقاداتِ التي تُوجهُ إلى الديمقراطيةِ أنَّ عدمَ تَرَكُزِ السلطةِ هذا في الديمقراطيةِ قد يكونُ من السيئاتِ إذا كانتِ الدولةُ في حالةِ حربٍ حيثُ يتطلبُ الأمرُ رداً سريعاً ومُوحداً. فعادةً يتعينُ على البرلمانِ إعطاءُ موافقَتِهِ قبلَ الشروعِ بعمليةٍ عسكريةٍ هجومية، رُغمَ أنَّ بإمكاِن الفرعِ التنفيذيِ أي الحكومة في بعضِ الأحيانِ القيامً بذلكَ بقرارٍ خاصٍ وإطلاعِ البرلمانِ على ذلك. ولكن إذا ما تعرَّضَ البلدُ الديمقراطيُ إلى هجومٍ عسكريٍ فالموافقةُ البرلمانيةُ لن تكونَ ضروريةً للشروعِ بالعملياتِ الدفاعيةِ عنِ البلاد. بإمكانِ الشعبِ أن يَصوتَ قراراً بتجنيدِ الناسِ للخدمةِ في الجيش. أما الأنظمةُ ملكيةًودكتاتوريةً فتستطيعُ منَ الناحيةِ النظريةِ في حالاتِ الحربِ التصرفَ فوراً وبقوة. ولكن معَ ذلكَ تشيرُ البحوثُ الواقعيةُ إلى أنَّ الديمقراطياتِ مهيأةٌ أكثرَ للانتصارِ في الحروبِ من الأنظمةِ غيرِ الديمقراطية. وتفسيرُ ذلكَ أنَّ السببَ الرئيسَ يعودُ إلى “شفافيةِ نظامِ الحكمِ واستقرارِ سياساتِها حالَ تبنيها” وهو السببُ وراءَ كونِ “الديمقراطياتِ قادرةً أكثرَ على التعاونِ معَ شركائِها في خوضِ الحروب”. هذا فيما تُرجِعُ دراساتٌ أخرى سببَ هذا النجاحِ في خوضِ الحروبِ إلى التجنيدِ الأمثلِ للمواردِ أو اختيارِ الحروبِ التي فيها فرصُ الانتصارِ كبيرة.
– انخفاضُ مستوى الفساد: الدراساتُ التي أجراها البنكُ الدوليُ توحي بأنَّ نوعَ المؤسساتِ السياسيةِ الموجودةِ مهمٌ جداً في تحديدِ مدى انتشارِ الفساد: ديمقراطيةٌ، أنظمةٌ برلمانيةٌ، استقرارٌ سياسيٌ، حريةُ الصحافةِ كُلهُا عواملُ ترتبطُ بإنخفاضِ مستوياتِ الفساد.
– انخفاضُ مستوى الإرهاب: تشيرُ البحوثُ إلى انَّ الإرهابَ أكثرُ انتشاراً في الدولِ ذاتِ المستوىً المتوسطِ حرياتٍ سياسية. وأقلُ الدولِ معاناةً منَ الإرهابِ هي أكثرُهَا ديمقراطية.
– انخفاضُ الفقرِ والمجاعة: بحسبِ الإحصائياتِ هناكَ علاقةُ تبادليةٌ بين ازديادِ الديمقراطيةِ وارتفاعِ معدلاتِ إجمالي الناتجِ القوميِّ للفردِ وازديادِ الاحترامِ لحقوق ِالإنسانِ وانخفاضِ معدلاتِ الفقر. ولكنَّ هناكَ معَ ذلكَ جدلٌ دائرٌ حولَ مدى ما يمكنُ أن يُنسبَ من فضلٍ للديمقراطيةِ في ذلك. وهناكَ العديدُ منَ النظرياتِ التي طُرحت في هذا المجالِ وكُلُها مَوْضِعُ جِدال. إحدى هذهِ النظرياتِ هو أنَّ الديمقراطيةَ لم تنتشرْ إلا بعدَ قيامِ الثورةِِ الصناعيةِ والرأسمالية. وما يبدو للعيانِ من ادلةٍ من خلالِ مراجعةِ الدراساتِ الإحصائيةِ تدعمُ النظريةَ القائلةَ بأنَّ ازديادَ جرعةِ الرأسماليةِ – إذا ما قِيستْ على سبيلِ المثالِ بواحدٍ منَ المؤشراتِ العديدةِ للحريةِ الاقتصاديةِ والتي إستخدمَها مُحللونَ مستقلونَ في مئاتٍ منَ الدراساتِ التي أجرَوْها – يزيدُ من النموِ الاقتصاديِّ والذي يزيدُ بدورهِ منَ الرفاهيةِ العامةِ وتُقللُ الفقرَ وتؤدي إلى الدمقرطة. هذا من الناحيةِ الإحصائية، وهناكَ استثناءاتٌ معينة ٌمثلَ الهندِ التي هي دولةٌ ديمقراطيةٌ ولكنَّها ليست مزدهرةً، أو دولةُ بورنيو التي تمتلكُ معدلاً عالياً في إجماليِّ الناتجِ القومي ولكنَّها لم تكنْ قطُ ديمقراطية. وهناكَ أيضاً دراساتٌ أخرى توحي بأنَّ زيادةَ جرعةِ الديمقراطيةِ تزيدُ الحريةَ الاقتصاديةَ برغمِ أنَّ البعضَ يرى وجودَ آثارٍ سلبيةٍ قليلةٍ جداً أو معدومةٍ لذلك.
– نظريةُ السلامِ الديمقراطي: إن نتائجَ العديدِ من الدراساتِ المُستنِدةِ إلى معطياتٍ وتعريفاتٍ وتحليلاتٍ إحصائيةٍ متنوعةٍ كلُها أظهرت نتائجَ تدعمُ نظريةَ السلامِ الديمقراطي. فالديمقراطياتُ الليبراليةُ بحسبِ تلك الإحصائياتِ لم تدخل قطُ في حروبٍ معَ بعضها. والبحوثُ الأحدثُ وجدت بأن الديمقراطياتِ شهدت حروباً أهليةً أقلَ أيضاً أو ما يطلقُ عليها الصراعاتُ العسكرية داخلَ الدولة، ولم ينجم عن تلك الحروبِ أكثرُ من (1000) قتيل، أي ما معناه بأن الحروبَ التي حدثت بين الديمقراطياتِ بحالةِ قتلٍ أقلَ وبأن الديمقراطياتِ شهدت حروباً أهليةً أقل. قد توجهُ انتقاداتٍ عديدةً لنظريةِ السلامِ الديمقراطي بما فيها الإشارةُ إلى العديدِ من الحروبِ التاريخيةِ ومن أن عدمَ وقوعِ الحروبِ ليس سبباً مرتبطاً بنجاحها.
– نخفاضُ نسبةِ قتلِ الشعب: تشيرُ البحوثُ إلى أن الأممَ الأكثرَ ديمقراطيةً تتعرضُ إلى القتلِ بدرجةٍ أقلَ من قِبَلِ حكوماتِها.
– السعادة: كلما إزدادت جرعةُ الديمقراطيةِ في دولةٍ ما ارتفع معدلُ سعادةِ الشعب.