المقالاتمنوعات

مترجمون: الجامعة الجزائريَّة بحاجة إلى مدرسة خاصَّة للترجمة

الترجمة

دعا مترجمون إلى إعادة تحيين مشروع إنشاء لجنة وطنية تتكفل بالترجمة، يؤطرها كتاب وروائيون، وإيجاد مؤسسات لتجسيد مشاريع الترجمة بطريقة واعية تخدم البلاد، المشروع تم طرحه منذ ثلاث سنوات لكنه ظل حبيس الأدراج ، كما دعا مترجمون إلى إنشاء مدرسة خاصة للترجمة وإشراك دور النشر في عملية الترجمة التي تتطلب السيطرة على اللغتين المراد تحويلها من وإلى، حسب المترجم فيصل الأحمر هذه المشاريع تحتاج إلى دعم من  الدولة واعتمادات مالية.

الحديث عن الترجمة ودورها في ربط التواصل بين الأفراد الذين لا يوجد بينهم قاسم مشترك وهو اللغة وقد خاض في الموضوع كثير من الباحثين خلال الصالون الوطني للكتاب احتضنته عاصمة الشرق الجزائري مؤخرا ومنهم الباحث فيصل الأحمر وعبد السلام يخلف والمترجم هارون حمادو، أمام تعددية الألسن وهذه اللغات انتقلت في إطار الرحلات والهجرات، والتنقل من أجل التجارة فكان هناك اختلاط بين الجزائريين والكنعانيين والإسبان ، ومع مرور الوقت نشأت علاقة تداخل ( تعايش) مع الجماعة، يقول المترجم فيصل الأحمر أن التعددية اللغوية نعمة والجزائريون لا يجدون صعوبة مع الحروف حتي لو كانت أجنبية لأنهما اختلطوا مع الشعوب الأخرى الكنعانيين والإسبان في إطار الهجرات، فبينهما علاقة تداخل اي تعايش،   معرجا للحديث عن الفترة التي عاشت فيها الجزائر صراعا لغويا مع المستعمر الذي أراد إلغاء اللغة العربية والأمازيغية واستبدالهما باللغة الفرنسية.

فقد  حاول الاستعمار الفرنسي  فرض سيطرته بمنعه التدريس الديني لولا الحركة المصالية بقيادة مصالي الحاج التي حاربت اللغة الفرنسية، في تلك الفترة كانت الترجمة محتشمة، فمن جهة كانت  الترجمة من الفرنسية إلى العربية  بقرارات سياسية ، ومن جهة أخري كان المترجمون في الجزائر قليلون  وغير متخصصين ، كان للحركة المصالية بقيادة مصالي الحاج دور فعال في مجال التخاطب مع المستعمر، فعند تأسيس نجم شمال افريقيا  بباريس في بداية العشرينات كان نصف أعضائه  أمازيغ  ولا يتقنون اللغة العربية، فاختاروا مصالي  الحاج  ليكون الناطق الرسمي لهم، بحكم  إتقانه اللغة العربية والتكلم بها بطلاقة، وغياب المترجمين كان السبب الرئيسي في فشل برنامج الترجمة في الجزائر، ماعدا بعض المترجمين الذين اتخذوها كهواية منهم الأديب ابو العيد دودو، ماعدا قليل منهم متخصصون في الترجمة على غرار عبد الله حمادي والدكتور رابح دوب،  والعيب هو أنه لا أحد فكر في إنشاء مدرسة خاصة للترجمة ، حسبما أشار إليه فيصل الأحمر، كان هناك حصار كبير على ترجمة الكتب من الفرنسية إلى العربية ، خاصة الكتب التي تعالج المواضيع السياسية  الحسّاسة ، مستدلا بكتاب الطاهر جاووت   الموسوم بعنوان: “المسلوب الملكية”  الذي تم رفض ترجمته وقيل عنه أنه غير قابل للترجمة، حتي لا يتعرض للتأويل.

من هنا ندرك خطر الترجمة  ومثلما اشار إليه الأستاذ عبد السلام يخلف الذي تناول تجربته في الترجمة وما تعرضت له من عيوب كظاهرة التكرار في اللغة العربية  التي لا نجدها في باقي اللغات وبالأخص اللغة الفرنسية، كذلك ما تعلق بالتأنيث من خلال وقوفه على النصوص الأدبية المكتوبة باللغة الفرنسة  مقدما بعض العبارات كـ: القمر والليل، فالقمر والليل في اللغة الفرنسية مؤنث ، في حين نجدهما  مذكران في اللغة العربية ، كما ذكر هذا المترجم  بعض الأخطاء الواردة في ترجمة نصوص الأديب ياسمينة خضرة التي ترجمها الروائي أمين الزاوي وقال أنه من الضروري إعادة ترجمتها ، و على  حد قوله هو  هناك أمور تحتاج إلى  تدقيق في الترجمة لخدمة المعنى خاصة بالنسبة للترجمة الألية عن طريق محرك البحث Google منتقدا مؤسسات الدولة التي لم تولي اهتمامها بمجال الترجمة.

أما المترجم  هارون حمادو اشار بدوره إلى  العجز الذي تعاني منه الجامعة الجزائرية في مجال الترجمة ، مشيرا إلى أن بعض المترجمين لا يفرقون بين المجلس والجمعية عند ترجمتهما إلى  اللغة العربية مثلما حدث في كتاب “الإخوان والجامع ” للباحث في الحركات الإسلامية الدكتور أحمد رواجعية ، حيث تمت ترجمة عبارة المجلس بالجمعية ،  حتى أن بعض حكام الجزائر كانوا لا يتقنون اللغة الغربية وكانوا بحاجة إلى  ترجمان ( أحمد بن بلة وجمال عبد الناصر)، فالخطاب الرسمي في الجزائر منذ الإستقلال كان بالفرنسية ماعدا الرئيس هواري بومدين  وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي كان علماءها يخاطبون الجمهور باللغة العربية، تجدر الإشارة أن هناك دراسات ركزت على مجال الترجمة – من وإلى- في إطار النظام  اللغوي الدولي الجديد الذي يضم ما يسمى بـ: “اللينغوا فرانكا” lingua franca ، اي اللغة المشاركة واللغة الدولية واللغة العالمية ولغة الإسبر نتو والكونية  الكوسمية.

 كما توجد خمس  ( 05) لغات  في أعلى الهرم وهي: ( الصينية ، الإنجليزية، الهندية، العربية، واللغة الإسبانية )، وتُعدُّ اللغة الصينية من أقدم لغات العالم حيث ظهرت بخمسة آلاف سنة قبل ميلاد اللغة العربية ولذا أولت الحكومة الصينية  اهتمامها بما تقدمه الجامعة ، فيما بدأت اللغة الفرنسية تعرف تقهقرا ملحوظا وهي في طريق نزولها الى مستوى اللغة الوطنية، بحيث لا يمكنها أن تخرج عن هذا النطاق، وقد  سبق وأن سلط مختصون في الترجمة الضوء على واقع الترجمة في الجزائر بحيث تكاد أن تصبح الجامعة الجزائرية ،  فرانكفونية وذلك لأن أبنائها أهملوا لغتهم الأصل وهي العربية  لغة القرآن  كما أن الإدارة سيطرت على البحث العلمي  وأجمعوا بالقول أن اللغة الثانية أصبحت  “نفعية”  لأنها تتماشى مع متطلبات السوق الإقتصادية ووجود المهاجرين وقد فرضت على الآخر “التبعية” ، ما كشفه البروفيسور رابح دوب في إحدى محاضراته وهو مختص في الترجمة ويتقن عدة لغات منها : ( الفرنسية، الإنجليزية، الفارسية ، الصينية والعبرية)  حيث كشف أن مشروع ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة العبرية  وقعت فيه كوارث في التعريف بمعاني الآيات، وقال البروفيسور رابح دوب أن الشعوب نهضت بلغاتها قبل ان يضيف بأن اللغة الصينية اليوم اصبحت مطلبا ضروريا إلى جانب اللغة الإنجليزية.

علجية عيش

*المصدر: التنويري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

التعليقات