المقالاتعلوم وتكنولوجيا

رقمنة الأموات: الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق للواقع

استحضار الأرواح:

تكاثفت، في الآونة الأخيرة، صور وأصوات الموتى، وأخذت موقع الصدارة أحيانًا لتنافس الأحياء في زحمة الواقع، وتُضيف قدرًا كبيرًا لتعقيداته. وهي صور وأصوات يُذَكِّر كثيرها بأمجاد وتاريخ أبطال تستعطفهم الحاجة لاستنهاض همم الحاضر بما فاضت به نجاحات الماضي، وبعضها يستدر العطف ويغازل الأشجان، فيما تجلب قلة منها غير قليل من الأحزان. وقد بدأ نشاز ها يهجم على وقار سكينة الناس بإطلالات مبغوضة، ويرهق راهنهم برسائل العدوان، والتهديد والوعيد، أو تجديد دعوة الانتقال المتعجل من دار الفناء إلى دار البقاء، بعكس قيمة الدارين عبر تحفيز الشر ضد إرادة الخير. وما نشهده في خطاب السياسة السودانية المتقاتلة بين مقولات “البدرون” و”القبر” خير برهان على توليد “التزييف العميق”، وما يرتبط به من تقنيات ذكاء اصطناعي يفوق قدرات المعتمدين عليه الطبيعية. لذلك، فإن ما نُريد التقديم به ليس مرده ما ينشغل به الناس في السودان؛ وإن صَحَّت بهم المماثلة، وإنما محاولة استجلاء حقيقة ما ينفعل به الرأي العام، في كل العالم، من توترات الصدمة التقنية، التي أحدثتها تطورات الذكاء الاصطناعي المذهلة. والمؤكد أن الأمر ليس وليد اللحظة، وإنما قد اندلعت المناقشات حوله منذ عام 2010، عندما تواتر الحديث عن “استحضار الأرواح الرقمية” من خلال التقدم في عرض فيديوهات تقنية هذا “التزييف العميق”، مما أدى إلى إعادة إحياء من ماتوا، أو قنع الناس بأنهم انتقلوا إلى الدارة الآخرة، مُخَلِّفين آثارًا رقمية يمكن البناء عليها؛ صوتًا كان ذلك أم صورة.

لهذا، تستكشف هذه المقالة صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي، وخاصة “التزييف العميق”، والجمع بين نماذج اللوغاريتمات ولغات الحاسوب “الكمبيوتر” الكبرى، التي تجعل من هذا التزييف يبدو أكثر واقعية، لأن الوجوه، والتي تُنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي الآن صارت أقرب للواقعية من الصور الحقيقية. لدرجة جعلت الدكتور مانوس تساكيريس، أستاذ علم النفس، ومدير مركز سياسة المشاعر، بجامعة رويال هولواي في لندن، يندهش لدرجة الدقة، التي تبدو بها المحاكاة الاصطناعية للحقيقة، ففي مقال له نُشِرَ في 23 يناير 2023، في موقع Conversations الإلكتروني، إذ يقول إنه، حتى لو كنت تعتقد أن لك نظرة جيدة في تحليل الوجوه، إلا أن الأبحاث تُظهر أن العديد من الأشخاص لا يستطيعون التمييز بشكل موثوق بين صور الوجوه الحقيقية والصور، التي يتم إنشاؤها بواسطة الحاسوب. وهذا يمثل مشكلة؛ خاصة الآن إذ يمكن لأنظمة الحاسوب إنشاء صور واقعية لأشخاص غير موجودين. وغالبًا ما نقرأ كثيرًا في الوجوه التي نراها، والانطباعات الأولى التي نشكلها توجه تفاعلاتنا الاجتماعية. وقد أثبتت عدد من التجارب الحديثة أن الناس كانوا أكثر عرضة للثقة في المعلومات المنقولة عن طريق الوجوه، التي حكموا عليها سابقًا بأنها حقيقية، حتى لو تم إنشاؤها بشكل مصطنع. ومن خلال التفكير في حالات الاستخدام المستقبلية للذكاء الاصطناعي، مثل استحضار أروح الموتى، وإعادة تمثيل أحداث تاريخية وكأنها تقع اليوم، يسلط هذا المقال بعض الضوء على أهمية ملاحظة الآثار الأخلاقية لمثل هذه التقنيات، مع مواصلة التقدم والمساهمة في الخطاب حول الاستخدام المسؤول والأخلاقي للذكاء الاصطناعي التوليدي، في سياق الإحياء الرقمي، كما يدعو إلى مناقشات واعتبارات مستمرة للحقوق القانونية، والديناميات الاجتماعية، بما فيها عملية الحزن والنُصرَة، ودور القانون في وضع ضوابط لاستغلالها.

ولهذا، نقول إنه ليس من المستغرب أن يضع الناس المزيد من الثقة في الوجوه التي يعتقدون أنها حقيقية طالما واصلنا بلا قوانين، أو ضوابط موضوعية لمآلات مستحدثات لا نأمن عُقباها. فقد وجدنا أن الثقة تآكلت بمجرد إبلاغ الناس بالوجود المحتمل للوجوه الاصطناعية في التفاعلات عبر الإنترنت. ثم أظهروا مستويات أقل من الثقة بشكل عام، بغض النظر عما إذا كانت الوجوه حقيقية أم لا. ويمكن اعتبار هذه النتيجة مفيدة في بعض النواحي، لأنها جعلت الناس أكثر تشككًا في بيئة قد يعمل فيها المستخدمون المزيفون بلا رقيب، أو حسيب. ولكن من منظور آخر، قد يؤدي ذلك إلى تآكل طبيعة كيفية تواصلنا تدريجيًا. ففي الآونة الأخيرة مثلًا، ظهرت في السودان رسائل عدة لقائد “قوات الدعم السريع”، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه قُتِل في بداية معارك المحاولة الانقلابية، التي قام بها ضد نظام الحكم في الخرطوم. وتحتوي هذه الرسائل على صورته وصوته ومفرداته الشخصية، ذهبت جميع التحليلات إلى أنه جرى تزييفها وإنشاؤها بواسطة الحاسوب. لكن ذلك لم يعصم الكثيرين من الاعتقاد أنه نجح بهذا الخِدَاع البصري في التواصل مع أتباعه، وحتى مسؤولين سياسيين موالين له من قوى المجلس المركزي للحرية والتغيير، وغيرهم من الأفراد المؤثرين على منصة الشبكات العنكبوتية، الذين بنوا عليه ادعاءاتهم وتصريحاتهم. رغم أن خبراء مكافحة الخدع “السيبرانية” أفتوا بشكل قاطع أن الرسائل “مفبركة”، وأن الكثيرين يقومون بشكل روتيني بإنشاء رسائل وخطابات وملفات تعريف وهمية باستخدام مثل هذه الصور والأصوات للوصول إلى أهداف متنوعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

الخِدَع العميقة:

لقد أصبحت هذه “المنتجات” المزيفة “خِدَعًا عميقة” منتشرة على نطاق واسع في معطيات الثقافة اليومية، مما يعني أن الناس يجب أن يكونوا أكثر حذرًا من تأثيراتها السياسية والاجتماعية، مثلما هو مطلوب منهم أن يكونوا أكثر وعيًا بكيفية استخدامها اقتصاديًا في التسويق والإعلان ووسائل التواصل الاجتماعي. إذ إنه قد ثَبُتَ أن استخدام هذه الصور والأصوات قد امتد لأغراض ضارة، وأعمال غير أخلاقية، مثل الدعاية السياسية والتجسس وإزكاء فتيل الصراعات وحرب المعلومات، أو حتى الحرب الساخنة، كتلك التي تجري في السودان، الأمر الذي يجب أن تشمله القوانين الضابطة والتشريعات المانعة. فما أوردته الجهات، التي تولت تحليلات خُطَب “حميدتي”، أن تصنيعها تطلب ما يسمى بـ”الشبكة العصبية العميقة”، وهو نظام حاسوب يحاكي الطريقة، التي يتعلم بها الدماغ. ويتم “تدريب” هذا النظام من خلال تعريضه لمجموعات بيانات كبيرة بشكل متزايد من الوجوه والأصوات الحقيقية. وفي الواقع، هناك شبكتان عصبيتان عميقتان تتعارضان مع بعضهما البعض، وتتنافسان لإنتاج الصور الأكثر واقعية. ونتيجة لذلك، تتم تسمية المنتجات النهائية بصور GAN، حيث تُشير عملية GAN إلى أن شبكات “الخصومة التوليدية”، التي تولد العملية صورًا جديدة لا يمكن تمييزها إحصائيًا عن صور التدريب الحقيقية. غير أن الفشل في التمييز بين هذه الوجوه الاصطناعية والحقيقية له آثار على سلوكنا عبر الشبكة العنكبوتية “الإنترنت”، إذ قد تؤدي كثرة تعرضنا للصور المزيفة إلى تآكل ثقتنا في الآخرين، وتغير بشكل عميق طريقة تواصلنا عبر الفضاء الافتراضي. كما أن رؤية هذه الوجوه والأصوات المصطنعة، ومحاولة إيهامنا على أنها حقيقية قد يكون له أيضًا عواقب وخيمة على المستويات العامة من الثقة، التي نوسعها إلى دائرة من الأشخاص غير المألوفين، وهو مفهوم يُعرف باسم “الثقة الاجتماعية”.

من هنا، لا يبدو مستغربًا تساؤل مايكل ماير، أستاذ علم الاجتماع بجامعة ليفربول البريطانية، وآخرين، في مقال لهم بعنوان: “استحضار الأرواح الرقمية”، نُشِرَ في 19 سبتمبر 2023، حول “لماذا تعد إعادة الناس من الموت باستخدام الذكاء الاصطناعي مجرد امتداد لممارساتنا الحزينة؟” مُشيرين إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يشمل نماذج لغوية كبيرة (LLMs) مثل ChatGPT، ولكن أيضًا مولدات الصور والفيديوهات مثلDALL·E ، التي تعمل على تعزيز ما أصبح يُعرف باستحضار الموتى من الآثار الرقمية، والتي يتركونها وراءهم. وقد تناولوا الحاجة إلى دراسة الاعتبارات الأخلاقية والآثار المحتملة لاستحضار الأرواح الرقمية، التي تتضمن استخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة إحياء الأفراد المتوفين لأغراض مختلفة المقاصد. تشمل أسباب الرغبة في التعامل مع نسخة طبق الأصل غير مجسدة، أو مجسدة من شخص ما للحفاظ على الذكريات، والتعلق العاطفي، والتفاعل مع الأصنام، أو الشخصيات المؤثرة، كما تستخدم في الأغراض التعليمية والبحثية والتعبير الإبداعي والمساعي الفنية، للحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي. ومثلما يستصحب ذلك من مخاوف أخلاقية متعلقة بالخصوصية، والموافقة القانونية، والمكاسب التجارية، فإنه يُعمق في التحديات المتمثلة في تمثيل الشخصيات الفردية بدقة، وتحريف السياق الثقافي، والقيود المفروضة على البيانات المتاحة. علاوة على ذلك، فإنه يستكشف لغز مقبرة الأموات وتأثيره على عملية الحزن، والصحة العقلية، والآثار الأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد تفاعلات مع المتوفى.

إن الانتقال إلى عالم لا يمكن فيه تمييز ما هو حقيقي عما هو غير حقيقي يمكن أن يحول المشهد الثقافي من كونه صادقًا في المقام الأول إلى كونه مصطنعًا وخادعًا في المحصلة النهائية. فبشكل عام، نحن نميل إلى العمل على احتمال افتراضي بأن الآخرين صادقون وجديرون بالثقة. لذلك، يثير نمو الملفات الشخصية المزيفة، وغيرها من المحتويات الزائفة على الإنترنت، تساؤلات حول مدى قدرة وجودها ومعرفتنا بها على تغيير حالة “الافتراض عن الحقيقة”، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تآكل الثقة الاجتماعية. وإذا كنا نتساءل بانتظام عن مدى صدق ما نختبره عبر الإنترنت، فقد يتطلب الأمر منا إعادة استخدام جهدنا العقلي بدءًا من معالجة الرسائل نفسها وحتى معالجة هوية المرسل. وبعبارة أخرى، فإن الاستخدام الواسع النطاق لمحتوى واقعي للغاية، ولكنه مصطنع، على الإنترنت قد يتطلب منا أن نفكر بشكل مختلف، وعلى نحو لم نتوقعه. ففي علم النفس، يُستخدم مصطلحًا يسمى “مراقبة الواقع” لكيفية تحديدنا بشكل صحيح ما إذا كان هناك شيء يأتي من العالم الخارجي، أو من داخل أدمغتنا. ولذلك، فإن التقدم في التقنيات، التي يمكن أن تنتج وجوهًا وصورًا ومكالمات فيديو مزيفة، ولكنها تبدو واقعية للغاية، يعني أن مراقبة الواقع يجب أن تعتمد على معلومات أخرى غير أحكامنا. كما يدعو إلى مناقشة أوسع حول ما إذا كان الجنس البشري لا يزال قادرًا على تحمل الحقيقة، أو سينصاع صاغرًا لشبهٍ منها. ولكن، من المهم أن يكون الأشخاص الحقيقيون أكثر أهمية عند تقييم الوجوه الرقمية، لسهولة الكشف عن ذلك بالتحقق التقني. كما يمكن أن يشمل ذلك استخدام عمليات البحث العكسي عن الصور للتحقق مما إذا كانت صورًا حقيقية أم لا، والحذر من ملفات تعريف الوسائط الاجتماعية، التي تحتوي على القليل من المعلومات الشخصية، أو عدد كبير من المتابعين، والوعي بإمكانية استخدام تقنية التزييف العميق لأغراض شائنة.

تغيير افتراضاتنا:

نُدْرِك الآن أن شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة في هذا المجال تعتمد على مشاريع سابقة؛ قامت بها غيرها لإعادة الأموات باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. على سبيل المثال، قيامها باستخدام الكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل البريد الإلكتروني، والتسجيلات الصوتية للكلام والصور ومقاطع الفيديو الخاصة، التي يرسلها العملاء، لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، التي تجعل من الممكن التفاعل معهم بعد وفاتهم من خلال هذه الصور والأصوات والنصوص. فقد لاحظت ديبرا باسيت، التي درست الحياة الرقمية على نطاق واسع، أن بعض الرافضين لهذا الاستخدام للذكاء الاصطناعي قلقون من أن الأشخاص، الذين تم إعادة إحيائهم قد يُجبرون على قول أشياء لم يكونوا ليقولوها عندما كانوا على قيد الحياة، وبدلاً من ذلك يقومون بتمثيل نص شخص آخر. بالنسبة لباسيت، إن القلق ناجم من أن الموتى يتم تحويلهم إلى “زومبي” في انتهاك لسمعتهم. وهذا بالطبع أكثر من مجرد احتمال، ولكن يجب علينا دائمًا أن ننظر إلى هذه الأشياء على أساس كل حالة على حدة. ومع ذلك، بشكل عام، يجب أن نتذكر أننا نتخيل ونبدأ المحادثات مع الموتى طوال الوقت. ففي لحظات الأزمة، أو الفرح، نفكر فيما قد يقوله لنا من فقدناهم، والمواقف، التي ربما كانت لديهم، والتشجيع، الذي ربما قدموه فيما يتعلق بالتحديات والإنجازات في الحاضر.

لهذا، فإن الصور والنصوص والمصنوعات اليدوية؛ مثل الممتلكات الماضية، أو الإرث الثمين، كانت منذ فترة طويلة رسائل محفوظة في وسائط قابلة للاستخدام لهذا النوع من التواصل والتقنيات الجديدة، وأحدثها ما فعلناه بواسطة الكاميرات وأجهزة التسجيل، التي جعلت دائمًا مثل هذه الرسائل أكثر سهولة في الوصول إليها وعلى نطاق واسع. وبات ممكنًا، باستخدام النصوص والأصوات والمزيد من مقاطع الفيديو، أن تقوم شركات الذكاء الاصطناعي بإنشاء روبوتات يمكن للأشخاص من خلالها التحدث إلى أحبائهم المتوفين. ويجادل آخرون، عند تأملهم في غرابة اللقاءات مع الموتى، الذين عادوا إلى التفاعل الرقمي معنا، بأن أولئك الذين يتواصلون ليسوا في الواقع أمواتًا على الإطلاق، بل محتالون، خاصة عندما يتم ذلك بطريقة استغلالية وخفية، كما هو الحال مع من يمثل تكرار ظهورهم تحفيزًا على العدوان والقتل والإرهاب، لأن هذا بالطبع يمثل مشكلة أخلاقية كبيرة، بمثلما هي معضلة قانونية وأمنية. ومع ذلك، ومرة أخرى، يجب أن نتذكر أننا لا نتعامل عادةً مع رسائلنا الشخصية، أو صورنا الفوتوغرافية، أو مقاطع الفيديو الخاصة بالموتى كما لو كانت تلك التسجيلات نفسها تخص أحبائنا. بل إنه، بدلاً من ذلك، نستخدمها كقنوات للوصول إلى ذاكرتهم، ونقف بعيدًا عنهم وجعلهم كوكلاء لنا للتفكير فيها، أو التواصل من خلالها.

ولهذا، فإن الإشارة إلى أننا نشعر بالارتباك تجاه الذكاء الاصطناعي، أو نخدع أنفسنا بشكل روتيني بشأن مثل هذه الوسائط، هو مفهوم قد يبدو خاطئًا إذا لم ندقق في كل مضامينه وأبعاده. إذ إن المخاوف العامة بشأن “استحضار الأرواح الرقمية” ما يزال مبالغ فيها إلى حد كبير؛ خاصة عندما نركز بشكل مفرط على جوانبها الغريبة والشريرة. ولكن، وللتكيف، مستعينين برأي فيلسوف مثل لودفيج فيتجنشتاين، فإنه يتوجب علينا ألا نغفل عن الطرق، التي تستحدث بها هذه التقنيات الجديدة، وما إذا كانت جميعها تتوافق مع ما نحن عليه ونفعله كبشر في راهننا ومستقبلنا أم لا. كما يجب أن تكون الحدود التالية في هذا المجال هي تحسين الخوارزميات للكشف عن الوجوه الرقمية المزيفة، التي يمكن بعد ذلك تضمينها في منصات التواصل الاجتماعي لمساعدتنا في التمييز بين الحقيقي والمزيف عندما يتعلق الأمر بأوجه الاتصالات الجديدة. ففي البداية، كان ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي حكرًا على شركات إنتاج الأفلام والموسيقى ذات الموارد الكبيرة، مما أدى إلى توسيع نطاق الوصول إلى التقنيات، التي تم استخدامها لإعادة تحريك هؤلاء النجوم وغيرهم للجميع. ويبدو أن هذه التكنولوجيا، بالنسبة للبعض، تعبر الخط الثقافي وربما الأخلاقي والقانوني، حيث يشعر الكثيرون بعدم الارتياح العميق من فكرة أننا قد نتفاعل بشكل روتيني مع المحاكاة الرقمية للموتى. ونتيجة لذلك، يُنظر إلى السحر الأسود لاستحضار الأرواح بمساعدة الذكاء الاصطناعي بعين الريبة. وهذا قد يثير قلق بعض الناس، الذين يظلون يتساءلون حول معناه وجدواه؛ أهو فن مظلم جديد، أم نحن مُساقُون لرؤية المزيد من تدخلاته في الحياة اليومية؟

* سفير سوداني، أستاذ العلاقات الدولية والدبلوماسية، ومستشار مركز دراسات الشرق الأوسط “أورسام”، تركيا.

الاثنين، 25 سبتمبر 2023

صقاريا، تركيا
_________
*المصدر: التنويري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

التعليقات