المقالاتحياة ومجتمع

تأثير الحضن على العلاقة الزوجيَّة

عندما تعود إلى المنزل بعد يومٍ طويلٍ من العمل وتكون مستنزفًا جسديًّا وعقليًّا وحتى عاطفيًّا، يمكن أن يكون الترحيب بك من قبل أحد أفراد أسرتك أحد أكثر الأشياء التي تريحك. في تلك اللحظات ربَّما تشعر بالحبِّ والتقبُّل والحماية، وكأنَّ وزن العالم يسقط عن كتفيك. الحضن هو سلوكُ لمسٍ حنون خاصّ، لا نشاركه عادةً إلا مع المقرَّبين منَّا.

يختلف الحضن عن العناق، فالعناق قصير بينما يتضمَّن الحضن لمس الجسم بالكامل لفترات طويلة.الحضن هو أكثر كثافة وأطول وأكثر نشاطًا من المعانقة. الحضن هو سلوك مخصَّص لأولئك الذين نشعر بالأمان معهم والذين يمكن أن نظهر ضعفنا أمامهم. على سبيل المثال، احتضان الآباء لأطفالهم يعزِّز من بناء رابطة وعلاقة عاطفيَّة قويَّة. في هذا المقال سوف نوجِّه التركيز على أهمّيَّة الحضن بين الأزواج.

في الدراسات القليلة التي نُشِرَت حول الحضن في العلاقات الزوجيَّة، أظهرت أنَّ متوسّط ​​الوقت الذي يقضيه الزوجان بالحضن يبلغ حوالي 30-40 دقيقة، ويحدث من 3 إلى 5 مرَّات في الأسبوع. عادةً ما يحتضن الأزواج بعضهم في السرير قبل ممارسة الجنس وبعده، بالإضافة إلى فترات الصباح قبل النهوض من النوم.

الحضن هو شعور جيِّد ومفيد أيضًا لصحّتك الجسديَّة والنفسيَّة. إليك الأسباب التي تجعلكما كزوجين تحتضنان بعضكما أكثر:

1- زيادة الرِّضا الجنسي والعلاقة الحميميَّة

غالبًا ما يؤدِّي الحضن إلى الحميميَّة الجسديَّة، ولكن الحضن بعد ممارسة الجنس أمر مهمّ أيضًا. وفقًا لدراسة أُجريت عام 2014، فإنَّ الأزواج الذين احتضنوا بعضهم بعد ممارسة الجنس، أفادوا بارتفاع مستوى الرِّضا الجنسي والرِّضا عن العلاقة بينهما.

وفي دراسةٍ تجريبيَّة بعنوان أثر الحضن على جودة العلاقة بين الزوجين نُشرت عام 2019، أظهرت أنَّ احتضان المتزوِّجين المتزايد أدَّى إلى رضا عالٍ عن العلاقة. كانت هذه النتيجة ملحوظة بشكلٍ خاصّ، حيث جرت المقارنة بين المتزوّجين الذين زادوا من سلوكيَّات الحضن في علاقتهم، بالمتزوّجين الذين زادوا من الوقت الذي يقضونه معًا خلال أوقات الوجبات، وأولئك الذين لم يغيِّروا سلوكهم.

يمثِّل الوقت بعد ممارسة الجنس فرصة مهمَّة لزيادة ترابط العلاقة الزوجيَّة. يمكن للأزواج استخدام هذا الوقت ليكونوا قريبين من بعضهم البعض جسديًّا وعاطفيًّا، أو مشاركة أفكارهم ومشاعرهم، أو حتَّى عدم قول أي شيء على الإطلاق. في الفترة الزمنيَّة بعد ممارسة الجنس، قد يكون الحضن عنصرًا حاسمًا لتعزيز الرِّضا الجنسي في المستقبل.

2- زيادة الترابط الإنساني

الأوكسيتوسين هو هرمون حبّ طبيعي يساعد الأزواج على الشعور بالقرب من بعضهم البعض. يُفرَز هرمون الأوكسيتوسين عندما تُحتضن، ويعطيك الشعور بالحبّ والتواصل، ويعزِّز المشاعر الإيجابيَّة مثل الثقة.
هناك جانب من الترابط الاجتماعي للأوكسيتوسين أيضًا، حيث تشير الأبحاث إلى أنَّ الأوكسيتوسين يساعدك على الارتباط بمن هم في دائرتك العائليَّة. بمعنى آخر كلَّما مارست الحضن أكثر مع أفراد عائلتك المقرَّبين كلما كانت رابطة العلاقة بينكم أقوى. في حين إنَّ الحضن يحدث عادةً بالتزامن حول الأنشطة الجنسيَّة بين الزوجين، إلا أنَّه يُنظر إليه على أنَّه نوع من السلوكيات المغذِّية للسلوك الجنسي، وليس سلوكًا جنسيًّا بحدِّ ذاته.

3- تقوية جهاز المناعة

كان الأشخاص الذين حصلوا على عناقٍ منتظم أقلّ عرضة للإصابة بالمرض عند تعرضهم لفيروس الانفلونزا من الأشخاص الذين لم يحصلوا على عاطفة جسديَّة، وفقًا لبحثٍ نُشِرَ عام 2014 بعنوان (هل المعانقة توفِّر الدعم الاجتماعي لتخفيف التوتر؟ دراسة قابليَّة الإصابة بعدوى وأمراض الجهاز التنفُّسي العلوي).

يساعد الحضن على تحسين جهاز المناعة في الجسم، وزيادة قدرته على الدفاع ضدّ المرض، سواء عن طريق تقليل التوتُّر أو عن طريق تحسين الصحَّة العقليَّة، حيث ثبت إنَّ الإجهاد المزمن يُضعف جهاز المناعة.

4- يساعدك على توصيل المشاعر

تؤكِّد الأبحاث أنَّ اللَّمس هو وسيلة لتوصيل المشاعر مثل الحبِّ والامتنان والتعاطف بين الأحبَّاء. يمكن التعبير عن السعادة والحزن من خلال اللمس أيضًا. من المثير للدهشة أنَّ نتائج إحدى الدراسات التي أُجريت عام 2009 وجدت أنَّ اللَّمس، يعزِّز كذلك التواصل العاطفي.

6- تحسين القدرة على التعامل مع الإجهاد والتوتُّر

الحضن يساعد على تخطِّي الإجهاد والتوتُّر بسهولة في اليوم الصعب والشاق. في دراسةٍ نُشرت في عام 2018 بعنوان (ارتباط تلقِّي العناق بتخفيف المزاج السلبي الذي يحدث في الأيَّام التي يكون فيها صراعات شخصيَّة مع الآخرين )، كان المشاركون الذين تلقُّوا عناقًا أكثر قدرة على التعامل مع حدث معين مرهق، واستعادوا قوّتهم في وقتٍ أقرب من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك، واستمرَّت المرونة العاطفيَّة أيَّامًا بعد فعل الاحتضان، وكلَّما زاد عدد مرَّات العناق، زاد التأثير الإيجابي في تخطِّي الإجهاد والتوتُّر.

7- يساعد في تسكين الآلام

قد يكون للحضن قدرة على تقليل الألم. يمكن للحضن أن يؤثِّر بشكل كبير على مقدار الألم الذي تشعر به، يعتقد الباحثون أنَّه قد يكون الشعور المشترك بالتعاطف الذي يوفِّر تخفيف الآلام.

وأخيرا، لا توجد طريقة صحيحة للاحتضان، ويمكن أن تختلف أوضاع الحضن على نطاقٍ واسع. على سبيل المثال، ينخرط بعض الأزواج في تشكيل “الملعقة” النموذجي، أو قد يستلقون في مواجهة بعضهم البعض مع تشابك أرجلهم. قد يجلس الآخرون على الأريكة مع وضع الساقين على حضن الشريك والذراعين ملفوفين حول بعضهما البعض. حتَّى الآن، لم تبحث أي دراسة في كيفيَّة تأثير الوضعيَّات المختلفة للحضن على العلاقة.

قبل أن تشارك (زوجك/زوجتك) في جلسة احتضان، من المهمّ الإشارة إلى أنَّه ليس لدى الجميع نفس التسامح تجاه المودَّة والتفاعل الجسدي. قد يكون لبعض الأشخاص حدود مختلفة لمدى رغبتهم في أن يتمَّ احتضانهم. بمجرَّد امتلاء الخزَّان العاطفة لدى شخص ما، فإنَّ أي سلوك لمس حنون إضافي، حتى لو كان حسن النيَّة، قد يكون في الواقع مستنزفًا. نظرًا لأنَّ الحضن بالنسبة للبعض قد لا يكون نفس الاتَّصال المحبَّب أو المطلوب كما هو للآخرين، فمن المهمّ أن تتحقَّق مع (زوجك/زوجتك) حول ما إذا كانوا يريدون احتضانهم.

تذكَّر أنَّ الحضن لا يجب أن يؤدِّي دائمًا إلى ممارسة الجنس، ويمكن أن يكون سلوكًا أساسيًّا ومهمًّا في الصحَّة العامَّة والرفاهيَّة في العلاقة الرومانسيَّة الزوجيَّة. هناك العديد من الفوائد لزيادة الحضن، ولكن فقط إذا حافظنا على تواصل مفتوح وصادق مع أنفسنا وأزواجنا بشأن احتياجاتنا العاطفيَّة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

التعليقات