*د. محمد بنعمر
-تمهيد
سبقت الإشارة في مقال سابق، أنَّ التقويم مرَّ بعدَّة مراحل،وقطع عدَّة أشواط وتأثَّر بالتحوُّلات التي طرأت في مهن التربية والتعليم والتدريس .
فأهمّ مرحلة في مسار التقويم هي المرحلة التي تم فيها استثمار بحوث ونتائج الدراسات النفسية والاجتماعية،والبيداغوجية، والديداكتيكية، بحيث مع التربية الجديدة، وما وقع فيها من تحولات عميقة مسَّت أنساقها ومضامينها وهندستها ، لم يعد التقويم يقتصرعلى المعارف والموارد التي تقدِّم للمتعلِّم بمفردها في حصص الأنشطة الصفيَّة، وإنما أصبح التقويم جامعا، يشمل المعارف والمهارات والقيم المحمولة في الموارد التي يتلقَّاها المتعلِّم في الفصل الدراسي، كما لم يعد التقويم يخصّ المتعلِّم بمفرده، وإنَّما أصبح شاملا وجامعا، يشمل ويعم جميع أطراف العملية التعليمية التعلمية بعناصرها والمختلفة، وبمستوياتها المتعددة، ومنها بالأخص المعلم –الوسائل –الطرائق-الموارد –المنهاج.
والتقويم هو جزء من العمليَّة التعليميَّة، بحيث يصعب فصل التقويم عن العمليَّة التعليميَّة التعلّميَّة.
-أهداف التقويم
– يقدم صورة واضحة وجلية، عن مدى تحقق أهداف المنهاج التعليمي المسطرة والمقدمة في مداخله .
– يساعد على توجيه المنهاج في مداخله، تبعا للنتائج المحصل عليها بين المتعلمين الذي خضعوا للاختبار .
– يكشف التقويم عن مدى نجاحة الوسائل التعليمية المستخدمة والمستعملة في بناء التعلمات.
– يساعد التقويم على اظهار الصعوبات والتعثرات التي يمر منها المتعلم،والتي تخص جانب اكتسابه للمهارات ذات الصلة بمهارة الفهم والتحليل والتركيب.
– يمكن التقويم من اظهار وابراز مستويات التميزوالتفوق، التي يتميز بها بعض المتعلمين دون غيرهم.[1]
– يعين على تفيئ المتعلمين حسب نتائج الاستحقاق،لأن التقويم عامل مساعد على صناعة التميز في الوسط التعليمي.
وينقسم التقويم إلى عدَّة أقسام وأنواع منها:
-التقويم التشخيصي
وهذا النوع من التقويم يكون في بداية الموسم الدراسي، أو في بداية الدورة الدراسية،والهدف منه هو معرفة مستوى المتعلمين في معارفهم ومهارهم التي اكتسبوها سابقا،فهو تقويم يستهدف اختبار المستوى المعرفي الذي عليه المتعلمين.
والتقويم التشخيصي يجرى في بداية كل دورة،أو وحدة دراسية،أو في بداية درس من الدروس المركبة للمنهاج التعليمي.
ومن المهتمين بالشأن التربوي والبيداغوجي، من يطلق تقويم المستلزمات ويريد به مصطلح التقويم التشخيصي.[2]
-التقويم القبلي
ينجز هذا التقويم في بداية الدرس اليومي، و الغرض منه هو تشخيص المستوى،واختبار معارف المتعلم في الحصص الدراسية السابقة، والهدف من التقويم القبلي،هوالتحقق وقياس مدى تحقق أهداف الدروس السابقة،وربط الدروس السابقة باللاحقة.[3]
وهذا التقويم الذي يكون في بداية الدرس اليومي،عادة ما يدرج في حصة التذكير، ومراجعة مكتسبات المتعلم السابقة.
-التقويم البنائي أو التكويني
هو نوع من التقويم يسعى المعلم بواسطته الى بناء الدرس عن طريق الاسئلة والأجوبة المقدمة للمتعلم،أي بفضل الاسئلة المقدمة للمتعلمين،وبأجوبتهم ينتقل المعلم والمدرس الى المراحل اللائحة المركبة لبناء الدرس.
والهدف من هذا التقويم هو التحقق من صحة المسار والطريق التي يتشكل منه الدرس،وكذا الوقوف على ما تلقاه المتعلم من معارف في الحصص السابقة، و العمل على التدخل العاجل والسريع، لتعديل الموقف التعليمي، و تصحيح طريقة العمل،إذا ما تبين بعدم تحقق الحد الأدنى من الأهداف المركبة للدرس.
و التقويم التكويني أو البنائي له من الامكانيات التربوية، في قياس الأهداف التربوية المرسومة والمحددة في الدروس المشيدة للمنهاج التعليمي.
-التقويم الإجمالي : وهذا التقويم يكون ختاميا ونهائيا،أي عند نهاية الدرس او نهاية الوحدة الدراسية ،أوفي نهاية السنة الدراسية أو السلك التعليمي.
و من التقويم الإجمالي الامتحانات الشهادية التي تجري على صعيد المؤسسة في نهاية السنة الدراسية.
ومما ينبغي مراعاته في التقويم هو مراعاة البناء البيداغوجي والديداكتيكي المركب للمنهاج،حتى يتلاءم التقويم مع معارف المتعلم ومهاراته ومكتسباته.
– هندسة التقويم في المنهاج الجديد
جاء المنهج الجديد بهندسة جديدة في تقويم التعلمات،فتدني مكتسبات المتعلمين المعرفية،وتعثرهم في الاجابة على الاسئلة، يرجع إلى عوامل بيداغوجية منها ما هو ذاتي ومنها ما هو موضوعي،منها عدم ملائمة المقررات الدراسية،والطرائق التعليمية والتقويمية المعتمدة مع الحاجيات التربوية الأساسية للمتعلمين ،وهو ما يلزم ضرورة اعادة النظر في أشكال وتقنيات التقويم.
وهو ما حصل فعلا بحيث تغيرت هندسة التقويم مع المنهاج الجديد،بحيث أصبح تقويم مكتسبات المتعلمين في نهاية كل وحدة، من حدات التدريس المدرسة في هذا المنهاج الجديد.[4]
تقرير إجمالي
إن التقويم بجميع أنواعه وأشكاله، وهو يسعى إلى تحقيق أهداف المنهاج، لا بد أن يراعي كفايات المتعلمين في نموها عبر الموارد والمعارف التي يتلقوها في الفصول الدراسية .
وحتى يحقق التقويم أهدافه التربوية،يجب تطوير الممارسات والكفايات المهنية للمعلم من خلال الإعداد والتكوين المستمر، والمصاحبة.
وعليه فإن التقويم التربوي الهادف هو الذي يمكن المتعلمين من تجاوز الصعوبات الذاتية والموضوعية، ويعمل على مساعدتهم في تصحيح الأخطاء التي تعترض طريقهم وسبيلهم في تحصيل المعارف والمهارات، والتعلمات الأساس التي لها صلة مباشرة وقرابة بالأنشطة الصفية التي يتلقونها ويزاولونها في الفصل الدراسي.
وضعيَّة تقويميَّة
سعيد أستاذ حديث العهد بمهنة التدريس عين في مدرسة ابتدائية، قام بإنجاز تقويم في الأسبوع الأول من السنة الدراسية، وبعد تفريغ معطيات نتائج هذا التقويم، تبيَّن له أن المتعلمين لهم نقص في الموارد والمعارف التي تلقوها في السنوات الماضية،رغم أن لهم قدرة على الفهم والتحليل والتركيب .
وبعد المعالجة وانتهاء الوحدةالأولى، أنجزسعيد تقويما اخر،وبعد التفريغ والتصحيح،تبين له ان مستوى المتعلمين يتحسن،وهوما جعله يكثف من حصص الدعم في الاسبوع المخصص للأنشطة المخصصة للدعم والمعالجة والانشطة.
وبعد تقويم نهاية السنة في الاسبوع الاخير،تبين له أن جهوده كان لها من الأثر القوي،ومن الحضور الفاعل في مسار المتعلمين وفي مستواهم،فالأنشطة الصفية مع الأعمال منزلية،لها من الاثرالايجابي على معارف المتعلمين وقدراتهم.
فالهدف التربوي من التقويم هوالمصاحبة والرفع من مستوى المتعلم اكثر من التعرض لتعثراتهم..
[1] -موسوعة المعارف التربوية لإبراهيم عزيز عالم الكتب مصر السنة 1890ص:117
[2] -التقويم التربوي الهادف لمادي حسن :22
[3] -المعجم الموسوعي لعلوم التربية لأحمد اوزي منشورات مجلة عالم التربية السنة :2006 ص:83
[4] — من اجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء :42.منشورات المجلس الأعلى للتعليم: 2017.
*المصدر: التنويري.