“من أقبح أنواع الاستبداد، استبداد الجهل على العلم، واستبداد النفس على العقل” عبد الرحمن الكواكبي
مقدمة:
يوجد إجماع كبير بين المفكرين على أن الإنتاج العلمي للجامعات يشكل عنوان قوتها، ويرسم حدود هويتها، ويحدد قدرتها على المساهمة في التطور الحضاري لمجتمعاتها. ولا شك في أن القيمة العلمية لهذا الإنتاج تتحدد بمدى تأثيره وإسهامه في تحقيق التقدم الحضاري للمجتمع الإنساني، كما أن التأثير الحضاري للإنتاج العلمي يشكل معياراً يبنى عليه في تحديد مكانة الجامعة بين الجامعات العالمية النشطة الحيّة. فتقييم الجامعات والمؤسسات العلمية غالباً ما يقاس بمدى إسهاماتها الحضارية واكتشافاتها العلمية في مجال العلوم والفنون والآداب، وغالباً ما تشكل الطاقة الإبداعية للإنتاج العلمي والفكري المعيار الأساسي الذي يُعتمد في تصنيف هذه الجامعات، وتحديد مكانتها في سلم التطور الحضاري والمعرفي للإنسانية، ومن المعروف أن الإنتاج العلمي الإبداعي للجامعات يتجلى في صورة براءات علمية واختراعات تقنية وإبداعات فنية عبقرية، ونظريات علمية فذَة، وإنتاجات أدبية وثقافية متفردة متألقة في عالم الفكر والثقافة.
وما يؤسف له أن المؤشرات العلمية للجامعات العربية تدلّ على نحو قطعي بأن هذه الجامعات تعاني من ضعف كبير ملحوظ متواتر في مستويات الإنتاج العلمي كمياً ونوعياً، وهي تسجل غيابها المخيف المؤلم عن المشهد الحضاري للإبداع والاكتشاف في مختلف مجالات العلم والمعرفة. ومع خطورة هذا الغياب المؤلم، وانحدار مستويات الإنتاج العلمي كميا، فإن الأدهى والأخطر من ذلك كله يتمثل في الانحدار النوعي المخيف لإنتاجها العلمي الذي يعبر جوهرياً عن عمق التخلف العلمي وقصوره البيّن في عالم الفكر والثقافة والمعرفة العلمية.
ولا يخفى اليوم على أحد، بأن الجامعات العربية، لم تستطع، منذ تأسيسيها، أن تحقق أي إنجازات علمية أو فكرية فارقة تعرّف بها، وتميّزها بقدرتها على الإبداع في عالم يحتدّم فيه التنافس على الاختراع والاكتشاف في فضاء حضاري متدفق بالاكتشافات العلمية وفائض بالإنجازات العبقرية في مختلف المجالات، ضمن حميّة التنافس بين الأمم، والسباق العلمي بين الجامعات والمؤسسات العلمية.
وإذا كانت الجامعات العربية تعدّ اليوم بالمئات، ويربو أساتذتها على الآلاف المؤلفة، ويتدفق طلابها بالملايين، فإن هذه الجامعات رغم هذه الكثافات في العدة والتضخم في العدد لم تقدم حتى اليوم شيئاً مهماً أو يذكر في مجال الإبداع، والابتكار العلمي، الذي ما نفك يتقدم ويبهرنا بعظيم الإنجازات، وبديع الابتكارات في عالم الثورة الصناعية الرابعة، هذه الجامعات على كثرتها لم تستطع أن تحظى بجائزة نوبل واحدة لا في مجال العلوم أو مجال الآداب والفنون، وبالتأكيد فإن العالم المصري أحمد زويل اليتيم العربي أو المحسوب على العرب، لم يحصل على هذه الجائزة بجهود جامعة عربية، بل كان حصوله على هذه الجائزة مرتبطاً بمؤسسات علمية أمريكية.
وبالمقارنة استطاعت قلة قليلة من جامعات الكيان الصهيوني التي لا تتجاوز أصابع اليدين مرتين، أن تحصد ستة جوائز نوبلية خلال العقود الخمسة الماضية، كما يشار إلى أن هذه الجامعات القليلة العدد، استطاعت أيضاً أن تترك سجلاً مميزاً بانتصاراتها العلمية، وأن تحقق إنجازات كبيرة في مجال العلوم بعامة، والعلوم الذرية والعسكرية على نحو الخصوص، وقد صدق من قال: بأن الجامعات العربية لم تكن أكثر من مدارس ثانويات كبرى تقوم بتخريج موظفين عاديين بيروقراطيين للعمل في أجهزة الدولة ومؤسساتها وإدارتها.
ولو أخذنا مؤشر الإنتاج العلمي للجامعات العربية، لوجدنا في طياته ما يثير الدهشة والعجب العجاب، وليس الأمر من قبيل ضآلة كمية هذا الإنتاج وتقلص موازينه فحسب، بل أيضاً من حيث تصاغر نوعية هذا الإنتاج وتعاظم سطحيته وابتذاله. ولو أخذنا على سبيل المثال عينة من الأطروحات الجامعية في مجالي الدكتوراه والماجستير لهالنا العجب العجاب من تردي نوعية هذه الطروحات وسقوطها في مستنقع الأوهام والعدمية والجهالة الأكاديمية المركبة، حتى أن المرء ليكاد يشعر بالإهانة والخجل من العناوين التي تطرحها هذه الجامعات في رسائل طلابها وحملة شهاداتها وهي “عناوين” ق أصبحت اليوم موضوعاً للسخرية والتندر بين الأكاديميين النقديين الذين تناولوها بسهام النقد والتعجب. ومن الواضح أن هذه العناوين تدل على نوع القضايا السفلية التي تتناولها هذه الرسائل الجامعية، وهي قضايا وموضوعات لا تتصل بالواقع ولا تقدم أي فائدة علمية والبحث فيها لا يكون أكثر من الدوران في فراغ أسطوري.
أطروحات أسطورية:
تشكل الأطروحات العلمية للجامعات والأكاديميات العريقة موضوعات حية استراتيجية تعبر عن الاهتمامات الاستراتيجية العلمية لهذه الجامعات وتمثل الجوانب الإبداعية في عملها ونشاطها. فالرسائل العلمية تشكل نخبة الإنتاج العلمي لهذه الجامعات وصفوة عطائها العلمي. وغالباً ما يتم التحكم في طبيعة هذه القضايا من قبل المعنيين بالأمر من أساتذة جامعيين وخبراء وإداريين وأكاديميين. فالجامعات تتوخى أن تأخذ هذه الأطروحات مسارها ضمن الترتيبات العلمية المهمة في مجال العمل الأكاديمي. وهذا الأمر لا يترك للطالب أو للأستاذ بمفرهما، بل يتشارك فيه عدد كبير من الأساتذة والخبراء والأكاديميين، ويعملون معاً على توجيه هذه الرسائل وتوظيفها في خدمة الإنتاج الأكاديمي والعلمي للجامعة.
ويذهب قولنا في هذا السياق إلى الاعتراف بأن ” مسؤولية توجيه العمل في الأطروحات العلمية مسؤولية أكاديمية لا ينفرد بها طالب وأستاذ، بل تشكل مجال اهتمام الأقسام العلمية والهيئات واللجان الأكاديمية في الكليات والجامعات. وبعبارة مختصرة تشكل الأطروحات الجادة والرسائل العلمية الرصينة نوعاً من المسار الاستراتيجي للوعي الأكاديمي في الجامعة، وتمثل قدرة الأكاديميين على توجيه الأبحاث نحو القضايا الحيوية والعلمية في المجتمع، ضمن مسار احتياجاته وتطلعاته، وفي سياق توجهات التنافس العلمي على السبق العلمي، والإبداع الفكري في مجال الاكتشافات المعرفية المضيئة.
ومن الطبيعي، أنه يمكن لنا الاستدلال على قيمة هذه الرسائل من عناوينها، ومن القضايا التي تطرحها، والإشكاليات التي تعالجها، فشتان ما بين رسالة تبحث في علم الذرة والنانو تكنولوجي، وبين أخرى تبحث في نوعية الغازات التي يطرحها الإنسان من أسافل البدن وأطرافه الدنيوية، وهناك فرق كبير بين رسالة تبحث في ميتافيزياء الكون وتعيناته المجرية، وأخرى تبحث في قدرة الجن على التشكل في هيئة البشر والتزاوج معهم، وهناك فرق كبير أيضاً بين رسالة تبحث في مناهج الجمال الشعري والأدبي فيما بعد العولمة، وبين أطروحة تناقش قضايا العلاقات الجنسية بين الإنسان والبهائم وتبحث في شروطها وقوانينها !!
وبالعودة إلى الإنتاج الأكاديمي في ميدان الرسائل العلمية، في الجامعات العربية، يؤلمنا أن نرى كثيراً من الأمور المحبطة، التي تفوق أحياناً قدرة الإنسان المفكر على التصديق، فيما يراه ويسمعه عن درجة الوضاعة والابتذال التي آل إليها أمرها. ولا يمكن لأحد، في حقيقة الأمر، أن ينكر وجود كم كبير من الأطروحات الجامعية الجيدة في عالمنا الأكاديمي، كما لا يمكننا نكران الحضور المميز لباحثين ومفكرين أفذاذاً في عالمنا الأكاديمي، مهما كثرت مثالبه وعيوبه. ومع ذلك فإن هذا الأمر الإيجابي لا يقلل أبداً من خطورة الانحدار والتردي والترهل في كثير من الأطروحات العلمية الجامعية التي تركز على نوازع العالم السفلي الحسي للإنسان – ونقصد بذلك عالم الغرائز والميول أي: فيما يدخل في جوف الإنسان وفيما يخرج منه، وفيما يحس ويشعر ويرغب فيه غريزياً – ويكمن الخطر أيضاً في إهمال هذه الرسائل للجوانب الخلاقة في الأدب والشعر والعلم والمعرفة وفي إقصائها لعوالم الإنسان الجمالية بكل ما تنضوي عليه من سحر إنساني وجمال أخلاقي.
وما يدعو إلى الاستغراب هو أن الموضوعات المبتذلة للأطروحات العلمية، على الرغم من دعوى أهميتها من قبل أصحابها ومريديها، لا تتناول أي جديد في عالم الفكر والحياة، ولا تنطوي على أي إلماعة إبداعية ترتبط بحاجات الإنسان ومتطلباته الحضارية، وهي مهما بلغ أمرها لا تقدم نفعاً أو دفعاً للحياة والحضارة، بل تشكل في جوهرهاً بثاً ونشراً لأوهام المعرفة على صورة سموم ثقافية قاتلة، وترسيخاً للأوهام والخرافات، وتضييعاً للوقت، وازدراءّ للعقل، وتبخيساً للفكر، واحتقاراً للإنسان.
ودعنا قبل أن تفوتنا فرصة القول: بأن هذه الأطروحات المضادة لروح الحضارة ومنطق العقل – وإن كانت نسبتها قليلة وهي ليست كذلك – فإنها على قلتها تشكل خطراً جسيماً كبيراً مدمراً للعقول وهادماً للمنطق والفكر الحرّ السليم، وليس غريباً أن ترتدي هذه الطروحات قناعاً علمياً وأن تضفي على موضوعاتها مظاهر علمية مزيفة تشطّ ابتذالاً وتخريفاً وتسقط إنسانيا. ونقولهاً أيضاً دون تردد، وبإحساس كبير من الثقة، بأنه عندما تسمح جامعة ما أياً كانت، ولو لمرة واحدة، بمناقشة مثل هذه الأطروحات في رحابها، فإن ذلك يشكل عاراً علمياً لا يمحى أثره، ولا تنتهي عواقبه المريبة أبدا، وبكلمة واحدة نقول: إن أي انتاج أكاديمي مبتذل سيشكل وصمة عار ترتسم على جبين الجامعات التي تسمح لمثل هذه القضايا المبتذلة أن تناقش بوصفها رسائل علمية في مدرجاتها وحرمها الجامعي.
ومع الأسف الشديد، عندما نستعرض الأطروحات العلمية، التي تمت مناقشتها في جامعاتنا التليدة، سنجد كثيراً مما يُخجل ويؤلم ويصد ويصدم، سنجد ما يؤذي ذائقة الفهم والإحساس بالجمال، ويخدش مشاعر الحياء والحشمة. وما يخدش ويصدم هو هذه العناوين العجيبة الغريبة المنافية للمنطق والمتنافرة مع الحس السليم، ومثالها: الأطروحة التي تناولت العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة تحت عنوان “اللمس والتقبيل: دراسة حديثية موضوعية” [1]. وقد تداولت وسائل الإعلام موضوع هذه الرسالة العلمية على نطاق واسع، وتعرضت لهجوم مكثف مدجج بكل أشكال الرفض والنقد لمثل هذه القضايا التي تضر أكثر مما تنفع، وتحرض الشباب على الاهتمام بقضايا بعيدة كلياً عن القضايا المصيرية والتحديات الحضارية التي تواجه أمتهم وشعوبهم، ويمكن القول في هذا الخصوص: بأن هذه الرسالة وأمثالها تكشف في حقيقية الأمر عن مدى الانحدار العلمي في جامعاتنا، وتعبر جوهرياً عن حالة الترهل والانحطاط المعرفي، الذي تشهده كثير من هذه الجامعات والمؤسسات العلمية، والحقّ يقال بأن مثل هذه الرسائل والطروحات الفارغة تغرد خارج المجالات الحيوية للوجود والإنسان[2]. ويضاف إلى ذلك، أن مثل هذه الأطروحة لا تعدو أن تكون أكثر من تحريض جنسي لدى الشباب والناشئة، وهي برأينا لا تختلف كثيراً في فعاليتها وتأثيرها وحمقها عن “أفلام البورنو” والفيديوهات الإباحية التي تحرض على الجنس والمشاغبة الجنسية غير المشروعة بين الرجل والمرأة.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة وإلحاح حول القيمة العلمية لهذه الرسائل هو: ما الجانب الفكري الذي تحييه هذه الرسالة وأمثالها في العقول وفي مجالات التفكير؟ هل يمكن لمثل هذه الطروحات المتصحرة أخلاقياً أن تحيي عقولاً أو أن تحضّها على التفكير؟ أو أن تبعث في القلوب وهج محبة للعلم أو شغف بالمعرفة؟ هل تحفزنا على إعمال العقل وكد الذعن وتشغيل الفاهمة؟ هل تنير دروبنا نحو القضايا المصيرية للحياة والإنسان؟ أم أنها مجرد إثارة للغرائز وطمس للميول العقلية وقهر لنوازع العقلنة، وتخدير لنوابه التفكير، وقتل لمنطق العقل والعقلانية!!!!؟؟؟
ويقيناً نقول: إنه لا تكاد تخلو، أي جامعة من جامعاتنا التليدة، من مظاهر الانحطاط الفكري والتصدع الثقافي الذي يتجلى في مثل هذه الأطروحات الأكاديمية التي تنشر الجهل وترسخ الجهالة وتؤصل العدمية الفكرية. وقد شهدت إحدى الجامعات المغربية، حديثاً ” مناقشة أطروحة جامعية بعنوان “رسالة في رؤية الجن وقدرتهم على التشكل” في أحضان إحدى الجامعات المغربية العتيدة، ودعونا نترك التعليق على هذه الأطروحة للدكتور أبو إياد العلوي، وهو أستاذ باحث في علم النفس الجنائي بالمعهد الملكي لتكوين الأطر، الذي علق بقوله: “إنه يصعب إصدار أحكام انطباعية بشأن البحوث الصادرة مؤخراً عن بعض كليات الآداب في المغرب، وآخرها البحث الصادر عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية في “عين الشق” حول موضوع: “رسالة في رؤية الجن وقدرتهم على التشكل”، وفي رده على سؤال حول المضامين الخرافية والشعوذية التي تثيرها هذه الرسائل أجاب أبو إياد بقوله: ” لا يمكن لأي بحث أن يكون موضوعياً وعلمياً إلا إذا توصّل إلى نتائج مفيدة، وهذه النتائج لا يمكن أن تكون مهمة، إلا اذا استطعنا أن نوظفها في النهوض الحضاري بالمجتمع. وفي غياب هذين الشرطين، فإن البحوث كيفما كانت ستبقى مجرد حبر على ورق ” أي لا قيمة لها [3]. ويتضمن تعقيب العلوي تأكيداً بأن مثل هذه الأبحاث والدراسات والطروحات ليس لها معنى إلا بقدر ما تقدمه للمجتمع ضمن مضمار التقدم الحضاري والإنساني. وعلى هذه الصورة فإن الطروحات الجامعية السطحية لا تحمل أي قيمة علمية وهي لا تعدو أن تكون أكثر من مضيعة للجهد والمال وتدمير للعقول من قبيل تركيزها على قضايا هامشية لا أهمية لها في حاضرنا ولا وجود لها في مستقبلنا.
وفي مشهد آخر، أصيب الوجدان العلمي العربي بصدمة كبيرة عند مناقشة أطروحة دكتوراه أخرى بعنوان “الغازات الحميدة من الناحية الفقهية” وقد أجريت هذه المناقشة – في 7 إبريل 2015 وحصل المتقدم بها على شهادة الدكتوراه في الشريعة والقانون بتقدير ممتاز!!!- وقد هيجت هذه الأطروحة الرأي العام المصدوم الذي كال لأصحابها سيلاً متدفقا من الانتقادات الكبيرة في مصر والعالم العربي، !![4].
هذه الأطروحة تشكل واحدة من مئات الطروحات التي تطرحها مؤسساتنا الأكاديمية وتناقشها في أروقتها العلمية، وقد طالعتنا في الآونة الأخيرة طروحات غريبة، وهي إن دلت على شيء، فإنها تدل على وجود تورم خبيث في العقل الأكاديمي العربي، وشلل دائم في قدرته على الإنقداح والانفتاح على العالم والحياة المعاصرة. وقد شهدت الساحة الأكاديمية كثيراً من هذه الطروحات والرسائل الجامعية المريبة التي تتنافى مع منطق العقل والعقلانية والأخلاقية. ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى رسالة دكتوراه في العلوم السياسية تحمل عنوان ”منهجية الحوار في تدبير قضايا الخلاف في ضوء القرآن الكريم: إبراهيم عليه السلام والحسن الثاني نموذجين”، وهي القضية التي أثارت جدلاً رهيباً على الشبكات الاجتماعية في المغرب.[5]
وقد تساءل الأستاذ الجامعي بجامعة جورج ميسن بواشنطن، محمد الشرقاوي، في تدوينة له على الفيسبوك قائلا: “أي فرضية ينطلق منها صاحب البحث، وكيف تراءت لأعضاء اللجنة الأكاديمية المحترمة ‘القيمة’ المعرفية المنشودة من هذه الأطروحة؟”. [6] وأضاف الشرقاوي أنه “من الصعب أن يسرح الخيال، ناهيك عن العقل، ولو بوازع ‘النبوغ’ العلمي أو ‘فهولة’ ما بعد الحداثة، لأجل إيجاد منطق صحيح للمقارنة بين تركة نبي يدخل في عداد المقدس، بالنظر إلى رسالته السماوية، وزعيم سياسي لم يدّع قط في حياته أن أفكاره أو تصرفاته من قبيل المقدس.[7] وهذا إن دل على شيء فإنه يدل حالة من الجمود الأكاديمي في الجامعات العربية وعلى حالة من الانحدار إلى حقل الشطحات أو التشبيحات العلمية، بعيداً عن البحث العلمي الرصين الذي يظل حالات استثنائية.[8]
وكتب الداعية المغربي، الصادق العثماني، في تدوينة على فيسبوك، قائلاً إن “أطروحة بهذا العبث الفكري (..) ولجنة المناقشة التي ستنصت إلى هذا ‘العبث’ والجامعة التي ستحتضن هذا ‘العقم الفكري والعلمي’، هو مشهد حزين لانهيار أسوار آخر حصون العلم والفكر والمعرفة والثقافة في وطننا العربي والإسلامي”. [9] فأي درك من أدراك الجهلة وصلت إليها جامعاتنا والأطروحات التي يتم تداولها في رحابها. وهناك ركام كبير من الرسائل الجامعية والأطروحات في مجالي الماستر والدكتور التي تحمل عناوين تجهيلية مدمرة للوعي والعقل والمنطق، وهي تتناول قضايا تافهة لا معنى لها، ولا تمتلك إلا قيمة الهدر في الوعي العلمي والتدمير في الأخلاق الأكاديمية[10].
وغني عن البيان أن مناقشة القضايا التي تطرحها هذه الرسائل أشبه ما تكون بالحوار البيزنطي القديم الذي كان يدور على سبيل المثال حول عدد الملائكة الذين يستطيعون الرقص على رأس دبوس واحد وفي وقت واحد. وما أشبه اليوم بالأمس عندما يتداول أساتذتنا قضايا “دبوسية” غريبة لا قيمة لها ولا معنى للحوار فيها أو حولها، لأنها غالباً قضايا ساذجة لا يحكمها عقل ولا يضبطها منطق، وهي قضايا غالباً لا تتناسب أبداً مع منطق العقلانية واهتمامات معاصريها، وهي فوق ذلك كله، تطرح نفسها في فضاءات عابرة للزمان والمكان والعصر، قضايا تقع خارج اهتمامات العقل الطبيعي، وضد نوازعه الموضوعية مثل: ” نواقض الوضوء، وأنواع أقمشة الحجاب المفضلة، ومفاسد النساء ووجوههن، والنفساء ودم الحيض، والاستنجاء والاستجمار ومسح الخفين، والأحلام والاحتلام ” [11].
وقد أصبحت مثل هذه القضايا اليوم كما يقول عبد الله ثابت: ” مواضيع لشهادات عليا، وأصحابها يتجولون في قاعات وعقول طلابنا ليل نهار، والحقيقة أن هناك أطروحات، بعضها لا يمكن كتابة عناوينها وتقسيمات فصولها، احتراماً للذوق [12]. ويستطرد ثابت في قوله ليعلمنا بأن ” هناك كتاباً مطبوعاً، وفيديو على اليوتيوب، يثبت أن أحد الجنّ، واسمه عمر، نال درجة علمية مرموقة من واحدة من أقدم جامعاتنا، والرواية مصحوبة بالشهود، الذين أكدوا أن صديقنا الجني استلم شهادته، وفقه الله، والجامعة الموقرة لم تنف هذا الإنجاز[13].
ولا بد لنا أيضا في خاتمة هذه الفقرة القول، بأننا وخلال تجربتنا الطويلة في العمل الجامعي، نستطيع القول وبثقة نسبية كبيرة، بأن معظم الأطروحات الجامعية تتناول قضايا جزئية أمبيريقية نموذجية، وهي لا تحمل أي قيمة علمية أو فكرية أو منهجية. وأخص هنا الرسائل العلمية في مجال العلوم الإنسانية، ولاسيما في مجال التربية والعلوم الاجتماعية، فالأطروحات التي تقدم في هذه الميادين تأخذ طابع نمطيا بيروقراطيا، يعتمد على المهارة في الجمع وعلى الحذاقة في التوليف الفني، حيث يتم فيها جمع ملخصات الدراسات السابقة من دراسات سابقة، وتعتمد منهجاً واحداً هو المنهج الوصفي الذي تجاوزه الزمن فخرج من جلبابه، كما أن الطلاب يعتمدون طريقة إحصائية معلمية متجانسة يكررونها ويتداولونها فيما بينهم ويتقابسون ما قرؤوه وشاهدوه عن أسلافهم أو أقرانهم، وأقول باختصار أن هذه الأبحاث والرسائل ما هي إلا توليفات عدمية تأخذ طابعاً فنياً ركيكاً، وهي لا تحمل في ذاتها أي معنى علمي ولا تتوفر فيها دلالات فكرية ومعرفية، وهي في معظمها لا تقدم فكراً بل تقتصر على نوع من المهارات المبتذلة والمكررة، وتقوم على الاجترار الحرفي أحياناً لأبحاث سابقة مصابة أيضاً بمرض الزكام الناجم عن العدوى الجينية في النقل والاستنساخ والتدوير والاقتباس واحياناً التزوير، ومثل هذه الطروحات لا تلزم باحثيها بقراءة كتاباً أو التفقه في قضية أو البحث في معنى أو دراسة مفهوم واحد على نحو تفقهي عميق، إنها نوع من المهارات البحثية التي يتقنها أساتذتنا بغمضة عين وهمسة أذن، ويقضون حياتهم يرددونها ويجترونها ويحاضرون فيها وكأنهم يقومون بعمل فذّ عظيم، وبالنتيجة فإن إنجازاً واحداً من هذه البحاث يمنح صاحبه درجة الماستر، وفي الثاني يحصد الدكتوراه، وعلى المدى المهني فإن إنجاز خمس من هذه الأبحاث النمطية الفارغة- التي تشبه أمثالها – تمكّن المدرس أن يصبح أستاذا، وعشرة منها تجعله “برفيسورا” لا يشق له غبار في ميدان العلم والمعرفة.
مؤلفات صادمة:
ومن تلك الأطروحات السطحية الفارغة إلى الكتب المنسوخة التي يصدرها أساتذة جامعيون يحملون أعلى الألقاب وأرفع الأوسمة وأرقى الشهادات. وهنا يكمن العجب العجاب، وتستطيل الدهشة إلى أقصى أبعادها، وذلك عندما نرى أن كثيراً من الكتب التي تسود وتصول وتجول في الساحة الأكاديمية ما هي في حقيقة الأمر إلا إنتاجا عدميا سطحيا فارغا، يصدم العقل الموضوعي بما آلت إليه من خفة ووضاعة وتسطيح، وهي كتب في معظمها كتاتيب جاهلية تنمي الجهالة المركبة في العقول وتدفع بأصحابها وقرائها في آن واحد إلى حافة الجنون المعرفي والهستيريا العلمية.
وليس خفياً على أحد، اليوم، بأن كثيراً من أساتذة الجامعة مصابون بسعار الإنتاج العلمي المتسارع في مجال الكتب الجامعية التي تخصص للتدريس، ويفسر هذا الاهتمام بإنتاج هذه الكتب بما تدره على هؤلاء الأساتذة من أرباح مادية ناجمة عن تسويقها بين طلابهم، ولذا ومن أجل هذه الغاية تشتد المنافسة، ويحتدم الصراع بين الأساتذة في التنازع على تأليف أكبر عدد ممكن من هذه المؤلفات الجوفاء التي تنفع في سوق البيع والحصاد. ومن ينظر ويتأمل في هذه المؤلفات سيرى أهوال التأليف وغرائبه، فأغلب هذه الكتب المسطرة لا تعدو أن تكون تجميعات سخية لفصول تجمع أوراقها وبياناتها من هذا الكتاب أو ذلك، أو قد تكون ترجمات خفية رديئة غير معلنة، وذلك لأن الأساتذة المخضرمين بالانتحال يقومون بجمع هذه الفصول وتنظيمها وترتيبها وتشكيلها على هيئة كتاب، أو كتب، ثم يطلقون عليها مؤلفات جامعية، لتصدّر في الحال إلى الطلاب المغبونين بوصفها مقررات علمية يتوجب عليهم شراؤها في أقرب وقت ممكن ومن ثم الغرق في مستنقعاتها الآسنة. ومن المفارقة العجائبية في جامعاتنا أن هذه المؤلفات العملاقة لا تخضع للتحكيم، ولا ينظر فيها من قبل لجان علمية للتأكد من سلامتها العلمية ونجاعتها المعرفية، أو من مدى التزامها بالمعايير العلمية المعتمدة في تأليف الكتب وتصديرها، ولأنها لا تخضع للتحكيم أو للمراقبة فإن هذه المؤلفات غالباً ما تكون جوفاء فارغة ومسطحة علمياً لا تحمل أي مضمون علمي أو معرفي حقيقي.
ومن المذهل أن الأستاذ الجامعي لا يحتاج إلا إلى قليل من الوقت لينجز أي كتاب ويعلنه مقرراً على الطلاب. وأقول بمصداقية ناجمة عن الخبرة بأن معظم هذه الكتب لا تحمل في ثناياها علماً أو معرفة حقّة، وأن أكثرها ناجم عن تأليف سريع محفز بداء الحصول على مكرمة مالية من جيوب الطلاب، وغني عن البيان أن هؤلاء الأساتذة الكرام لا يراعون أبسط الأعراف العلمية الحاكمة في مجال النشر والتأليف، وهذه المؤلفات غالباً لا تعدو أن تكون في جوهرها أكثر من سرقات علمية يجري أكثرها في الخفاء بعيداً عن أعين الناظرين وبأساليب التورية والانتحال الذي تمرسوا فيه بدرجة عالية من المهارة والذكاء، ولا يخفى أبداً أن أكثر هذه الكتب ينسخ بعضها بعضاً وأن هذه الظاهرة تتواتر من أكاديميات المحيط إلى منارات الخليج. وما على المرء إلا أن يفتح هذه الكتب، وأن ينظر فيها حتى يرى بأم العين ظاهرة النسخ والاستنساخ والنحل والانتحال الذي لا يخفى على أهل الدراية والعلم. والطريف في الأمر أن معظم الأساتذة الناسخون منهم والمنسوخ عنهم لا يعترضون على ذلك لأنهم يعرفون بأن الكل يستنسخ من الكل على حدّ سواء، ولا غضاضة لديهم، ناسخاً أو منسوخا، في ذلك طالما أن الكتاب يشترى ويباع ويثمر بعائداته السنوية والفصلية، وطالما أن أسماء الأساتذة موشومة على جدران هذه الكتب بأضخم الألقاب، وأن الكتاب يسجل لهم إنجازاً علمياً غير مسبوق، وعلاوة على ذلك فإن سدنة المعرفة يجنون ما يجنون من أرباح تتمثل في عائدات هذه الكتب وأرباحها. وفي مسألة تسهيل الانتحال وتبرير مشروعيته في عملية المقابسة والاستنساخ غالباً ما يتبنى هؤلاء الأمثولة الشعبية التي تقول: السارق عن السارق كالوارث من أبيه، فلا حرج ولا غضاضة، فنحن جميعاً كما يقول المثل العامي ” في الهواء سوا ء”.
وفي مثل هذا التقابس والنسخ والتناسخ في مجال إنتاج الكتب برهان على أننا نعيش في عالم أكاديمي مخادع، وفي أوساط علمية بلغ فيها النفاق درجاته العالي، وفي مثل هذه الفضاءات الأكاديمية المحكومة بالدجل المعرفي. ولا بد لي من استثناء نخبة متميزة من الأساتذة وصفوة كريمة من الأحرار الذين ما زالوا يشكلون نقاطاً مضيئة في هذه الأكاديميات المظلمة بالخوف والدجل.
ويتضح من في الجانب الآخر من القضية، أن الأستاذ الجامعي يتجنب أن يؤلف في غير مقرره ومادته، ويأبى أن ينشر في مراكز بحثية أو علمية معروفة إلا فيما ندر، لأن هذا يعني أنه يتوجب عليه العمل سنوات طويلة كي ينجز كتاباً حقيقياً ينال فيه إعجاب مريديه ويحظى بقبول طلابه ورضى المفكرين والنقاد، بل، وعلى خلاف ذلك يكتفي الأستاذ المبجل بحظوته البيداغوجية بين طلابه معززاً مكرماً بما يغرسه في عقولهم من خمائر الغباء وبما يكرس في نفوسهم من مظاهر الجهل والتجهيل والغباء، ويجني من جيوبهم ما قدر له من حصاد مادي ثمناً لكتبه الفارغة العجفاء. ويمكن الاستنتاج في هذا السياق، بأن أغلب المؤلفات الجامعية المقررة للطلاب لا تعدو أن تكون ركاماً بليداً من الأوهام وأكواماً سخيّة من الترهات التي تُلّبس رداء العلم وأقنعة المعرفة، وهي أبعد ما تكون عن هذا وذاك.
كتب تراثية غارقة في الأوهام:
وبعيداً عن الكتاب الجامعي وإشكالياته العصيّة، دعونا ننظر في أوهام الكتب التراثية وما تجره علينا من أفانين غريبة وويلات فكرية عجيبة. وللعلم فإن هذه الكتب هي الأخطر على العقل والأكثر تدميراً لأنها ترتبط بالدين والمقدس والدين منها في فضاءات البراء. فالساحة التراثية تضجّ بالغرابة، وتفيض بالتفاهات، وتتدفق بالأوهام وتتكاثف بأساطير باطلة ما أنزل الله فيها من سلطان، ولا ريب أن هذا الفضاء التراثي يضم بين جنباته كتباً غريبة عجيبة، وما هي في جوهرها إلا تكوينات مشوهة رهيبة من الأوهام والأساطير والسحر والشعوذات التي تفوق حدود خيال الإنسان وتصوراته العقلانية.
ولكي نستدل على هذه الطبيعة السحرية لهذه الكتب دعونا ننظر في الكتاب التراثي المشهور بعنوانه الفارق المستطير: “ما يجوز وما لا يجوز في نكاح العجوز” وهو الكتاب الذي تصدر مبيعات الدورة الثالثة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب في المغرب عام 2017 [14]. وتبين الإحصائيات في هذا المجال أن هذا الكتاب المستطير قد سجل مبيعات قياسية تجاوزت نصف مليون نسخة. وإن دلّ هذا على شيء فإنه يدل على أن هذا الكتاب قد صمم بذكاء خطير ليواكب العقلية الثقافية المتخلفة في العالم العربي. فمجرد الإقبال على مثل هذا الكتاب يمثل كارثة ثقافية مدمرة، ويشكل عصفاً حضارياً بكل القيم الأخلاقية المزعومة التي تحكم الشعوب العربية التي ما تزال تتبجح بأنها أكثر شعوب الأرض إيماناً بالأخلاق والقيم الأخلاقية، ونعتقد أن هذا الكتاب الخطير استطاع أن يتجاوب مع “الهابيتوس” الثقافي وفقاً لمفهوم بيير بورديو عن الذهنية الحاكمة، ومجرد الاطلاع على هذا الكتاب وشراؤه يعبر عن سقوط أخلاقي وعفن ثقافي خطير وكبير في موازين الثقافة العربية السائدة يعبر عن الانحدار الخطير في الذائقة الثقافية العربية.
ومن ثم جاء كتاب في الطبخ المغربي بعنوان “شهيوات شميشة ” [15] في المرتبة الثانية من حيث مبيعاته في المعرض، إذ وصلت عدد النسخ المباعة إلى 340 ألف نسخة [16]، وهو رقم مهول بمعايير الإقبال العربي على القراءة، وهذا الرقم الخطير يعبر عن اهتمامات الإنسان العربي بثقافة الطعام وما يدخل في بطن الإنسان وما يخرج منه. وقد بينت إحصائيات وزارة الثقافة، أن المراتب العشرة الأولى في سجل مبيعات هذا المعرض قد سجلت لكتب ذات مرجعية دينية مرتبة على النحو التالي: عذاب القبر، زوجات النبي، أهوال يوم القيامة، علامات الساعة الكبرى، المفاتيح العشرة للجنة، التوبة، الطريق إلى النجاح، ومسرحية (Antigone Anouilh) في المرتبة العاشرة، وهي مبرمجة لتلاميذ البكالوريا “. [17]
ومثل هذه الكتب ومدى حضورها والإقبال عليها ظاهرة عربية نراها في مختلف معارض الكتب من غرب الوطن إلى شرقه ومن أدناه إلى أعلاه فمثل هذه الإحصائيات لا تتغير في مختلف المعارض الدولية العربية التي تحتل فيها الكتب الفارغة أهمية كبرى وتسقط فيها الكتب الثقافية من معادلة الحضور والإقبال الثقافي، فالكتب الثقافية الحقة غالباً ما تكون خاسرة جداً في المعارض التي تزدهر بأرخص المضامين الفكري والسحرية في مختلف أنحاء العالم العربي.
وفي حقيقية الأمر تطالعنا عناوين خطيرة لكتب في هذا المنحى مثل: «المباح في جهاد النكاح» و«الطريقة النبوية السليمة في نكاح المرأة والبهيمة».. ويبدو أن هناك مطالبات لوزارة الثقافة بإيقاف هذا السيل الذي كان ولا شك وراء الظواهر العجيبة التي شهدها المجتمع التونسي في الفترة الأخيرة. [18]
وقد شكلت هذه الكتب الفراغية قضية يتناولها الباحثون والمفكرون بالنقد والرصد والتحليل والهجوم أيضا، ويبدو أن الشاعرة والأديبة التونسية سيدة عشتار بن علي قد أدلت بدلوها النقدي في المضمار فوجهت نقدها المعرفي لهذه الكتب الغارقة في لجة موضوعات غير علمية منافية للذوق والحشمة والأدب والأخلاق، إذ تقول: ” لم نكن نتصور يوماً أن نعيش هذا الكابوس، ونرى هذا العفن يتصدر واجهات مكتباتنا: “ما يجوز و ما لا يجوز في نكاح العجوز” وتستأنف بن علي نقد هذه الكتب قائلة: ” هل هذا ما سيتعلمه الجماهير الشعبية وما سيتلقنه أبناؤنا… يا ربي حتى المجوس وعبدة الشياطين لم نسمع انهم يصدرون كتباً وينظرون لنكاح البهائم، وهؤلاء لم يكتفوا بإحياء ما يطلقون عليه تراث بل ابدعوا، فراحوا ينتجون الجديد على ضوء ما يجري في سوريا فابدعوا كتاباً حمل اسم..: ” المباح في جهاد النكاح…. ” [19]. ولا ننسى في هذا السياق الإشارة إلى كتاب: “البرهان على تحريم النكاح بين الإنس والجان” لأبي نصر محمد بن عبد الله الإمام.[20]كما، ويشار أيضاً إلى الكتاب الخارق الموسوم: ” الطريقة المثلى لإيصال خبر زواجك إلى زوجتك الأولى” لإبراهيم بن عبد العزيز اليحيى[21]. وهناك كتب تراثية كثيرة منها أيضاً كتاب: “وطء المرأة في الموضع الممنوع منه شرعا: دراسة حديثية فقهية طبية”[22].
ثم أن تقوم أستاذة جامعية في الأدب بتأليف كتاب بعنوان “تحريم العطور” على النساء لأن هذا يثير غريزة المرأة، فهذا من علامات قيام الساعة ” كما يقول أمين الزاوي [23]. وأن يكتب أستاذ جامعي آخر كتاباً بعنوان “نكاح المعاق ذهنياً في الفقه الإسلامي”،[24] ثمّ يطرحه في السوق للتداول والقراءة، “ونحن في العشرية الثالثة من الألفية الثالثة، فهذه عين الكارثة، وقمة الانحطاط الأخلاقي والفكري، وهذا دليل واضح على أمراض مستعصية تعاني منها (نخبنا) الثقافية”! [25].
ومن ثم أن يكتب الشيخ أبو الإيمان كتاباً بعنوان “المباح في جهاد النكاح” فهذا مؤشر آخر على مرض فكري قد أصاب فاهمة المفكرين، وهو دليل أيضاً على أن “النخب” المعطوبة لا تستطيع العيش إلا إذا كان المجتمع معطلا، ومثل هذه الكتابات المخلة بالحياة هي القاعدة التي تستند عليها منظومة الفكر التكفيري في تخريب ما تبقى من بقايا المجتمع” [26]. وحين يسمع المرء بتداول كتاب بعنوان “النعيم الجنسي لأهل الجنة” دراسةٍ مفصَّلةٍ موسَّعة تتناول الحور العين وصفاتهن الخَلقية والخُلُقية، والحديث عن أزواجهن ملوك الآخرة وصفاتهم، وعن العلاقة الجنسية الطّاهرة التي تكون بينهم في دار السّلام. [27] فهذا يدل على هذه النخب قد جن جنونها وسقطت في مستنقعات الجهل والتجهيل” [28].
ويعود الزاوي إلى نقد هذه الكتب التي تفيض بالشهوات وتتدفق بالرغبات الجنسية فيقول: ” نحن لسنا ضد كتب التربية الجنسية ولا ضد الكتابة عن الجنس، لا بل إن طرح هذا الموضوع يعد مسألة أساسية وضرورية وبقدر ما نعتقد بأن مقاربة “الجنس” ضرورة فكرية واجتماعية وإنسانية، فإننا نؤمن بأن مسألة حساسة مثل هذه يجب أن يتولاها العلماء المختصون في هذا الباب، وليس الفقهاء أو المتدروشون، فالجنس مسألة إنسانية عميقة لا يمكن تداولها بهذا الشكل المبتذل وبتلك المنهجيات الرخيصة “[29]. ويستطرد الزاوي قائلاً: ” وأنا أتابع مثل هذه الإصدارات الرديئة، أشعر بخجل أنني أنتمي إلى هذا العالم الذي يوزع مثل هذه الكتب على أبنائه لقراءتها وربما برمجتها في مقررات الجامعة على طلبة يعيشون عصر التكنولوجيا المعقدة والبحوث في الذكاء الاصطناعي” [30] ولا يتردد الزاوي في النهاية من القول: ” أشعر بمرارة ثقافية كبيرة أن تكون لنا دور نشر تقبل طباعة مثل هذه الكتب ومكتبات تعرض مثل هذه الأمراض المتخفية في الكتب المجلدة تجليا فنيا والتي تصنف عادة في باب كتب الفقه والشريعة والفتاوى” [31].
كتب تربوية مريعة:
وهذا النمط من الكتب التراثية الصادمة يجد نظيره في مختلف ميادين الإنتاج العلمي الأكاديمي العربي ولاسيما في المجال التربوي الذي يشهد كثيراً من التسفيف والتسفيه في مجال تأليف الكتب، مثل الكتاب المعنون: كيف تعلم ابنك الحمار دون تكرار”[32] الذي يشكل صدمة للتربويين العرب وللوعي التربوي في العالم العربي، والصدمة قد تكون أكثر إيلاماً مع الكتاب المعنوّن “هل أنت حمار شغل؟ “[33]، ومن ثم كتاب “كيف تحلب نملة” [34] وهي مع الأسف عناوين لمؤلفات “يراها القائمون على الصرح الثقافي إبداعاً من الدرجة الأولى، وقد حطت رحالها في صدارة المعارض الدولية العربية للكتب ونالت إعجاب الجمهور الثقافي العربي ومع الأسف أن السخافة والحماقة التربوية بلغت هذا الحد من الهستيريا والجنون الذي يتجلى في وحشية هذه الكتب والمؤلفات التي تريد أن تعلمنا اليوم ” كيف نحلب الحشرات؟ وكيف نصف أطفالنا بالحيوانات!! وكيف تحطّ من تفكيرنا، وتزلزل كيانهم وتحطم عالمهم البريء” [35].
وبعض هذه الكتب يتمادى في التعصب وتكفير الآخر، إلى الدرجة التي وصل فيها الموتورون من الكتاب إلى تكفير علماء عرب سجلوا تاريخاً عظيماً في الأدب والفكر والثقافة والشعر والحضارة، وها هو أحدهم يسطر كتاباً فاحشاً في التوحش ينادي فيه بتكفير الشاعر والأديب السوري الكبير نزار قباني الذي يمثل الروح المعنوية للشعب السوري وحضارته الإنسانية، وقد عنون هذا الكاتب كتابه بطريقة فظة مخيفة على النحو الآتي: ” السيف البتار في نحر الشيطان نزار ومن وراءه من المرتدين الفجار”[36]. وهذا نموذج من مئات الكتب التكفيرية التي ما زالت تتدفق يميناً ويساراً في الساحة الفكرية في مختلف أنحاء العالم العربي على منوال الفتاوى التكفيرية الكبرى التي أدت إلى مقتل عدد كبير من المفكرين والعلماء العرب عبر تاريخهم القديم والحديث.
والسؤال المحير كيف يقوم شخص بقضاء سنوات وسنوات طويلة يجمع ويبحث ويتقصى ويسهر الليل والنهار في دراسة قضية تافهة لا معنى لها مثل (نوع الغازات التي تخرج من البطن) ثم ليوافينا بكتاب أو مؤلف فارغ سخيف يبحث فيه عن مثل هذه القضايا الجاهلية السطحية التي لا مجال للحديث عن نفع فيها؟ ألا يمثل هذا نوعاً من الجهل المركب المستطير الذي تخلى فيه الناس عن عقولهم واستخفوا في الوقت نفسه بعقول الناس وكرامتهم العقلية، فتكريم العقل كما يجمع العلماء والفقهاء يوجّه إلى مشاغلة القضايا الفكرية الكبرى والمسائل المصيرية، التي تتعلق بحياة الإنسان وكرامته ووجوده، كـ: الحق والخير والعدالة والحرية والكرامة، والعقلانية، وتلك التي تتعلق بالاهتمامات العلمية في مجالات المنطق والعلم والإبداع الفكري.
ونعود للقول يقيناً بأن الإنتاج السطحي الفارغ والعدمي يعادي فطرة الإنسان ويؤذي كرامته، ويناقض نزوعه الأبدي إلى التفكير في أنبل مظاهر الكون ومستويات الوجود. ومما لا شك فيه أن استغراق الأكاديميين في هذه القضايا الحسية الشهوية، سيؤدي بالضرورة إلى تدمير ما بقي لهم من قدرة على الارتقاء الإنساني والسمو العقلي والإحساس بالفن والجمال، والأخطر من ذلك كله أن الإنتاج العلمي و الفكري الوضيع يجسد فعالية مؤسسة جبارة منتجة للجهل والفساد العقلي، وقادرة على تدمير مملكة الإنسان بأبعادها العقلية والروحية والأخلاقية.
خاتمة:
ونعود في هذه الخاتمة للتأكيد بأن هذا النمط من الإنتاج العلمي الأكاديمي الرخيص المبتذل يشكل لحظة صادمة في تاريخ العلم والمعرفة، ويشكل وصمة عار تَشِمُ جبين الجامعات العربية في هذا العصر المحنط بالأوهام والمخدر بالتفاهات. وغني عن البيان والتبيين أن هذا الإنتاج التجهيلي الرخيص يتمدد بحضوره المكثف المخيف ما بين جامعات المحيط غرباً وأكاديميات الخليج شرقاً.
والأخطر من ذلك كله، أن هذا الإنتاج العلمي الفارغ والمسطح، يشكل منظومة متكاملة مؤسسة للجهل ومنتجة للعقم والجهالة، إذ تعمل على تدمير الوعي الأكاديمي وتتجاوزه إلى تدمير الوعي العام في المجتمع بقضه وقضيضه. وتأخذ هذه المنظومة صورة من الإنتاج الفكري المسموم الذي تتداخل فيها الأوهام بالخرافات، وتتقاطع فيه الأساطير بالشعوذات، وتتضافر فيه السفاهة بالتفاهة، وتتكامل فيه البذاءة بالانحطاط، ويقيناً نقول: بأن هذا الإنتاج المؤسسي للجهل والجهالة، سيؤدي في النهاية عاجلاً أم آجلاً إلى تدمير العقول، وهدم المنطق، وتحويل الإنسان إلى طاقة هوامية مبتذلة لا هوية لها ولا عنوان.
والكارثة الكبرى المخيفة تكون عندما تصدر هذه السموم التجهيلية، عن أساتذة بقامات أكاديمية عالية، وألقاب علمية شامخة، عن أساتذة قضوا جلّ حياتهم المهنية في رحاب هذه الجامعات، وعندما تصدر هذه الخرافات والتخريفات عن هذه القامات الأكاديمية الرفيعة فقل على الدنيا السلام، لأن المصدر الجليل لهذه الجهالات يضفي عليها مزيداً من القدرة على تشويه الوعي، واختراق عقول الطلاب، وتدمير ذهنية القراء، تحت هذا التأثير الجارف لهذه السموم الفكرية، التي تصبح أكثر فاعلية عندما تصدر من من يفترض بهم أن يكونوا منارات للحقيقية ومنابر للمعرفة الحقّ.
ومثل هذه السموم التي تفيض في هذه الكتب وتتدفق في ثنايا هذه المؤلفات المريعة، تأخذ صورة الدسم المحلى بالأوهام، الذي يمهد لها طريقها إلى بوابات العقل فتعمل على تسميمه وتدميره. وكما هي حال السموم في الأشياء فإن هذه السموم تدخل إلى الدماغ، فتعمل مباشرة على تجويفه وتدمير خلاياه، وتحويله إلى سائل وهمي ليتحول بعد ذلك إلى حالة موات دائم، وعلى الأثر يتم تحويل حملة هذه الأدمغة المسمومة إلى “زومبيات” أي أموات شبه أحياء تتحكم فيهم نزعاتهم السادية وأوهامهم الغريزية وتضعهم خارج المعاني والدلالات الإنسانية بعد أن تم تحويلهم إلى وحوش كاسرة تحكمهم الشهوة والرغبات البدائية الجامحة.
ويمكن القول في هذا السياق بأن هذه الكتب الجاهلية، تقوم بعملية برمجة ذهنية سلبية لكتابها قبل قرائها، لأن المعلومات التي تقدمها مجرد خرافات وأوهام ترتبط بكل ما هو نزوي وحسي في الإنسان. وفي هذا يقول أرثر سالزبرجر:” إن رأي أي الإنسان في أية قضية لا يمكن أن يكون أفضل من نوع المعلومات التي تقدم إليه في شأنها………..أعط أي إنسان معلومات صحيحة ثم اتركه وشأنه، يظل معرضاً للخطأ في رأيه ربما لبعض الوقت ولكن فرصة الصواب سوف تظل في يده إلى الأبد”……. أحجب المعلومات الصحيحة عن أي إنسان، أو قدمها إليه مشوهة أو ناقصة أو محشوة بالدعاية والزيف…. إذا فقد دمرت كل جهاز تفكيره ونزلت به إلى دون مستوى الإنسان”.
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه، اليوم، هو ما الفائدة التي تنجم عن هذه الجهود الجبارة التي يبذلها الباحث خلال سنوات طوال يهدرها في كتابة عمل يفيض بالمغالطات والأوهام، سنوات من الجهد والكد والتعب والبحث والتقصي الضائع يقضيها الكتاب في وصف حوريات الجنة، والبوح بمحاسنهم، والكشف عن أسرارهن ومحاسن جسدهن؟ ما الفائدة التي يرجوها كاتب من وصف جسد الحورية الحسناء في صور عارية خادشة للقيم والذوق والأخلاق؟ إنه أمر عجيب وغريب حال هؤلاء الأكاديميين بما ينتجونه من كتب وأعمال ضد الذائقة الإنسانية وضد كل أشكال العقلانية !!
ولكن الأخطر والأدهى أبداً هو أن يجلس آلاف مؤلفة من القراء للتمتع بفتنة القراءة في هذه الكتب المسحورة، التي تدفعهم إلى جنون الانفصال والانفصام عن الحياة، والتي تأخذهم بالضرورة إلى مفازات الاستلاب والاغتراب، فتجردهم من إنسانيتهم، وتقتل فيه كل نوابض وعيهم، وكل توهجات المعرفة في عقولهم، ليتم تحويلهم في النهاية إلى “زومبيات” تحركهم غرائز بدائية لا معنى فيها ولا حياة روحية، بل يتحولون إلى زومبيات تنتعش نفوسهم بحالة من الهيجان الحسي، دون أدنى ومضة من فكر أو وهج من نور أو حياة، وباختصار، هذه الكتب تدفع بقرائها إلى الاحتضار الفكري والأخلاقي، ولا يتوقف عن التوغل في أعماق الإنسان حتى تصل إلى الروح فتدمرها وتفتك بأجمل تجليات الجمال في قلوب المفكرين والقراء على حدّ سواء.
مراجع الدراسة وهوامشها:
[1] – صفاء بنت محمد أشرف بن علي المليباري، اللمس والتقبيل: دراسة حديثية موضوعية، إشراف لطيفة بنت عبدالله الجلعود. رسالة ( الماجستير )، جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية، 1438هـ، 2017.
[2] – تقرير محرر السبق الإخباري، أغرب عنوان لرسالة تخرج جامعية في العصر الحديث (وثيقـــة )، السبق الإخباري، الخميس, 02/11/2017 – 16:29، http://essabq.info/node/6094
[3] – أبو إياد العلوي، الجامعة قاعدة للفكر والبحث وليست “قصعة” يتناوب عليها الأكلة، أنفاس، 18/7/2019. https://anfaspress.com/news/voir/53911-2019-07-18-03-32-26
[4] – انظر – البشاير: https://elbashayer.com/2156486/2018/11/25/1093073/
انظر أيضا: جاك عطا لله ، الحوار المتمدن-العدد: 4768 – 2015 / 4 / 5 .
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=462507&r=0
[5] – المحرر الإخباري، بحث دكتوراه يقارن بين الحسن الثاني والنبي إبراهيم! أضواء، 15/7/2019. http://bitly.ws/dJTy
[6] – المحرر الإخباري، بحث دكتوراه يقارن بين الحسن الثاني والنبي إبراهيم! أضواء، 15/7/2019. http://bitly.ws/dJTy
[7] – المحرر الإخباري، بحث دكتوراه يقارن بين الحسن الثاني والنبي إبراهيم! أضواء، 15/7/2019. http://bitly.ws/dJTy
[8] – المحرر الإخباري، بحث دكتوراه يقارن بين الحسن الثاني والنبي إبراهيم! أضواء، 15/7/2019. http://bitly.ws/dJTy
[9] – المحرر الإخباري، بحث دكتوراه يقارن بين الحسن الثاني والنبي إبراهيم! أضواء، 15/7/2019. http://bitly.ws/dJTy
[10] – عبدالله ثابت، لنا الجني والمركز الثالث عالميا، الوطن، الخميس 11 مايو 2017. https://www.alwatan.com.sa/article/34125
[11] – عبدالله ثابت، لنا الجني والمركز الثالث عالميا، الوطن، الخميس 11 مايو 2017. https://www.alwatan.com.sa/article/34125
[12] – عبدالله ثابت، لنا الجني والمركز الثالث عالميا، الوطن، الخميس 11 مايو 2017. https://www.alwatan.com.sa/article/34125
[13] – عبد المحسن بن حمد العباد، تنبيه على خبر دراسة جني بصورة إنسي بالجامعة الإسلامية بالمدينة، الموقع الرسمي لعبد المحسن بن حمد العباد، 20/01/1435هـ. https://al-abbaad.com/articles/115-1435-01-20
[14] – المحرر الإخباري، الكتاب الأكثر مبيعًا في معرض الكتاب في المغرب، سائر المشرق، 4/12/2018. https://www.monliban.org/monliban/ui/topic.php?id=3370
[15] – الناشر، شهيوات شميشة، الدار البيضاء: مكتبة الأمة، 2014.
[16] – تقرير، سوسيونفو (SocioInfo )، ” يجوز وما لا يجوز في نكاح العجوز” عنوان الكتاب يتصدر المبيعات في المعرض الدولي للنشر والكتاب 2017، 22 فبراير، http://faouzinfos.blogspot.com/2017/02/2017.html.
[17] – تقرير، موقع مونليبان الخميس 04 كانون الأول 2018 https://www.monliban.org/monliban/ui/topic.php?id=3370
[18] – م ن، كتب نكاح الجهاد والعجوز والبهيمة تنتشر في تونس، نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 09 – 10 – 2013: مغرس، https://www.maghress.com/alittihad/183742.
[19] – سيدة عشتار بن علي، ما يجوز ولا يجوز في نكاح البهيمة والعجوز، الحوار المتمدن-العدد: 4461 – 2014 / 5 / 23 – 23:37 – http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=416193&r=0
[20] – أبي نصر محمد بن عبد الله الإمام، البرهان على تحريم النكاح بين الإنس والجان، صنعاء: مكتبة الإمام الوادعي، 2007.
[21] – إبراهيم بن عبد العزيز اليحي، الطريقة المثلي لإيصال خبر زواجك إلى زوجتك الأولى، الرياض: كنوز إشبيلية للنشر والتوزيع، 2008.
[22] – طارق محمد الطواري، وطء المرأة فى الموضع الممنوع منه شرعا دراسة حديثية فقهية طبية، نشر البحث في مجلة كلية الشريعة عدد شوال 1422.
[23] – أمين الزاوي، التوحش الثقافي، العرب، الأحد 2018/09/30. http://bitly.ws/cfRv
[24] – جهاد محمود الأشقر، نكاح المعاق ذهنيا في الفقه الإسلامي، القاهرة: دار الوفا، 2011
[25] – أمين الزاوي، التوحش الثقافي، العرب، الأحد 2018/09/30. http://bitly.ws/cfRv
[26] – أمين الزاوي، التوحش الثقافي، العرب، الأحد 2018/09/30. http://bitly.ws/cfRv
[27] – عبد الله القاسمي، النعيم الجنسي لأهل الجنة، الحور العين وأزواجهن، القاهرة: مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، 2014.
[28] – أمين الزاوي، التوحش الثقافي، العرب، الأحد 2018/09/30. http://bitly.ws/cfRv
[29] – أمين الزاوي، التوحش الثقافي، العرب، الأحد 2018/09/30. http://bitly.ws/cfRv
[30] – أمين الزاوي، التوحش الثقافي، العرب، الأحد 2018/09/30. http://bitly.ws/cfRv
[31] – أمين الزاوي، التوحش الثقافي، العرب، الأحد 2018/09/30. http://bitly.ws/cfRv
[32] – محمد سليمان الذيب، كيف تعلم إبنك الحمار بدون تكرار، عمان: عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، 2016.
[33] – سائدة أحمد فارس، هل أنت حمار شغل؟ إربد: عالم الكتب الحديث السلسلة، 2015.
[34] – سائدة أحمد فارس، كيف تحلب النملة؟ طرق سهلة لجمع المال وإدارته، إربد: عالم الكتاب الحديث، 2015.
[35] – راضية صحراوي، كيف تحلب نملة؟”، “هل أنت حمار؟”، “كيف تعلم ابنك الحمار؟”.. وعناوين أخرى تستفز زوار معرض الجزائر للكتاب! نشر في البلاد أون لاين يوم 06 – 11 – 2015. جزايرس، https://www.djazairess.com/elbilad/1027038
[36] – ممدوح بن علي بن عليان السهلي الحربي، السيف البتار في نحر الشيطان نزار ومن وراءه من المرتدين الفجار الطبعة الثانية، المدينة النبوية: دار المآثر للنشر والتوزيع والطباعة، 1420ه – 2000.
____________
*الدكتور علي أسعد وطفة.
*المصدر: التنويري.