تناول كتاب “الديمقراطية: الإله الذي فشل” للكاتب هانز هيرمان هوبا، والذي ترجمه إلى العربية إيمان معروف وراجعه نادر كاظم، مجموعة من القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتعلقة بالنظم الديمقراطية. حيث تناول أسباب فشل النموذج الديمقراطي وتحدياته، مقدماً رؤى وتحليلات للواقع السياسي والاقتصادي في ظل الأنظمة الديمقراطية الحديثة. كما تطرق لموضوع النظام السياسي الطبيعي.
ويمكن توضيح العوامل الخارجية المؤثرة في التفضيل الزمني على العوامل الخارجية في تلك الأحداث أو العوامل التي تطرأ على البيئة المحيطة بالفرد بشكل غير متوقع وخارج عن سيطرته المباشرة أو غير المباشرة. ولا تؤثر هذه العوامل في التفضيل الزمني إلا إذا تم التوقع الصحيح لحدوثها وبالمقدار المتوقع.كمثال، إذا كان من المتوقع احتمال وقوع حدث إيجابي مستقبلي مثل سقوط أمطار غزيرة ستفيد المحاصيل الزراعية، فإن هذا التوقع قد يؤثر على تفضيل الفرد الزمني للإنفاق والاستثمار.
أدى انتشار الجمهورية الديمقراطية ، إلى ظهور بعض الاتجاهات السياسية الراديكالية مثل ، النزعة الشيوعية ،وهي الفكر السياسي الذي يدعو إلى الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج والسيطرة الكاملة للحكومة على الاقتصاد.
على الرغم من التحديات المستمرة، لا يزال هناك الكثير من الجوانب الإيجابية في المجتمع المدني. تبذل العديد من المؤسسات والجماعات الأهلية جهودًا كبيرة لدعم وحماية الأسر والشباب، فقد شهدنا بعض الانخفاضات في معدلات الزواج والمواليد، ولكن هذا يعكس أيضًا تغيرات في نمط الحياة والقيم الاجتماعية. البعض يختار تأجيل الزواج أو عدد أقل من الأطفال لأسباب اقتصادية أو شخصية، كما عانت معدلات الادخار الشخصي من الركود أو حتى الانخفاض بدلا من الارتفاع بما يتناسب مع ارتفاع المدخول مما أدى الى تدهور اوضاع مؤسسات الزواج والاسرة بشكل هائل، ارتفاع معدلات الطلاق والولادات غير الشرعية والعزوف عن الزواج و الإجهاض، لكن مؤشرات التعليم والمعرفة تظهر نقاطًا قوية رغم التحديات. يُظهر المجتمع المدني مرونة وقدرة على التكيف مع هذه التغيرات الاجتماعية والثقافية. مع استمرار الجهود والشراكات بين المؤسسات الحكومية والمجتمعية، يمكن التغلب على هذه التحديات بطريقة إيجابية وبناءة.
تتزايد التشريعات والقوانين التي تصدرها البرلمانات سنويًا، وهي ظاهرة ذات أوجه إيجابية وسلبية؛ من الجوانب الإيجابية، فإن هذا يعكس جهود المؤسسات الديمقراطية لتنظيم مختلف جوانب الحياة المدنية والاقتصادية بشكل أفضل وأكثر شمولية. يسعى المشرعون إلى تطوير إطار قانوني يواكب التغيرات المجتمعية والتكنولوجية. وهذا يشير إلى سعي المجتمع لتحسين الأوضاع وحماية الحقوق والحريات.
ومع ذلك، قد يؤدي هذا التضخم التشريعي إلى بيروقراطية مفرطة وصعوبة في تطبيق القوانين بشكل فعال. قد يشعر المواطنون بالارتباك والإحباط إزاء هذا الكم الهائل من اللوائح والتنظيمات. هناك حاجة إلى مراجعة وتبسيط للتشريعات لجعلها أكثر بساطة وشفافية، بحيث تخدم المجتمع بشكل أكثر فعالية.
إن إيجاد التوازن الصحيح بين الحوكمة الديمقراطية والمرونة التنظيمية هو تحد رئيسي، لكن مع الجهود المتواصلة، يمكن تطوير نظام قانوني أكثر كفاءة وفعالية يدعم التنمية المستدامة للمجتمع.
كان الثمن باهضا للعدالة وتشويها للقانون وذلك نتيجة التحول التاريخي نحو تدعيم العدالة والحوكمة الديمقراطية، والذي كان له تأثيرات متناقضة على طبيعة القانون والسلطة، من جانب، كانت هناك نزعة مشروعة لمواجهة احتكار السلطة وتشويه القانون من قبل الحكام المطلقين. لقد أدرك البعض بوضوح أن المشكلة تكمن في هذا الاحتكار، وليس في النخب الحاكمة بحد ذاتها.
إن الدرس الرئيسي هنا هو ضرورة البحث عن الطرق المثلى لتمكين المشاركة الشعبية و العدالة، ومع المحافظة في الوقت نفسه على كفاءة وفعالية النظام القانوني ،هذا هو التحدي المستمر في تطوير الحكم الديمقراطي .
من أهم الآليات لتحسين جودة القانون والعدالة في النظم الديمقراطية تعزيز استقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، مع الالتزام التام بمبدأ سيادة القانون وعدم تدخل الحكومة في شؤون القضاء. كما يجب إشراك خبراء القانون في صياغة التشريعات ومراجعتها بالإضافة لبناء ثقافة القانون لدى المواطنين. وتوفير الموارد المالية اللازمة لتحقيق استقلال القضاء، مع وجود آليات لمراقبة أداء الحكومة والمحاكم.
تهدف التنشئة العادلة، إلى ترسيخ قيم المساواة والعدالة والتضامن داخل المجتمعات من خلال نظام توزيع الثروة والتعليم. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبروز نماذج اقتصادية جديدة، تم تفكيك التنشئة الاشتراكية في العديد من الدول ما أدى لدى البعض إلى ازدهار القطاع الخاص وتحرر المجتمع من قيود التحكم الحكومي، بينما رأى آخرون أن ذلك أدى إلى تراجع التضامن الاجتماعي وزيادة الفجوة بين مختلف فئات المجتمع.
يمكن القول ان العالم اقترب أكثر من إنشاء حكومة أو نظام عالمي قبل تفكك الاتحاد السوفياتي بسبب الهيمنة الأمريكية السياسية والاقتصادية على أوروبا الغربية واليابان والمؤسسات الدولية. ولكن هذا لا يعني وجود حكومة عالمية رسمية، بل كان هناك تكامل أكبر للنظام العالمي تحت قيادة أمريكية. فالولايات المتحدة كان لها دور في الهيمنة الاقتصادية والسياسية على العديد من دول العالم الغربية والآسيوية، لكن بدون وجود حكومة عالمية رسمية موحدة.
إلى جانب دخول الشركات الكبرى مثل شركات التأمين في مجال الإنتاج الأمني، سيؤدي العبء الضريبي الثقيل وتزايد تنظيم الأعمال في دول الرفاهية في أوروبا الغربية إلى هجرة أعداد كبيرة من المشاريع الصغيرة وأصحابها. حيث يفضل الكثيرون الانتقال إلى أسواق أخرى أقل تنظيمًا وأعباء ضريبية، بعيدًا عن تعقيدات اللوائح ومتطلبات التراخيص وقوانين حماية العمال وضوابط ساعات العمل.
يمكن القول بأن فكرة الحكومة المحدودة تعتبر افتراضية أكثر منها حقيقة عملية، حيث ان طبيعة الحكومات بشكل عام هي التوسع التدريجي في مجالات السلطة والتأثير. ومع مرور الزمن، ستتعرض حتمًا أي حكومة -حتى وإن أُنشئت على أساس الحد من صلاحياتها- للضغوطات الداخلية والخارجية الرامية لزيادة قوتها وتدخلها. وهو ما قد يثير ردود فعل شعبية ثورية تسعى من خلالها لاستعادة الحريات والحد من سلطة الحاكم، في مسار يتصاعد بين المطالب السلمية والوسائل العنيفة حسب مدى استجابة الحاكم لهذه المطالب.
بعد أكثر من قرنين من تبني الولايات المتحدة لنموذج الحكومة المحدودة دستوريًا، أظهرت النتائج بوضوح عدم وجود خلاف حول فوائد هذا النموذج في البداية. حيث كان عبء الضرائب على المواطنين الأمريكيين منخفضًا للغاية، كما اعتمد نظام العملة على كميات ثابتة من الذهب والفضة. كذلك كان تعريف حق الملكية الخاصة واضحًا وحُدد حق الدفاع عن النفس كحق أساسي لا يجوز المساس به. وهو ما دل على نجاح نموذج الحكومة المحدودة في إنشاء مجتمع أكثر حرية وازدهارًا.
من الضروري تحقيق أن السلطة المطلقة التي تسعى إليها أي حكومة -سواء كانت ملكية أو ديمقراطية- تعتمد في الأساس على القبول الشعبي وليس على القوة المادية القصوى. فوكلاء الحكومة لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من إجمالي عدد السكان الخاضعين لسلطتها. وهذا يعني أنه من غير الممكن عمليًا على أي حكومة فرض إرادتها على الجماهير دون توافر دعم شعبي واسع وتعاون طوعي من قبل المجتمع غير الحكومي.
من الضروري المحافظة على ذاكرة الماضي الانفصالي للولايات المتحدة الأمريكية حيًا، وما يهم أكثر من ذلك هو دراسة الدروس المستفادة من نجاح الثورة الليبرالية الأولى مقارنةً بالمحاولة الفاشلة اللاحقة. ففي حين تعقدت القضية بسبب مشكلة العبودية، إلا أن تجنب الثورة الأولى للأخطاء التي أدت إلى فشل الثانية كان سبب نجاحها. ومن الضروري أيضًا استخلاص الدروس بشأن دور القيادة ومدى استعداد الشعب للتغيير، وكيفية التعامل مع القضايا الاجتماعية المعقدة، من خلال مقارنة تلك التجربتين.
————
*عائشة بوزرار/ باحثة في الإعلام (جامعة ابن طفيل-القنيطرة).
*المصدر: التنويري.