النُّشُوء والارْتِقَاء عند إخوان الصفا وخلَّان الوفا
المُقدمة
سنقوم أولًا على التمييز بين نظريَّة “التَطَوُّر Evolution” و”الداروينيَّة Darwinism”، ثم ننعطف قليلًا إلى تاريخ التَطَوُّر لنتفحصه بنظرة خاطفة بُغية العثور على جذوره السحيقة، وذلك في القسم الأول، أما عن الآخر فنسرد فيه الحديث عن التَطَوُّر أو النُّشُوء والارْتِقَاء لدى جماعة إخوان الصفا وخلَّان الوفا، وهذا هو المَغْزَى الرئيس من المقال، حيث نبحث فيه عن الكيفية التي نشأت بها نظريَّة التَطَوُّر عندهم، وإمكانيَّة البرهنة عليها في ضوء رسائلهم، وكذلك في مدى ارتباط ما تبيَّن لنا على ما هو مُتوافر فعليًّا في الدراسات العلمية الحديثة والمُعاصرة.
أولًا: ما بين “التَطَوُّر” و”الداروينيَّة”
بَادِئَ ذِي بَدْءٍ، يجب التفرقة بين نظريَّة “التَطَوُّر Evolution“ و”الداروينيَّة Darwinism“، حيث إن الأولى أَعَمُّ وأشْمَلُ، علاوة على ذلك، فهي ضاربة بجذورها في القدم، وباختصار: تنص على أن الحَيَوانات والنَّباتات على اختلاف أنواعها التي لا تُحصى، تنحدر من أصل واحد أو سلف مُشترك، وكذلك الجَمادات بما تنطوي عليه من جُزْئيَّات وذرَّات، وعناصر، وعوالم تعود إلى أصل واحد؛ فالتَطَوُّر قانون يسري على عوالم الطبيعة المُختلفة، ويُفصح عن الصَّيْرورة التي تشمل الحَيَوانَ والجَمادَ([1]). من جهة أخرى، التَطَوُّر غير هادف، أي: لا يسبقه تخطيط لغاية، على النقيض من التَقَدُّم، وهو لا ينطوي في ذاته على فكرة التَقَدُّم أو التَّقَهْقُر، ولَكِنَّه يعبِّر فقط عن التحولات غير المحسوبة([2]).
أما عن “الداروينيَّة” فهي لحظة في تاريخ التَطَوُّر، لَكِنَّها لحظة فارقة غَيَّرَت من رُؤية الإِنسان لذاته وللوُجُود على غِرار اللحظة “الكوبرنيكوسية“، وهي تُشير إلى أن الأنواع المُختلفة من الكائِنات ينشأ بعضها من بعض، فتعود إلى أصل واحد مُشترك أو بِضعة أُصول، ويجري ذلك على مَدار أَزْمِنة مَديدة، استنادًا إلى آلية “الانتِخاب الطبيعي Natural selection“، التي تخلو من غاية([3])، بمعنى آخر: أنها تختلف عن نظريَّة “التَطَوُّر” من حيث اعتمادها على آلية “الانتِخاب الطبيعي“، وتلك الأخيرة تعمل في مُقابل مذهب “لامارك Lamarck” و”سبنسر Spencer” الذي يُشير إلى أن التَحَوُّلَ الذي يَطرأَ على الأنواع قائم على التَكَيُّف عن طريق المُمارسة والوِراثة([4]، [5])، ويُمكننا اختزال المذهب “الدارويني” في أربعة مُنطلقات، هي:
- تنازع البقاء.
- تكوُّن التباينات أو تغيُّر الأفراد.
- انتقال هذه التَغَيرُّات في النسل بالوِراثة.
- انتخاب الطبيعة للمُتغيِّر من هذه الأفراد الذي يكون فيه بعض الأفضلية، وهذا الانتِخاب يَحصُل بواسطة “تنازع البقاء“([6]).
ولم تقف “الداروينيَّة” عند هذا الحد، بل خرجت من تحت عَباءتها “داروينيَّة مُحايدة Neutral Darwinism“ وما يُعرف الآن بـ“الداروينيَّة الجديدةNew Darwinism “([7])، وتلك الأخيرة استُخدِمت اصطلاحيًّا لأول مرة عام 1895 من قِبل “أوغست وايزمان August Weismann“ و”ألفريد والاس Alfred Russel Wallace“، وذلك للإشارة إلى أن التَطَوُّر بالنسبة للداروينيَّة الحديثة يتم عن طريق آلية “الانتِخاب الطبيعي” بمعزل عن أي آلية أخرى في تلك العملية، مثل آلية “اللاماركية” التي تنص على وراثة الخصائص المُكتسبة([8])، ويُعد “ريتشارد دوكينز Richard Dawkins” أحد أنصار “الداروينيَّة الجديدة الأرثوذوكسية Orthodox Darwinism“، بل ومُدافعًا شرسًا عنها، فيعتقد أن التَطَوُّر الدارويني لا يتصرف بعشوائية لأنه محكوم بالانتِخاب الطبيعي، الذي وصفه بصانع “الساعات الأعمى”، لأنه على الرغم من دقة صَنيعه فإنه لا يتطلع إلى غاية مُستقبلية([9]).
أما في نُسخة “التركيبية الحديثة Modern Synthesis“ فيجري الربط بين النظريات الداروينيَّة السابقة في الانتِخاب الطبيعي والنظريَّات الوِراثية التي قال بها “جريجور مندل Gregor Mendel“؛ فعلماء الوِراثة الذين قاموا بدراسة مَيْدانية ومَعْملية ديموغرافية، استخلصوا نتائج في ذلك الحقل تُفيد بأن الوِراثة المندلية تتفق مع الانتِخاب الطبيعي والتَطَوُّر التدريجي([10]).
ثانيًا: تاريخ التَطَوُّر
2. 1 الزمن الهيليني
بدأت تجلِّيات نظريَّة التَطَوُّر مع بداية ظهور الفَلْسَفة عند قُدَمَاءِ الإغريق على أيدي فلاسفة إيونية “علماء الطبيعة الأوائل“، مثل: “فيثاغورس، وهرقليطس، وأمبدوقليس، وطاليس“، وذلك الأخير هو بمَنزلة الأب الشرعي للفَلْسَفة، كما أنه أول من قال بعنصر “الماء” كمبدأ أول للوجود؛ وذلك لأن الماء سهل التشكُّل، وله خصائص مُختلفة([11]، [12])، وتبعه في ذلك تلميذه “أنكسماندر“، وقام على تَطوير تلك الرُّؤية أكثر، حتى توصَّل إلى أن البشر تَطوروا من الأسماك أو الأشكال السمكية، فبالنسبة له تخلَّصت الأسماك من جِلدها المُتقشر، وانتقلت إلى اليابسة.
أما “أمبدوقليس” فكان بمَنزلة الْعَرَّابِ للمذهب الطبيعي التَطَوُّري، الذي رأى أن “الصدفة” وحدها كانت مسؤولة عن العملية الكاملة لتَطور المادَّة البسيطة إلى البشرية الحديثة، وخلص إلى أن التوليد التلقائي يُفسر الحياة بشكل كامل، وأشار إلى أن جميع أنواع الكائِنات الحَيَّة تَطورت تدريجيًّا من خلال عملية إعادة تركيب أجزاء الحَيَوانات عن طريق التَجْرِبة والخطأ، والأعجب أنه كان يؤمن بالانتِخاب الطبيعي بوصفه آلية أساسية للتَطَوُّرَ، فالأصلح هو الأكثر احتمالية للعيش على قيد الحياة لتمرير سِماته إلى نسله([13]).
وعن “أرسطو”، فقد عمِلَ على دراسة منهجية حول تَكاثُر الحَيَوانات، وعلم الأجنَّة، والتصنيف، والتَطَوُّر، ولديه في علم الحَيَوانِ عشرة مُجلدات تحت اسم “جيل الحَيَوانات Generation of animals“، تشمل تلك المُجلدات تاريخ الحَيَوانات، واستند فيها إلى مُلاحظته الخاصة بالنسبة للحَيَوانات غير الموجودة في اليونان، وكان “أرسطو” يرى أن كل الكائِنات موجودة في تسلسل، يترتب بعضها فوق بعض، من الأدنى إلى الأرقى، ولكن في تَطَوُّرَ ذهني غير عُضوي([14]).
2. 2 الطاوية والهندوسية
“ليس له وجود مادي، ولكنه الأساس المُجرد للوجود“.. ذلك هو “الطاوو“؛ فعلى مُستوى الزمان يُمثل الماضي والحاضر والمُستقبل لكل الوجود، وعلى صعيد المكان يُمثل كل تَطَوُّرَ ويشتمل على تحولات السماء والأرض والإِنسان، فهو أصل الوجود وتَطَوُّرَ الطبيعة والإِنسان، وله الأسبقية على كل شيء، هو مُنتشر في كل مكان، وهو الوجود واللاوجود، فلا يوجد ثَبات للكائِنات الحَيِّة، ولذلك فالطبيعة تؤدي دورًا محوريًّا في الاستجابة للتغيُّرات التي تطرأ على الكائِنات([15]). يُصرح الحكيم الطاووي “تشوانغ تسي” قائلًا: “من بين الأنواع المُختلفة، هناك كائن حي دقيق ينتشر في الماء، ليُصبح طُحلبًا على المُسطح المائي، ويُصبح موز الجنة في المُرتفعات، يحيا عُشب yangxi مع الخيزران الذي لم يعد ينبُت، والذي يلد حشرة باسم qingning، والتي بدورها تلد النمر، والذي بدوره يلد الحِصان مرة أخرى، والذي بدوره يلد الرجل، الرجل بدوره يعود إلى الكائِنات الحَيَّة الدقيقة، كل شيء في العالم يأتي من كائن دقيق ويعود إليه”([16]). وبتأمُّل ذلك النص مع ما ذُكِر مُسبقًا في تعريف “التَطَوُّر“، يتضح جليًّا التطابق مع المعنى الذي يقول إن “التَطَوُّر يعبِّر فقط عن التحولات غير المحسوبة”؛ فهو لا ينطوي على فكرة التَقَدُّم أو التَّقَهْقُر.
أما عن “الهندوسية” ففي “الأوبيشناد“([17]) الأقدم، يُحل لُغْز الحياة عن طريق افتراض مبدأ الحياة عبر “اللاهوت السلبى Via negative“ الذي يتغلغل في الكون بأسره، ويُسمى مبدأ الحياة أو “الوعي الصافي“، يجري ذلك بواسطة الاعتراف بأن الحياة لا يُمكن أن توجد من دون وعي، وأن الوعي في حد ذاته لا يُمكن تفسيره، فهو أساس الحياة والتَجْرِبة النوعية “الواحد يتنفس بلا ريح ويعتمد على نفسه، كان هناك ذلك الشخص آنذاك، ولم يَكُن هناك آخر معه“. يُقصد بذلك “البرهمان“([18]) الذي لا ثاني له، ومنه أتى كل شيء، الأشكال الحَيَّة وغير الحَيَّة، والتي هي مظهر من مظاهر الواحد؛ فهو “الأصل المُشترك”. إن النفوس تُعطَى مع الكون، وإن التَطَوُّر أو بِناء الكون يتعايش مع تطور الكائِنات الحَيّة “كمُركب الجسم والعقل“، والأرواح تتطور من أشكال الحياة الدنيا إلى أشكال الحياة العليا، بناءً على مبدأ “الكارما“([19]، [20]).
2. 3 العصر الإسلامي الوَسيط
2. 3. 1 مسكويه
لقد اهتم “مسكويه” بقضية التَطَوُّر، وبالأخص المعرفي، ولقد أفرد لموضوع التَطَوُّر كِتابيه “تهذيب الأخلاق” و”الفوز الأصغر“، وهذا الأخير تَحدث في الفصل الثالث منه عن مَراتب النبوة بالقياس إلى المَراتب الأدنى منها؛ فطالِب المَعْرِفة إذا ارتحل من أفق معرفي إلى آخر، كان ذلك بمَنزلة انتقال من مَرتبة إلى أخرى حتى يلتحق بالعلوم الشَّريفة المكنونة، وبدايتها تكون بالمنطق، وتنتهي بالعلوم الإِلهيَّة، حتى يصل المُريد إلى منطقة يتوسط فيها بين الملأ الأعلى والملأ الأسفل، فيكون بين منزلة من يتطور في المعارف ومن ينهل من الفيض الإلهي، لعله يقتبس منه فيضًا فيكون حكيمًا تامًّا، أو إلهامًّا فيصبح نبيًّا مُؤَيَّدًا([21]).
أما عن الكائِنات الأخرى فيرى “مسكويه” أن الجَماد يتحول إلى نَبات؛ لأن صورته أفضل من الجَمادات، وتفوقه نابع من “حركة النفس” فيتحرك ويتغذى، وللنَّبات أيضًا ثلاث مَراتب يتدرج فيها، حتى إذا وصل إلى الأفق الأخير تحوَّل إلى حَيَوان([22]، [23])، وكذلك للحَيَوانات مَراتب، وتنال شرف المَراتب عن طريق “الحواس“، بدايةً من المخلوق الذي يعتمد على حاسة واحدة حتى تنتهي للكائن مُتعدد الحواس([24])، والرُّتبة الأولى من الحَيَوانات هي الأقرب إلى الرُّتبة الأخيرة من النَّبات، أو كما نَقول حلقة انتقالية([25])، وكما ذكرنا سلفًا فإن الإِنسان يتَطور عقليًّا عند “مسكويه”، وهو أشرف الكائِنات، ولكن يوضح لنا أن المرحلة التي تسبق الإِنسانية هي مرحلة القِردَة وأشباهها([26]).
2. 3. 2 الجاحظ
أما عن “الجاحظ” فهو لم يتحدث عن مفهوم التَطَوُّر مُباشرةً، وعوضًا عن ذلك استخدم كلِمات من قبيل “قلب“، أو “نقل“، أو “مسخ” للدلالة على تحول الكائِنات من حال إلى آخر. وصرَّح “الجاحظ” بدور البيئة والوراثة في ذلك الصدد، كما تكلم عن التهجين، بجانب تحدُّثه عن أُصول بعض الحَيَوانات([27]، [28])، وأشار أيضًا إلى نظريَّة مُهمَّة، هي “التولد الذاتي أو التلقائي“، وأن هُناك كائِنات حَيَّة تولدت من مادة لا تحتوي على حياة، مثال على ذلك: خروج الضفادع من الطين([29]).
وفيما يخُص التصنيف عند “الجاحظ“، فقد قسَّم الكائِنات إلى أنواع ورُتب، مما قد يوحي بأن الكائِنات قد نشأت عنده بالتحوُّل أو التحوُّر، كل مَرتبة من مَرتبة أخرى سابقة عليها، ليس على غرار “داروين“، وإنما يستند في ذلك إلى أفضلية الكائِنات وأشرفها؛ فالجاحظ يُقسم الكائِنات “النامية” إلى: حَيَوان ونَبات، و”الحَيَوانات” إلى: ثدييات، وطيور، وأسماك، وزواحف. ويُقسم “الثدييات” إلى: إِنسان، وبهائم، وسِباع، وحشرات. وعلى جانب آخر، تُقسم الطيور إلى ثلاثة أنواع، كل نوع ينقسم إلى أنواع أخرى، وهناك المُشترك بين النوعين، وكذلك في الحَيَوانات. على صعيد آخر، نجد قسمة مُختلفة عنده للحَيَوانات لاعتبارات مُتنوعة؛ فمنها الفصيح مثل الإِنسان ومنهم الأعجم، وفي ذلك الصدد عقد “الجاحظ” مُقارنات بين الإِنسان وبعض الحَيَوانات، مثل “القرد والفرس“، وبين الإِنسان وبعض الطيور مثل “الحمام“؛ وذلك لبلورة أوجه التشابُه، سواءٌ كانت تلك المُقارنة من الناحية التشريحية أو النفسية، وذلك الأمر يُعد بمَنزلة برهنة على وحدة الخلق والخالق عنده([30]).
أما بالنسبة لجزئية تأثير البيئة في الكائِنات، فقد فَصَّلَ فيها تفصيلًا؛ فعلى سبيل المثال: تأثير “الألوان“، فالحَيَوانُ يُصبغ بلون بيئته، فإن كانت سوداء أصبح أسود اللون، وإن كانت خضراء فيميل إلى الخضار([31]، [32])، كما تؤثر البيئة في شكل الإِنسان الخارجي فيُصبح كالقرد في مظهره، أو يُصبح له ذنَب كالحَيَوانات، إذا عاش في بيئة سيئة المناخ، كما أن للبيئة تأثيرًا في طبائع البشر، ويستدل بذلك على العرب، الذين كانوا أعرابًا ثم انتقلوا للعيش في “خراسان” فتبدلت طبائع البادية لديهم، ومثل ذلك الزنوج والترك. وأشار “الجاحظ” أيضًا إلى تأثير العوامل الوِراثية في الكائِنات([33])، كما عبَّر عن مبدأ “التهجين“، وأشار إليه تارةً بـ”الخلق المُركب”، وأخرى بـ”النتاج المُركب“، أو بـ“الحَيَوانات المُشتركة”، ولاحظ “الجاحظ” أن الكائن المُهجن يأتي بخصائص أرفع من الأصل في بعض الأحيان.
وفيما يخُص التشابُه بين الإِنسان والقرد، قال الجاحظ بـ”التَطَوُّر الهابط” على خِلاف “داروين“، أي إن الإِنسان مُسِخ فأصبح شبيهًا بالقرود، وذلك التشابُه ليس فقط على مُستوى الشكل الخارجي، بل النفسية، والعامل في ذلك البيئة، سواء كانت التغير الذي تُحدثه دفعة واحدة أو على فترات زمانية مُتباعدة([34]، [35]).
2. 3. 3 ابن خلدون
أما “ابن خلدون“، فإن الآراء التي أتى بها تتشابه كثيرًا مع ما تنص عليه نظريَّة التَطَوُّر، وبالأخص النظريَّة “الداروينيَّة“؛ لأنها ذكرت ما يُسمى “التَطَوُّر التدريجي“([36])، فنجد عنده ما يُشير إلى وحدة الخلق وترابطه([37])، ونراه يقترب جدًّا مما ذكرناه عند “مسكويه” في بدايات المراحل الإنتقالية وأواخرها للكائِنات الحَيَّة مع اختلافات بسيطة([38]).
وقد نوه بأن الإِنسان جاء من عالم القِردة، وهذا الأمر ما كان لأهل العقائد أن يتقبلوه، لما فيه حط من مكانة الإِنسان ومركزيته([39]، [40])، و“التَطَوُّر التدريجي” عند “ابن خلدون” لم يُذكر وحسب، بل ثمة مُحاولة لتعليله من قبله، ولقد طبَّق تلك القاعدة على الأحداث الاجتماعية والتاريخية([41]، [42])، ولم يقف عند ذلك الحد؛ فعلى سبيل المثال: تحدث عن أثر التَطَوُّرِ التدريجي في فصل “انقلاب الخِلافة إلى المُلك”، وفي فصل “انتقال الدولة من البداوة إلى الحضارة”، وأشار إلى أن آثار أي طور لا تختفي فجأة، بل يترك ما يدل عليه في الطور الذي يعقُبه([43]، [44]).
ويُضيف أنه في بعض الأحيان تتبدل بعض الأمم تبديلًا كُليًّا، ولقد ربط هنا بين الأثر الذي تُحدثه طبيعة المناخ وشكل الإِنسان، على سبيل المثال: العلاقة بين الأماكن الحارة والصِّبغة السوداء([45])، فالأقاليم المُعتدلة تؤثر في أهلها، فتُصبح ألوانهم وأجسامهم وأخلاقهم وديانتهم مُعتدلة، وتكثُر فيها المُدن والأمصار، وتنهض بها العلوم والصنائع والمِلل والشرائع، أما الأقاليم المُنحرفة، فهي قليلة العُمْرَان، وطِباع أهلها أقرب إلى الحَيَوانات العجم منهم إلى الإِنسان، لا يؤمنون بنبوَّة ولا يدينون بشريعة، وفي الكهوف والغياض يسكُنون، ملابسهم من أوراق الشجر والجلود، وبنيانهم من قصب وطين، فإن شدة الحرارة تؤثر في جلودهم فتسود، على حين أن العكس يحدُث مع البرودة، فالجلود تبيض وتتبعها زرقة الأعين، وبرش([46]) الجلود وصهوبة([47]) الشعور، وإذا ما حدث أن انتقلت جماعة من السودان إلى إقليم مُعتدل أو بارد، ابيضت ألوانهم تدريجيًّا والعكس لأهل الشمال([48]).
ثالثًا: التَطَوُّرُ عند إخوان الصفا وخلَّان الوفا
في ذلك القسم من المَقَال، نتناول بشكل رئيس احتمالية وجود ما يُمكن تسميته التَطَوُّر عند إخوان الصفا، وذلك بالتنقيب عن الأدلة التي تُعزز ذلك التَوَجُّه في الوارد من رسائلهم، وفي خضم ذلك نرى مدى توافق ما أتوا به مع ما جاء به التَطَوُّرُ في الحِقْبةِ الحديثة والمُعاصرة، وإبان ذلك نجتهد قدر المُستطاع في الإجابة عن بعض الإشكاليات التي يُحتمل مُواجهتها، على سبيل المثال: هل نظريَّة المَعْرِفة عند إخوان الصفا كان لها تأثير في نظريَّة النُّشُوء والارْتِقَاء عندهم؟ هل ما صرحوا به يندرج تحت أفكار التَطَوُّرِ، أم شيء آخر؟ وهل يُمكن أن يكون “تشارلز داروين” قد اطَّلع بشكل أو بآخر على بعض أفكار إخوان الصفا؟
3. 1 تأثير نظريَّة المَعْرِفة الصفائية في نظريَّة النُّشُوء والارْتِقَاء
يؤمن إخوان الصفا بالثنائية في المَعْرِفة، أي إنهم جمعوا بين المَعْرِفة الحسية “الكسبية” القائمة على التَّجْرِبة([49])، وذلك فيما يخُص العالم المادي، وتكون تلك المَعْرِفة عن طريق التدرج بدايةً من الحواس، مُرورًا بالعقل، ثم في الخِتام البُرهان، وهذا الأخير مُقدَّم على أسلافه في رُتبة الشرف، وعند استيفاء تلك المَراحل، ينتقل الإِنسان إلى المَعْرِفة “العِيَانِيّة” أو اللَّدُنِّيّة (مِنحة إِلهيّة)، التي تخُص العالم الميتافيزيقي، وتكون مُباشرة، أي: غير مُكتسبة، وهي سيدة على المعارف الكسبية التجريبية، تُصيب الأنبياء وحيًا، أو الأولياء إلهامًا، فماهيَّة الأشياء التي نود معرفتها هي التي تُحدد السُّبل المُؤدية إليها، بمعنى آخر: الإِنسان العارف عند إخوان الصفا إِنسانان: “مادي ومثالي“، وبالمفهوم الكانطي: مَعْرِفة إخوان الصفا مَعْرِفة “تحليلية تركيبية“، تكتمل بها المَعْرِفة الحَقَّة([50]، [51]).
وبالنظر إلى ما تقدَّم، يزول العجب حينما نرى إخوان الصفا يقومون على تقديم نظريتين في “الخلق“، بُغية التوفيق بين العقائد الدينية والاجتهادات الفلسفية؛ فالأولى – كما أشرنا – مُرتبطة بالدين، وهي تنص على ما يُسمى الخلق المُستقل لبعض الكائِنات، فتُشير إلى أنه منذ البدء كان يوجد الذكر والأنثى([52])، من الأسود، والفيلة، والخيل، والنعام، وما إلى ذلك([53])، وكذلك مع الرؤية القرآنية القائلة: إن الله خلق آدم وحواء من طين، وكانا من سكان الجِنان([54]، [55]). من ناحية أخرى، نستطيع القول: إن تطوُّر الأمور الروحانية الإِلهيّة في السلسلة الوجودية “ما وراء عالم الطبيعة” يبدأ عند إخوان الصفا من الأعلى بالقرب من العلة الأولى إلى الأدنى، وفي تلك الحالة لا يحتاج التَطَوُّرُ إلى زمن طويل لأن الحوادث تسير في لمح البصر([56]، [57])، أما عن نظريَّة إخوان الصفا الخاصة بهم، فهي التي تُعبر عن التَطَوُّرِ، وهي كذلك محور حديثنا في هذا المقال، وسنتعرض لها في الأجزاء التالية بالتفصيل.
3. 2 النُّشُوء والارْتِقَاء من الأدنى إلى الأعلى
إن كانت نظريَّة الخلق الأولى في عالم “الميتافيزيقا” تقوم على التَّطَوُّر بشكل “نكوصي“، من الأعلى إلى الأدنى، والمُبتدأ فيها أشرف من المُنتهى لقُربه من العلة الأولى، وأمورها تسير دفعة واحدة بأمر “كن فيكون”، فنظريَّة الخلق الأخرى لعالم “الفيزيقا” على خلاف ذلك، فالتَّطَوُّر يسير فيها من الأدنى إلى الأعلى، والمُبتدأ فيها أقل شرفًا من المُنتهى لبُعده عن العلة الأولى، وأمورها تسير بالتدريج على مدار أزمنة مديدة، فيقول إخوان الصفا في ذلك: “واعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، بأن الباري، جل ثناؤه، لما أبدع الموجودات واخترع الكائِنات، جعل أصلها كلها من هيولي واحدة، وخالف بينها بالصور المختلفة، وجعلها أجناسًا وأنواعًا مختلفة متفننة متباينة، وقوَّى ما بين أطرافها، وربط أوائلها وأواخرها بما قبلها رباطًا واحدًا على ترتيب ونظام لما فيه من إتقان الحكمة وإحكام الصنعة لتكون الموجودات كلها عالمًا واحدًا منتظمًا نظامًا واحدًا وترتيبًا واحدًا لتدل على صانع أحد”([58]، [59])، ونلاحظ هنا رد الموجودات جميعها إلى مبدأ أول: “الهيُولى“([60]) أو الجسم المُطلق.
ويُقسم إخوان الصفا الكائِنات على نحو رياضي؛ فالطبيعة عندهم كالمُتتالية الحِسابية مُتصل بعضها ببعض، هناك عُنصر أول وتحته فئات، وكل فئة تنقسم إلى ما لا نهاية حتى يصعُب على الإِنسان حصرها والتكهن بمُستقبلها النهائي([61])، وكل فئة منها ما هو أدنى، وهو كما أسلفنا “المُبتدأ“، ومنها ما هو أعلى سلم التَّطَوُّر (المُنتهى)، وتلك التصنيفات موضوعية (فرضية) ليست طبيعية، مثلها مثل الأعداد([62]، [63])، وسنأتي على ذكر تلك العناصر ومراتبها من الأدنى إلى الأعلى ابتداءً من المَعَادِن.
وبالنظر إلى ما ذُكِر، وبغض الطرف عن المبدأ الأول في النظريات الحديثة والمُعاصرة، وأيهما أسبق وأجدر بلقب “أصل الأشياء“، المادة أم “طاقة الجاذبية” التي تحولت بالتدريج إلى مادة، ثم بعد ذلك نشأت الكائِنات هي الأخرى بالتدريج([64])، فبحسب “داروين” فإن جميع أشكال الحياة مُرتبط بعضها ببعض؛ لأنه باستثناء الكائِنات الحية الأولى، يُمكن للكائِنات أن تتطور فقط من كائِنات موجودة سلفًا، على وجه التحديد، طرح “داروين” خمس فرضيات ودافع عنها بشدة حول أصل الأنواع، وهي كالآتي([65]):
- تطورت الحياة كلها من كائن واحد أو عدد قليل جدًّا من الكائِنات أحادية الخلية البسيطة.
- جميع الأنواع اللاحقة تتطور من الأنواع الموجودة مُسبقًا.
- كلما زادت أوجه التشابه بين الأصناف، زاد ارتباط بعضها ببعض وقصر زمن الاختلاف التَّطَوُّري.
- العملية التي تؤدي إلى ظهور الأنواع هي عملية تدريجية وطويلة الأمد.
- الأصناف الأعلى (الأجناس، والعائلات… إلخ) تتطور بالآليات التَّطَوُّرية نفسها، مثل تلك التي تؤدي إلى ظهور أنواع جديدة.
3 .2. 1 المَعَادِنُ
والمَعَادِنُ عندهم أسبق على كل الكائِنات الحية: النَّبات، البهيمة، الإِنسان.. وتحت المَعَادِن يُدرج ما هو أحقر منزلة، “فمنها ما هو في أدون المراتب، ومنها ما هو في أشرفها وأعلاها، ومنها ما هو بين الطرفين، فأدون أطراف المَعَادِن مما يلي التراب الجص والزاج وأنواع الشبوب…”، ومن المَعَادِنُ ما هو شريف، وهو الذي يتصل بأولى مراتب النَّبات، ومن النَّبات ما يقع ما بين الأحقر والأشرف “والطرف الأشرف الياقوت والذهب الأحمر، والباقي بين هذين الطرفين من الشرف والدناءة، كما بيَّنَّا في رسالة المَعَادِن”([66]، [67]).
3. 2. 2 النَّبات
يُقسَّم النَّبات على النحو نفسه الذي قُسمت به المَعَادِنُ، منه ما هو أدنى “وهكذا أيضًا حكم النَّبات؛ فإنه أنواع كثيرة متباينة متفاوتة، ولكن منه ما هو في أدون الرُتبة مما يلي رُتبة المَعَادِن، وهي خضراء الدِّمن..”، ومنها ما هو أشرف، وهو الذي يكون بالقُرب من المرتبة الحَيَوانية “ومنها ما هو في أشرف الرُتبة مما يلي رُتبة الحَيَوان، وهي شجرة النخل، وبيان ذلك أن أول المرتبة النباتية وأدونها مما يلي التراب هي خضراء الدمن، وليس بشيء سوى غبار يتلبَّد على الأرض والصخور والأحجار، ثم تصيبه الأمطار وأنداء الليل، فيصبح بالغد كأنه نبت زرع وحشائش، فإذا أصابه حر شمس نصف النهار جف، ثم يصبح من غدٍ مثل ذلك من أول الليل وطيب النسيم، ولا تنبت الكمأة ولا خضراء الدمن إلا في أيام الربيع في البقاع المتجاورة لتقارب ما بينهما؛ لأن هذا معدن نباتي، وذلك نَبات معدني”([68]، [69]، [70])، ويجدر بنا الإشارة وتأكيد فكرة التوسط؛ فعلى سبيل المثال: “النخل“، يُضرب به المثل من قِبل إخوان الصفا على أنه مرحلة انتقالية؛ لذلك فهو من جهة يحمل صفات النَّباتات ومن جهة أخرى يحمل الصفات الحَيَوانية.
أما بالنسبة لإخوان الصفا وما يتعلق بالنظريات العلمية الحديثة والمُعاصرة، فيُمكننا القول من الآن فصاعدًا: “إنه كلما زاد التعقيد في الكائِنات، دل ذلك على تطورها”، فعلى الرغم من الاختلافات الظاهرية بين ما أتى به إخوان الصفا وما أتى به العلم الحديث، فإن فكرة التَّطَوُّرِ من الأبسط إلى الأعقد، مرورًا بالحلقات الانتقالية، قائمة بين الوجهتين، فيقول إخوان الصفا عن الأشجار التامة: “واعلم أن من الشجر ما هو تام كامل، وما هو ناقص غير كامل من الأشجار ما كان له هذه التسعة أجزاء، وهي الأصل، والقضبان، والفروع، والورق، والنور، والثمر، واللحاء، والصمغ…”، ثم الزيادة أو النقصان في إحدى تلك الصفات يُعد دليلًا على بدائية النَّبات أو تطوريته، والدليل على ذلك قولهم: “والناقص منها ما ينقص واحدة من هذه الأوصاف أو أكثر…” فما بين الحد الأدنى (خضراء الدمن) والأقصى (النخل) من النَّباتات حلقات في سلسلة التَّطَوُّر، ولم يقفوا عند ذلك الحد، بل قالوا إنه حتى الأشجار التامة تتدرج في تمامها “واعلم أن الأشجار التامة ما هي أتم وأكمل من بعض، وتتفاضل في ذلك من جهات عدة”([71]).
أما من ناحية العلم الحديث، فيُعتقد أن الحد الأدنى (الطحالب الخضراء Charophytes) هي التي تطوَّرت منها النباتات، فـ”النَّباتات الطحلبية أو اللاوعائية Bryophytes “ يُرجح أنها أسبق من “النَّباتات الوعائية Tracheophytes“لدنو خصائصها التركيبية، وتلك الأخيرة مرت بتطورات ثلاثة، وأول تحول كان في “العصر الديفوني Devonian period“، فكانت النَّباتات الوعائية أكثر بساطة قبل ذلك التحول، حتى وصلنا إلى “النباتات المزهرة Flowering plants” ذات الجنسين، التي ملكت الأرض، فرأيناها في كل بُقعة فيها. على أي حال، هناك العديد من الأحداث ما بين السطور، ولكن أردت فقط التلميح لمبدأ التَّطَوُّر، وتَطَوُّر المُتطوِّر في النباتات، بين إخوان الصفا والعلم الحديث([72]، [73]).
ولنطويَ صفحة النَّباتات عند إخوان الصفا وعلاقتها بالعلم الحديث، يجب أن ننوه بمرامي تلك الجماعة نحو الجزئية الوراثية؛ فيشير إخوان الصفا إلى فكرة الصفات المُتوارثة للنَبات، فيقولون بهذا الصدد: “فلا يجد شيئًا منها يخرج عن صورة جنسه أو يتجاوز عن أشكال نوعه، وذلك أنه ما رُئيت قط ورقة زيتون خرجت من شجرة جوز، ولا حبة شعير خرجت من سُنبلة حنطة”([74]). والقصد من هذا، هو الإشارة إلى اقتراب إخوان الصفا من “النظريَّة التركيبيَّة الحديثة” التي تجمع بين الرؤية “المندليَّة” في الوراثة والرؤية “الداروينيَّة “في التَّطَوُّر، فلم يكتفِ إخوان الصفا بالتَّطَوُّر، بل دمجوا معه فكرة الوراثة.
3. 2. 3 الحَيَوانُ
أما عن الحَيَوانِ فأدنى مرتبة على تماس بمرتبة النَّبات، وأعلى مرتبة فيه على تماس مع الإِنسان، وكلما ازدادت حواس الحَيَوانِ ازداد شرفه على ما سبقه، فلا يستوي مَن له حاسة واحدة والذي هو مُتعدد الحواس، والحَيَوانُ يتغذى على النَّبات؛ لذلك هو أشرف منه، والجدير بالذكر أن حَيَوان البحر نجده أسبق زمنيًّا من حَيَوان البر([75])، أما الرُتبة الأخيرة فهي التي تقترب من الإِنسان وتتميز بالجسد التام أو الصورة الكاملة وتكون فيها الأعضاء مُركبة، ومنها ما يقترب من الإِنسان على المستوى البدني، ومنها ما يُشبهه على الجانب النفسي([76]).
فإخوان الصفا قالوا بقُرب النحل، والطائر، والفيل، والفرس من الإِنسان، بجانب عُلُوها في مَراتب الحَيَوانية. أما عن الناحية العُضوية البيولوجية، فتوجد شُبهة اقتراب من “النُّشُوء والارْتِقَاء” في أن الإِنسان أقرب جُسمانيًّا إلى القِرد، ولكن ليس على غرار “داروين” أنهما من أصل مُشترك([77])، ولكن على أي حال فيما نرى اقتراب من وجهة نظر العلم الحديث في قضية أخرى، وهي أنه كان لإخوان الصفا السبق في عدم النظر إلى التَّشَابهات الظاهرية على أنها بالضرورة مُؤدية إلى التَّشَابهات الجوهرية بين البشر وبعض الكائِنات، كمثال القِرد.
وهناك دراسات علمية حديثة تقوم على تعزيز رؤية إخوان الصفا لذلك الأمر؛ فالتشابه بين بعض الطيور والإِنسان من حيث إنهما يتشاركان عشارات الجينات التي تُسهم في التعلم الصوتي، والتي بدورها تُعزز الكلام البشري؛ فهي نشطة عند بعض الطيور المُغردة، فاللغة المُعقدة ينفرد بها الإِنسان، أما عن تعلم أصوات جديدة من خلال تقليد الأصوات، فهناك عدة كائِنات تُشارك الإِنسان في ذلك، مثل “الطيور المُغردة“، التي تمتلك دوائر دِماغية مُتخصصة في التعلم الصوتي شبيهة بالتي تعمل وسيطًا في الكلام البشري، مما يعني أن التشابه ليس بالأمر السطحي، وهناك “الطيور الطنانة، والببغاوات“، والأدهش قدرة ذلك الأخير، وبالأخص الببغاوات “الأفريقية الرمادية”، ليس فقط فيما يتعلق بالتقليد بل أيضًا تصنيف الأشكال والألوان وربط بعضها ببعض([78]). على صعيد آخر، أفادت بعض الدراسات الحديثة بأن الفيل يحتوي على ذاكرة طويلة المدى واسعة النطاق، حيث إن الأفيال تتمتع بذاكرة زمانية مكانية جبارة، وذلك ما لوحِظ عبر التَّجْرِبة؛ فالأفيال قادرة على سير مِئات الكيلومترات من أجل الطعام من دون أن تُخطئ، كما أن لدى الأفيال ذاكرة اجتماعية قوية، بحيث إنها قادرة على تمييز عشرات الأصوات عن بُعد، يرجع ذلك إلى الخلايا العصبية القشرية غير الجسدية التي تُسهِم في عمليات العقل المذكورة، التي تتشابه فيها مع الإِنسان([79])، فإن عقل الفيل بالغ التعقيد مثله مثل عقل الإِنسان([80]، [81])، ومُقارنة أخيرة في ذلك الصدد، هي تشابُه أعضاء الخنازير مع أعضاء الإِنسان؛ لذا تُعد الخنازير المُساهم الأفضل والأكبر في عمليات زرع الأعضاء أكثر من غيرها من الحَيَوانات المُرشحة لذلك الأمر أيضًا مثل الشمبانزي؛ فعلى سبيل المثال: توجد إمكانية لزرع خلايا البنكرياس المُنتجة للإنسولين من الخنازير المُعدلة جينيًّا داخل جسد الإِنسان المريض؛ وذلك نظرًا لأن الخنزير يتشابه مع الإِنسان على المستوى الجيني “أي: في الجوهر”، مما يُتيح الفرصة لأخذ الخنزير نموذجًا تجريبيًّا في مُحاولة لمُقاومة الأمراض التي قد تُصيب البشر([82]).
3 .2. 4 الإِنسان
إن أدنى مرتبة إِنسانية هي التي لا تتعامل إلا مع ظواهر العالم المادي؛ لذلك تحيا في الدنيا كالبهائم والأنعام، لا تكترث لمَعْرِفة ولا ارْتِقَاء، فعلى الرغم من ظاهرهم البشري فإن تركيبهم النفسي أقرب ما يكون إلى الحَيَوانات، فلا يشغل نفوسهم سوى الأكل والجنس وجمع الأموال؛ ولذلك يقول فيهم إخوان الصفا: “اعلم يا أخي أن أول مرتبة الإِنسانية التي تلي مرتبة الحَيَوانية هي مرتبة الذين لا يعلمون من الأمور إلا المحسوسات، ولا يعرفون من العلوم إلا الجسمانيات، ولا يطلبون إلا إصلاح الأجساد، ولا يرغبون إلا رتَب الدنيا، ولا يتمنَّون إلا الخلود فيها، مع علمهم بأنه لا سبيل لهم إلى ذلك، ولا يشتهون من اللذَّات إلا الأكل والشرب مثل البهائم، ولا يتنافسون إلا في الجِماع والنِّكاح كالخنازير والحمير، ولا يحرصون إلا على جمع الذخائر من متاع الحياة الدنيا، ويجمعون ما لا يحتاجون إليه كالنمل، ويحبون ما لا ينتفعون به كالعقعق، ولا يعرفون من الزينة إلا أصباغ اللباس كالطواويس، ويتهارشون على حطام الدنيا كالكلاب على الجيَف.. فهؤلاء، وإن كانت صورهم الجسدانية صورة الإِنسان، فإن أفعال نفوسهم أفعال النفوس الحَيَوانية والنباتية، فأعيذك أيها الأخ البار الرحيم أن تكون منهم أو مثلهم، وإيانا وجميع إخواننا حيث كانوا في البلاد”([83]).
أما أعلى رُتبة، التي يمتدحها إخوان الصفا، فهي التي تعمل عكس الرُّتبة البشرية الأدنى، فتقوم على تزكية النفس لكي تلحق بالرُّتبة الملائكية “وأما رُتبة الإِنسانية التي تلي رُتبة الملائكة فهي أن يجتهد الإِنسان ويترك كل عمل وخلق مذموم قد اعتاده من الصبا، ويكتسب أضداده من الأخلاق الجميلة الحميدة، ويعمل عملًا صالحًا، ويتعلم علومًا حقيقية، ويعتقد آراء صحيحة، حتى يكون إِنسانَ خيرٍ فاضلًا، وتصير نفسه ملكًا بالقوة، فإذا فارقت جسدها عند الموت صارت ملكًا بالفعل، وعُرج بها إلى ملكوت السماء، ودخلت في زمرة الملائكة، ولقيت ربَّها بالتحية والسلام، كما ذكر الله، جل ثناؤه: “تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ”، وقال تعالى: “الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”، وقال تعالى: “لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ”، وقال: “وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ”، وآيات كثيرة من القرآن في هذا المعنى”([84])، وذلك التدرج الإنساني يتسق مع مذهبهم في “نظريَّة المَعْرِفة” كما أشرنا مُسبقًا، فأدنى المعارف هي التي تبدأ بالحواس، وأشرفها هي اللَّدُنِّيّة.
3. 3 داروينيَّة إخوان الصفا
هناك من ذهب إلى أن إخوان الصفا كانوا داروينيي القرن العاشر الميلادي من أمثال “ديتريصي Dieterici“ و“تي. جيه. دي بور T.J.DE Boer“، ودافعوا عن تلك الفكرة، نظرًا لما تقدَّموا به من ملامح عن نظريَّة النُّشُوء والارْتِقَاء، فيقول “تي. جيه. دي بور“: “ولا شيء أقل صوابًا من هذا الرأي، نعم، كانوا يذهبون إلى أن عوالم الطبيعة تؤلف سلسلة تصاعُدية مُتصلة الحلقات”([85])، مع الأخذ بعين الاعتبار بعض الاختلافات. ومن جهة أخرى، يذهب البعض على النقيض من هذا، بحجة أن كل ما في الأمر أن إخوان الصفا لهم نظريَّة في تدرج الأجسام المولدة، وأن أصل ما أتوا به هو مأخوذ من نظريَّة “أرسطو في سلم العالم“([86])، وهناك فروق واضحة بين الداروينيَّة والصفائيَّة، فالأولى تراتبيتها تبدأ من الأدنى وصولًا إلى الأعلى، على عكس إخوان الصفا فهي تبدأ من العالم العلوي وتنتهي بالعالم الطبيعي، بجانب أن المُبتدأ أشرف؛ نظرًا لقُربه من العلة الأولى (البارئ)([87])، في حين أن الداروينيَّة تجعل الأفضلية للأعلى من المُبتدأ. بمعنى آخر: هم شددوا على فكرة “الحلقات المُتصلة” في عملية الخلق عوضًا عن أن يكونوا في سعي وراء وضع نظريَّة في “النُّشُوء والارْتِقَاء” عن قصد([88]).
من وجهة نظرنا المُتواضعة، وبالنظر إلى ما تقدم في فقرة “1.3” وفقرة “2.3”، نستطيع أن نقول: إن سبب الاختلاف هو الاعتراف بآلية خلق واحدة في سلسلة الوجود الصفائية على حساب الآلية الأخرى، حيث كما تبين لنا أنَّ السلسلة الوجودية عند إخوان الصفا تخضع لآليتين، الأولى: “مُتجاوزة الطبيعة المادية”، وهي التي تسير من الأعلى بالقُرب من “العلة الأولى” وتتدهور شيئًا فشيئًا حتى تصل إلى أدنى المراتب (تطور نكوصي)؛ لذلك يكون المُبتدأ أشرف من المُنتهى، وعملية الخلق في تلك المرحلة تتم بـ”كُن فيكون“، وهي تعتمد على العقائد الدينية بشكل أساسي، أما الثانية، فهي “تحدث داخل العالم الطبيعي”، وهي تسير من أدنى المراتب لترتقي إلى أعلاها شيئًا فشيئًا (تطور مُرتقى)، لذلك فالمُبتدأ فيها أقل شرفًا من المُنتهى، وأمورها تسير بالتدريج على مدار “أزمنة طويلة“، وهي تعتمد على النظر إلى الواقع المحسوس بشكل أساسي.
3. 4 تأثير إخوان الصفا في تشارلز داروين
على الرغم من أن “داروين” سليل عائلة لها باع طويل في شأن ذلك الحقل، وجدّه “إيراسموس روبرت داروين Erasmus Robert Darwin“ كان أحد أعلام التَّطَوُّر، فإنه توجد بعض الإشارات الطفيفة التي لا تصلح أن تكون أدلة دامغة يُعتد بها، ولكن عُرِضت بغرض أنها قد تكون نقطة انطلاق في هذا الأمر من قِبل المُهتمين به، وهي بإيجاز شديد أن “داروين” قد يكون اطلع على رسائل إخوان الصفا؛ وذلك لأن ترجماتها كانت مُتاحة في أوروبا مع بدايات القرن التاسع عشر، بجانب “الفوز الأصغر” لمسكويه([89])، وكلاهما يتضمن كلامًا عن التَّطَوُّر. وهناك رأي بصدد ذلك الأمر من قِبل “محمد حميد الله“([90]) بأن داروين قد تعرض للدين الإسلامي حينما درس مُقارنة الأديان، وتعلم اللغة العربية للتعمق فيه؛ فرسائل “داروين” المنشورة تُشير إلى ذلك الأمر([91]). على أي حال، فالشخص الذي لديه شاغل يبحث عن ضالته شرقًا وغربًا، فلا مانع من أن يكون “داروين” قد جلب بعض معارفه التَّطَوُّرية بالوراثة من عائلته، أو من إبحاره وتوسعه، حتى وصل إلى الأفق الإسلامي.
رابعًا: مُجمل الاستنتاجات
- هناك نظريتان للخلق عن إخوان الصفا؛ وذلك استنادًا إلى أن لهم نظريتين للمَعْرِفة، الأولى مُكتسبة وداخل العالم الفيزيقي، تبدأ من “الحواس“، وتمر على “العقل ” وتنتهي بـ”البرهان“، والمَعْرِفة الأخرى مُباشرة وتخُص العالم الميتافيزيقي، وهي مَعْرِفة “لَّدُنِّيّة” يمنحها الله لعباده.
- بالنظر إلى الاستنتاج الأول، تأخذ نظريتا الخلق ذلك الشكل الآتي: الأولى “مُتجاوزة الطبيعة المادية“، وهي التي تسير من الأعلى بالقُرب من “العلة الأولى” وتتدهور شيئًا فشيئًا حتى تصل إلى أدنى المراتب (تطور نكوصي)؛ لذلك يكون المُبتدأ أشرف من المُنتهى، وعملية الخلق في تلك المرحلة تتم بـ”كُن فيكون“، وهي تعتمد على العقائد الدينية بشكل أساسي، أما الثانية فهي “تحدث داخل العالم الطبيعي“، وهي تسير من أدنى المراتب لترتقي إلى أعلاها شيئًا فشيئًا (تطور إرتقائى)؛ لذلك فالمُبتدأ فيها أقل شرفًا من المُنتهى، وأمورها تسير بالتدريج على مدار “أزمنة طويلة“، وهي تعتمد على النظر إلى الواقع المحسوس بشكل أساسي.
- هناك إصابات كثيرة لإخوان الصفا كما بينَّا مع دراسات العلم الحديث والمُعاصر في التَّطَوُّر مثل العنصر الأول الذي أتت منه كل الكائِنات، وجوهر التَّطَوُّر في النباتات وتسلسلها، وليس في الظاهر فقط، وتشابه الكائِنات الأخرى مع البشر في الجوهر كـ“الأفيال، والببغاوات، والخنازير“، وليس فقط تشابهات جسمانية مثل “القردة“.
- هناك دليل ضعيف يُمكن العمل على تقويته مُستقبلًا، وهو أن داروين قد تأثر بنظريَّة التَّطَوُّر الصفائية.
———
خامسًا: الهوامش والمصادر والمراجع
1.5 الهوامش
([1]( موسى، سلامة، نظريَّة التَّطَوُّر وأصل الإِنسان، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، 2011، صفحة 15.
(2) مدكور، إبراهيم، المعجم الفلسفي، الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، القاهرة، 1979، صفحة 47.
(3) وهبة، مراد، المعجم الفلسفي، دار قباء الحديثة، القاهرة، دون طبعة، 2007، صفحة 195.
(4) صليبا، جميل، المعجم الفلسفي، الجزء الأول، دار الكتاب اللبناني، بيروت، دون طبعة، 1982، صفحة 556.
(5) لالاند، أندريه، موسوعة لالاند الفلسفية، تعريب: خليل أحمد خليل، المجلد الأول، بيروت، منشورات عويدات، الطبعة الثانية، 2001، صفحة 244.
(6) شميل، شبلي، فلسفة النُّشُوء والارْتِقَاء، دار مارون عبود، لبنان، طبعة جديدة، 1983، صفحة 98.
(7) الموسوعة العربية العالمية، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، المُجلد 25، الطبعة الثانية، 1999، صفحة 353.
(8) Urich Kutschera, Karl j. Niklas, The modern theory of biological evolution: an expanded synthesis, university kassel, Germany, springer, 2004, page 259, 260.
(9) يقول: “التَّطَوُّر في الداروينيَّة لا يعتمد على صدف عشوائية عمياء، وحجته في ذلك أن الانتِخاب الطبيعي الذي يحكم سير التَّطَوُّر هو لا عشوائي، وإن كان في الوقت ذاته لا يتطلع إلى غاية مُستقبلية، حتى إن كان يقوم على تأدية تصميمات مُركبة، ليكون بذلك بمنزلة صانع الساعات، ولكنه أعمى”، انظر: دوكينز، ريتشارد، الداروينيَّة الجديدة.. صانع الساعات الأعمى، ترجمة: مصطفى إبراهيم فهمي، دار العين للنشر، القاهرة، الطبعة الثانية، 2002، صفحة 10.
(10) Lynn Chiu, Extended Evolutionary Synthesis, Department of Evolutionary Biology, University of Vienna, page 7, 8.
(11 (في الحقيقة، هناك براهين على أن “طاليس” قد قدِم إلى مصر وتعلَّم على أيدي الكهنة، وأن فكرة “الماء عنصر أول للوجود” هي فكرة تناولتها الأساطير المصرية القديمة. عبد الحميد، كريم، 2023، تأملات في الفكر الشرقي القديم وبدايات التأمل الفلسفي، أوراق فلسفية، عدد 96، 179 – 180.
(12) Oleg Bazaluk, The Theory of Evolution From a space Vaccum to Neural Ensembles and Moving Forward, translated by: Tamara Blazhevych, Cambridge scholars publishing, UK ,first published 2016, page 3.
(13) Benno Zuiddam, was evolution invented by Greek philosophers, North- west university, 2019, page 69, 72 ,73.
(14) Myrianthopoulos, N. C. (2000). The Philosophic Origins of Science and the Evolution of the Two Cultures. Emerging Infectious Diseases, 6 (1), 77-82. https://doi.org/10.3201/eid0601.000115.
(15) Hong Xiuping, LAO-TZU, THE TAO OF LAO-TZU, AND THE EVOLUTION OF TAOISM—THE CULTURAL SIGNIFICANCE OF THE “LEGEND OF LAO-TZU CONVERTING THE BARBARIANS 老子化胡说 ,page 87,90.
(16) Jang, J. (2016). Evolution and the sacred: the evolutionary theology of John Haught in relation to Daoist philosophy. Theology in Scotland, 23(2), 41-58, page 44,45,52.
(17 (الأوبانيشاد تتبع النصوص الهندوسية التي تُسمى “الفيدا”، وتُشكل الأوبانيشاد مصدرًا رئيسًا من مصادر الديانة الهندوسية.
(18( البراهمان يُشارإليه على أنه المطلق أو الإله في الهندوسية، أو الروح الفائقة الكونية، وهي الأصل، وهي القوة التي تسري في العالم الظاهري وبحسب حكماء الأوبانيشاد فإن “البراهمان” هو الجوهر النهائي للكائِنات الحسية، بما في ذلك هوية الإِنسان ذاته، وليس بالإمكان معرفته إلا عن طريق تطوير المَعْرِفة الذاتية، فهو لا يُعرف عن طريق الإحساسات.
(19(“الكارما” مصطلح أخلاقي في كل من العقائد “الهندوسية، والبوذية، والطاووية، والسيخية”، يتعلق ذلك المفهوم بمبدأ السببية المرتبطة بالنيات، حيث إن النية الخيرة التي يتبعها فعل خير تؤثر بالإيجاب في مُستقبل الفرد، والأفعال والنية السيئة كذلك، ولكن بالسلب، وهي مُرتبطة بالولادات المُتكررة في العقائد الهندية.
(20) Padalkar, Shashikant, Hinduism and Evolution (December 10, 2018). Available at SSRN: https://ssrn.com/abstract=3298891 page 14 ,15, 19.
(21 (عبد الحافظ، مجدي، فكرة التَّطَوُّر عند فلاسفة الإسلام، ترجمة: هدى كشرود، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، الطبعة الأولى، 2005، صفحة 71، 72.
(22( عبد الحافظ، مجدي، المرجع نفسه، صفحة 76.
(23( ويقول في ذلك مسكويه: “الكرم والنخيل، فإذا انتهى إلى ذلك صار في الأفق الأعلى من النَّبات وصار بحيث إن زاد قبوله لهذا الأثر لم يبقَ له صورة النَّبات، وقبل حينئذ صورة الحَيَوان”. انظر ابن مسكويه، الفوز الأصغر، مطبعة السعادة، القاهرة، 1907، صفحة 79.
(24( عبد الحافظ، مجدي، المرجع نفسه، صفحة 78، 79.
(25 (يقول مسكويه عن خصية الحَيَوان: “تُعرف حَيَوانيته ويعلم أنه ذو حس واحد من أجل أنه إذا استلب من موضعه بسرعة وعلى عجلة وخفة فارق موضعه واستجاب للأخذ وإن أخذ بإبطاء، وعلى ترتيب لزم موضعه وتمسك به، لتشبثه به، وهو يضعف عن التنقل وإن كان قد انقلع عن الأرض، وصارت له حياة ما؛ لأنه في الأفق القريب من النَّبات، وفيه مناسبة منه”. انظر ابن مسكويه، المرجع نفسه، صفحة 81.
(26) فيقول في ذلك: “ثم يقرب من آخر مرتبة البهائم، وإن كانت شريفة فهي خسيسة دنية بعيدة في مرتبة الإِنسان، وهي مراتب القرود وأشباهها من الحَيَوان التي قاربت الإِنسان في خلقه الإِنسانية، وليس بينها وبينه إلا اليسير الذي إذا تجاوزه صار إِنسانًا”. انظر ابن مسكويه، المرجع نفسه، صفحة 82.
(27) عزام، محفوظ، الفلسفة الطبيعية عند الجاحظ، دار الهداية للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1995، صفحة 139، 140.
(28) Frank N. Egerton, A History of the Ecological Sciences, Part 6: Arabic Language Science: Origins and Zoological Writings, Bulletin of the Ecological Society of America,Vol. 83, No. 2 (Apr., 2002), pp. 142-146 (5 pages).
(29) فيُشير إلى تلك المُلاحظة قائلًا: “وتلك الضفادع إنما هي شيء يُخلق تلك الساعة من طباع الماء والهواء والزمان وتلك التربة على مقادير ومقابلات”. انظر الجاحظ، الحَيَوان، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الجاحظ، الجزء الأول، الطبعة الثانية، 1965، صفحة 156.
(30 (عزام، محفوظ، المرجع نفسه، صفحة 142، 143.
(31 (عزام، محفوظ، المرجع نفسه، صفحة 146، 147.
(32) ويستدل على ذلك فيقول: “وترى القملة في رأس الشاب الأسود الشعر سوداء، وتراها في رأس الشيخ الأبيض الشعر بيضاء، وتراها في رأس شمطاء وفي لون الحمل الأورق، فإذا كانت في رأس الخضيب بالحمرة، ترى حمراء، فإذا نصل خضابه صار فيها شكلة بين بيض وحمرة، وقد ترى حرة بني سليم وما اشتملت عليه من إِنسان وسبع وبهيمة وطائر وحشرة فتراها كلها سوداء”. انظر: الجاحظ، الحَيَوان، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الجاحظ، الجزء الرابع، الطبعة الثانية، 1966، صفحة 71.
(33 (فيقول: “وشر الطبائع ما تجاذبته الأعراق المُتضادة، والأخلاق المتفاوتة، والعناصر المتباعدة”. انظر: الجاحظ، الحَيَوان، الجزء الأول، صفحة 102.
(34( عزام، محفوظ، المرجع نفسه، صفحة 156.
(35) فيقول في ذلك الصدد: “واجتمع في القرد الزواج والغيرة، وهما خصلتان كريمتان واجتماعهما من مفاخر الإِنسان على سائر الحَيَوان، ونحن لم نرَ وجه شيء غير أن الإِنسان أشبه صورة وشبهًا على ما فيه من الاختلاف، ولا أشبه فمًا ووجهًا بالإِنسان من القرد.” انظر:الجاحظ، المرجع نفسه، الجزء الرابع، صفحة 98.
(36) الحصري، ساطع، دراسات عن مُقدمة ابن خلدون، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، 2021، صفحة 272.
(37) فنجده يقول: “وابدأ من ذلك بالعالم المحسوس الجثماني أولًا، عالم العناصر المشاهَدة، كيف يتدرج صاعدًا من الأرض إلى الماء، ثم إلى الهواء، ثم إلى النار، متصلًا بعضها ببعض، وكل واحد منها مستعد إلى أن يستحيل إلى ما يليه صاعدًا وهابطًا، ويستحيل بعض الأوقات”. انظر: ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، درا إحياء التراث العربي، بيروت، الجزء الأول، الطبعة الرابعة، صفحة 95.
(38) فيقول: “ثم انظر إلى عالم التكوين، كيف ابتدأ من المَعَادِن، ثم النبات، ثم الحَيَوان، على هيئة بديعة من التدريج؛ آخر أفق المَعَادِن متصل بأول أفق النبات، وآخر أفق النَّبات متصل بأول أفق الحَيَوان، ومعنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد القريب لأن يصير أول أفق الذي بعده“. انظر: ابن خلدون، المرجع نفسه، صفحة 96.
(39 (فيقول:“واتسع عالم الحَيَوان، وتعددت أنواعه، وانتهى في تدريج التكوين إلى الإِنسان، صاحب الفكر والروية، ترتفع إليه من عالم القردة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك، ولم ينته إلى الرويَّة والفكر بالفعل، وكان ذلك أول أفق من الإِنسان“. انظر:ابن خلدون، المرجع نفسه، صفحة 96.
(40) ونراه في موضع آخر يؤكد ذلك التحول: “وقد تقدم لنا الكلام في الوحي في أول فصل المدركين للغيب، وبيَّنَّا هنالك أن الوجود كله، في عوالمه البسيطة والمركبة، على ترتيب طبيعي، من أعلاها وأسفلها متصلة كلها اتصالًا لا ينخرم، وأن الذوات التي في آخر كل أفق من العوالم مستعدة لأن تنقلب إلى الذات التي تجاورها، من الأسفل والأعلى، استعدادًا طبيعيًّا، كما في العناصر الجسمانية البسيطة، وكما في النخل والكرم آخر أفق النبات، مع الحلزون والصدف من أفق الحَيَوان، وكما في القردة التي استجمع فيها الكيس والإدراك، مع الإِنسان صاحب الفكر والرويَّة”. انظر: الحصري، ساطع، المرجع نفسه، صفحة 274.
(41) الحصري، ساطع، المرجع نفسه، صفحة 274.
(42) فيقول:“وذلك أن أحوال العالم والأمم وعوائدهم ونِحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر، إنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة، وانتقال من حال إلى حال، وكما يكون ذلك في الأشخاص والأوقات والأمصار، فكذلك يقع في الآفاق والأقطار والأزمنة والدول“. انظر:ابن خلدون، المرجع نفسه، صفحة 28.
(43) الحصري، ساطع، المرجع نفسه، صفحة 274.
(44) فيقول في ذلك:“والسبب الشائع في تبدل الأحوال والعوائد: أن عوائد كل جيل تابعة لعوائد سلطانه، كما يقال في الأمثال الحكمية: الناس على دين الملك. وأهل الملك والسلطان إذا استولوا على الدولة والأمر، فلا بد من أن يفزعوا إلى عوائد من قبلهم، ويأخذوا كثيرًا منها، ولا يغفلون عوائد جيلهم مع ذلك، فيقع في عوائد الدولة بعض المخالفة لعوائد الجيل الأول، فإذا جاءت دولة أخرى من بعدهم، ومزجت من عوائدهم وعوائدها؛ خالفت أيضًا بعض الشيء، وكانت للأولى أشد مخالفة. ثم لا يزال التدريج في المخالفة حتى ينتهي إلى المباينة بالجملة“. انظر:ابن خلدون، المرجع نفسه، صفحة 29.
(45) Aamina H. Malik, Janine M. Ziermann & Rui Diogo (2018) An untold story in biology: the historical continuity of evolutionary ideas of Muslim scholars from the 8th century to Darwin’s time, Journal of Biological Education, 52:1, 3-17, DOI: 10.1080/00219266.2016.1268190.
(46) برش الجلود: ظهور نقاط مُختلفة اللون على الجلد.
(47 (صهوبة الشعور: أصبح شعر الرأس أحمرَ أو أشقرَ.
(48) صليبا، جميل، تاريخ الفلسفة العربية، الشركة العالمية للكتاب ش. م. ل، بيروت، 1989، صفحة 578، 579.
(49 (الأهواني، أحمد فؤاد، في عالم الفلسفة، آفاق للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى، 2020، صفحة 132.
(50 (معصوم، فؤاد، إخوان الصفا.. فلسفتهم وغايتهم، دار المدى للثقافة والنشر، سوريا، الطبعة الأولى، 1998، صفحة 194 – 201.
(51 (يمكن الاطلاع كذلك على مقال سابق لي تحت عنوان “نظريَّة المَعْرِفة عند إخوان الصفا وخلَّان الوفا”، نُشر في “التنويري”، بتاريخ 4 فبراير 2024.
(52 (فروخ، عمر، إخوان الصفا، منشورات مكتبة منيمنة، بيروت، الطبعة الثانية، 1953، صفحة 76.
(53 (يقولون: “إن الحَيَوانات التامة الخلقة، الكبيرة الجثة، العظيمة الصورة، كلها كُوِّنت في بدء الخلق ذكرًا وأنثى من الطين تحت خط الاستواء، حيث يكون الليل والنهار هناك متساويين“. انظر:إخوان الصفا، رسائل إخوان الصفا وخلَّان الوفا، المجلد الثاني، مكتب الإعلام الإسلامي، طهران، 1985، صفحة 181.
(54 (فروخ، عمر، المرجع نفسه، 1953، صفحة 77.
(55) يقول إخوان الصفا في ذلك: “وأراد الله إنشاء النشأة الثانية وإبراز الصورة الإِنسانية؛ خَلَقَ آدم وحواء من الطين، وأسكنهما الجنة الموصوفة، وهي الياقوت في ناحية المشرق“. انظر:إخوان الصفا، رسائل إخوان الصفا وخلَّان الوفا، المجلد الثالث، مكتب الإعلام الإسلامي، طهران، 1985، صفحة 112.
(56 (غالب، مصطفى، إخوان الصفا، دار مكتبة الهلال، بيروت، 1989، صفحة 49.
(57 (فيقول إخوان الصفا في ذلك: “فأما الأمور الإِلهيّة الروحانية، فحدوثها دفعة واحدة مرتبة منتظمة بلا زمان ولا مكان ولا هيولي ذات كيان، بل بقوله: “كُنْ فَيَكُونُ”، والأمور الروحانية الإِلهيّة هي العقل الفعَّال والنفس الكلية والهيولي الأولى والصور المجردة، والعقل هو نور الباري تعالى وفيضه الذي فاض أولًا، والنفس هي نور العقل وفيضه الذي أفاضه الباري منه، والهيولي الأولى هي ظل النفس وفيئها، والصور المجردة هي النقوش والأصباغ والأشكال التي عمتها النفس في الهيولي بإذن الله تعالى وتأييده لها بالعقل“. انظر:إخوان الصفا، رسائل إخوان الصفا وخلَّان الوفا، مراجعة: خير الدين الزركلي، المجلد الثالث، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، 2018، صفحة 137.
(58 (إخوان الصفا، المرجع نفسه، المجلد الثاني، صفحة 166.
(59) وفي نص آخر يقولون: “فنقول: إن الأمور الطبيعية أحدثت وأبدعت على تدريج ممر الدهور والأزمان؛ وذلك أن الهيولي الكلية، أعني الجسم المطلق، قد أتى عليه دهر طويل إلى أن تمخض وتميز اللطيف منه من الكثيف، وإلى أن قبل الأشكال الفلكية الكريَّة الشفافة، وتركَّب بعضها في جوف بعض، وإلى أن استدارت أجرام الكواكب النيَّرة وركزت مراكزها، وإلى أن تميزت الأركان الأربعة وترتبت مراتبها وانتظمت نظامها“. انظر:إخوان الصفا، رسائل إخوان الصفا وخلَّان الوفا، مراجعة: خير الدين الزركلي، المجلد الثالث، المرجع نفسه، صفحة 136.
(60 (الهِيُولي Hyle مُصطلح يوناني يُشير إلى الأصل أو المادة، وهي واحدة في كل الكائِنات، من جماد وحَيَوان ونَبات، وهي مُجردة لا صورة لها ولا صفة، ولكنها والصورة يعتمد بعضهما على بعض؛ فبالصورة تتحدد ماهية “الهيولي”؛ لأن الصورة سبب اختلاف الكائِنات، وهما لا تنفصلان.
(61) ديفو، جيوم، رسائل إخوان الصفا وخلَّان الوفا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، صفحة 51، 52.
(62 (يقولون في ذلك: “فمن أجل تلك الموجودات المختلفة الأجناس، المتباينة الأنواع، المربوطة أوائلها بأواخرها، وأواخرها بما قبلها في الترتيب وانتظام المولَّدات، الكائِنات التي دون فلك القمر، وهي أربعة أجناس: المَعَادِن والنَّبات والحَيَوان والإِنسان، وذلك أن كل جنس منها تحته أنواع كثيرة“. انظر: إخوان الصفا، المرجع نفسه، المجلد الثاني، صفحة 167.
(63) وفي نص آخر: “واعلم أيها الأخ أن لهذه الموجودات التي تحت فلك القمر نظامًا وترتيبًا أيضًا في الوجود والبقاء، وهي مرتبة بعضها تحت بعض، متصل أواخرها بأوائلها كترتيب العدد وترتيب الأفلاك… وأما الكائِنات منها التي هي جزئياتها فهي المَعَادِن والنَّبات والحَيَوان، ولها نظام وترتيب متصل أواخرها بأوائلها كترتيب الأفلاك والأركان؛ بيان ذلك أن المَعَادِن متصل أولها بالتراب وآخرها بالنبات، والنَّبات أيضًا متصل آخره بالحَيَوان، والحَيَوان متصل آخره بالإِنسان، والإِنسان متصل آخره بالملائكة، والملائكة أيضًا لها مراتب ومقامات متصلة أواخرها بأوائلها، كما بيَّنَّا في رسالة الروحانيات، فنريد أن نذكر في هذا الفصل مراتب الكائِنات من الأركان الأربعة التي هي المَعَادِن والنَّبات والحَيَوان والإِنسان“. انظر: إخوان الصفا، رسائل إخوان الصفا وخلَّان الوفا، المجلد الرابع، مكتب الإعلام الإسلامي، طهران، 1985، صفحة 276، 277.
(64) Petry, W. (2021) Origin and Evolution of the Universe. Journal of Modern Physics, 12, 1749-1757. https://doi.org/10.4236/jmp.2021.1213102.
(65) Niklas, Karl J,Plant Evolution: An Introduction to the History of Life, University of Chicago Press; Illustrated edition, 2016 ,page 5,6.
(66) إخوان الصفا، المرجع نفسه، المجلد الثاني، صفحة 167.
(67) وفي رسالة أخرى يقولون: “أول المَعَادِن هو الجصُّ مما يلي التراب، والملح مما يلي الماء؛ وذلك أن الجص هو التراب الرملي يبتلُّ من الأمطار ثم ينعقد ويصير جصًّا، وأما الملح فإنه يمتزج بالتربة السبخة، وينعقد فيصير ملحًا، وأما آخر المَعَادِن مما يلي النَّبات فهو الكمأة والقطن وما شاكلها، يتكوَّن في التراب كالمعدن ثم ينبت في المواضع النديَّة في أيام الربيع من الأمطار وصوت الرعد كما ينبت النبات، ولكن من أجل أنه ليس له ثمرة ولا ورقة ويتكوَّن في التراب كما تتكون الجواهر المعدنية، فصار من هذه الجهة يشبه المعدن، ومن جهة أخرى يشبه النبات، فأما باقي أنواع الجواهر المعدنية ففيما بين هذين الحدَّين؛ أعني: الجص والكمأة، وقد بيَّنَّا في رسالة المَعَادِن أنواعها وأجناسها وخواصها ومنافعها“. انظر:إخوان الصفا، المرجع نفسه، المجلد الرابع، صفحة 276، 277.
(68 (إخوان الصفا، المرجع نفسه، المجلد الرابع، صفحة 276، 277.
(69) إخوان الصفا، المرجع نفسه، المجلد الثاني، صفحة 167.
(70) وفي رسالة أخرى: “وأما النخل فهو آخر المرتبة النباتية مما يلي الحَيَوانية، وذلك أن النخل نَبات حَيَواني؛ لأن بعض أحواله مباين لأحوال النَّبات، وإن كان جسمه نباتًا، بيان ذلك أن القوة الفاعلة منفصلة من القوة المُنفعلة، والدليل على ذلك أن أشخاص الفحولة منه مباينة لأشخاص الإناث، ولأشخاص فحولته لقاح في إناثها كما يكون ذلك للحَيَوان“. انظر:إخوان الصفا، المرجع نفسه، المجلد الثاني، صفحة 167، 168.
(71) إخوان الصفا، المرجع نفسه، المجلد الثاني، صفحة 159.
(72) Emms, Simmon K. ”Evolution of plants “Biology ,retrieved April 12, 2023 from Encyclpedia.com: https://www.encyclopedia.com/science/news-wires-white-papers-and-books/evolution-plants.
(73) Kenrick, P., Crane, P. The origin and early evolution of plants on land. Nature 389, 33–39 (1997). https://doi.org/10.1038/37918.
(74 (إخوان الصفا، المرجع نفسه، المجلد الثاني، صفحة 153.
(75 (فيقول إخوان الصفا: “واعلم يا أخي بأن أول مرتبة الحَيَوان متصل بآخر مرتبة النبات، وآخر مرتبة الحَيَوان متصل بأول مرتبة الإِنسان، كما أن أول المرتبة النباتية متصل بآخر المرتبة المعدنية، وأول المرتبة المعدنية متصل بالتراب والماء كما بيَّنَّا قبلُ، فأدونُ الحَيَوانِ وأنقصه هو الذي ليس له إلا حاسة واحدة فقط، وهو الحلزون، وهي دودة في جوف أنبوبة، تنبت تلك الأنبوبة على الصخر الذي في سواحل البحار وشطوط الأنهار، وتلك الدودة تخرج نصف شخصها من جوف تلك الأنبوبة، وتبسط يمنة ويسرة تطلب مادة يتغذى بها جسمها، وإذا أحست بخشونة أو صلابة انقبضت وغاصت في جوف تلك الأنبوبة حذرًا من مؤذٍ لجسمها ومفسد لهيكلها، وليس لها سمع ولا بصر ولا شم ولا ذوق إلا الحس واللمس فقط، وهكذا أكثر الديدان التي تتكون في الطين، وفي قعر البحار وأعماق الأنهار، ليس لها سمع ولا بصر ولا ذوق ولا شم؛ لأن الحكمة الإِلهيّة من مقتضاها ألَّا تُعطي الحَيَوان عضوًا لا يحتاج إليه في جذب المنفعة ودفع المضرة؛ لأنها لو أعطتْه ما لا يحتاج إليه لكان وبالًا عليه في حفظه وبقائه”، انظر إخوان الصفا، المرجع نفسه، المجلد الثاني، صفحة 168، 169.
(76) يقولون في ذلك: “فنريد أن نذكر ونبين كيفية مرتبة الحَيَوانية مما يلي الإِنسانية، ليست من وجه واحد ولكن من عدة وجوه؛ وذلك أن رُتبة الإِنسانية لما كانت معدن الفضائل وينبوع المناقب لم يستوعبها نوع واحد من الحَيَوان، ولكن عدة أنواع؛ فمنها ما قارب رُتبة الإِنسانية بصورة جسده مثل القرد، ومنها بالأخلاق النفسانية كالفرس في كثير من أخلاقه وكالطائر الأنسي أيضًا، ومثل الفيل في ذكائه وكالببغاء والهزار ونحوهما من الأطيار الكثيرة الأصوات والألحان والنغمات، ومثل ذلك النحل اللطيف الصنائع، إلى ما شاكل هذه الأجناس؛ وذلك أنه ما من حَيَوانٍ يستعمله الناس أو يأنس بهم إلا وَلَهُ في نفسه شرف وقرب من نفس الإِنسانية“. انظر:إخوان الصفا، المرجع نفسه، مراجعة: خير الدين الزركلي، المجلد الثالث، المرجع نفسه، صفحة 46.
(77 (عمر الدسوقي، المرجع نفسه، صفحة 160.
(78) Salwiczek, Lucie H., Wickler, Wolfgang ,(2004). Birdsong: An evolutionary parallel to human language., 2004(151), 163-182. https://doi.org/10.1515/semi.2004.066.
(79) Hart BL, Hart LA, Pinter-Wollman N. Large brains and cognition: where do elephants fit in? Neurosci Biobehav Rev. 2008;32(1):86-98. doi: 10.1016/j.neubiorev.2007.05.012. Epub 2007 Jun 6. PMID: 17617460.
(80) Garstang, M. 2015. Elephant Sense and Sensibility. London: Academic Press.
(81) A. Bates ,Lucy, H. Poole, Joyce and W. Byrne, Richard, August, Elephant cognition, Current Biology ,August,2008, DOI: 10.1016/j.cub.2008.04.019.
(82) Groenen MA, Archibald AL, Uenishi H, Tuggle CK, Takeuchi Y, Rothschild MF, Rogel-Gaillard C, Park C, Milan D, Megens HJ, Li S, Larkin DM, Kim H, Frantz LA, Caccamo M, Ahn H, Aken BL, Anselmo A, Anthon C, Auvil L, Badaoui B, Beattie CW, Bendixen C, Berman D, Blecha F, Blomberg J, Bolund L, Bosse M, Botti S, Bujie Z, Bystrom M, Capitanu B, Carvalho-Silva D, Chardon P, Chen C, Cheng R, Choi SH, Chow W, Clark RC, Clee C, Crooijmans RP, Dawson HD, Dehais P, De Sapio F, Dibbits B, Drou N, Du ZQ, Eversole K, Fadista J, Fairley S, Faraut T, Faulkner GJ, Fowler KE, Fredholm M, Fritz E, Gilbert JG, Giuffra E, Gorodkin J, Griffin DK, Harrow JL, Hayward A, Howe K, Hu ZL, Humphray SJ, Hunt T, Hornshøj H, Jeon JT, Jern P, Jones M, Jurka J, Kanamori H, Kapetanovic R, Kim J, Kim JH, Kim KW, Kim TH, Larson G, Lee K, Lee KT, Leggett R, Lewin HA, Li Y, Liu W, Loveland JE, Lu Y, Lunney JK, Ma J, Madsen O, Mann K, Matthews L, McLaren S, Morozumi T, Murtaugh MP, Narayan J, Nguyen DT, Ni P, Oh SJ, Onteru S, Panitz F, Park EW, Park HS, Pascal G, Paudel Y, Perez-Enciso M, Ramirez-Gonzalez R, Reecy JM, Rodriguez-Zas S, Rohrer GA, Rund L, Sang Y, Schachtschneider K, Schraiber JG, Schwartz J, Scobie L, Scott C, Searle S, Servin B, Southey BR, Sperber G, Stadler P, Sweedler JV, Tafer H, Thomsen B, Wali R, Wang J, Wang J, White S, Xu X, Yerle M, Zhang G, Zhang J, Zhang J, Zhao S, Rogers J, Churcher C, Schook LB. Analyses of pig genomes provide insight into porcine demography and evolution. Nature. 2012 Nov 15;491(7424):393-8. doi: 10.1038/nature11622. PMID: 23151582; PMCID: PMC3566564.
(83) إخوان الصفا، المرجع نفسه، المجلد الثاني، صفحة 171.
(84 (إخوان الصفا، المرجع نفسه، المجلد الثاني، صفحة 171، 172.
(85) دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، نقله إلى العربية وعلق عليه: محمد عبد الهادي أبو ريدة، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، الطبعة الثانية، 1948، صفحة 120.
(86 (الدسوقي، عمر، إخوان الصفا، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبى وشركاه، 1947، صفحة 159، 160.
(87 (اسم من أسماء الله عز وجل، ويعنى واهب الحياة للأحياء، والتام الخالي من العيوب والنقص.
(88 (إسماعيل محمود، إخوان الصفا رواد التنوير في الفكر العربي، عامر للطباعة والنشر، المنصورة، الطبعة الأولى، 1996، صفحة 80، 91.
(89) Kutty, Adam’s Gene and the Mitochondrial Eve: a Nonincestuous Descent of Man from ADAM and Eve, Xlibris Corporation LLC, 2009, page 161.
(90 (محمد حميد الله الحيدر آبادي، هو محدّث وفقيه وأحد كبار العلماء والدعاة، حاصل على دكتوراه في الفلسفة، بجانب حصوله على درجتي الدكتوراه في السيرة النبوية من جامعتين مختلفتين، إحداهما من جامعة باريس والأخرى من جامعة توبنجن بألمانيا.
Iqbal, Muzaffar, Islam & Science (17037603). Summer2009, Vol. 7 Issue 1, p9-50. 42p. (91)
5. 2 المصادر والمراجع
- إخوان الصفا، رسائل إخوان الصفا وخلَّان الوفا، المجلد الثاني، مكتب الإعلام الإسلامي، طهران، 1985.
- إخوان الصفا، رسائل إخوان الصفا وخلَّان الوفا، المجلد الثالث، مكتب الإعلام الإسلامي، طهران، 1985.
- إخوان الصفا، رسائل إخوان الصفا وخلَّان الوفا، مراجعة: خير الدين الزركلي، المجلد الثالث، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، 2018.
- إخوان الصفا، رسائل إخوان الصفا وخلَّان الوفا، المجلد الرابع، مكتب الإعلام الإسلامي، طهران، 1985.
- ابن مسكويه، الفوز الأصغر، مطبعة السعادة، القاهرة، 1907.
- الجاحظ، الحَيَوان، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الجاحظ، الجزء الأول، الطبعة الثانية، 1965.
- الجاحظ، الحَيَوان، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الجاحظ، الجزء الرابع، الطبعة الثانية، 1966.
- ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الجزء الأول، الطبعة الرابعة.
- دوكينز، ريتشارد، الداروينيَّة الجديدة.. صانع الساعات الأعمى، ترجمة: مصطفى إبراهيم فهمي، دار العين للنشر، القاهرة، الطبعة الثانية، 2002.
- موسى، سلامة، نظريَّة التَّطَوُّر وأصل الإِنسان، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، 2011.
- مدكور، إبراهيم، المعجم الفلسفي، الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، القاهرة، 1979.
- وهبة، مراد، المعجم الفلسفي، دار قباء الحديثة، القاهرة، دون طبعة، 2007.
- صليبا، جميل، المعجم الفلسفي، الجزء الأول، دار الكتاب اللبناني، بيروت، دون طبعة، 1982.
- شميل، شبلي، فلسفة النُّشُوء والارْتِقَاء، دار مارون عبود، لبنان، طبعة جديدة، 1983.
- الموسوعة العربية العالمية، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، المُجلد 25، الطبعة الثانية، 1999.
- عبد الحافظ، مجدي، فكرة التَّطَوُّر عند فلاسفة الإسلام، ترجمة: هدى كشرود، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، الطبعة الأولى، 2005.
- غالب، مصطفى، إخوان الصفا، دار مكتبة الهلال، بيروت، 1989.
- عزام، محفوظ، الفلسفة الطبيعية عند الجاحظ، دار الهداية للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1995.
- الحصري، ساطع، دراسات عن مُقدمة ابن خلدون، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، 2021.
- صليبا، جميل، تاريخ الفلسفة العربية، الشركة العالمية للكتاب ش. م. ل، بيروت، 1989.
- لالاند، أندريه، موسوعة لالاند الفلسفية، تعريب: خليل أحمد خليل، المجلد الأول، بيروت، منشورات عويدات، الطبعة الثانية، 2001.
- ديفو، جيوم، رسائل إخوان الصفا وخلَّان الوفا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.
- معصوم، فؤاد، إخوان الصفا فلسفتهم وغايتهم، دار المدى للثقافة والنشر، سوريا، الطبعة الأولى، 1998.
- الأهواني، أحمد فؤاد، في عالم الفلسفة، آفاق للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى، 2020.
- فروخ، عمر، إخوان الصفا، منشورات مكتبة منيمنة، بيروت، الطبعة الثانية، 1953.
- دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، نقله إلى العربية وعلق عليه: محمد عبد الهادي أبو ريدة، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، الطبعة الثانية، 1948.
- الدسوقي، عمر، إخوان الصفا، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركاه، 1947.
- إسماعيل محمود، إخوان الصفا رواد التنوير في الفكر العربي، عامر للطباعة والنشر، المنصورة، الطبعة الأولى، 1996.
- Petry, W. (2021) Origin and Evolution of the Universe. Journal of Modern Physics, 12, 1749-1757. https://doi.org/10.4236/jmp.2021.1213102.
- Niklas, Karl J,Plant Evolution: An Introduction to the History of Life, University of Chicago Press; Illustrated edition, 2016, page 5,6.
- Urich Kutschera, Karl j. Niklas, The modern theory of biological evolution: an expanded synthesis, university kassel, Germany, springer, 2004.
- Lynn Chiu, Extended Evolutionary Synthesis, Department of Evolutionary Biology, University of Vienna.
- Oleg Bazaluk, The Theory of Evolution From a space Vaccum to Neural Ensembles and Moving Forward, translated by: Tamara Blazhevych, Cambridge scholars publishing, UK, first published 2016.
- Benno Zuiddam, was evolution invented by Greek philosophers, North- west university, 2019.
- Myrianthopoulos, N. C. (2000). The Philosophic Origins of Science and the Evolution of the Two Cultures. Emerging Infectious Diseases, 6(1), 77-82. https://doi.org/10.3201/eid0601.000115.
- Hong Xiuping, LAO-TZU, THE TAO OF LAO-TZU, AND THE EVOLUTION OF TAOISM—THE CULTURAL SIGNIFICANCE OF THE “LEGEND OF LAO-TZU CONVERTING THE BARBARIANS 老子化胡说.
- Jang, J. (2016). Evolution and the sacred: the evolutionary theology of John Haught in relation to Daoist philosophy. Theology in Scotland, 23(2), 41-58.
- Padalkar, Shashikant, Hinduism and Evolution (December 10, 2018). Available at SSRN: https://ssrn.com/abstract=3298891.
- Kenrick, P., Crane, P. The origin and early evolution of plants on land. Nature 389, 33–39 (1997). https://doi.org/10.1038/37918.
- Frank N. Egerton, A History of the Ecological Sciences, Part 6: Arabic Language Science: Origins and Zoological Writings, Bulletin of the Ecological Society of America,Vol. 83, No. 2 (Apr., 2002), pp. 142-146 (5 pages).
- Aamina H. Malik, Janine M. Ziermann & Rui Diogo (2018) An untold story in biology: the historical continuity of evolutionary ideas of Muslim scholars from the 8th century to Darwin’s time, Journal of Biological Education, 52:1, 3-17, DOI: 10.1080/00219266.2016.1268190.
- Salwiczek, Lucie H., Wickler, Wolfgang ,(2004). Birdsong: An evolutionary parallel to human language., 2004(151), 163-182. https://doi.org/10.1515/semi.2004.066.
- Hart BL, Hart LA, Pinter-Wollman N. Large brains and cognition: where do elephants fit in? Neurosci Biobehav Rev. 2008;32(1):86-98. doi: 10.1016/j.neubiorev.2007.05.012. Epub 2007 Jun 6. PMID: 17617460.
- Garstang, M. 2015. Elephant Sense and Sensibility. London: Academic Press.
- Groenen MA, Archibald AL, Uenishi H, Tuggle CK, Takeuchi Y, Rothschild MF, Rogel-Gaillard C, Park C, Milan D, Megens HJ, Li S, Larkin DM, Kim H, Frantz LA, Caccamo M, Ahn H, Aken BL, Anselmo A, Anthon C, Auvil L, Badaoui B, Beattie CW, Bendixen C, Berman D, Blecha F, Blomberg J, Bolund L, Bosse M, Botti S, Bujie Z, Bystrom M, Capitanu B, Carvalho-Silva D, Chardon P, Chen C, Cheng R, Choi SH, Chow W, Clark RC, Clee C, Crooijmans RP, Dawson HD, Dehais P, De Sapio F, Dibbits B, Drou N, Du ZQ, Eversole K, Fadista J, Fairley S, Faraut T, Faulkner GJ, Fowler KE, Fredholm M, Fritz E, Gilbert JG, Giuffra E, Gorodkin J, Griffin DK, Harrow JL, Hayward A, Howe K, Hu ZL, Humphray SJ, Hunt T, Hornshøj H, Jeon JT, Jern P, Jones M, Jurka J, Kanamori H, Kapetanovic R, Kim J, Kim JH, Kim KW, Kim TH, Larson G, Lee K, Lee KT, Leggett R, Lewin HA, Li Y, Liu W, Loveland JE, Lu Y, Lunney JK, Ma J, Madsen O, Mann K, Matthews L, McLaren S, Morozumi T, Murtaugh MP, Narayan J, Nguyen DT, Ni P, Oh SJ, Onteru S, Panitz F, Park EW, Park HS, Pascal G, Paudel Y, Perez-Enciso M, Ramirez-Gonzalez R, Reecy JM, Rodriguez-Zas S, Rohrer GA, Rund L, Sang Y, Schachtschneider K, Schraiber JG, Schwartz J, Scobie L, Scott C, Searle S, Servin B, Southey BR, Sperber G, Stadler P, Sweedler JV, Tafer H, Thomsen B, Wali R, Wang J, Wang J, White S, Xu X, Yerle M, Zhang G, Zhang J, Zhang J, Zhao S, Rogers J, Churcher C, Schook LB. Analyses of pig genomes provide insight into porcine demography and evolution. Nature. 2012 Nov 15;491(7424):393-8. doi: 10.1038/nature11622. PMID: 23151582; PMCID: PMC3566564.
- Kutty, Adam’s Gene and the Mitochondrial Eve: a Nonincestuous Descent of Man from ADAM and Eve, Xlibris Corporation LLC,2009.
- Iqbal, Muzaffar, Islam & Science (17037603). Summer2009, Vol. 7 Issue 1, p9-50. 42p.
- عبد الحميد، كريم، 2023، تأملات في الفكر الشرقي القديم وبدايات التأمل الفلسفي، أوراق فلسفية، عدد 96، 179 – 180.
- عبد الحميد، كريم، 4 فبراير 2024، نظريَّة المَعْرِفة عند إخوان الصفا وخلَّان الوفا، التنويري.
- A. Bates, Lucy, H. Poole, Joyce and W. Byrne, Richard, August, Elephant cognition, Current Biology, August, 2008, DOI: 10.1016/j.cub.2008.04.019.
- Emms, Simmon K. ”Evolution of plants “Biology, retrieved April 12, 2023 from Encyclpedia.com:https://www.encyclopedia.com/science/news-wires-white-papers-and-books/evolution-plants.