أين نحن من ثقافة التنوير؟
“أعني بالحكمة: النظر في الأشياء بما تقتضيه طبيعة البرهان “/ ابن رشد.
مقدِّمة :
يحاول أفلاطون عبر “أسطورة الكهف” أن يحدِّد لنا طبيعة العلاقة بين عالمي الظلام والنور. في هذه الأسطورة يحدِّثنا أفلاطون عن كهف مظلم فيه أسارى مثقلون بأصفادهم، مشدودون بأغلالهم، يستمتعون بالنظر إلى غور الكهف حيث ترتسم لهم ظلال وأشباح، تلقيها عليهم نار مشبوبة في الخارج، وهم يخالون ما يرونه على الجدار من إسقاطات وخيالات وظلال وأشباح حقائق كونيَّة، لا تحول ولا تزول. وحين يتاح لأحد الأسرى (وهو الفيلسوف المنوِّر) أن يتحرَّر من أغلاله وأن يكسر أصفاده ليخرج من بوابة الكهف، فيرى الشمس حقيقة مشرقة بضيائها وسحرها الكوني، يعود إلى الكهف ليساعد المخدرين بالأوهام على تحطيم أغلالهم وتبديد أوهامهم والخروج من عالم الظلام إلى عالم الحقّ والجمال والخير والنور، فيأبى المنومون ويرفضون الخروج لمواجهة الحقيقة ورؤية النور، مفضّلين البقاء في ظلام الكهف، تحت سطوة أهوائهم وغرائزهم وأوهامهم، بعيداً عن العيش في الأنوار التي تفيض بها شمس الكون الساطعة.
هذه الأسطورة الأفلاطونيَّة تكاد تختصر قصَّة الصراع الوجودي بين النور والظلام؛ بين العقل والجهل. وتكاد تحكي لنا قصة التنوير في مختلف أصقاع الحياة الإنسانيَّة. لكن ما فات أفلاطون أن بعض الشعوب استيقظت وخرجت فرادى وزرافات إلى عالم النور والتنوير. فبعض الشعوب خرج إلى عالم النور والتنوير، وكثير منها ما زال يعيش في فضاء الظلام والأوهام. وما يمكننا قوله هنا: إنَّ بعض الحكماء الذين خرجوا من العتمة ومن عمق الظلام، استطاعوا أن يوقظوا شعوبهم بقوة الحجَّة وسحر البيان، خلافاً للفيلسوف الأفلاطوني الذي أنكر أمام إرادة النزوع الجماهيري إلى الجهل والظلام.
فالتنوير إذن، كما ترمز أسطورة أفلاطون، هو حالة ذهنيَّة وقّادة، يدكُّ فيها الإنسان جدران الأوهام، ويخرج من دائرة الظلام، ويدمّر عبرها أركان الوصاية على العقل بوصفه الجوهر الأنبل والأعظم في الإنسان. إنه – أي التنوير- وفقاً لمنظور “كانط” الوضعيَّة التي يخرج فيها الإنسان من دائرة الخرافات والأوهام، ليحطِّم كل أشكال العطالة الذهنيَّة والجمود ومقاليد الوصاية على العقل. وفي هذا كله تأكيد لسيادة العقل وسلطانه حيث لا يكون سلطان فوق سلطانه؛ ولذا غالبا ما يقترن مفهوم العقل بمفهوم النور أو التنوير في الحضور والغياب، يقابله هذا الاقتران الكبير والجوهري بين الجهل والظلام. وضمن توجّهات هذه المعادلة التنويريَّة، يكون حضور العقل حضوراً للتنوير وغيابه حضوراً للجهل والظلام. ومن الواضح تاريخياً في هذا السياق، أن حضور العقل والعقلانيَّة كان في أصل كل حضارة وتقدّم، حيث كان العقل، وما ينتجه من حكمة وعلم وبرهان، هو أداة الإنسان لفهم الكون والإفادة الرشيدة من الطبيعة؛ بما يحقِّق الغايات الإنسانيَّة النبيلة. فالعقلانيَّة هي التي منحت الإنسان القدرة على التحرر من غوائل الطبيعة والانتصار على كل أشكال الضعف والقصور لبناء حضارة الإنسانيَّة والإنسان.
فالتنوير إذن، كما ترمز أسطورة أفلاطون، هو حالة ذهنيَّة وقّادة، يدكُّ فيها الإنسان جدران الأوهام، ويخرج من دائرة الظلام، ويدمّر عبرها أركان الوصاية على العقل بوصفه الجوهر الأنبل والأعظم في الإنسان.
لقد أطلق المؤرِّخون على العصر الوسيط في الغرب عصر الظلام، وأحيانا عصر الظلمات؛ لأنه العصر الذي هزم فيه العقل، وانتصرت الخرافات والأوهام التيولويجيَّة من كل حدب وصوب. ثم جاء عصر الأنوار في القرن الثامن عشر ليسجِّل العقل الغربي انتصاره الكبير على الأساطير والخرافات والأوهام، فانتصر الإنسان الغربي على الوهم، وانتصرت فيه الدلالة الإنسانيَّة، لتتشكَّل الحضارة على ركائز العلم والمعرفة الإنسانيَّة، وليصبح الإنسان السيد المطاع في الكون بعد أن أخضع الطبيعة لبرهان العقل والعلم، وشيد ممالكه الحضاريَّة؛ علماً ومعرفة وقوَّة وأنسنة.
وعندما نتأمَّل ملياً القرن الثامن عشر، وعصر التنوير تحديدا، سنرى عن كثب الكيفيَّة التي انطلق بها العقل ليحطِّم أصفاد العبوديَّة، ويحضّر العالم الغربي لأعظم حضارة عرفتها الإنسانيَّة في العصور الحديثة. هذا التاريخ – بما ينطوي عليه من أحداث وفعاليات وآليات اشتغال- يعلمنا الكيفيَّة التي تنتصر بها الحضارة والكيفيَّة التي ينبثق بها النور من عمق الظلام. إنه يعلمنا أسباب التصدُّع الحضاري وانهيار الحضارات، كما يعلّمنا أسباب التقدّم والازدهار، مثلما يعلّمنا أن غياب العقل يرمز إلى غياب الحريَّة، وأن غياب الحريَّة يعني موتاً شاملاً لنسغ الحقّ والعدل والخير والجمال.
أين نحن من التنوير :
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه هنا والآن هو: أين نحن العرب اليوم من أسطورة الكهف عند أفلاطون؟ أين نحن من عصر الأنوار في صورته الزاهية؟ أما زلنا في قعر الظلمات وقاع الأوهام؟ أم أننا استطعنا الخروج؛ أفراداً وجماعات إلى عالم الحقّ والنور والخير والجمال؟ وما الدور الذي قام به المفكِّرون العرب لإخراج العقل العربي والإنسان من عالم الظلام إلى عالم الحقّ والخير والفضيلة والجمال؟
إنها حالة مأساويَّة في حقيقة الأمر، حين نستعرض الواقع، لتقديم إجابات موضوعيَّة حول هذه التساؤلات الحضاريَّة المريرة! حيث تأخذنا المؤشِّرات الإحصائيَّة العالميَّة الموظّفة عادة لقياس مدى تقدُّم الأمم وتحضّرها، إلى استحضار صورة التخلُّف التي تعيشها أمّتنا العربيَّة في مختلف مستويات الحياة والوجود. فالمجتمعات العربيَّة تصنَّف وفقاً لهذه المؤشِّرات، بين أكثر المجتمعات الإنسانيَّة تخلّفاً وجهلاً وعسكرةً وتسلّطاً ودمويَّة واستبداداً وغرقاً في مستنقعات الظلام. فالدول العربيَّة تأتي دائما في أدنى سلم التحضُّر الإنساني من حيث التعليم والإبداع والبحث العلمي والتصنيع والديمقراطيَّة وحقوق الإنسان !
وبعيداً عن هذه المؤشِّرات المقننة بخلفياتها السياسيَّة، وتنوّعاتها المنهجيَّة، تكفي وقفة تأمّل خاطفة في واقع الحياة العربيَّة المعاصرة، لتكشف لنا ظلاميَّة المشهد الذي يرتسم على صورة غياب مخيف لكل معطيات العقل والعلم والإبداع والعقلانيَّة في حياتنا الثقافيَّة والاجتماعيَّة، حيث تنوء الثقافة العربيَّة اليوم تحت أثقال التشبُّع بأعظم خرافات العصر وأوهام الوجود.
إنها صورة صادمة حقاً، عندما نتأمَّل في مدى غياب العقل والنقد والتنوير والعقلانيَّة عن العقليَّة العربيَّة، وفي مستوى انحسار العلم وتراجع المعرفة العلميَّة والنظرة العقلانيَّة إلى الوجود. وتكون هذه الصورة أكثر صدماً ومأساويَّة، عندما نتأمَّل في مستوى الانحدار الأخلاقي والقيمي، وفي مستويات انتشار الفساد والرشوة والتسلّط والظلم والخرافة والأوهام والتعصُّب والتسلُّط والطائفيَّة والحروب الدمويَّة والانقسام، وغياب حقوق الإنسان، وتغييب حقوق المرأة والطفل، إنه عالم متخلِّف بنيوي التخلُّف بامتياز.
لقد أبلى المفكِّرون والباحثون في الكشف عن عوامل هذا التخلُّف الأسطوري الذي تعيشه الأمَّة اليوم، وقد أجمعت غالبيتهم على أن غياب العقل وتغييبه كان أبرز عوامل تخلّف هذه الأمّة، وأكثرها أهميَّة وخطورة. وقد بين كثير منهم أن تخلّف هذه الأمّة يتمّ تحت تأثير استبداد سياسي، يقوم على محاصرة العقل والعقلانيَّة؛ بتغييب كل أشكال الحريَّة والديمقراطيَّة، وإخضاع الأمّة لحالة من الاستبداد الوجودي الشامل.
فالعقل العربي وتحت تأثير جملة من العوامل، غارق في الظلمات، منذ أكثر من ألف عام، أي منذ اللحظة التي تولى فيها أبو الفضل جعفر المتوكل على الله الخلافة العباسيَّة في عام 847 ميلاديَّة، حيث يكاد يجمع كثير من المؤرخين على أن هذه اللحظة تشكل بداية فعليَّة لانحطاط الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة. وقد بلغ هذا الانحطاط منتهاه في اللحظة التي سقطت فيها بغداد عاصمة الأنوار بيد المغول عام 1258، فمنذ ذلك التاريخ، لم تشهد هذه الأمَّة نقلة حضاريَّة حقيقيَّة، وبقيت حتى اليوم غارقة في لجَّة الظلام.
روّاد التنوير :
وفي مواجهة هذه الوضعيَّة المتردّيَّة، حاول المفكِّرون والمصلحون العرب، منذ عصر النهضة حتى اليوم، اختراق جدار الظلام الحضاري للأمَّة، وتفجير أعتاب العتمة الوجوديَّة التي لحقت بها. وفي دائرة هذه المواجهة الحضاريَّة ولدت المشاريع التنويريَّة الكبرى التي أضاء شعلتها روّاد النهضة الأولى، أمثال: عبد الرحمن الكواكبي، ومحمد عبده، ورفاعة الطهطاوي، وبطرس البستاني، وجمال الدين الافغاني. ولم تنقطع شعلة الأوائل، إذ رفدتها جهود كبيرة لمنورين كبار محدثين، من أمثال: محمد أركون، ومحمد عابد الجابري، وعبد الله العروي، وطيب تيزيني، وصادق جلال العظم، ونصر حامد أبو زيد، وحسن حنفي، وغيرهم كثير كثير . ومما يؤسف له أن المساعي التنويريَّة لهؤلاء المفكِّرين التنويريين لم تؤتِ أكلها، كما كان يتوخَّى أصحابها، لتبقى الأمَّة غارقة في الظلمات. ويعود هذا الإخفاق إلى نسق من العوامل الموضوعيَّة والتاريخيَّة التي حالت دون نهوض هذه الأمة وتحضرها، وحالت دون استحضار الحالة التنويريَّة العامة في المجتمعات العربيَّة، على غرار الحالة التي شهدتها أوروبا في القرن الثامن عشر، إذ بقي الفكر التنويري سجين النخب، ولم يتحوَّل إلى حالة تنويريَّة جماهيريَّة فاعلة في العالم العربي. وهذا يعني أن التنوير الحقيقي لم يلامس العقليَّة السائدة لدى الجماهير العربيَّة، وبقي سجين دوائر النخب الضيِّقة، وهذا هو برأينا أحد أهمّ العوامل التي أدَّت إلى إخفاق النهضة، وتراجع مشاريع التنوير في العالم العربي، في الماضي والحاضر على حدٍّ سواء.
وضمن هذه الوضعيَّة خفتت أضواء التنوير، وتراجع تأثيره، وبقيت الساحة الثقافيَّة غارقة في العتمة، لتأخذ هذه الوضعيَّة الظلاميَّة حضورها الكبير في مختلف مناحي الفكر والممارسة والعمل، في الحياة الثقافيَّة العامَّة للجماهير والنخب على حدّ سواء. ويمكن إيجاز هذه الوضعيَّة بالقول: إنَّ محاولات النهضة في العالم العربي أخفقت تحت تأثير الطابع النخبوي للتنوير، فلم تستطع هذه المحاولات أن تخترق حجب الظلام، وبقيت لحمة الجماهير العربيَّة تحت سيطرة الغرائز والعواطف والميول البدائيَّة المناوئة بطبيعتها لكل أشكال العقلانيَّة والتنوير. وكانت قوى الظلام في هذا المشوار أكثر قدرة على تدمير منصَّات التنوير، وحجب أضوائه، ومحاصرة مريديه، وتجريدهم من القدرة على التأثير حضاريا في الحياة والمجتمع.
وفي دائرة الصراع بين حركة التنوير وخصومها، أدركت القوى المناوئة للتنوير، أنَّ التربية هي الوسيلة الأنجع في مواجهة الأضواء والأنوار وتكثيف الجهالة في العقول، فوظّفتها بفعاليَّة في عمليَّة توليد عقليَّة جماهيريَّة متصلِّبة جامدة ظلاميَّة، من أجل المحافظة على وضعيَّة الركود، وتمكين الجهالة الفكريَّة في عقول الجماهير العربيَّة، ومن ثم العمل على إغراقها في مستنقع العتمة والظلام. لقد دأبت الأنظمة التربويَّة على تكثيف الجهالة في العقول، عن طريق الشعارات المضادَّة للعقل والتفكير. لقد أفنى معلّمونا في المدرسة أنفسهم، وهم يعلِّمون الأطفال والناشئة أن يصبُّوا اللعنة على التفكير والعقل، وأن يبرمجوا عقول الأطفال بالشعار المضادّ للتجديد، وقوامه: كل تجديد بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار؛ والشعار المضاد للتفكير بالقول: من تفلسف تمنطق، ومن تمنطق تزندق، وكل زنديق في النار. لقد تعلمنا في المدرسة العربيَّة أن التفكير حرام، والسؤال جريمة أخلاقيَّة، وأن الفلسفة زندقة، وأن العقل شيطان، وأن العلماء ملحدون وزنادقة وكفار، ناهيك عن مئات الشعارات والأقوال المأثورة التي تمجِّد الجهل وتحقّر العلم وتزدري العقل.
لقد دأبت الأنظمة التربويَّة على تكثيف الجهالة في العقول، عن طريق الشعارات المضادَّة للعقل والتفكير. لقد أفنى معلّمونا في المدرسة أنفسهم، وهم يعلِّمون الأطفال والناشئة أن يصبُّوا اللعنة على التفكير والعقل، وأن يبرمجوا عقول الأطفال بالشعار المضادّ للتجديد، وقوامه: كل تجديد بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار؛ والشعار المضاد للتفكير بالقول: من تفلسف تمنطق، ومن تمنطق تزندق، وكل زنديق في النار. لقد تعلمنا في المدرسة العربيَّة أن التفكير حرام، والسؤال جريمة أخلاقيَّة، وأن الفلسفة زندقة، وأن العقل شيطان، وأن العلماء ملحدون وزنادقة وكفار، ناهيك عن مئات الشعارات والأقوال المأثورة التي تمجِّد الجهل وتحقّر العلم وتزدري العقل.
معارك التنوير :
وفي الوقت الذي آمنت فيه القوى الظلاميَّة بأهمّيَّة التأثير في الجماهير، واكتساح عواطفها ومشاعرها، ومحاصرة عقولها، انقطع دعاة التنوير إلى عالمهم النخبوي، فلم يأبهوا كثيراً بالجماهير وقضاياها، ولم يحاولوا التأثير في مكوّنات تفكيرها وطبيعة نظرتها إلى الوجود، بل وعلى خلاف ما هو مطلوب منهم، أعلنوا في كثير من المواقف احتقارهم للعامَّة وازدراءهم لجهلها، فانقطعوا عنها، ليحيطوا أنفسهم بهالة عاجيَّة وأبراج عليَّة، بعيداً عن الآخر والناس والمجتمع، مكتفين بالدوران حول أنفسهم في مدارات أخذتهم إلى نشوة السكر بملذات الأنوية، وإلى تضخّم متورّم في النرجسيَّة؛ وذلك في الوقت الذي انصرف دعاة الفكر التقليدي المنغلق إلى التفاعل مع الآخر، يستلبون عقله، ويمتلكون عاطفته من أجل البناء، لوضعيَّة اجتماعيَّة تساعدهم في تعطيل العقل والعقلانيَّة، وتحويل الشباب والمتعلّمين إلى طاقة جمود وانغلاق أيديولوجي متشبّع بتعنُّت التطرُّف في السلوك والوجود والحياة والعمل. وضمن هذه الممارسات الخبيثة الذكيَّة لهذه القوى، أصبح المجتمع كتلة أيديولوجيَّة منغلقة بعقليَّة بربريَّة صماء، تمَّت برمجتها كلياً وفقاً لأهواء أيديولوجيَّة، وتطلّعات فكريَّة سوداء، تعاند كل ما هو مبتكر جديد، وتناهض كل ما هو عقلاني ومدني وتنويري خلاق، ليبرمجوا العقول البازغة على أبجديَّة الصدّ والرفض لكل ما هو نبيل وجميل وحضاري متمدِّن، ضمن حالة من الجمود الذهني والانغلاق الأيديولوجي الذي أحال عقولهم إلى مجرَّد ردود أفعال عاطفيَّة ووجدانيَّة في مختلف وضعيات الحياة والوجود.
وهنا يجب علينا أن نعترف، ومن جديد، بأنَّ القوى الظلاميَّة فرضت وجودها في الساحة بقوَّة واقتدار، وأنَّ هذه القوى تواجه وتصدّ كل المحاولات التي تمكّن المجتمع من امتلاك قدرته الإنسانيَّة على النهوض في مسارات الضوء والتنوير. وغني عن البيان أن هذا الاستلاب الظلامي يأتي وفق استراتيجيات متقنة، فرضتها الأنظمة الاستبداديَّة الشموليَّة العمياء، ورسَّختها القوى السلفيَّة المتطرفة المنغلقة على أصول معاديَّة للإنسانيَّة، فارغة هوجاء. وكلاهما – العلمانيون الشموليون والمتطرفون التقليديون – يريد تحقيق السيطرة السياسيَّة والاجتماعيَّة وفرض الهيمنة السياسيَّة الظالمة في المجتمع ضمن نطاق الأفراد والجماعات على حدّ سواء .
وفي دائرة هذا الصراع المستميت على استباحة العقل واستلاب الوعي كان الحقل التربوي مجالاً للفعل والصراع، حيث عملت القوى الظلاميَّة؛ العلمانيَّة منها والسلفيَّة، على انتزاع العقل وتدمير العقلانيَّة في الحقل التربوي، وذلك من منطلق الإيمان بأن المؤسَّسات التربويَّة هي الأنجع في مصادرة العقل واستلابه. ومن الواضح بمكان اليوم أن القوى الظلاميَّة، والقوى ذات المزاعم الليبراليَّة، كلاهما وظّفا في التربية، واستثمرا فيها، من أجل السيطرة على العقول وتدميرها، ومحاصرة كل أشكال العقلانيَّة، وتكثيف أيديولوجيا التجهيل. ومن أجل هذه الغاية عملت هذه القوى على تكثيف برامجها وتعزيز أنشطتها، من منطلق الهيمنة على المؤسّسات التربويَّة وتحويلها إلى منصّات للقصف ضدّ العقول، فجعلوها قوَّة تعمل على تفريغ العقل من قدرته على التأمُّل والفعل أولاً، ثمَّ العمل على إعادة برمجته غرائزيا وعاطفياً، بما يخدم مصالحهم ويساعدهم على تكوين قوَّة أيديولوجيَّة هائلة لا يشقّ لها غبار.
الإخفاق التربوي :
ومن يتأمَّل في الاستراتيجيات التربويَّة للأنظمة الشموليَّة، سيرى بأم العين كيف احتكرت هذه الأنظمة المؤسَّسات التربويَّة، ومنعت غيرها من القوى السياسيَّة من الحضور في هذا الحقل الذي يعدّ حكراً على الأحزاب السياسيَّة ذات الطابع الشمولي، كما كان الحال في سوريَّة والعراق وليبيا. وهذا النهج نجده لدى الأحزاب والتيارات الظلاميَّة المتشدِّدة التي فرضت حصارها المطلق على مختلف مؤسَّسات التربية، فجعلت منها أداتها الأيديولوجيَّة الجبَّارة في السيطرة على الشباب والناشئة وتكوين عقليَّة ظلاميَّة مخيفة بأبعادها الأيديولوجيَّة.
وممَّا يؤسف له، أنه منذ عهد بعيد بقي معسكر التنوير الحقيقي هامشيا، خارج سياق التأثير في التربية، واكتفى أصحابه بالدوران حول الأنا النخبويَّة، بما يكتنف هذه الأنا من نزعة نرجسيَّة فاقدة للجاذبيَّة والتأثير. فلم يستطع أصحاب هذا التوجُّه أن يشكِّلوا أي مدار مستقل أو أي ثقل كوني، ليفقد هذا التيار مع الزمن تأثيره، ويخفت تنويره، ليصبح خارج دائرة الفعل الاجتماعي، يعيش حالة اغترابيَّة بعيدة جداً عن مراكز التأثير والفعل والقرار الثقافي.
ومع الزمن، وبفعل هذه العزلة التنويريَّة، تكاثفت في المجتمع عقليَّة سحريَّة خرافيَّة ظلاميَّة، تنتفض إيمانا بكل أشكال الخرافة والأساطير، لتتحوَّل إلى عقليَّة عمياء تتميَّز بخصائص الانصياع والاتباع والخضوع والقبول الصاغر لكل الإيحاءات التقليديَّة التي تفرضها نصوص وتعاليم مفرغة تماما من قيمتها وجداوها، إلى درجة نجد أنفسنا اليوم في دائرة ثقافة جماهيريَّة استلابيَّة، بنيويَّة التخلُّف والمصير، تعاند كل توجّه عقلي وعقلاني.
ومن المدهش أن هذه الموجة الاغترابيَّة التسطيحيَّة استطاعت أن تدك معاقل التفكير لشرائح واسعة من دعاة الثقافة وحملة الألقاب والأكاديميين والمتخصّصين والضالعين في حمل الشهادات العلميَّة العالية. حتى أنك لَتُذْهل عندما تجد أن جوهر ثقافة الأكاديميين قد لا تختلف كثيرا عن ثقافة العامَّة، ولاسيما في مدى قبولها لمختلف أشكال وأنماط التفكير الخرافي الأسطوري النصِّي المنغلق على الأصول، الذي فرض نفسه في عقولهم كمقدّسات غير قابلة للنقد والنقض والتحليل. ويبقى هذا دليلاً على أن الإنتاج الثقافي التربوي ما زال يعمل بقوة على إنتاج أجيال مصمّمة على القبول الصاغر لشكليات النصّ المنغلق على التأمُّل والتفكير، وإضفاء الطابع القدسي على كل ما تعلموه من خرافات ونصوص وتعاليم وأوهام وأساطير.
ومن المؤكِّد أن أيديولوجيا التطرّف والانغلاق قد دمَّرت في صميم التكوين الفكري لحملة الشهادات العلميَّة كل قدرة على المبادهة والابتكار والتحليل، والقدرة على النظر والتأمُّل بمعيار العقل والتأمل والنقد والتنوير. ومن هنا يمكننا تفسير موجة التعصُّب التي تجتاح الشرائح الواسعة من المثقّفين والمفكّرين في مختلف أصقاع الوطن العربي في ظلِّ ما يسمَّى بالربيع العربي المنصرم. ومن أبرز تجليات هذه الظاهرة الاغترابيَّة اندفاع الشباب والمثقّفين كثيراً إلى الانتصار لحركات متطرّفة مجنونة تحت شعارات الدعوة إلى المزيد من القتل وسفك الدماء. وها هو الإعلام، بكثير من رجالاته، والمؤسَّسات الدينيَّة بأغلب علمائها، والأحزاب السياسيَّة بأبرز سدنتها، والمؤسَّسات الثقافيَّة في كثير من مفكّريها، يدعون بقليل وكثير إلى التعصُّب الطائفي والعنصري والسياسي، كما يدعو بعضهم إلى الفتنة والقتل والاقتتال، تحت شعارات طائفيَّة وعرقيَّة ومذهبيَّة، ما أنزل الله بها من سلطان. وعلى إيقاعات هذا الجنون يتمّ اليوم تدمير شواهد التاريخ والإنسان وتحطّم الآثار التاريخيَّة، وتدمِّر ذاكرة الإنسان والإنسانيَّة في سوريا والعراق، وفي ليبيا وتونس ولبنان واليمن والسودان.
هزائم التنوير :
فما أكثر ما يكتب وما أقل ما يفيد في عالم الفكر، في العالم العربي المعاصر. فالمطابع العربيَّة تضخ أطناناً من الكتب سنوياً، ودور النشر تقذف بعدد هائل من المنشورات والمطبوعات التربويَّة، في مختلف أصقاع البلدان العربيَّة. ولكن نظرة خاطفة إلى هذه الإنتاج الضخم ستكشف عن الخواء الكبير في قيمته النوعيَّة ومضامينه الفكريَّة، فأغلب ما نقع عليه من إنتاج يفتقر إلى الأصالة والجزالة والعمق، ولا يعدو أن يكون خواء وأضغاث فكر يترنح في فضاءات عدميَّة، فاقدة للجدوى والمعنى والدلالة. فالإنتاج الفكري ولاسيما في مجال التربية، يفتقر إلى الأصالة العلميَّة والروح الإبداعيَّة والقدرة على استكشاف الجدة للقضايا الاجتماعيَّة والتربويَّة، فما هي في أغلبها إلا تكرار مسطح واجترار استلابي، يغشاه التبسيط والتلقين والاجترار والتكرار. وليس أقله أن هذه الكتابات تعاني، في منهجها وفي غاياتها وفي القيم التي تبشر بها وفي الوظيفة التي تدانيها وتقاربها.
ومن يتأمَّل في الشريحة الكاسحة من الكتَّاب والمفكِّرين في مجال الفكر التربوي سيجد بوضوح أن جلّهم يفتقر إلى ثلاثة أمور أساسيَّة، أولها: القدرة الإبداعيَّة، وثانيها: الطاقة النقديَّة، وثالثها: المنهجيَّة العلميَّة التي تقارب بها القضايا التربويَّة والاجتماعيَّة. ومن يتأمَّل أكثر في الكتابات القائمة، سيجد التكرار والعدميَّة والتناسخ والاجترار.
لقد علَّمتني التجارب أنني عندما أريد أن أقرأ في الفكر التربوي أو عن قضايا التربية أن اشد الرحال إلى الكتّاب من خارج السلك التربوي، ولاسيما عند الأدباء والمشتغلين في الفكر الفلسفي والأنثروبولوجي، وذلك لأن أغلب هؤلاء الذين تألَّقوا في الفكر التربوي، هم غالبا من أصول فلسفيَّة، حصلوا على الإجازة الجامعيَّة الأولى في الأقسام الفلسفيَّة والاجتماعيَّة، أو في كليات الآداب بصوة عامَّة. ولهذه القضيَّة ما يبرِّرها، عندما نقارن الجرعة النقديَّة التي تتميَّز بها كليات الآداب والفلسفة بالمقارنة مع كليات التربية التي تفتقد بصورة كبيرة إلى أبسط معطيات التفكير النقدي والتنويري.
غيبوبة النقد :
فالساحة الفكريَّة التربويَّة، تعاني من غياب النقد التربوي بأبعاده المختلفة، وهذا الغياب النقدي يشكِّل بدوره ظاهرة عاَّمة في مختلف مستويات الحياة التربويَّة، فكراً ومنهجا وممارسة. فالممارسات التربويَّة، بما تنطوي عليه من مضامين فكريَّة تحتاج اليوم إلى فعاليَّة نقديَّة متمرِّسة، للكشف عن أبعاد ومضامين هذا الركام التربوي الذي بدأ يشكِّل بذاته خطراً داهماً على مجمل الحياة الفكريَّة والتربويَّة في العالم العربي. فنحن في أمسِّ الحاجة إلى هذه الممارسة النقديَّة للكشف عن الجذور والحفر في الأعماق، لتحرير العقل العربي من صدأ الوجود وأورام الكينونة. ومثل هذه الممارسة النقديَّة، يجب أن تنطلق لتشكِّل تياراً فكرياً عاصفاً، يكنس غبار الزمن وأوهام الممارسات السطحيَّة في التربية والفكر التربوي على حدٍّ سواء. ومثل هذا التوجُّه النقدي، يمكن أن يتحوَّل في المستقبل إلى طاقة تنويريَّة هائلة، تنطلق بالحياة والإنسان العربي إلى مراكز الفعل الحضاري ليكون قادرا على تفجير طاقاته الإبداعيَّة حضاريا وإنسانيا.
إننا اليوم في أمسِّ الحاجة إلى قراءة نقديَّة للواقع الفكري والثقافي، قراءة تضعنا في مواجهة التحدِّي الظلامي الذي يعصف بوجودنا وهويّتنا. قراءة جديدة تجعلنا أكثر قدرة على رصد حركة العقل بكل ما تفيض به هذه الحركة من جمال. وكمربين علينا أن نجعل طلابنا يدركون عوامل العطالة والجمود التي تؤدِّي إلى محاصرة العقل وإضعاف الخيال وجمود ملكة الحكم والنقد. نريد لهم أن يدركوا إدراكاً علمياً الكيفيَّة التي يتصلَّب بها العقل ويتصدع ويتآكل ويعلّب. كما نريد لهم أن يعرفوا الآليات والفعاليات التي تعتمدها التربية، لوضع العقل في الأغلال والأصفاد، كما نريد لهم أيضا أن يدركوا الأسباب التي يمكنها أن تطلقه مضيئاً ينشر وميضه إلى آفاق بعيدة. بل علينا أن نناشد عقل الطالب، ونستلهم قدرته على التفكير في الصيرورة التاريخيَّة، والاستفادة من دروس التاريخ وأحكامه وقوانينه لتأصيل اتجاهات العمل على بناء عقل عربي منفتح، يمتلك القدرة على امتلاك الحقيقة، وتفجير طاقة العقل التنويريَّة نحو مزيد من العطاء والإبداع في مسار الحضارة الإنسانيَّة.
إننا اليوم في أمسِّ الحاجة إلى قراءة نقديَّة للواقع الفكري والثقافي، قراءة تضعنا في مواجهة التحدِّي الظلامي الذي يعصف بوجودنا وهويّتنا. قراءة جديدة تجعلنا أكثر قدرة على رصد حركة العقل بكل ما تفيض به هذه الحركة من جمال. وكمربين علينا أن نجعل طلابنا يدركون عوامل العطالة والجمود التي تؤدِّي إلى محاصرة العقل وإضعاف الخيال وجمود ملكة الحكم والنقد.
المواجهة التنويريَّة :
إن فكرة تأسيس تيارات تنويريَّة تعبر عن إرادة حقيقيَّة من أجل بث فكر نقدي تنويري في الثقافة والفكر، من أجل توحيد طاقات نخبة من المفكرين في حزم ضوئيَّة قويَّة، نريدها أن تصبح أكثر قوة، بل نريدها في المستقبل أن تتحول إلى منارات فعالة ونشطة تجمع بين رواد الفكر وطلاب المعرفة وأهل التنوير، من أجل عمليَّة البناء الحضاري في واقع أمتنا المرير.
في مواجهة هذا الواقع الفكري العربي المأزوم، الذي يجأر بكل دلالات التخلّف ومؤشّرات السقوط، ما زالت فئة واسعة من المثقفين تحمل شعلة التنوير والضياء، وفي قلب هذه العتمة الوجوديَّة التي خيمت على صدر الأمّة بدأت الشموع الثقافيَّة المضيئة تتلألأ هنا وهناك، حيث انبرت طائفة كبيرة من المفكّرين -من كل الاختصاصات والمشارب العلميَّة والفكريَّة – للعمل بصمت وصبر وإيمان وعمق وتُؤَدَةٍ من أجل تشكيل حزمة هائلة من الضوء قادرة على تبديد الظلام الذي تعيشه الأمَّة.
وممَّا لا شكّ فيه، أن الساحة الفكريَّة العربيَّة تضمّ بين جناحيها عدد كبير من المفكّرين التنويريّين الراغبين في عمليَّة البناء الحضاري للأمَّة، ولكن تفرّقهم وتشرذمهم في الأنحاء كان وما زال يضعف مسيرتهم التنويريَّة، ويقلِّل من دورهم الحضاري الفاعل، وهم اليوم في أمسّ الحاجة إلى تشكيل حزمة ضوء كبيرة قادرة على ممارسة الدور الحضاري المنشود في مجالي النقد والتنوير.
وما يبشِّر بالأمل أن نخبا ثقافيَّة اليوم رفعت مشاعلها المضيئة في أعماق العتمة تريد تبديد دياجير الظلام وكسر أسوار الجهل والتخلف والعدميَّة الثقافيَّة. وهذه النخب تشعل شموع الضياء في ثقافة أثقلت فيها الظلال السوداء وارتسمت بؤسا وقهرا. وقد انتشرت كثير من المواقع الفكريَّة والثقافيَّة التي قرَّرت خوض المعركة ضدّ الجهل والتخلُّف إيمانا بأن ومض الضوء سيكسر كل حدود الظلام ويكشف كل أبعاد العتمة.
شعلة برومثيوث أم مصباح ديوجين ؟
في مواجهة هذا الواقع الفكري العربي الذي يجأر بكل دلالات التخلف ومؤشرات السقوط في مستنقع العدميَّة، ما زالت فئة واسعة وكبيرة من النخب، تحمل شعلة التنوير والضياء، وثمة طائفة من المفكرين الشباب ما زالوا يستلهمون شعلة البطل الأسطوري بروميثيوس الذي نزع الشعلة المضيئة من أيدي الآلهة، ليضيء بها أركان الأرض، فلا يترك منها ركناً خافياً في عتمة الظلام. فكثير من المفكرين والمنورين العرب يضحون اليوم من أجل الإمساك بقبس النور، بشعلة بروميثيوس، من أجل رسالة التنوير؛ تبديداً للظلام الذي يغرق هذه الأمة في ظلماته العميقة. وفي قلب هذا الظلام بدأت حركة من الشموع المضيئة تتلألأ هنا وهناك، حيث انبرى عدد كبير من المفكرين – من كل الاختصاصات والمشارب العلميَّة والفكريَّة – يعملون بصمت وصبر وإيمان وعمق وتُؤَدَةٍ، من أجل تشكيل حزمة هائلة من الضوء، قادرة على تبديد الظلام الذي تعيشه الأمة، فكل شراب من مورد العلم والنور عندهم سائغ من أجل رسالة التنوير والنهضة.
إنَّ الساحة العربيَّة اليوم تفيض بأصحاب التنوير ومريديه؛ الراغبين في عمليَّة البناء الحضاري للأمَّة، لكنّ تفرقهم وتشرذمهم في الأنحاء يضعف مسيرتهم التنويريَّة، ويقلِّل من دورهم الحضاري الفاعل. وهم اليوم في أمسِّ الحاجة إلى تشكيل حزمة ضوء كبيرة قادرة على ممارسة الدور الحضاري في مهاجمة ظلام العقول، وبناء الطاقة التنويريَّة للأمَّة. من هذا المنطلق التنويري نحتاج اليوم إلى مصباح ديويجين العتيق ، ليس بحثا عن الحقيقة هذه المرَّة، بل بحثاً عن ينابيعها الكامنة في المفكّرين أصحاب الرؤية النقديَّة والرسالة التنويريَّة.
ومن هذا الموقع أوجّه خالص الشكر والتقدير لكل المناضلين التنويرين الساهرين على خطوط التماس ومنصَّات الدفاع الذين يحملون مشاعل الأمل والحريَّة والضياء. وأخص بالشكر في هذه المناسبة منوّري الرابطة العربيَّة للتربويين التنويريين الذين كرّسوا الجهود الجبارة وضحوا بكل ما يمتلكون عليه من رصيد إنساني وأخلاقي وثقافي من أجل أيقاظ العقول، وإعلاء كلمة التنوير، نشدانا للفكر الحرّ واستلهاما للعقل النقدي المتنور في معركة الثقافة والحضارة ضدّ ظلاميَّة العصر الذي نعيش فيه. وكل الشكر أيضا لموقع التنويري وللقائمين عليه لما يبذله من نشاط تربوي تنويري حرّ أصيل للنهوض بالعقل والإنسان العربي. ومهما يكن الأمر فالمسيرة بعيدة المدى والمعركة شائكة وعويصة، ومع ذلك علينا أن نهتدي بالحكمة الإنسانيَّة التي تقول ” أن تُشعل شمعة خير لك من أن تلعن الظلام”.
علي أسعد وطفة
جامعة الكويت -كليَّة التربية .
*المصدر: التنويري.