قراءة في الديمقراطيات العربيَّة
التنويري
عن منتدى المعارف صدر كتاب ” البدوقراطية: قراءة سوسيولوجية في الديمقراطيات العربية” للدكتور غسان الخالد وجاء في تعريف الكتاب: أغلب ما نشر عن الديمقراطية في الوطن العربي إنما يصبّ في إطار الديمقراطية وفق المنظور الغربي. ولعلَّ في هذه الرؤية محاولة إسقاط لن تكون ناجحة على الأغلب، لأن الديمقراطية وجدت في الغرب بيئة ملائمة حاضنة استطاعت من خلالها أن تطور نفسها على مرّ قرنين من الزمن تقريباً، لتدخل تدريجياً في صلب الذهنية الغربية وتتحول إلى ثقافة تقوم على عادتين أساسيتين هما: اعتبار الديمقراطية منهجاً في التفكير وأسلوباً في العمل السياسي، أكثر مما هي صيغة مرسومة المعالم محددة المنبع. كما إن العديد من المفكرين العرب وحتى الغربيين، إنما ينظرون إلى الديمقراطية نظرة إجرائية تتحقق بالانتخابات التشريعية وبتداول السلطة، من دون التدقيق في طبيعة القوانين الانتخابية، وفي الرقابة والضوابط والعوامل المؤثرة في الانتخابات.
وباختصار، من دون مراعاة البيئة الاجتماعية وطريقة أو آلية عملها الناتجة عن طبيعة بنيتها، أو المراحل التاريخية التي مرت بها وأدّت أو لم تؤدّ إلى تطور هذه البيئة، هي في نظر العديدين لا تزال بنية تقليدية محافظة.
يُنتِج كل من البنية الاجتماعية والدين في الوطن العربي منظومة قيم ثقافية واقتصادية وسياسية تتلاحم فيما بينها مشكلة ذهنية عامة، تسِم المجتمع العربي بشكل أو بآخر بسمة خاصة يصعب عليها إسقاط المفاهيم الخارجة عنها. فمحاولة التشبه بالديمقراطية البالغة للمستوى الحضاري الأرقى وجعلها قاعدة للحكم على ما هو ديمقراطي أو غير ديمقراطي لممّا يصعّب علينا مسألة مقاربته لأن المفاهيم الحضارية والظروف السياسية عند العرب، وفي العالم الثالث بشكل عام، إنما تشكل (هذه المفاهيم والظروف)، بيئة مغايرة قد لا تصلح لأن تنمو فيها الأفكار الديمقراطية والمؤسسات الديمقراطية كما هو شائع في أوروبا والعالم الغربي.
انطلاقا ًمن فكرة المواءمة هذه يأتي مفهوم البدوقراطية، لا لإضافة مصطلح جديد في علم الاجتماع السياسي كمصطلح “الشوراقراطية” التي تعني المواءمة بين مفهومي الشورى الإسلامي والديمقراطية الغربية، وإنما ليكون معبّراً عن البنية الاجتماعية ومنهج التفكير الذي يغلب على المجتمع العربي مقروناً بآلية العمل السياسي التي يسميها خلدون النقيب “القبلية السياسية” أو “الديمقراطية القبلية”.