المعنى مقابل القانون
ما زلنا لا نميِّز بين الدين والمعرفة الدينيَّة، أو بين النصّ المقدَّس والثقافة الدينيَّة البشريَّة، فالأوَّل يمنح المعنى حضوراً حقيقيَّاً فيما يمنح صيغ الثاني على شكل قوانين وضوابط كما في علوم الفقه مثالاً وليس حصرا.
المعنى ينجز الفعل وليس الفعل يحقِّق المعنى. لذا بتلبور الصراع مع المعنى لإنتاج مفاهيم تمنح للحياة (الوجود) والإنسان. والأهم هو أنها تكشف عن الوجوه المتعدِّدة للحقيقة. ولعل من الصعوبة تعريف الحقيقة، إذ أنها في فلسفة أرسطو تعني كل شيء مطابق للواقع، أصبحت اليوم في متاحف تاريخ الفلسفة.
قراءة الوجوه المتعدّدة للحقيقة وتحقيق المعنى للفعل تعني الحركة والديناميكية لسبر كلمات الله المطلقة، وتعني أيضاً تحقيق الأخلاق الحميدة، الركن الأساس لديننا الحنيف، القائم على القيم. ولفهم مأزق الأخلاق يتطلَّب تفسير جدل القيم. ولفهم مأزق الأخلاق يتطلَّب تفسير جدل القيم، وليس التكرار الملل لتراث جامد بعيد عن حركة الحياة.
حركة الإنسان مع نفسه والآخر والوجود هي التي تحدِّد القبيح والجميل والمعنى لا تحدّده صمّامات أمان، كما هو الحال في الدولة والقانون. فالنص الحامل بالمعنى يخلو من الضوابط كما وضّحنا، لكنّه يتحكَّم بالقبيح والجميل في فعل الإنسان.
الدين هو المعنى والمفهوم، بينما المعرفة الدينيَّة هي القوانين والضوابط، كما في العلوم الدينيَّة، ومع زيادتها تزداد نسبيّتها وتناقضاتها وضوابطها.
ولأنّ القراءة قانونيَّة فستكون ستاتيكيَّة غير قابلة على امتصاص التغيّرات لتغدو جامدة مفصولة عن الواقع، في حين النصّ (الدين) هو المعنى المرتبط بعواطف وعقل الإنسان.
المعنى تعريفاً تعني إدراك المعاني وسبرها تعني تجدّده وديناميكيّته واستيعابه للمتغيّرات وبالتالي عمليّته وواقعيّته.
*المصدر: التنويري.