البطالة
[soundcloud url=”https://api.soundcloud.com/tracks/318594142″ params=”color=ff5500&auto_play=false&hide_related=false&show_comments=true&show_user=true&show_reposts=false” width=”100%” height=”166″ iframe=”true” /]
أسعد الله أوقاتكم مستمعينا وأهلاً بكم في برنامجكم نجاحبيديا موضوع حلقتنا لهذا اليوم عن البطالة من حيث المفهوم والأنواع والأنماط.
البطالةُ هي ظاهرةٌ اقتصادية بدأ ظهورها بشكل ملموسٍ مع ازدهارِ الصناعة، إذ لم يَكُنْ للبطالةِ معنًى في المجتمعاتِ الريفيةِ التقليديةِ. طِبْقًا لِمنظمةِ جبه الدّوليةِ فإنَّ العاطلَ هو كلُّ شخصٍ قادرٌ على العمل وراغبٌ فيه، ويبحثُ عنْه، ولكن دون جَدوى. ومن خِلالِ هذا التعريفِ يَتَّضحُ أنَّهُ ليس كلُّ مَنْ لا يعملُ عاطلًا، فالتلاميذُ والمعاقون والمُسِنُّونَ والمتقاعدون ومَنْ فقدَ الأملَ في العثورِ على عمل وأصحابُ العمل المؤقتِ ومَن هُمْ في غنًى عن العمل لا يتمُّ اعتبارُهمْ عاطلينَ عن العمل. ويسمَّى من يعاني منها عاطلًا في المشرق وبطَّالًا في المغرب.
معدلُ البطالةِ
هو نسبةُ عددِ الأفرادِ العاطلينَ إلى القوة العاملة الكُلِّيَّةِ، وهو مُعدَّلٌ يَصْعُبُ حِسَابُهُ بدِقَّةٍ. وتختلفُ نسبةُ العاطلينَ حسْبَ الوَسَطِ (حضري أو قرويّ)، وحسْبَ الجنسِ والسِّنِّ ونوعِ التعليمِ والمستوى الدراسي. ويمكن حسابها كما يلي:
معدلُ البطالة = (عددَ العاطلين مقسومًا بعدد القوة العاملة) مضروبًا بمِئة.
معدلُ مشاركةِ القوةِ العامِلة = (قوةَ العمالةِ مقسومًا على النسبةِ الفاعلة) مضروباً بمِئة.
أنواعُ البطالة
يُمكنُ أن نشيرَ إلى ثلاثةِ أنواع َ رئيسةٍ للبطالة، وهي :
– البطالة الدَّورية (البنيوية): والناتجةُ عن دَوريةِ النظام الرأسمالي المنتقلة دومًا بين الانتعاشِ والتوسعِ الاقتصاديِّ وبين الانكماشِ والأزمة الاقتصادية التي ينتجُ عنها وقفُ التوظيفِ والتنفيسُ عن الأزمةِ بتسريحِ العمَّال.
– البطالةُ المرتبطةُ بهيكلةِ الاقتصاد وهي ناتجةٌ عن تَغيُّرٍ في هيكلِ الطَّلَبِ على المنتجاتِ أو التقدمِ التكنولوجيِّ، أو انتقالِ الصناعات إلى بلدانَ أخرى بحثاً عن شروطِ استغلالٍ أفضلَ، ومِن أجلِ ربح أعلى.
– البطالة المقنعة وهي تَتَمَثَّلُ بحالة مَنْ يؤدِّي عملاً ثانوياً لا يوفِّرُ لهُ كِفايتَهُ مِنْ سُبُلِ العَيْشِ، أوْ إنَّ بضعةَ أفرادٍ يعملونَ سويةً في عمَلٍ يمكنُ أنْ يؤدِّهِ فردٌ واحدٌ أو اثنان.
أنماطُ وسِماتُ البطالةِ
تتَّفِقُ مُعْظمُ الدِّراساتِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ التي تناولَتْ ظاهرةَ البطالةِ، على أنَّ أنماطَ البطالةِ وأشكالَها ليست ثابتةً أو نِهائيةً، وإنَّما هي متغيرةٌ ومتجدِّدةٌ باستمرار.
النمطُ الأولُ: تقسيمُ البطالة حسْبَ نمطِ التشغيلِ، إلى ثلاثةِ أنماط،هي:
أ. البطالة السَّافِرة Open unemployment ويُقصد بـ”البطالة السافرة”، حالةُ التعطلِ الظاهر التي يعاني منها جزءٌ من قوة العملِ المتاحة، أي وُجودُ عددٍ من الأفرادِ القادرين على العملِ والراغبين فيه والباحثين عنه عند مستوى الأجرِ السائدِ دون جَدوى، ولهذا فَهُم في حالةِ تعطُّلٍ كاملٍ لا يمارسون أيَّ عملٍ لفترةٍ قد تطولُ أو تقصرُ حسْبَ ظروفِ الاقتصادِ القوميِّ، كبطالة الخريجين.
ب. البطالةُ الجُزئيةُ أو نقصُ التشغيلِ Underemployment وتعني الحالةَ التي يمارسُ فيها الشخصُ عملاً، ولكن لوقتٍ أقلَّ من وقتِ العملِ المعتادِ أو المرغوب. ومن ثَمَّ فَهيَ تتَضَمَّنُ في معناها الواسعِ وجودَ جماعةٍ من الناسِ يعملون لساعاتِ عملٍ أوْ أيامٍ أقلَّ مِمَّا هو مرغوبٌ، ويعملون من خلالِ عقودٍ تختلفُ عمّا هو مرغوبٌ، ويعملون في أماكنَ غيرَ مناسبةٍ للتشغيل، كما يكون إنتاجُهم، عادةً، أقلَّ من الأعمال الأخرى.
ج. البطالةُ المقنَّعَة أو المُسْتتِرة Disguised unemployment وهي تلك الحالةُ التي يتكدسُ فيها عددٌ كبيرٌ من العُمَّالِ على نحوٍ يفوقُ الحاجةَ الفعليةَ للعملِ، ومن ثَمَّ يكون إنتاجُهم أو كسبُهم أو استغلالُ مهاراتِهم وقدراتِهم على نحوٍ متدنٍ. وهذه البطالة تُعدُّ أخبثُ الأنواعِ خاصةً في الدول النامِية، لأنها الوجهَ الآخرَ لتدنِّي الإنتاج في العملِ المبذول.
النمط الثاني: تقسيم ُ البطالةِ حسْبَ طبيعةِ النشاطِ الاقتصاديِّ السائدِ إلى ثلاثة أنماط، هي:
أ. البطالةُ الاحتكاكية (الفنية) Frictional Unemployment وهي الحالةُ التي تحدثُ عندما يتعطَّلُ بعضُ الأشخاصِ، مع ما قد يكونُ من طلبٍ على العُمَّالِ لم يتمْ إشباعُه بعْد؛ لأنّ هؤلاءِ العمالَ المتعطلين غيرُ مُؤهلينَ لسدِّ حاجةِ هذا الطلب. وينشأُ –عادةً- هذا النوعُ من البطالة بسبب إحلالِ الآلاتِ محلَّ العمالِ في بعضِ الصناعات، أو لصعوبةِ تدريبِهم ْعلى الأعمالِ التي لم يسبقْ لهمُ التدريب عليها، والتي يتزايد الطلبُ عليها في سوق العمل.
ب. البطالة الدورية Cyclical Unemployment وهي التي تنشأ نتيجةً للدوراتِ التجاريةِ المعروفةِ جيداً في النشاط الاقتصاديِ المتكاملِ؛ فعندما يحدُثُ انخفاضٌ عابرٌ في الطلبِ على البضائعِ، يُرغمُ أصحابَ المصانعِ على تخفيضِ عددِ العمالِ أو تخفيضِ ساعاتِ عملِهم.
ج. البطالةُ الهيكليةُ (البنائية) Structural Unemployment ويُقصد بها ذلك النوعُ من التعطلِ الذي يصيبُ جانباً من قوةِ العمل، بسبب تغيراتٍ هيكليةٍ تحدثُ في الاقتصاد القومي، وتؤدي إلى وجودِ حالةٍ من عدمِ التوافقِ بين فرصِ التوظيف المتاحةِ ومؤهلاتِ وخبراتِ العمالِ المتعطلينَ الراغبين في العمل والباحثين عنه. وتحدث البطالة الهيكلية بسببِ تغيرٍ في هيكل الطلب على السلع والمنتجات، أو إلى تغيرٍ في الفن التقني المستخدم، أو إلى تغيراتٍ في سوقِ العملِ نفسِه.
النمط الثالث: تقسيمُ البطالةِ حسْب طبيعتِها الخاصةِ إلى:
أ. البطالة المَوسِمية Seasonal Unemployment وهي البطالةُ التي تحدُث أساساً في القطاعِ الزراعيِّ بسبب موسميةِ الإنتاج الزراعي. فقد أصبحت الزراعةُ مهنةً لبعض الوقت، خاصةً وأنَّ صِغَرَ حجمِ الحِيازة الزراعيةِ بفعلِ تفتتِ الحيازةِ أدى إلى الحدِّ من العمالةِ الزراعية. وقد تحدثُ في بعض الصناعاتِ في الريف بسببِ التغيراتِ الموسميةِ في النشاطِ الاقتصاديِّ نتيجةً للظروفِ أو للتغيراتِ، التي تطرأُ على أنماطِ الاستهلاك.
ب. البطالة الاختيارية Voluntary Unemployment وهي الحالةُ التي يتعطَّلُ فيها الفردُ بمحْضِ إرادتِه واختيارِه، حينما يقدِّم استقالتَه عن العمل ، إمَّا لعزوفِه عنه أو تفضيلِه لوقت الفراغ، وإما لأنه يبحثُ عن عملٍ أفضلَ يوفِّر له أجراً أعلى، وظروفَ عملٍ أحسن، أو للانسحاب من سوق العمل بإرادته، كجماعات التكفير والهجرة التي ترفض العمل في الحكومة.
ج. البطالة الإجبارية أو القسرية Involuntary Unemployment ويُقصد بها الحالةُ التي يتعطل فيها العاملُ بشكل قسْري، أيْ مِن غيرِ إرادتِه أو اختياره، وتحدث من طريقِ تسريحِ العمال بشكل قسري مع أن العاملَ راغبٌ في العمل (مثل ظاهرة المعاش المبكر الإجباري) وقادرٌ عليه وقابلٌ لمستوى الأجر السائد. وقد تحدث البطالةُ الإجباريةُ عندما لا يجد الداخلون الجددُ لسوقِ العمل فرصاً للتوظف، على الرغم من بحثِهم الجَّدِّيِّ عنه، وقدرتِهم عليه، وقبولِهم لمستوى الأجر السائد. وهذا النوعُ من البطالة يسودُ بشكلٍ واضحٍ في مراحلَ الكسادِ الدوريِّ في الدول الصناعية، أو في حالةِ خصخصةِ الشركاتِ والمنشآتِ العامةِ في الاقتصاد القومي. إن عرضَ أشكالِ البطالةِ ليس هدفاً نهائياً أو غايةً في حدِّ ذاته، بل تتوقفُ جدواهُ على ما يقدِّمه من وصفٍ موضوعيٍّ واقعيٍّ لأشكالِ البطالة القائمةِ حتى يسهمَ ذلك في تشخيصٍ دقيق لها، ومن ثَمَّ تحليلٍ أعمقَ وأشملَ لكل عناصِرِها وأبعادِها، الأمرُ الذي يساعدُ في وضعِ تصورٍ علميٍّ لمواجهةِ الآثارِ المترتبةِ عليها والتخفيف من حِدَّتِها.