المقالاتفكر وفلسفة

مقوّمات نظريَّة التحليل النفسي لدى سيغموند فرويد وتجلياتها

الملخص التنفيذي للبحث:

يعيش الإنسان وهو يعتقد أنه يملك وعيا بذاته الذي ثم التعبير عنه من خلال تاريخ الفلسفة ب “الأنا”، كما يعتقد كذلك أنه من خلال الوعي بالذات يتحقق له الوعي بالمحيط الخارجي، بل والوعي بجميع علاقاته مع الآخرين/الأغيار، ومعنى هذا أن الإنسان يعتقد أنه على وعي بكل ما يصدر عنه من أفعال وتصرفات وسلوكات وممارسات، لدرجة أنه مع ديكارت اعتبرنا أنفسنا وذواتنا أسيادا على الطبيعة بل وعلى أنفسنا أيضاً نتحكم فيها ونطوعها لخدمتنا، ولهذا كانت مقولة الحداثة هي “الإنسان سيد نفسه فيما يقول ويفعل.” ولكن مع فرويد اكتشفنا أن بعض السلوكات والتصرفات والأفعال والانفعالات والنزوات والميولات والممارسات التي نقوم بها أثناء حالات الغضب والانفعال والقلق، أو حتى بعض الأحلام الصادرة عنا أثناء النوم ما هي سوى تعبير عن جانب مجهول وغامض من حياتنا الداخلية النفسية الغير مفهومة بتاتا، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن ذلك الوعي بالذات ليس واضحا وبديهيا ومائزا كما عبر عن ذلك ديكارت، وأن الإنسان في نهاية المطاف ليس هو السيد على نفسه وعلى الطبيعة وعلى الآخرين، بل مع فرويد أصبحنا نقول أن مجمل أفعالنا وأفكارنا ليست كلها صادرة عن وعينا وإرادتنا الذاتية الحرة كما عبر عن ذلك كانط، الذي يجعل من الإرادة الحرة هي القائدة للذات، بل إن جزءاً كبيراً مغموراً منها يرجع إلى فرضية اللاشعور أو اللاوعي، وفي هذا إشارة حثيثة إلى تلك الحياة النفسية اللاواعية التي لها رابطة وطيدة وعميقة بتاريخ الفرد منذ نعومة أظافره وطفولته المبكرة.

إشكالية البحث:

كيف يتحكم الوعي واللاوعي في السلوك الإنساني؟ ما الذي يجعل فرضية اللاوعي فرضية ضرورية ومشروعة وموضوعية؟ هل معطيات الوعي كافية لتحديد الشخص السوي؟ هل الأنا محكوم باللاوعي أم هو مركز الكون أم سيد ذاته؟ أين تتمثل ضرورة ومشروعية الاشتغال بفرضية اللاوعي؟ ما هي طبيعة العلاقة بين الوعي واللاوعي من خلال تمفصلات : الهو -الأنا- الأنا الأعلى في تشكيل الجهاز النفسي؟ بأي معنى يعتبر الحلم متنفسا للرغبة؟ هل الرغبة حاجة لا يفي بها الواقع ولا تستوعبها ممكناته؟

ألا تكشف بعض سلوكاتنا أثناء حالات الغضب والانفعال والقلق، أو الأحلام الصادرة عنا أثناء النوم عن جانب غامض من حياتنا النفسية؟ ألا يدل ذلك على أن الوعي ليس واضحا وشفافا بما فيه الكفاية، وأن الإنسان في نهاية الأمر ليس سيد نفسه؟ ما هي مشكلة علاقة الوعي باللاوعي: ما الذي يتحكم في الحياة النفسية: هل الوعي أم اللاوعي؟ ما هو الفن في تصور فرويد؟ هل يمكن إعتبار الشخصية بناءً دينامياً؟ لماذا لا يعتبر فرويد الأنا هو أساس حقيقة الشخصية ومقومها الأساسي؟ كيف نزع فرويد مركزية الأنا وتقويض تطابقه؟ ما هي أنماط الشخصية غير السوية؟ ما هي صفعات التحليل النفسي للأنا الذاتية ؟ ما تصور فرويد للدولة؟ هل يمكن إعتبار الأنا الأعلى هو نفسه الضمير الأخلاقي؟ هل يعتبر تصور فرويد مقنعاً من حيث تطابقه مع مبادئ العقل أو الواقع الإجتماعي أو العلم ؟ لماذا الحرب؟

  1. في جَوَازِيَّةِ فرضية اللاّشعور أو اللاّوعي:

<< يُعْتَرَضُ علينا من سائر النَّواحِي في الحَقِّ في إِفْتِرَاضِ حياةٍ نَفْسِيَّةٍ لاَوَاعِيَّةٍ، وفي الاشتغال على نَحْوٍ عِلْمِيٍّ استناداً على هذا الْإِفْتِراضِ.

وبوسعنا أن نرد على هذا الاعتراض بالقول إن فرضيةُ اللاَّوَعْيِ هي فرَضِيَّة ضَرُوريَّة ومَشْرُوعَةٌ، وإننا نتوفر على عدد من الحُجَجِ تؤكد وجود اللاَّوَعْيِ. >> [1]

ويضيف أيضاً: << إن فرضية اللاَّوَعْيِ ضرورية لأن معطيات الوَعْيِ ناقِصَةٌ جداً.

ذلك أنه كثيراً ما تَحْدُثُ لدى الإنسان السَّوِيِّ والمَرِيضِ على حَدِّ سواء جملة من الأفعال النفسية التي تستلزم، من أجل تفسيرها، أفعالا نفسية أخرى لا تَحْظَى بِاعْتِرَافِ الوَعْيِ.

وإن هذه الأفعال النفسية اللاَّوَاعِيَةُ لا تتمثَّلُ فَحسبُ، في الهَفَوَاتِ والأَحلامِ عند الإنسان السَّوِيٍّ، وكل ما نسميه بالأعراض النَّفسيةِ والظَّواهرِ القَسْرِيةِ بالنسبة للْإِنْسانِ المَريضِ، بل إن تجربتنا اليومية الأكثرَ حَمِيمِيَّة تضعنا أمام أفكار تخْطُرُ لنا من غير أن نعرف مصدرها أي أمام خلاصات تَفْكِيرٍ تَظَل مُفَكّكَةً وغير قابلةٍ للفَهمِ، إذا ما أصررنا على الزَّعْم بأنه ينبغي أن ندرك عن طريق الوَعْيِ كل ما يجري فينا من أفعال نَفْسِيَّةٍ. >> [2]

يسعى سيغموند فرويد في حقيقة الأمر إلى التمهيد لمأسسة نظرية سيكولوجية جديدة وحديثة تطرح لأول مرة، ومضمون هذه النظرية أنها تحاول أن تقيم رابطا بين الأفعال النفسية التي كان يتم النظر إليها سابقا أنها واعية بذاتها إلى دوافع ومكامن دفينة وخفية وكامنة في اللاشعور الذي أطلق عليه هنا مصطلح اللاوعي، حيث انطلق من ملاحظاته العينية الأولية المدروسة بدقة والتي استقاها من جلساته العيادية، إضافة إلى قراءته الواعية والمتبصرة الشخصية والذكية جدا، وتشخيصه لنفسية مرضاه الماثلين أمامه، عبر هاته التقنيات استطاع فرويد اكتشاف منطقة مغمورة في الشخص عبَّر عنها عَبْرَ فرضية عقلية محتملة تثبت وجود منطقة اللاوعي وهي منطقة لاواعية متأصلة في الحياة النفسية لكل شخص، وهذا ما سيحدث طفرة ونقلة مفهومية عميقة جداً في السيكولوجيا الحديثة والمعاصرة.

ولهذا شكلت فرضية اللاوعي أو اللاشعور فرضية عقلية علمية وفلسفية ضرورية ومشروعة وموضوعية حسبه دائما، ذلك أن معطيات جهاز الوعي لدى الأفراد معطيات ناقصة ولا تشكل سوى قمة جبل الجليد، بينما في العمق سنصل إلى جهاز آخر سمَّاهُ بِاللاَّوَعيِ، فرغم دعوة البعض [ويقصد فلاسفة الوعي] إلى تَحَكُّمِ  الوَعْيِ في السلوك والفعل الإنساني، إلا أن هذا التَّحَكُمِ لا يمثل سوى 10% من أجهزة التحكم في الشخص، حيث تبقى نسبة 90% وهي نسبة ليست بالسهلة والهينة بل تأخذ حصة الأسد أطلق عليها اللاوعي أو اللاشعور هي المتحكمة في هذا سلوكات وتصرفات هذا الإنسان، وبهذا تصبح فرضية اللاوعي فرضية عقلية ومنطقية ضرورية ومشروعة وموضوعية من حقنا طرحها، ذلك أن المعطيات المتوفرة لدينا بخصوص الوعي غير كافية بتاتا لتحديد الشخص السوي الذي يقصد به فرويد الشخص العادي، وهذا نقد عميق لنظرية الأنا هو مركز الكون الفكرة القروسطوية أو كما تجلت مع ديكارت “الأنا المفكر ” أو فكرة الأنا سيد ذاته ونفسه، أصبح الأنا مع فرويد محكوم ومشروط باللاَّوَعْيِ، وبهذا تحقق لدينا الحديث عن مشروعية علمية وفلسفية لوجود حياة نفسية داخلية لا واعية، لها شبكة غنية ومتنوعة ومتعددة من المفاهيم والتي تتجلى في الحياة النفسية التي هي حياة يتجلى فيها اللاوعي أو اللاشعور بإمتياز، كما تحكمها أفعال نفسية داخلية لاشعورية تسيطر على الفرد وتشرطه، إضافة إلى سلوكيات وممارسات مرضية قسرية في مقابل السلوكات السَّوِيَةُ العادية، وهنا نشير إلى أن مفهوم اللاوعي هو في الحقيقة المقابل العربي المناسب لمصطلح Inconscient الذي قد يشير أيضا إلى اللاشعور والذي بدوره نعبر عنه باللاوعي وهو مصطلح يقابل مصطلحا أو مفهوما سيكولوجياً آخر يشكل نقيضه وضديده هو مفهوم الشعور، لكن نظراً لدقة اللغة العربية وفصاحتها ودلالتها في الاستعمال اللغوي للمفهوم أتاحت وأجازت لنا إستعمال مفهوم قريب، وأكثر معنى وأوسع دلالة، إن لم نقل أنه أكثر دقة من الناحية الابستيمولوجية هو لفظ اللاوعي، في مقابل الوعي سواء الوعي الذاتي أو الوعي الإجتماعي، والوعي مفهوم واسع وممتد جداً يحيل في أصله أيضاً إلى الاحتواء والتوسع والامتداد، أما عن مفهوم آخر نجده في الاقتباس هو مفهوم الْهفْوَةِ أو الهَفَوَاتِ والذي يشير إلى الأفعال والسلوكات النفسية التي يقوم بها الأفراد والخارجة عن إرادتنا والمنفلتة من وعينا أو قصدنا، وبالتالي قد لا تندرج في وَعْيِنا القَصْدِيُّ [بالمعنى الهوسرلي للكلمة] لتتجه هذه الأفعال الغير قصدية وبالتالي الغير واعية وتعبر عن ذاتها في فَلتَاتِ اللِّسَانِ، وزَلاَّتِ الْقَلَمِ.

كما أكد فرويد فرضية اللاوعي عبر اعتبار أن فرضية اللاشعور ضرورية ومشروعة وموضوعية جدا من الناحية النظرية من أجل تفسير مجموع الأفعال الواعية/ الشعورية الناقصة، وذلك من خلال تقديم تبرير صلاحيتها وأهميتها من خلال النجاح الذي تكللت به نظرية التحليل النفسي وتطبيقاتها العملية أنذاك، ولهذا تشكل فرضية اللاوعي فرضية مهمة جدا نظراً لأنها تقوم على مسلمة أساسية وهي كون النفس الإنسانية تتكون من ثنائية الشعور واللاشعور، أو كما عبر عنها فرويد بالوعي واللاوعي، وأن هذا الأخير [الجانب اللاواعي /اللاشعوري] هو المسؤول عن كل تصرفات وتمثلات وسلوكات الفرد، في حين أن الجانب الشعوري الواعي ليس إلا جانبا ظاهرا سطحيا من البنية النفسية للأفراد.

في هذه الفقرة يتطرق فرويد إلى مسألة في غاية الأهمية حيث يعمل بطريقة تحليلية على بنية ومقومات وركائز النفس البشرية وذلك عبر تقسيمها إلى ثلاث تشكيلات هي بمثابة ركائز ومقومات ومواقع للتحكم وتشريط النفس:

الأولى هي الهو الذي يعبر عن مستودع وموطن ومجمع أو مركب الغرائز والدوافع الغريزية والحاجات والرغبات والنزعات وهو منطقة لا تخضع للمنطق أو لمقتضيات العقل.

الثانية الأنا الذي هو في حقيقة الأمر، يشكل محطة صراع أو عبارة عن تحصيل حاصل لصراع وحرب داخلية بين “الهو” وبين “الأنا الأعلى” [هذا الأخير سنفصل فيه فيما بعد، عند تطرقنا لمسألة الضمير الأخلاقي المثالي القيمي]، لهذا نقول عن الأنا أنه يشكل المستوى الواعي من الحياة النفسية [وهو تجسيد لمفهوم الوعي الذاتي الذي يدافع عنه فلاسفة الوعي]، هذا الأنا يطرأ عليه تعديل وتغيير بشكل مستمر نظرا لتأثره بالعالم الخارجي، ووظيفة “الأنا” تكمن في التحكم وضبط المستوى الواعي الإدراكي والحركي والسلوكي، والذي يجسد الجانب الظاهر من البنية النفسية، كما يحاول تمثيل العالم الخارجي.

  • في الأجهزة النفسية:

<<لِنَقْبَلْ على سبيل الفرضية فكرة الناس العامة عن أن من بين جوانح الإنسان هناك هيأة نفسية تقوم باستقبال المثيرات الحسية وإدراك حاجات الجسم من ناحية أخرى. ونحن ندعو هذه الهيأة بإسم “الأنا” أو “الذات”.

(…) على أنه يبدو لي أننا بهذا لم نَصِفِ الجهاز النفسي وصفاً شَافياً، إذ نحن إلى جانب “الأنا” نُميّزُ منطقة نفسية أخرى أكثر سعة وأشَدَّ غموضاً، ونحن نطلق عليها إسم “الهو”.

(…) فإذا أردت إيضاح العلاقة بين “الأنا” و “الهو” لكان علي أن أطلب أن تُتَصَوَّرَ “الأنا” كأنه واجهة “للهو” أو مطلعٌ له، أو كأنه لِحَاءٌ خارجي لذلك الجانب من النفس.

(…) على هذا المنوال يتمثل “الأنا” كأنه الطبقة الخارجية للجهاز النفسي، للهو، تلك الطبقة التي تغيرت وفقاً لتأثير العالم الخارجي، أي وفقاً للواقع.

(…) “الأنا” في صميمه سطح خارجي أما “الهو” فأمر أكثر عمقاً، إذا نظرنا إليهما من الخارج، والأنا يقع بين حقيقة العالم الخارجي، أي بين الواقع وبين “الهو” الذي هو لُبُّ النَّفسِ وصَمِيمُهَا …

إن أهم ما ينبغي أن تعرفه وأكبر خطراً أن “الأنا” يختلف عن الهو اختلافاً شديداً من عدة نواحٍ.

إذ تصدر الأفعال النفسية في “الأنا” وفقاً لقواعدَ غير تلك القواعد التي تسير وفقها أفعال “الهو”.

(…) ذلك لأن “الأنا” هيأة تتميز بِمَيْلٍ غلاَّبٍ نحو الوحدة والتركيب، أما “الهو” فليس له مثل هذه الخاصية، حتى لكأنه أجزاء مُبعثرةٌ مُفكّكَةٌ يتابع كل دافع فيها غايته مُسْتَقِلاً عن غيره لا يَحْفَلُ به ولا يَهْتَمُّ بشأنه. >> [3]

وبهذا سنجد أن من طبيعة “الأنا” ووظائفه أنه مجرد هيأة نفسية تعمل على استقبال كل المثيرات الحسية الخارجية وإدراك حاجات الجسم [وظيفة خارجية]، وهذه الهيأة هي التي أطلقت عليها فلسفات الوعي “الذات” وعملت على تقديسها وجعلها مركز الكون والعالم والوجود، بل انطلق منها ديكارت لإثبات وجوده، وبنى عليها حقيقته وماهيته ووجوده أو تصوره للعالم، غير مدرك “للهو” الذي هو عبارة عن انفلات للأهواء والدوافع الغريزية، وانفلت كذلك من يدي ديكارت الذي همش الغرائز الجنسية أو لا نجد إشارة لها في متنه الفلسفي، وكأن ديكارت لا تسيطر عليه دوافعه وغرائزه الجنسية وأهوائه وانفعالاته الداخلية، فكيف لصاحب انفعالات النفس، ألا يتطرق للحياة النفسية التي هي عبارة عن جهاز محكم يتألف من ثلاثة أنظمة محكمة التنظيم هي على التوالي: الهو – الأنا – الأنا الأعلى؟ انتبهوا معي جيدا إلى الترتيب الذي وضعه سيغموند فرويد، حيث جعل من الهو هو القائد الأول للذات/الأنا الذي يشكل الذات، بل أكثر من ذلك فالهو هو الذي يقود الضمير الأخلاقي والقيمي المثالي الذي أطلق مصطلح الأنا الأعلى والذي سنتطرق إليه بكل تفصيل في الفقرات الآتية.

كما أنه ما يمكن استخلاصه من هذه الفقرة أن البعد الواعي في الإنسان له بعد سطحي أفقي ظاهري، فللإنسان بعد آخر عميق داخلي عنونه باللاوعي له عدة تمظهرات وتجليات هي كالآتي: الحلم والهفوات الحركية وفلتات اللسان تلك المتعلقة بالنطق، ولا ننسى فلتات السمع والهفوات الحركية، بل يمتد ذلك إلى فلتات القراءة والكتابة والمناقشة والتواصل، لهذا حاول سيغموند فرويد من خلال كتابه “تفسير الأحلام” 1899م تقديم تأويلات من خلال منهجه الشهير “التحليل النفسي” للحلم.

  • في الرغبة منشأ الحلم:

<<الرغبة هي المنشئ الفعلي للحُلم، فهي توفر الطاقة اللازمة لإنتاجه وتتخذ من مخلفات النهار مادة لها؛ والحُلم الذي ينشأ على ذلك النحو يمثل موقفا فيه إشباع لتلك الرغبة، فالحُلْمُ إذن تحقيق للرغبة. وما كان لهذه العملية أن تتم ما لم تهيأ لها طبيعة حالة النَّوم.

(…) يستفيد الدافع اللاشعوري من ذلك التراخي الليلي للكَبْتِ في أن يجد السبيل إلى الشعور بواسطة الحُلمِ. على أن ما تبذله الذات من مقاومة كابتة لا تتلاشى في حالة النوم ولكنها تقلُّ. ويبقى جزء منها في هيئة “رقابة على الأحلام” تمنع الدافع اللاشعوري من التعبير عن نفسه في الأشكال التي من شأنه أن يظهر بها لولا ذلك.

يترتب على صرامة الرقابة على الأحلام، أن تضطر أفكار الحلم الكامنة إلى أن تخضع للتغيير والتخفيف إخفاء للمعنى المحظور الذي ينطوي عليه الحلم. وذلك ما يفسر تشوه الأحلام، الذي هو أبرز خاصية في ظاهرة الحلم.

يحق لنا إذن أن نقرر أن كل حلم إنما هو تحقيق مقنع لرغبة مكبوتة. وهكذا نتبين أن الأحلام تتكون كأي عرض عصابي: فهي محاولات توفيق بين مطالب دافع مَكْبُوتٍ وبين مقاومة تبذلها قُوَّة الرقابة في الذات.>> [4]

وهكذا يتضح لنا أن الرغبة هي المصدر الفعلي للحلم، والحلم تحقيق للرغبة، لهذا عبر عن أننا من خلال الحلم نشبع رغباتنا المُقْنَعة، كما أن الحلم هو في الحقيقة عبارة عن متنفس للذات تعبر من خلاله على الرغبة المكبوتة، التي يمكن تلبيتها عبر الواقع، ومن هنا تصبح العلاقة القائمة بين الرغبة والحلم علاقة جدلية، إن لم نقل أنها علاقة تفاعل مستمرة، لهذا يرفض فرويد تلك المقاومة السادجة التي تقوم بها الذات/الأنا أثناء الحلم في حالة النوم، وبهذا نجد أن هناك شبكة مفهومية متداخلة بعضها البعض وتكتل وحدة متراصة حيث أن الإشباع جزء أساسي في الرغبة والذي عليه مراعاة المحظور من خلاله تجسده في القناع أو خضوعه لرقابة الذات المُقَاوِمَةِ، كما يجب مراعاة أن الرغبة حمالة لطاقة نفسية قوية يتم تحقيقها عبر الكبت الذي يتحقق لنا عبر النوم.

نفهم من هنا أن مفهوم الرغبة مفهوم مركزي جدا في نظرية سيغموند فرويد النفسية، حيث اعتبر من خلاله أن الحلم يشكل متنفسا للرغبة، أما عن الكبت فهو بالمناسبة سيرورة لاشعورية أو لاواعية دفاعية داخلية يقوم من خلالها الأنا/الذات بإقصاء الرغبات الجنسية التي هي رغبات عدوانية، وذلك بواسطة الأنا الأعلى الذي يشكل ضميرا أخلاقيا يمارس إلزاما قيميا.

أما عن الطاقة النفسية فهي طاقة خلاقة تشكل الليبيدو أو ذلك الكل المركب من الرغبات والمشاعر والانفعالات والنزوات والميولات والتي تشكل بدورها الحافز أو الدافع خلف كل الرغبات والتخيلات والسلوكات والتصرفات التي تطبع الأفراد، بهذا يمكن أن نعتبر الرقابة بمثابة جهاز أو آلية نفسية قوية يمارسها كل من الأنا/الذات أو الأنا الأعلى/الضمير الأخلاقي من خلال منع وكبح الرغبة من كل التعابير التلقائية التي تتبدى عن الذات. لهذا يشكل العُصَابُ الذي قد يكون فرديا أو جماعيا بمثابة اعتلال نفسي داخلي يصيب الشخصية، ينتج عن الصراع الحاد والقوي بين الغرائز الجنسية “الهو” والمثل العليا الأخلاقية والقيمية المتمثلة في “الأنا الأعلى”، حيث تنتاب العصابي حالات خطيرة جدا وحادة من التوتر والتناقض والصراع والصدام والضغط والقلق وأحيانا أفعال متطرفة وعدوانية وهواجس أنانية ومسرحة للسلوكات والتصرفات واستدرار للعطف والشفقة والحرمان.

ومن هنا تجدر الإشارة إلى أن فرضية اللاشعور هي مجرد فرضية عقلية ذلك أن هذا المفهوم هو من إبداع نظرية التحليل النفسي لصاحبه الطبيب والمحلل النفسي النمساوي سيغموند فرويد، والذي يحيل إلى مجموع الميول والغرائز والشهوات والأفعال والانفعالات والنزوات والميولات والممارسات والدوافع التي تم كبحها ولم تتمكن من تحقيق الإشباع المباشر، نظراً لتعارضها المشروط مع مبدأ الواقع، أي مع قيم المجتمع وعاداته وأعرافه وقوانينه وسننه ومعتقداته. لهذا يفترض فرويد وجود حياة لاشعورية وكأنها فرضية ميتافيزيقية غير موجودة في الواقع ولا يمكن إثباتها أو البرهنة والتدليل العلمي عنها، وبهذا تشكل أطروحة فرويد أطروحة نقدية وتوضيحية لهذه الفرضية، مبيناً التقابل العارض بين حقيقة الشعور/الوعي وفرضية اللاشعور/اللاوعي، ومبرزاً كذلك كيفية تأثير اللاشعور/اللاوعي في مجرى كل السيرورات التي ندعي أنها واعية ذاتية وحرة ومبدعة.

كما أننا من أجل معرفة أصل وأسس الحياة النفسية، يدعوا سيغموند فرويد، إلى أنه لابد لنا ومن المؤكد التراجع عن إعطاء كل الأهمية في التحليل للوعي/الشعور الذي هو ذاتي عرضي ظاهري، وأن نفترض بالمقابل، وجود مفهوم عنونه بفرضية  اللاشعور/اللاوعي الذي يشكل أساس وأصل الحياة النفسية، إن اللاشعور/اللاوعي هو أوسع وأشمل وأمد منطقة داخلية تتحكم في كل ظواهر ومظاهر الشعور، ويقدم لنا مثال الحلم الذي هو تعبير رمزي لاشعوري يخفي رغبات ومخاوف وغرائز قليلا ما يفصح عنها الشعور بشكل مباشر، لهذا هناك مشكلة أساسية يعالجها فرويد تلك المتمثلة في علاقة الوعي باللاوعي من خلال ما الذي يتحكم في الحياة النفسية للأفراد : هل الوعي/الشعور أم اللاوعي/اللاشعور؟ ذلك أن هذا الأخير [اللاوعي/اللاشعور] -حسب فرويد دائما- هو الأساس الأول والجذر العميق للحياة النفسية، بل أكثر من ذلك يشكل مفهوم الوعي، ومفهوم اللاوعي، ومفهوم الحلم، ومفهوم الرموز، ….إلى آخره مفاهيم أساسية من مفاهيم هذه الفرضية/المُسَلَّمَةُ العقلية.

  • ضرورية اللاشعور والمفاهيم المرتبطة به:

<<إن من الجوهري أن لا نبالغ في تقدير خاصية الشعور قبل أن يصبح في مستطاعنا أن نُكَوِّنَ أي رأي صحيح في نشأة ما هو نفسي.

ومن الواجب أن نفترض أن اللاشعور هو الأساس العام للحياة النفسية. فاللاشعور هو أوسع منطقةً التي تضم بين جوانبها منطقة الشعور التي هي أضيق نطاقاً … فاللاشعور هو الواقع النفسي الحقيقي، وهو في طبيعته الباطنة مجهول عندنا، نجهله قدر جهلنا بحقيقة العالم الخارجي، كما أنه لا يَمْثُلُ لنا بواسطة معطيات الشعور إلا مثولاً ناقصاً على نحو ما يمثل العالم الخارجي بواسطة رسائل أعضائنا الحسية.

(…) إننا لن نَعْزُوهَا [الأفعال في الحلم]، بعد الآن إلى الحلم ذاته، بل إلى التفكير اللاشعوري الذي يعمل في النهار مثلما يعمل في الليل. وإذا بدا أن الحلم يلهو بتصوير الجسد تصويرا رمزيا، فنحن نعلم، أن هذه التصويرات نتاج صدر عن تخييلات لا شعورية معينة تتفرع، في الراجح، عن اندفاعات جنسية، ولا تفصح عن نفسها في الأحلام وحدها بل في المخاوف الهستيرية وغيرها من الأمراض كذلك.>> [5]

  • في تصور فرويد للفن:

<<إن الفَنَّانَ مثله مثل العُصَابِيُّ ينعزل بعيداً عن الواقع الذي لا يشبع غرائزه وينزوي داخل عالمه الخيالي الإبداعي، ولكنه على خلاف العُصَابِيُّ، يتمكن من إيجاد طريق العودة إلى الواقع … فانطلاقاً من الإبداعات الفنية بإمكان التحليل النفسي إعادة بناء تكوينها الداخلي وبناء التطلعات الغريزية الفاعلة فيها، أي بناء عناصرها الأساسية الخالدة.>> [6]

هناك علاقة وطيدة بين الفن والتحليل النفسي وهي علاقة تمثيلية، حيث أننا عند ملاحظتنا العميقة والتأملية للوحة “الجو كاندا” الشهيرة جداً لصاحبها “ليوناردو دافتشي”، ومحاولة قراءتها قراءة فرويدية تحليلية نفسية، سنلحظ أن صاحبها مريض بمرض عُصَابِيٍّ حيث انعزل عن واقعه أنذاك الذي لم يستطع تلبية رغباته وإشباع نزواته الجنسية وانزوى داخل عالمه الافتراضي الخيالي الذي نطلق عليه اليوم عالما إبداعيا، إلا أنه عالم يعبر من خلاله الفنان عن نزواته ومكبوتاته الجنسية الخفية التي لم يستطع التعبير عنها واقعيا بشكل مباشر، فإستطاع التعبير عنها في عالمه الذي صنعه لها وهو عالم الفن، غير أن الفنان من حسن حظه يستطيع العودة إلى سرداب الواقع، بعد إيقاف ريشته التي يرسم بها، وبهذا تصبح علاقته بالريشة والفن تتوقف أثناء توقفه وعودته إلى عالمه الحقيقي، من هنا أصبح لتصور التحليل النفسي دلالة قوية جدا على سلوكاتنا وتصرفاتنا وأفعالنا وعلاقاتنا بالفن والدين والمجتمع والجنس، وهو نفس التصور الذي سيعيد إنتاجه جيل دولوز ويدافع عنه بقوة، هكذا أصبح سيغموند فرويد من رائدي فلاسفة اللاوعي/اللاشعور بإمتياز نظراً لأصالة موقفه وعمقه بغض النظر عن فلاسفة الوعي الذي يشكل ديكارت عمودهم الروحي بالإضافة إلى برغسون وتصوره حول الوعي السيال في كتابه الشهير “التطور الخالق”، كما يمكن إدراج فرويد مع فلاسفة الإيديولوجيا نيتشه وكارل ماركس وفريدريك إنجلز ولوي ألتوسير…

يخضع الكائن، وبصفة عامة كل إنسان، حسب سيغموند فرويد دائما، إلى نوع من القهر الخارجي والضغط الرهيب الذي يمارسه عليه المجتمع، إنه نوع من الرُّهَابِ الإجتماعي، وذلك من خلال عملية التنشئة الاجتماعية والثقافية والتربوية للإنسان، وذلك من أجل كما يدعي المجتمع خلق سلوكات “جيدة” و “خيرة” لدى الأفراد سرعان ما تحولت إلى “أوهام خيرة وجيدة” لدى الفرد، لكن المجتمع، لا يعي أنه من خلال هذه السيرورة القمعية القاتلة للطاقة الخلاقة لدى الإنسان، يجبر هذا الكائن على نوع من الظمأ والشعور بالاغتراب والاستلاب، ومن ثمة ظهور تشوهات خطيرة جدا في شخصيته السوية تبقى مرافقة له مدى الحياة.

  •  في سلطة المجتمع:

<<إن القهر الخارجي الذي يمارسه المجتمع على الكائن البشري، خلال تنشئته وبواسطة البيئة يؤدي إلى تحول … من الأنانية نحو الغيرية.

(…) إن التربية والبيئة تستخدمان نوعا من النظام الجزائي، أعني الثواب والعقاب… وإن ذلك الذي يخضع لتأثيرهما، سيختار أن “يسلك جيدا” بالمعنى المُتَحَضِّرِ للجملة.

(…) [بهذا] يكون المجتمع المتحضر، الذي ينتزع السلوك “الخير” ولا يقلقه شيء فيما يتعلق بالحوافز الكامنة ورائه.

(…) والمجتمع -الذي يشجعه هذا النجاح- يعاني لكي يصل إلى تشديد المستوى الأخلاقي إلى أعلى درجة ممكنة، وهو بهذا يجبر أعضائه على اغتراب أكبر من استعداداتهم الغريزية، وهم بذلك يخضعون لقمع متصل للغريزة، ويتكشف التوتر الناشئ عن ذلك في الظواهر الملحوظة للغاية، ظواهر تكوينات رد الفعل والتعويض.

إن ضغط الحضارة لا يجلب في أثره أية نتائج مرضية، ولكنه يظهر في تشوهات الشخصية، وفي الاستعداد الدائم للغرائز المكبوتة للانطلاق إلى الإشباع في أية فرصة مناسبة.>> [7]

هكذا يعيش كل شخص مضطراً على هذا النحو، أي إرضاءً لسلطة المجتمع القاهرة، ولضغط الحضارة المُتَزَمِّتِ يعيش طبقاً للقواعد والمعايير والسنن والأعراف والقيم الاجتماعية الواقعية التي لا تعبر بالضرورة عن نوازعه الغريزية والجنسية، فيعيش في حالة سيكولوجية تتجاوز إمكانياته وطموحاته وإرادته، ولهذا لا يستحي فرويد وصفه بالمنافق أو المخادع الذي يرتدي قناعا زائفا ويذوب داخل هذا المجتمع ويدعي أنه يعيش سعادة مطلقة أو فرحا مطلقا.

ومن هنا يصبح اللاوعي هو عبارة عن واقعة نفسية حتمية تخص الفرد، لها نمط اشتغال خاص ومميزات خاصة تطبعها على الأفراد، أصبحت مع سيغموند فرويد فرضية أساسية لفهم الظواهر النفسية كالحلم، والنسيان، والخيال، … والأمراض العصابية كالهيستيريا والفصام والاضطراب والاختلالات العقلية، بل من خلال فرضية اللاوعي نفهم الإبداع الفني والفرائض الدينية ومدى تأثير المجتمع بما هو ذلك الكل المركب الذي يذوب داخله الأفراد ويتم عبره إدماجهم في إطار خاص، من خلال دمج وإعادة توجيه اهتماماتهم ورغباتهم وأفعاله وأفعالهم وسلوكاتهم وممارساتهم. حيث يصير المجتمع/الحضارة هو بمثابة قوة قهرية محركة لإرادة الأفراد من جهة، وقوة متحكمة فيهم، من هنا نستطيع فهم تصور إيميل دوركهايم الذي يعتبر أن المجتمع يمارس سلطة إلزامية على الأفراد، وذلك من خلال المؤسسات مثل مؤسسة المدرسة، مؤسسة الدين، مؤسسة السياسة، مؤسسة الزواج،… إلى آخره، والتي تشكل [المؤسسة] بدورها قوة تنظيمية وتأطيرية وتوظيفية لمجتمع ما، ذلك أنها تحيل إلى كل ما أسسه الإنسان ويتحكم فيه ويضفي عليه صبغة قانونية وشرعية، ونعبر عنها من خلال بنى أساسية تعمل على تنظيم المجتمع انطلاقا من قوانين ومعايير وقواعد وسنن وأعراف وضعية، أي وضعها الأفراد من خلال اتفاق فيما بينهم البين.

  • في استبداد الأنا:  

<< إن الأنا مضطر إلى أن يخدم ثلاثة من السادة الأشداء، وهو يبذل أقصى جهده للتوفيق بين مطالبهم، وهي في الغالب مطالب متعارضة والتوفيق بينها مهمة عسيرة إن لم تكن أقرب إلى أن تكون مستحيلة. فليس من الغريب إذن أن يفشل الأنا في أغلب الحالات في مهمة التوفيق هاته. وهؤلاء المستبدون الثلاثة هم: العالم الخارجي، والأنا الأعلى، والهو. >> [8]

يعرض لنا فرويد تصوراً يتميز بالحركية والدينامية والسيولة لأنماط الشخصية حيث يعتبرها مُشَكَلةً من مركب عبارة عن جُمَاع صراع بين الهو الذي قلنا سابقا أنه مجموع الغرائز الجنسية والدوافع الحيوية الكامنة في عمق النفس والتي تتطلب إشباعاً مباشراً للحاجات العضوية والنفسية. والذي [الهو] يدخل في حرب مستمرة إلى ما لانهاية مع المثل الأخلاقية والقيمية التي تعبر عن الأنا الأعلى والذي يشكل مجموع القيم والمعايير الأخلاقية والقيمية التي يتعلمها الفرد من المجتمع ونظامه الأخلاقي والتي تضغط باستمرار على بنيته النفسية ليستجيب لها، بالإضافة إلى ضغوطات وإكراهات الواقع الإجتماعي الذي وسمه بلفظ العالم الخارجي. فالأنا هو من جهة أولى نتاج للتوازن والتوفيق وتحقيق نوع من الموازنة والتصالح بين هذه القوى  أو السادة الأشداء مثلما هو أداة في نفس الوقت لتحقيق هذا التوازن والتوفيق، فوحدة الشخص، هنا، هي وحدة سيالة بمعنى متحركة ودينامية يعسر تقويضها وتقييدها والحد منها، إنها لا نهائية التحقق، أو نقول لا تتحقق أبدا.

فالأنا يطيع الأوامر الأخلاقية لأنه معرض لثلاثة ضغوط وإكراهات ومهدد من طرف ثلاثة أنواع من الأخطار، فالأنا يعاني الويلات في صمت، ويشعر بحالة من القلق من متطلبات العالم الواقعي الخارجي، ويخدم سيده الهو ويحاول التصالح مع حاجاته ورغباته المستمرة للإشباع، إن الأنا يبحث عن الإشباع، ويحاول لعب دور الوسطية والاعتدال بين الهو والواقع، فيقدم العديد من التبريرات الواهية والكاذبة، حيث ينافق نفسه والمجتمع المحيط فيه، ويرتدي قناع الكذب والهذيان، من أجل التخفيف من صراع الهو مع الواقع الذي يتعارض معه بالبتة، إن الأنا أكبر مُمَوِّهٍ ومتلاعب ومخادع ومتظاهر، يجيد فن الخداع والمكر والرياء والتظاهر بأنه يأخذ مطالب الهو بعين الاعتبار ويحاول إرضاء، بل وإرضاء المجتمع الذي يراقبه، الهو بالمناسبة يظل جموحاً أي يطلب تحقيق الرغبة والإشباع والنشوة الجنسية بإلحاح.

لكن الأنا الأعلى هو بذلك يفرض نوعا من الإكراه والإلزام والضغط الذي يفرض على الأنا وبشكل مستمر مجموعة من المعايير والقواعد الأخلاقية التي وضعها المجتمع أو الدين يجب عليه إتباعها، وفي حالة العصيان فإنه يتولد لديه مشاعر التوتر والتناقض والصراع والصدام والقلق التي تشكل لديه شعوراً بالدُّونِيَةِ أو الذَّنْبِ.

ترتب عن كل هذا -فرضية اللاشعور- نزع مركزية الأنا/الذات وتقويض تطابقه الوهمي مع ذاته وانفتاحه على محيطه والآخرين. مما أوضح لنا الطابع الدينامي والحركي والسيال والمتشظي لوحدة الذات/ أو تطابق الشخص والشخصية مع ذاته أو مع الآخرين، وبدأنا نفقد تلك الثقة المفترضة في أن هوية الشخص أو ما يجعل الشخص هو هو وعيه بالذات، الآن أصبحنا نتجاوز مفهوم الأنا/المتمثلة في وحدة الذات، إلى الهو الذي يشير إلى تفكك وتبعثر وتجزء الذات، ثم تقويض وتفكيك ومجاوزة التصور الماهوي لهوية الشخص.

  • في أنماط الشخصية غير السوية:

ومن هنا أصبحنا ننفتح على جانب آخر من شخصيتنا تلك التي تتجاوز الشخصية السوية العادية إلى شخصية مريضة غير سوية وليست عادية مثل :

الشخصية العُظَامِيَّةُ : وهي الشخصية التي تدعي الاعتداد بالنفس، كما تواجه صعوبة التكيف الإجتماعي والتبيئة الاجتماعية، بل يغيب عنها النقد الذاتي، ولا تراعي قيمتها وحدودها وماهيتها، ولا تراجع مجموع الأفكار والأراء والأحكام المسبقة، كما تبقى حذرة ولها حساسية تجاه الأغيار، وتميل إلى العزلة.

الشخصية الفُصَامِيَّةُ: التي تميل إلى انعزالية قاتمة أو انطوائية جوفاء، ويضعف لديها حس الإنتماء إلى العالم الواقعي الخارجي فتفقد الوفاء إليه والانخراط معه، كما أن لها ميول حادة وخطيرة إلى إنكار العواطف وإلى العقلنة والتبرير والبحث عن الشروط، بل نجدها تعاني من حساسية مقيتة ومريضة تصل حد الإفراط والهوس وتغنى بالمتخيل الخصب المأهول باستيهامات القوة الذاتية أو ما أصبحنا نطلق عليها التنمية الذاتية الجوفاء والخالية من النقد والدحض والتفنيد العميق للذات، والتي تنقلنا إلى فضاء منسوج ومزخرف من الأوهام.

الشخصية الهستيرية: وهي شخصية تعيش في فضاء من الأوهام، حيث تتميز بفن القول والكلام والخطابة ومسرحة الأقوال، بارعة في التمثيل عن طريق الخطاب، وتقوم بحركات عجيبة غريبة من أجل جذب الإنتباه ودغدغة المشاعر والعاطفة والأحاسيس والدواخل. كما نجده دائما نشطة وتمتلك طاقة حيوية خلاقة وسيولة نفسية داخلية بل ومتغيرة الانفعالات والعواطف والأحاسيس والدواخل، لكنها ناجحة في العلاقات العاطفية الوجدانية التي تنسجها مع الأغيار من جنسها، لكنها هي أيضا مقيتة لأنها متمركزة حول ذاتها وحول الرغبات التي تشرط شخصيتها، إنها شخصية تقدس الرغبة.

وبهذا نستنتج أننا مرضى نفسانيون في أشخاصنا، أنت مريض نفسي، أو تملك شخصية غير سوية بمعنى غير عادية وتعاني شخصيتك نوعاً من الإرهاق النفسي.

  • في صفعة التحليل النفسي الموجهة إلى كبرياء الأنا:

<< هناك صفعة أخرى يوجهها التحليل النفسي إلى اعتداد النوع الإنساني بنفسه عندما يحاول أن يثبت أن الأنا ليس سيداً في بيته، وأنه [أي الأنا] يُخْتَزَلُ في النهاية إلى الاكتفاء بتلقي بعض المعلومات النادرة والجزئية حول ما يجري في نفسه، خارج وعيه وإدراكه. >> [9]

  1. في تصور فرويد للدولة:

<< لئن كانت الدولة تمنع الفرد من اللجوء إلى الجور والظلم، فليس ذلك لأنها تريد تحقيق العدالة والقضاء على الظلم، بل لأنها تريد إحتكار استعماله، مثلما تحتكر الملح والتبغ. >> [10]

وتكمن خطورة فرويد هنا بالمناسبة هو أن مقالته حول التحليل النفسي قدم فيه تصوراً ليس لفرضية اللاشعور/اللاوعي وفقط، ولم يكتفي بتوجيه سهام نقده للأنا/الذات والمجتمع والدين والجنس والأحلام والإبداع الفني، بل سهام نقده طالت لتصل إلى الدولة التي يعتبرها جهاز أيديولوجيا بإمتياز، لهذا قلنا أنه يمكن إعتباره من فلاسفة الأيديولوجية حيث أن منع الدولة الفرد من الوصول إلى الظلم والعنف، ليس لسواد عينه أو لأنها تريد أن يعم الأمن والسلم والسلام والعدالة والحق، بل منعت الفرد لتجيز لها هي وحدها الحق في إحتكار إستعمال العنف، مثلما تحتكر كل شيء، وبهذا فالدولة أداة وجهاز إحتكار بإمتياز.

  1. في أن الأنا الأعلى هو الضمير الأخلاقي:

<< إن الإحساس بالذنب، وقساوة الأنا الأعلى، وصرامة الضمير الأخلاقي، كلها شيء واحد.

إن الإحساس بالذنب هو تعبير عن إدراك الأنا لكونه خاضعاً للمراقبة من طرف الأنا الأعلى، كما أنه تعبير عن مقدار التوتر القائم بين ميولات الأنا ومتطلبات الأنا الأعلى، وكذا عن القلق النفسي التي يتولد في النفس أمام هذه الهيئة النقدية [يقصد الأنا الأعلى] التي تشمل كل علاقات الفرد.

أما الشعور بالحاجة إلى العقاب فهو تعبير عن الدوافع الكامنة في الأنا الذي يصبح مَازُوشِياً (مُتَقَبِّلاً للتَّعْنِيفِ) بسبب شدة تأثير الأنا الأعلى الذي أصبح سَادِياً (مُمَارِساً للتَّعْنِيفِ).

وبعبارة أخرى فإن الأنا يستعمل جزءاً من الطَّاقَةِ النَّفْسِيَّةِ الدَّاخِليَّةِ الهَدَّامَةِ التي هي كامنة فيه، من أجل إقامة علاقة شَبَقِيَّةٍ [شبقي Erotique: ويقصد به كل ما يتعلق باللذة الجسمية وخاصة اللذة الجنسية.] أو عِشْقِيَّةٍ مع الأنا الأعلى.

(…) مشاعر الذنب هاته هي إذن التعبير المباشر عن القلق الذي تشعر به الذات أمام السلطة الخارجية، وشاهد على وجود توتر بين الذات وبين هذه السلطة الخارجية، وهي كذلك إحدى بقايا أو علامات وجود صراع أو أزمة بين الحاجة إلى أن يكون المرء محبوبا من طرف هذه السلطة الخارجية وبين ذلك الاندفاع نحو إشباع وتلبية حاجات الدوافع الغريزية التي يؤدي حرمانها من الإشباع إلى توليد ميل نحو العدوانية. >> [11]

يرجع الإحساس بالذنب والقساوة إلى الضمير الأخلاقي الذي يشكل الأنا الأعلى في جهازه النفسي الشهير.

مراقبة الأنا الأعلى لكل تصرفات الأنا.

هناك توتر قائم بين الأنا والأنا الأعلى الذي يشكل كما قلنا ضمائرنا الأخلاقية.

الأنا الأعلى هي هيئة نقدية تشمل كل علاقات الفرد سواء مع ذاته أو مع الآخرين.

الشعور بالحاجة إلى العقاب هو شعور الأنا الذي يصبح مازوشيا متقبلا للعنف، وبهذا فالمازوشية هي شعور ورغبة بالعنف ينمو لدى الفرد عندما يتعرض لضغوط الأنا الأعلى.

الأنا الأعلى يشكل مصدر ضغط وإكراه وإلزام على الفرد ويمارس عليه نوعا من التعنيف الداخلي دائماً

الأنا الأعلى له طاقة نفسية داخلية كامنة فيه، تجعله يضغط على الأنا من أجل إقامة علاقة جنسية معه.

مشاعر الذنب هاته هي المسؤولة عن كل أنواع القلق.

هناك أيضاً توتر قائم بين الذات والسلطة الخارجية(المجتمع) .

رغبة المرء في أن يكون محبوبا من طرف السلطة الخارجية أي المجتمع.

الميل نحو إشباع وتلبية الحاجات الغريزية التي يؤدي حرمانها إلى ميل نحو العداونية.

  1. في عنف الجماعة:

<< ويكمن الاختلاف الحقيقي الوحيد في حقيقة أن ما يسود لم يعد عنف فرد واحد وإنما عنف جماعة.

ولكن لكي يتم فعلا الانتقال من العنف إلى هذا الحق أو العدل الجديد لابد من تحقيق شرط سيكولوجي واحد.

فلا بد أن يكون اتحاد الأغلبية إتحاداً مستقراً وثابتاً. أما إذا تم فحسب بغرض ضرب فرد واحد مسيطر ثم رحل بعد هزيمته، فإنه لا يكون قد حقق شيئاً. إن الشخص الأخير الذي سيجد في نفسه تفوقاً في القوة سيسعى مرة أخرى لفرض سيطرته بالعنف، وتتكرر اللعبة إلى ما لا نهاية. >> [12]

خطورة هذه الفقرة هي أنها تدق ناقوس خطر العنف وأصوله أو الأسس التي يرتكز عليها حيث أنه لا وجود لعنف بالمفرد ولا يمكن أن يوجد، إنما يوجد عُنْفُ جَمَاعَةٍ، بل وحتى أننا نلمح فردا عينيا هو من يمارس العنف، فإن وَعْيَهُ الفَرْدِي تشَكّلَ بفضل الجَمَاعَةِ، لكن الجماعة لا تتشكل بشكل تلقائي وعشوائي بل تتخذ الاستقرار والثبات والسكون، لكن يحذر من الأشخاص الذين يمتلكون القوة، حيث يصبح من يمتلك القوة يمتلك الحق أو العدل والعدالة، لهذا قلنا سابقا أنه باحتكار الدولة للعنف واستعمال القوة تصبح هي الوحيدة التي لها الحق في التشريع والحق والعدالة والقانون، كما لا ننسى أن الجماعة أو المجتمع الذي قد يمتد ليصبح حضارة يشكل قوة قاهرة تمارس على الأفراد وتخضعهم، وكل هذا نجد له تحليلا عميقا ورائعاً في كتابه الشهير “قلق في الحضارة” الذي يعد كتابا تأسيسيا لأفكار فرويد حول الجماعة والحضارة والمجتمع والدولة والحق والعدالة والدين والجنس… لهذا ينصح بالعودة إليه.

  1. في لماذا الحرب؟

في الحقيقة عند عودتنا إلى تاريخ البشرية منذ نعومة أظافرها نجد وبشكل منكشف أنه عبارة عن تاريخ علاقة جدلية معقدة ومتشابكة ومتداخلة فيما بعضها البعض بين الحق أو العدل والعدالة والقوة، خاصة عندما تتحول العدالة من إحقاق للحق إلى عنف كاسح لا نستطيع السيطرة عليه وإحكامه، ومن هذه النقطة يبدأ مشروع فرويد حيث حاول تحليل ومناقشة دور العنف في التاريخ، وذلك في مقاله النقدي الشهير المعنون ب “لماذا الحرب؟” (1932م) وتكمن أهمية هذا المقال هو أنه بعد مرور 7 سنوات تقريبا على إصداره، وبالضبط سنة 1939م، وهي بالمناسبة سنة وفاة سيغموند فرويد، هكذا توفي الفيلسوف الذي عالج إشكالية لماذا الحرب ؟ وستنطلق من بعده شرارة الحرب العالمية الثانية، ما يستدعي ضرورة العودة إليه من أجل فهم السياق التاريخي والسيكولوجي والسوسيولوجي لاندلاع هذه الحرب الكونية، ذلك أن فرويد كان على وعي وحدس وبصيرة ورؤية بقدوم حرب خطيرة جداً على البشرية سيكون سببها الرئيسي محاولة الظفر بالعنف واحتكاره من أجل تقويض السيطرة على العالم والكون، كما أن هذا المقال ثم توجيهه إلى العالم الفيزيائي ألبرت آينشتاين، والذي كما نعرف جميعاً صاحب معادلة الطاقة الشهيرة “E=m×C*2″، والتي بسببها سيتم اختراع القنبلتين الذريتين الملقتان على هيروشيما ونيكازاكي اليابانِيَتَيْنِ يوم 08 و 09 غشت 1944م، على أي ما يهمنا هنا هو أنه بفضل هذا المقال المكثف لفرويد، استطاع العالم التخلص من فكرة أن الحق والعنف متناقضان وغير متوافقان، بل على العكس من ذلك وكما وضح فرويد من خلال منهجه التحليل النفسي للتاريخ البشري بين لنا وأكد أن الواحد منهما نشأ بدلالة الآخر، وأن العلاقة بين الحق والعنف علاقة تَوَلُّدٍ وانبثاق.

■ ذلك أن الصراعات المصلحية بين الناس لا يمكن تسويتها إلا باستخدام العنف .

■ كما أنه لا يمكن إنكار انتماء أو استبعاد الإنسان من المملكة الحيوانية بعد الآن، وتجذر الإشارة هنا إلى أن سيغموند فرويد بنى هذه الفكرة انطلاقا من تصور شارلز داروين حول “أصل الأنواع”.

■ في البداية الأولى للبشرية كان من يملك القوة العضلية الأكثر تفوقا هو من يقرر من يملك الأشياء أو من لا يملكها، حيث ينطلق فرويد هنا من فرضية “الحالة الأولى الطبيعية” في نظرية التعاقد الإجتماعي مع كل من روسو وتوماس هوبز وجون لوك معتبراً صحتها، والتي تفيد أن الإنسان في حالة الطبيعة كان يملك عضلات قوية بفضلها يتكيف مع الطبيعة.

■ لكن في لحظة تاريخية أُسْتُعِيضَ عن القوة العضلية بقوة استخدام الأدوات والتقنيات وصناعتها وابتكارها، فمن يملك التقنية يملك القوة، ولا يمكن فهم موقف فرويد هنا دون العودة إلى فلسفة التقنية أو التحولات التوترية الفكرية للتقنية وأصولها.

■ هكذا فمن يملك الأسلحة أو الأدوات التقنية الأفضل أو من يستخدمها بشكل ذكي حاذق وبطريقة أمهر هو من يملك القوة وبالتالي يملك الحق.

■ لكن في اللحظة المعاصرة التي أدخلت فيها الأسلحة والأدوات التقنية المتطورة بدأ التفوق العقلي والذهني يحل محل القوة العضلية الغاشمة؛ وبالتالي من يملك القدرات العقلية والذهنية الحاذقة والذكية يملك القوة وبالتالي يملك الحق.

■ لكن رغم كل هذه التحولات التوترية بقي الغرض النهائي من القتال بقي كما هو، ولم يتغير إلى حد الآن، حيث أن الغرض هو دائماً إجبار وهيمنة وسيطرة طرف على طرف آخر، من خلال إرغامه على التخلي عن طلباته أو عن اعتراضه بفعل الدمار الذي يلحق به ومن خلال شَلِّ قُوَّتِهِ عبر شَلِّ حَرَكَتِهِ.

■ يتحقق الغرض النهائي من الحرب/العنف في حالة واحدة وهي الإِبَادَةُ، والتي تعني تَخَلُّصَ اَلْمُنْتَصِرِ على خَصْمِهِ المُنْهَزِمِ بصفة مطلقة ونهائية من خلال اغتياله وقَتْلِهِ.

■ ينشأ الحق أو القانون أو العدالة عن ضرورة ملحة لتسوية وتصحيح العلاقات بين الناس المتحاربة فيما بينها البَين، فالأفراد يتحدون فيما بينهم البين، لغرض واحد هو التعايش في أمن وسلم وسلام واطمئنان، وهم على وعي أن ذلك مسألة ضرورية جداً للحد من الحرب/الصراع.

على سبيل الختم، يكشف لنا تاريخ البشرية عن مسارات وانحرافات وتموجات متعرجة ومعقدة جداً للعنف. فالعنف أصبح شرطاً إنسانيا متأصلاً بالوضع البشري، لا يمكن استئصاله بالبتة، فالعنف واقع مؤكد. غير أن هذا الواقع أتاح لنا في الحقيقة إمكانية بروز تأويلات كثيرة بصدد العنف. فالإنسان، وككل كائن عاقل، حسب سيغموند فرويد، أصبح كائنا عُدْوَانِيٌّ وعُصَابِيٌّ وشَرِسٌ ومُتَوَحِّشٌ، والحضارة أو المجتمع أو الجماعة الصغرى التي ينتمي إليها ليس بمقدورها سوى كبح شهوات ورغبات وغرائز العنف وليس القضاء المطلق عليه، فهذه الشهوات العنيفة تعاود الظهور كلما تطورت الحضارة وبالخصوص التقنية، بل وكلما قامت الجماعة “بإلغاء الزجر” في فترات الحرب الدموية، غير أن هذا العنف، هو مع ذلك إيجابي، لماذا ؟، لأنه يقود إلى نشأة الحق، فهذا الأخير يتولد من بطن العنف، بإعتباره قوة وحقيقة الجماعة.

___________

البيبليوغرافيا:[1]-[2]- S. Freud, Métapsychologie, traduction. française. La planche et Pontalis, Gallimard, 1968, p. 66.[3]- سيغموند فرويد، مقدمة في التحليل النفسي، ترجمة إسحاق رمزي، دار المعارف، مصر، صص. 55 إلى 60. (بتصرف).

ملاحظة هامة: نشير هنا إلى القارئ الكريم أنه نظراً لعدم توفرنا على ترجمة لهذا الكتاب باللغة الفرنسية، إرتأينا الاعتماد على هذه الترجمة مع بعض التصرف والتعديل وانتقاء بعض الفقرات التي تصب في الإشكال، وهكذا حصلنا على هذه الفقرة المركبة التي اقتبسناها من ما يعادل 5 صفحات تقريباً، لهذا ينصح بالعودة إلى الكتاب لقراءة الفقرات كاملة بغرض فهم السياق كاملاً.[4]- سيغموند فرويد، حياتي والتحليل النفسي، ترجمة محمد زيور وعبد المنعم المليجي، دار المعارف، مصر، 1957، صص. 51-52.[5]- سيغموند فرويد، تفسير الأحلام، ترجمة مصطفى صفوان، دار المعارف بمصر، بدون ذكر تاريخ، صص. 594-595. (بتصرف).[6]- سيغموند فرويد، حياتي والتحليل النفسي، غاليمار 1928، ص. 80.[7]- سيغموند فرويد، أفكار لأزمنة الحرب والموت، ترجمة سمير كرم، دار الطليعة، بيروت-لبنان 1977، ص: 20-21، (بتصرف).[8]- Sigmund. Freud, Nouvelles conférences, 1932, traduction française. Zeitlin, Paris, 1936, pp. 107-108.[9]- Freud, Introduction à la psychanalyse, 1916, traduction française. S.Jankélévitch, édition Pyot, 1975, p. 26.[10]- Freud, Essais de psychanalyse, traduction française. S. Jankélévitch, édition. Payot.p. 240.[11]- S. Freud, Malaise dans la civilisation, Paris, 1980, p. 79.[12]- سيغموند فرويد، أفكار لأزمنة الحرب والموت، ترجمة سمير كرم، دار الطليعة، بيروت، 1977، ص: 46.

محمد فرَّاح: حاصل على شهادة الإجازة في التربية: تخصص التعليم الثانوي التأهيلي-الفلسفة بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، من جامعة محمد الخامس بالرباط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

التعليقات