المقالاتمنوعات

طالبة فيتناميَّة: تجربتي في المغرب ستظلّ مصدر إلهام لي

الطلاب الأجانب


  أ- تنويه:

غادرت الرباط حاملة معي تجربة مفيدة ورائعة في مدينة الرباط وخاصة في جامعة محمد الخامس العريقة ( كلية الآداب والعلوم الإنسانية-شعبة اللغة العربية وآدابها). كنت أتراسل بين الفينة والأخرى مع أستاذي الكاتب د. محمد الداهي الذي درسني “السرد الحديث” في الفصل الثالث. كان ينصحني دوما بتحسين قدراتي في اللغة العربية، وتفادي العبارات الطويلة والملتوية. أرسلت إليه مؤخرا بعض الخواطر التي كتبتها عن الرباط، فسررت عندما أخبرني بأهميتها وجودتها شريطة إدخال التعديلات والتصويبات اللغوية. أنا معتزةٌ بما تعلمته من أساتذتي في شعبة اللغة العربية باعتمادهم الأساليب البيداغوجية والأكاديمية المتطورة والفعالة.

ب- هويتي ومقصدي:

اسمي العربي المكرس عربيا “تغريد” لتفادي الاسم المعقد بلغتي الأم، طالبة من فيتنام، أتيت إلى المغرب لدراسة اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس في الرباط. كان قرار الانتقال إلى بلد جديد قرارًا جريئًا ومليئًا بالتحديات، لكن شغفي باللغة العربية وحبي لاستكشاف ثقافات جديدة دفعاني لخوض هذه التجربة الفريدة، والمغامرة المفيدة.

المغرب معروفٌ بتنوعه الثقافي واللغوي؛ ما يوفر فرصا للتفاعل مع ثقافات متعددة، واكتساب رؤية أوسع. الرباط  مدينة الأنوار والعاصمة الثقافية والإدارية للمملكة المغربية. عندما غادرت فيتنام متوجهة إلى الرباط، كانت لدي توقعات كبيرة وآمال كبيرة بشأن تجربتي. كنت أتطلع إلى تحسين مهاراتي في اللغة العربية، خاصة اللغة الفصحى، وفهم اللهجات المحلية مثل الدارجة المغربية. رغبت في التعرف على الثقافة المغربية والعادات والتقاليد، وبناء علاقات جديدة مع زملائي المغاربة والطلبة الأجانب. كنت أسعى إلى تحقيق تطور أكاديمي بالدراسة في بيئة تعليمية جديدة ومختلفة، والاستفادة من خبرات الأساتذة والمصادر الأكاديمية المتاحة.

كنت واعية بأن هذه التجربة لن تكون سهلة وستتضمن العديد من التحديات. بالرغم من دراستي السابقة للغة العربية، كنت أعرف أن التحدث اليومي باللغة الفصحى والعامية المحلية سيشكل لي تحديًا كبيرًا. كان البعد عن الأهل والأصدقاء يثير فيَّ مشاعر الحنين إلى الوطن، وكنت أدرك أن التكيف مع حياة جديدة بعيدًا عن عائلتي سيكون صعبًا. الانتقال إلى نظام تعليمي جديد يتطلب التكيف مع طرائق التدريس المختلفة والمناهج الدراسية المتنوعة.

عند وصولي إلى الرباط، بدأت رحلتي في التكيف مع المدينة والجامعة. في الأسابيع الأولى، بدأت أكتشفُ الجوانبَ المختلفة للحياة في الرباط. اكتشفت المدينة ومعالمها التاريخية والأسواق المحلية، وتعرفت على الأطعمة المغربية اللذيذة مثل الطاجين والكسكس والمروزيا والطنجية. اعتدت حضور المحاضرات والتفاعل مع أساتذتي وزملائي؛ ما ساعدني على التكيف بالتدريج مع البيئة الأكاديمية الجديدة.

بمرور الوقت، لم تظل الرباط مجرد مكان للدراسة، بل أصبحت موطنًا ثانيًا لي، حيث أتيحت لي فرص تنمية قدراتي ومؤهلاتي، وتعلم اللغة العربية التي فتحت عيني على عوالم جديدة. تطلعت إلى استكمال دراستي وتحقيق أهدافي الأكاديمية والمهنية، مستفيدة من كل ما تعلمته واكتسبته خلال هذه الرحلة الفريدة.

تجربتي في الرباط كانت مليئة بالتحديات، لكنها كانت أيضًا مليئة بفرص  تعلم مهارات جديدة في التدريس والحياة. في هذه الرحلة-على قصرها- تعلمت الكثير عن اللغة العربية، وعن الثقافة المغربية، وعن نفسي أيضا. كانت التجربة جزءًا لا يتجزأ من مسيرتي الأكاديمية والشخصية، وستظل ذكرياتها ودروسها تصاحبني إلى الأبد.

جالثقافة واللغة

الوصول إلى الرباط- عاصمة المغرب- كان بالنسبة لي كطالبة فيتنامية تجربة غنية على المستويين الثقافي واللغوي. الثقافة المغربية متنوعة وغنية، واللغة العربية يُتحدث بها بطرق متعددة وهو ما يزيد ثراءها وتعقيدها في الآن نفسه، خاصة بالنسبة للطلبة الأجانب مثلي.

الثقافة المغربية مزيجٌ فريدٌ من التأثيرات الأمازيغية والعربية الأندلسية و والأوروبية والإفريقية. يتجلى هذا المزيج في الحياة اليومية لسكان الرباط، من خلال الفنون و الموسيقى وأطباق المأكولات و والأزياء. الموسيقى المغربية- خاصة موسيقى “الطرب الأندلسي” و”الراي” و”كناوة” و”الغيوان” و”أحواش”- تلعب دورًا كبيرًا في المناسبات الاجتماعية . الطعام المغربي يشمل أطباقًا مثل الطاجين والكسكس والبسطيلة والطنجية. وهو غني بالنكهات والتوابل. الأزياء التقليدية مثل الجلباب والقفطان تظهر في مختلف الحفلات الوطنية والدينية، وتعتبر جزءًا من الهوية الثقافية المغربية.

قدمت لي دراسة للغة العربية في الرباط فرصة فريدة لتعلم اللغة في بيئتها الطبيعية. اللغة الفصحى تُستخدم في التعليم والإعلام والمراسلات والتدابير الرسمية. وهي اللغة التي أدرسها في الجامعة. اللهجة المغربية (الدارجة) معقدة  لأنها تحتوي على مفردات من الأمازيغية والفرنسية والإسبانية. في البداية كان من الصعب على فهمها، لكن بمرور الوقت وبالممارسة اليومية، تمكنت من اكتساب بعض المهارات للتواصل مع المغاربة.

التفاعل معهم يوميا كان مفتاح تعلمي وفهمي العميق للغة والثقافة في الأسواق والمقاهي والمطاعم. هم ودودون، يحبون التحدث مع الأجانب بصدر رحب. حضور الحفلات والمهرجانات أعطاني فرصة لفهم الثقافة المغربية، واستيعاب العادات والتقاليد عن قرب.

اللهجة المحلية كانت تحديًا، ولكنها أصبحت فرصة لتوسيع مداركي اللغوية. الانخراط في الحياة الثقافية والتفاعل اليومي مع الناس قدم لي فرصة لا تقدر بثمن لتحسين لغتي واكتساب فهم أعمق للثقافة .الثقافة واللغة في الرباط شكلتا جزءًا كبيرًا من تجربتي الأكاديمية والشخصية. هذه التجربة لم تقتصر فقط علي تعلم اللغة العربية، بل شملت أيضًا الغوص في ثقافة غنية ومعقدة أثرت في وجداني بشكل كبير. وهكذا لم تبق الرباط بالنسبة مجرد مكان للدراسة، بل نافذة لاستشراف عالم جديد مليء بالفرص والتحديات.

د-الجامعة والدراسة 

الدراسة في جامعة محمد الخامس بالرباط كانت تجربة مميزة وملهمة على عدة مستويات. كونها واحدة من أعرق الجامعات في المغرب، تميزت الجامعة ببيئة تعليمية غنية وفرص أكاديمية متنوعة، مما ساعدني على تعميق فهمي للغة العربية وآدابها.

جامعة محمد الخامس تتمتع بحرم جامعي جميل وبيئة تعليمية محفزة. المباني تجمع بين الطراز المعماري التقليدي والحديث كما تجسده روح المدينة. المرافق تشمل مكتبات مجهزة بشكل جيد، مختبرات، وقاعات دراسية حديثة تسهم في توفير جو مناسب للتعلم والبحث. النظام الأكاديمي في الجامعة يركز على تطوير مهارات الطلاب بمنهاج متوازن يجمع بين الدراسات النظرية والتطبيقية. تضم المناهج مجموعة من المواد المتعلقة باللغة العربية والأدب، مثل الشعر الجاهلي والأدب الأندلسي والنقد الأدبي والسرد الحديث والقديم، واللسانيات، والسيميائيات. الأساتذة يستخدمون طرائق تدريس تفاعلية، تشمل المناقشة والحوار الجماعييْن، والعروض والأبحاث والتقارير. هذا الأسلوب يساعد على تطوير التفكير النقدي والقدرات التحليلية. الأساتذة -في جامعة محمد الخامس- يمتلكون خبرة واسعة ومعرفة عميقة في مجالات تخصصهم. كانوا دائمًا مستعدين لتقديم الدعم الأكاديمي والنصائح لنا، سواء أ في الأقسام والمدرجات أم في خارجها. كان لدي العديد من الفرص للتفاعل المباشر مع الأساتذة، سواء من خلال المحاضرات أو اللقاءات الشخصية. هذا التفاعل ساعدني على تحسين مهاراتي اللغوية وفهم النصوص الأدبية بشكل أعمق. الجامعة توفر أيضًا على خدمات الدعم الأكاديمي بتوفير المكتبات والمراكز البحثية؛ ما يتيح للطلاب الوصول إلى مصادر معرفية متنوعة.

الحياة الجامعية في الرباط مليئة بالنشاطات الثقافية والاجتماعية التي تعزز تجربة الدراسة لدى الطلاب. هناك العديد من الأندية والجمعيات الطلابية التي تنظم فعاليات متنوعة مثل الأوراش والندوات والمسابقات الأدبية.

التفاعل مع زملائي الطلاب من مختلف الخلفيات الثقافية كان جزءًا هامًا من تجربتي. هذا التنوع أضاف قيمة كبيرة لتجربتي الأكاديمية والشخصية. بصفتي طالبة وسفيرة لجامعة محمد الخامس، أشعر بالفخر والانتماء إلى هذه المؤسسة العريقة. تجربتي في الرباط كانت غنية بالتعلم والنماء، وأتطلع إلى اطلاع الطلاب على  قصتي لخوض تجربة مماثلة. جامعة محمد الخامس ليست مجرد مكان للدراسة، بل هي مجتمع داعم وحاضن يساعد الطلاب على تحقيق إمكاناتهم الكاملة، وتنمية قدراتهم في جميع جوانب حياتهم.

كانت هناك تحديات مثل التكيف مع نظام تعليمي جديد وفهم المواد الدراسية بعمق. لكن بالمثابرة من جهة، ودعم الأساتذة والزملاء من جهة ثانية، تغلب على على هذه الصعوبات، وتمكنت من تحقيق إنجازات أكاديمية مثل التفوق في المواد الدراسية والمشاركة في المؤتمرات الأدبية. هذه الإنجازات وغيرها عززت ثقتي بنفسي، وطورت قدراتي الأكاديميةـ خاصة في التواصل باللغة العربية كتابا وشفاهيا.

كانت الدراسة في جامعة محمد الخامس بالرباط تجربة غنية ومليئة بالتحديات والفرص. وجدت فيها بيئة تعليمية داعمة ومجتمعًا أكاديميًا مشجعً؛ ما ساعدني على تحقيق أهدافي الأكاديمية والشخصية. هذه التجربة لم تعزز فقط معرفتي باللغة العربية وأدبها، بل ساهمت أيضًا في تطوير شخصيتي ومهاراتي الحياتية.

ه-الحياة الاجتماعية

الحياة الاجتماعية في الرباط، كانت بالنسبة لي كطالبة فيتنامية تجربة مثرية ومليئة بالتنوع. المدينة تجمع بين التراث العريق والحياة الحديثة؛ ما يوفر بيئة ثقافية غنية وتجربة اجتماعية مميزة. الرباط مدينة متعددة الثقافات، وهذا التنوع ينعكس في التقاليد والعادات الاجتماعية. المغاربة يتميزون بحسن الضيافة والترحيب. في المناسبات الاجتماعية كالأعياد، يظهر كرمهم وجودهم وحب الاحتفال. كنت دائماً موضع ترحيب وتقدير في هذه المناسبات؛ ما ساعدني على فهم الثقافة المغربية بشكل أعمق. الحياة الاجتماعية في الرباط تتخللها الأنشطة الثقافية مثل المهرجانات الموسيقية والفنية. مهرجان موازين، على سبيل المثال، يستقطب فنانين ومغنين من جميع أنحاء العالم، ويعتبر فرصة رائعة للتعرف على الموسيقى المغربية و العربية والعالمية.

التفاعل اليومي مع السكان  كان جزءًا أساسيًا من تجربتي الاجتماعية. الأسواق التقليدية (السوق) والمقاهي تعد مراكز حيوية للتفاعل الاجتماعي. كنت أحب زيارة السوق المركزي للتعرف على المنتجات المحلية والتحدث مع البائعين. المقاهي كانت أماكن مفضلة للقاء الأصدقاء وتبادل الأحاديث. تكوين صداقات مع الجيران وزملاء الدراسة كان له دور كبير في تخفيف وطأة الغربة على نفسي. الأصدقاء المغاربة كانوا دائماً متعاونين ومستعدين لمساعدتي في التكيف مع الحياة الجديدة. المشاركة في الأنشطة الاجتماعية كان لها تأثير كبير على تجربتي في الرباط. الجامعات المغربية تضم العديد من الجمعيات الطلابية التي تنظم فعاليات ثقافية واجتماعية. انضمامي إلى بعض هذه الجمعيات ساعدني على تكوين صداقات جديدة، وتوسيع دائرة معارفي. حضرت العديد من المناسبات الخاصة مثل المناسبات العائلية. هذه التجارب أعطتني نظرة عميقة عن الحياة الاجتماعية المغربية وعاداتها.

التكيف مع الحياة الاجتماعية في الرباط لم يكن خاليًا من التحديات. اللهجة المغربية (الدارجة) كانت تحديًا في البداية، لكن مع الوقت والتفاعل اليومي مع السكان، تمكنت من فهمها واستخدامها بشكل أفضل. بعض التقاليد والعادات كانت جديدة بالنسبة لي، لكن تقبلي لها ومحاولة فهمها ساعداني في التكيف والاندماج بشكل أفضل. التفاعل الاجتماعي في الرباط ساهم بشكل كبير في نمو شخصيتي وتوسيع مداركي. تعلمت الكثير عن التقاليد والعادات المغربية، واكتسبت مهارات جديدة في التواصل والتفاعل مع ثقافات مختلفة. تجربة الحياة الاجتماعية في الرباط جعلتني أكثر تفهمًا وتقبلًا للآخر، وزادت من ثقتي بنفسي وقدرتي على التكيف مع بيئات جديدة. الحياة الاجتماعية في الرباط كانت تجربة غنية بالتنوع والتعدد الثقافيين. من خلال التفاعل اليومي مع السكان والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، تعرفت على لثقافة المغربية وروافدها، وطورت مهاراتي الشخصية والاجتماعية.

و- الانتفاعُ بالتجربة والاستفادةُ منها:

تجربتي في الرباط لدراسة اللغة العربية وأدبها في جامعة محمد الخامس كانت تجربة ملهمة ومفيدة بكل المقاييس. تمكنت- بفضل التحديات والوضعيات الجديدة – من تنمية شخصيتي ومساري المعرفي والأكاديمي.

إتقان اللغة العربية كان أحد الأهداف الرئيسية لوجودي في الرباط، وقد حققت تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال. ساعدتني الدراسة الأكاديمية على تحسين مهاراتي في اللغة العربية الفصحى؛ ما مكنني من قراءة النصوص الأدبية القديمة والحديثة وفهمها بشكل أعمق. ساعدني التفاعل اليومي مع السكان على اكتساب مهارات بالعامية المغربية؛ ما جعل التواصل معهم أكثر سلاسة وأقل تحديًا.

كان التحصيل الأكاديمي جزءًا مهمًا من تجربتي. دراسة مواد متنوعة مثل الشعر الجاهلي والأدب الأندلسي والنقد الأدبي والسرد الحديث زادت من معرفتي وثقافتي الأدبية. العمل على الأبحاث والمشاريع الأكاديمية علمني كيفية التفكير النقدي والتحليلي، وتطوير مهاراتي في الكتابة الأكاديمية.

أسهمت التحديات- التي واجهتها- في تطوير شخصيتي بطرق متعددة. العيش بعيدًا عن الأهل والأصدقاء تطلب مني تعلم كيفية الاعتماد على نفسي واتخاذ قرارات مستقلة. تعلمت كيف أكون مرنة وأتكيف مع المواقف الجديدة، سواء أكانت ثقافية أم اجتماعية أم أكاديمية. ساعدني التفاعل مع الناس من خلفيات ثقافية مختلفة على تطوير مهاراتي الاجتماعية. تحسنت مهاراتي في التواصل سواء باللغة العربية أو بلغتي الأم. كونتُ صداقات جديدة، وتعلمت كيف أبني علاقات قوية مع أشخاص من ثقافات مختلفة؛ ما زودني بخبرات حياتية جديدة.

تعرُّفُ ثقافة جديدة زاد من فهمي وتقديري للتنوع الثقافي. تعلمت الكثير عن التقاليد والعادات المغربية، مما ساعدني على فهم السياق الثقافي والاجتماعي للبلد. أصبحت أكثر تفهمًا وتقبلًا للآخرين، وهو ما زاد من قدرتي على التعايش مع مختلف الثقافات. التجربة في الرباط زادت من فرصي المهنية المستقبلية. المهارات اللغوية والأكاديمية التي اكتسبتها ستكون مفيدة في مجال التعليم والتدريس. القدرة على التحدث والفهم باللغتين الفصحى والدارجة ستفتح لي أبوابًا في مجال الترجمة والعمل في المؤسسات الثقافية.

تجربتي في الرباط كانت غنية بالفوائد والنمو على مستويات متعددة. لقد تعلمت الكثير عن نفسي وعن العالم من حولي، وطورت مهارات أكاديمية وشخصية واجتماعية ستبقى معي طوال حياتي. الرباط لم تكن مجرد مكان للدراسة، بل كانت محطة مهمة في رحلتي نحو تحقيق أهدافي وتطوير ذاتي.

ز-خاتمة مفتوحة على المستقبل:

تجربتي في الرباط، كطالبة في جامعة محمد الخامس، كانت واحدة من أكثر الفترات تحولًا وتأثيرًا في حياتي. عندما غادرت فيتنام، لم أكن أدرك مدى عمق التأثير الذي ستتركه هذه التجربة في شخصيتي ومهاراتي وأهدافي المستقبلية.

بالتغلب على التحديات والاستفادة من الفرص المتاحة، حصل تطور في شخصيتي وفي مساري المعرفي والأكاديمي خلال فترة الدراسة، تعلمت الكثير عن اللغة العربية وآدابها، وتمكنت من تطبيق ما تعلمته في الأبحاث والمشاريع الجامعية. هذه التجربة -في جامعة محمد الخامس- لم تثرِ معرفتي فحسب، بل زادت أيضًا من شغفي بالأدب العربي، وجعلتني أكثر تقديرًا لتراثه الثقافي.

الحياة في الرباط علمتني الكثير عن التكيف والاستقلالية. البعد عن الوطن والأهل علمني كيف أكون قوية ومستقلة، وكيف أتعامل مع التحديات بروح إيجابية. التفاعل مع زملائي وأساتذتي ساعدني على تطوير مهاراتي الاجتماعية وبناء علاقات قوية ومتينة.

التفاعل اليومي مع الثقافة المغربية أضاف بُعدًا جديدًا لفهمي للعالم من حولي. تعلمت الكثير عن التقاليد والعادات المغربية، وكونت صداقات مع أشخاص من خلفيات ثقافية متنوعة. هذه التجارب الثقافية والاجتماعية جعلتني أكثر تسامحًا وتفهمًا للاختلافات الثقافية.

تجربتي في جامعة محمد الخامس زودتني بالمهارات المعرفية واللغوية التي ستساعدني في مستقبلي المهني. سواء أ أخططتُ للعمل في مجال التعليم أم في الترجمة أم في البحث الأكاديمي، فإن ما اكتسبته خلال دراستي سيكون له تأثير إيجابي كبير على مسيرتي المهنية.

أنصح كل طالب أجنبي يفكر في الدراسة خارج بلده بأن يكون شجاعًا، ويغتنم هذه الفرصة الفريدة. التحديات ستكون لك بالمرصاد، لكنها جزء من لعبة الحياة، وستساعدك على تحسين قدراتك وتنمية معارفك. وفي هذا الصدد، ستقدم لك جامعة محمد الخامس (خاصة كلية الآداب والعلوم الإنسانية) بيئة تعليمية داعمة ومُحفِّزة وغنية بالفرص، وستكون تجربتك فيها حافلة بفرص التعلم، وتبادل المعارف والخبرات، والمغامرات الرائعة.

كانت تجربتي في الرباط أكثر من مجرد تجربة أكاديمية؛ كانت رحلة اكتشاف الذات وتوسيع الآفاق. أصبحت جامعة محمد الخامس بالنسبة لي موطنًا ثانيًا، حيث وجدت الدعم والتشجيع والفرص لتحقيق أهدافي. أنا مُمْتنَّةٌ لكل لحظة قضيتها هنا، ولكل درس تعلمته، ولكل شخص قابلته، ولكل الأساتذة الذين تعلمت واستفدت منهم.

تجربةٌ ستبقى في وجداني دائمًا، وستظل مصدر إلهام لي في كل خطوة أخطوها نحو المستقبل.

*المصدر: التنويري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

التعليقات