البرامجخبرني الهدهد

خبرني الهدهد مع أمل سليمان – الزرافة

السّلامُ عليكم أصدقاءَ برنامجِ خبرني الهدهد

[soundcloud url=”https://api.soundcloud.com/tracks/327535612″ params=”color=ff5500&auto_play=false&hide_related=false&show_comments=true&show_user=true&show_reposts=false” width=”100%” height=”166″ iframe=”true” /]

 

رافقني الهدهدُ خلالَ زيَارتي الأخيرةَ لحديقةِ الحيوان، وقد توقفتُ مَـعَهُ  أمامَ كائنٍ عجيب، وكأنهُ حَيوانٌ خليطٌ من الجملِ والنمر، حيوانٌ لهُ جسدٌ كبيرٌ شبيهٌ بالجملِ وعليهِ لَطَخاتٌ مُـلوَّنةٌ  مُـتنوعةٌ غيرُ مُـتكررةٍ في جسدهِ كَـما هيَ في النَّـمر، لذلكَ سُمِّـيَ بالجملِ النّمريّ (الجملُ الأنمَر) كما هو مكتوبٌ باللوحةِ الملصقةِ على القفص، كم يأسِرُني هَـذا الطّولُ وهذا الجَمال. نعم إنهُ الحيَوانُ الأطولُ بلا منازع.

هذه هيَ الزرافةُ الجميلة،  صاحبةِ المنظرِ الفريدِ بينَ جميعِ الحيوانات.  

والزَرَافُ» إسمٌ عربيّ، يُفيدُ معنى «الرشاقة» ويُطلَقُ على ذاتِ الخُطواتِ المُتمهّلة، وعلى طويلةِ الرقبةِ المُشرأبَّة،[5] 

والزرافُ أطولُ عُـنُـقٍ بينَ الثّـديات، ويتراوحُ ارتفاعُ الزَّرافةِ البالغةِ بينَ الخمسِ والسِّتِّ 5 و6 أمتار (بين 16 و20 قدمًا)، والذُكورُ أكثرُ ارتفاعًا من الإناث.

هُـناكَ أنواعٌ مُختلفةٌ منَ الزّراف؛ منها النُّـوبيةُ، وهيَ المُتواجدةُ في السودانِ وجنوبِ غربِ إثيوبيا.  ومنَ الأنواعِ الأخرى، الشبكيةِ والأنغولية. وسُبحانَ الخالقِ الذي نَـوَّعَ في خلقٍ واحدٍ وجعلَ منه أنواعاً مختلفةً، فلكلِّ زرافةٍ لطخاتٌ مُـلونةٌ مُختلفةٌ في جَـسَـدِها، وتكادُ لا تلتقِ اثنتانِ في شكلٍ واحد. إلا أنَّ زرافاتَ المنطقةِ الواحدةِ قد تبدو مُـتشابهةً للناظرِ غيرِ المُدَقِق.

تأملتُ  عَـظَـمَةَ خَـلقِ اللهِ بمَعطِفِ الزرافةِ المكونِ من هذهِ البقعِ الكبيرةِ الداكنةِ التي قد تأخذُ لونًا بُرتقاليًّا، أو كستنائيًّا، أو بُنيًّا، أو أسوداً تقريبًا، وكيفَ  يلعبُ نمطُ المعطفِ دورًا تمويهيًّا، فهو يمزجُ الزَّرافةَ معَ أطيافِ النورِ والظِلالِ في أحراجِ السڤناءِ حيثُ تتجمَّعُ لِترعى.[21] وتعتمدُ الزرافاتُ على التمويهِ لحمايةِ أنفُسِها من الضواري حينما تقتاتْ، حيثُ تَصعُبُ رُؤيةُ البالغةِ منها حتَّى، ولو كانَ الناظرُ على بُعدِ بضعةِ أمتارٍ منها. لكنْ عندما تتحرَّكُ لترى المُفترسَ المُقتربَ منها بشكلٍ أفضل، فإنَّها تعتمدُ على حجمها الضخمِ وقُدرتِها على الرفسِ والرَّكلِ لتُدافعَ عن نفسها وعن صغارِها، عِوَضَ اعتمادِها على التمويه.

اسْتوقـفَني لسانُ الزرافةِ البالغِ طوُلُهُ 50 سنتيمتر، وهُوَ أسودٌ ضاربٌ إلى الأرجوانيّ، ولعلَّ ذلكَ مردُّهُ الحمايةُ من الحُروقِ الشمسيَّة، وهي تستخدمهُ أيضاً للإمساكِ بالنباتات، ولتمسيدِ فرائِها وتنظيفِ أنوفِها.[36]:27 الشّفةُ العُليا قابضةٌ كذلك الأمر، يَستخدمُها الحَيوانُ عندما يَـرعى. وتكـتَسي الشفتانِ بحُليماتٍ عديدةٍ لحمايتِها من الأشواكِ التي تُغطِّي أغصانَ الأشجارِ التي ترعاها الزرافات.

لسانُ الزَّرافةِ قابضٌ (أي أنهُ قادرٌ على أن تُمسكَ به الأشياء)، تمنَّيتُ لو أنَّ لنا القدرةَ على أنْ نُمسكَ الأهدافَ البعيدةَ بأيدينا كما هي تمسكُ الطعامَ البعيدَ بلسانِها. تأملتُ لسانَ الزرافةِ الموصوفَ بالطولِ، إلا أنهُ لسانٌ بعيدٌ عن الغيبةِ والنميمةِ والكذبِ و النفاقِ، ومع قِصَرِ طُولِ ألسنتنا نسبةً إلى الزرافة، إلا أننا نمارسُ به كلَّ هذه النقائص.

لا يَغيبُ عَنّي أن الزّرافةَ حَـيَوانٌ صبورٌ يَشربُ الماءَ على فتراتٍ متباعدةٍ لا تدومُ أكثرَ من ثلاثةِ أيام، أتعلَّـمُ منها الصبرَ والاقتصادَ والتَّـروِّي.

أكثرُ ما أعجَـبَني في الزرافةِ هُـدوءُها، فهيَ تُمضي أغلَـبَ وقتِها صامتة، دُونَ أن تُصدرَ صوتًا واحدًا، لكنَّها سُجِّلت بعضَ الأحيانِ وهي تتواصلُ معَ بعضِها بواسطةِ بعضِ الأصواتِ البسيطةِ خلالَ بضعةِ حالاتٍ نادرة. فخلالَ المُغازَلَـةِ على سَبيلِ المِثال؛ تُـقدِمُ الذُكورُ على إصدارِ شكلٍ من أشكالِ السُعالِ الصاخب،[29] كما لوحظَ أنَّ الإناثَ تُنادي صغارِها عبرَ الخُوار، وأنَّ صِغارَهَا تُصدرُ بَعضَ الأصواتِ الشبيهةِ بالشخيرِ والثُغاءِ والخُوارِ والمُوَاء. وسُمعتْ كذلكَ بعضُ الزَّرافيّ وهيَ تُهَـسهسُ وتَـئنُّ وتزمر،[29]كما أنَّها تتواصلُ مع بعضِها عبرَ مسافاتٍ شاسعةٍ بواسطةِ الموجاتِ دونَ الصوتيَّة.[66]

أعجبتُ أنا والهُـدهدُ بهذا المخلوقِ الجميل  

وودعناه ُعلى أملِ اللقاءِ بكُـم معَ كائنٍ آخرٍ في الحلقةِ القادمة.  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق