حين يغيب الحرف .. تجربة عربيَّة فريدة
تجربة عربيَّة فريدة أن يجتمع ثلاثة من المبدعين من الكويت في إنتاج كتاب يحمل مضامين متعدِّدة بين الأدب والفن والتصميم، حيث ألَّف علي عاشور الجعفر نص الكتاب، وحوَّله الفنان والخطاط جاسم معراج إلى لوحات فنيَّة تستمدّ روحها من الخط العربي، ثم جاء تصميم محمد شرف ليحوِّل كل هذا لقطعة فنيَّة رائعة.
يطرح علي عاشور الجعفر على القارئ سؤالا ينطلق منه: هل خطر في بالك أن يغيب الحرف عن وجودنا، أن يغادرنا لتعتل لغتنا وتأسوا كلماتنا؟ في لحظة تأمل وتفكر، المؤلف تخيل أن مجموعة من الحروف قررت متضامنة أن تغيب عن الأبجديَّة، تتوارى بعيدا عن الحضور المبتذل، ربما في رأيه كانت تريد أن ترقب أهميتها، وأثر غيابها، وما تحدثه من إرباك في التعبير والتصوير في لغتنا، عبر المؤلف مع الخطاط عن عدد من المعاني داخل صفحات الكتاب كل معنى يبدأ بحرف يكتبه جاسم معراج بصورة فنيَّة مبتكرة رائعة فيشكل النص صورة أدبيَّة تعكس قيمة ويشكل الخط قيمة فنيَّة موازية تعكس معاني كثيرة، هنا نحن أمام جماليات مزدوجة نادرا ما نرى مثلها في الكتب العربيَّة لنرى من أمثلة ما جاء في الكتاب:
الحرف الباء
من غير الباء
لا برق يضيء
لا تسع تغريد البلبل
إن غاب الباء فكيف أرافق بنت العم
كي نجلس في بستان البيت
أو نبني برجا وقلاعا
برمال الشط على البحر
أو كيف نمنع أعيننا
بطلوع البدر
الحرف الثاء
في حرف الثاء
اسم للثائر
إذ يرفع علم الثورة
ويفدي وطن الأحرار
وثراه الغالي
من عبث الأشرار
لكن الثاء تغادرنا
لتشد الثعلب والثعبان بعيدا
فقد اتحدا بجيوش الشر
ليبيعا أرض الوطن الحر
ببخس الأثمان
ألف، باء، حاء، ثاء
إني أبحث
ما زلت أسير
أتنقل بين دروب البحث
أنا لست سجينا في قيدي
أنا لست أسير
*المصدر: التنويري.