حوارية الشباب والدولة وآفاق المستقبل
شباب يطالبون باستراتيجية واضحة للإصلاح السياسي وخطة عمل زمنية
حاور الدكتور محمد أبو رمان الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية مجموعة من الشباب الناشط سياسيا حول أولويات الإصلاح عند الشباب الأردني، وما هي المفاتيح هذا الإصلاح من وجهة نظر الشباب، وعن تصوراتهم للمرحلة القادمة والطريقة التي يتم استدخال الشباب وإدماجهم في العمل العام والحياة السياسية.
تحدث الناشط الشبابي حمزة ياسين عن رؤيته لأولويات الإصلاح وخارطة الطريق لمستقبل الدولة بأنها تبدأ بتقييمنا للمئوية الأولى أولاً، وعن إدماج الشباب في العمل السياسي قال أن قضية إدماج الشباب هي إرادة قوية لدى الشباب أكثر منها لدى الدولة وأن معظم الفئات الشبابية التي شاركت في الحراكات الشعبية الأخيرة لم يكونوا منظمين سياسياً، وهذا يعكس رغبة الشباب الأردني بأن يكون لديهم دور حقيقي في صنع القرار.
كما أضاف أن الشباب الأردني اليوم لا ينشغل فقط بمطالب شخصية تتعلق بتحسين الوضع الاقتصادي وإنما يتحدث بمستوى دولة ومشروع وطني، وإيمان الشباب بأن ما أوصلنا لهذه الحالة من التردي الاقتصادي والنسب المرتفعة من الفقر والبطالة هو غياب الإصلاح السياسي، و أننا اليوم نحتاج إلى أن نتأكد من وجود الإرادة الحقيقية لدى صانع القرار بمشروع الإصلاح السياسي وليست مجرد ردات فعل على أحداث إقليمية أو دولية، كما نحتاج إلى تنشئة سياسية تبدأ من المدرسة، وكذلك توفير مساحات من الحرية للنشاط السياسي في الجامعات، وأن كل هذه الخطوات نحو الإصلاح السياسي لن تتحقق بغير حكومة برلمانية.
كما تحدثت الناشطة الشبابية وعضو مجلس محافظة إربد مي أبو عداد أنه لا يوجد انخراط حقيقي للشباب في العمل السياسي، وأن الواقع المحيط بالشباب محبط والذي عمقته أزمة كورونا، وازدياد نسب البطالة لدى حملة الشهادات الجامعية، وتدني مستويات المشاركة السياسية وتمكين المرأة، لذلك نحتاج لإصلاح سياسي حقيقي في قوانين الانتخاب والأحزاب.
كذلك وجهت انتقاداتها للمسودة المطروحة لتعديل قانون اللامركزية والمجالس المحلية ، ورأت أنها تعديلات مجحفة حيث تقترح الانتخاب المباشر للشعب ويصبح التمثيل فيها قطاعي، وكان من الأولى أن يتم تعديل القانون بحيث يوسع صلاحيات المجالس المحلية.
كذلك رأى الناشط الشبابي أنس بيليه خلال مشاركته في الحوارية أن الإصلاح السياسي مشروع تكاملي يتمثل في تطوير منظومة القيم الاجتماعية، وتعزيز مفهوم الهوية الوطنية الجامعة، بالإضافة إلى تطوير كفاءة النظام السياسي وتعزيز فعاليته، ووضع قوانين تساعد على توسيع دائرة المشاركة السياسية من خلال تخفيض أعمار المترشحين للانتخابات وتعديل قوانين اللامركزية وكف أيدي الأجهزة الأمنية عن الشباب، وأيضا إعلاء مستوى الشفافية والمساءلة السياسية.
وفي إطار الحديث عن تهميش الشباب قال بيليه أن الشباب دائما ما يتم إقصائهم في كل المناسبات، كما أن الشباب خلال جائحة كورونا كانوا خارج حسابات الحكومة تماما، وأن الشباب يصتدم بكمية الحواجز التي تقام أمامه، والملاحقات الأمنية التي يعاني منها، كما أشار لتجربة اللامركزية وقال أنها من أفضل التجارب التي تم تطبيقها في الأردن حيث عززت حالة التشاركية بين المجتمع المحلي وصناع القرار .
وفي مشاركة الناشط الشبابي عبدالله جبارة تحدث عن الفجوة التي يعانيها الشباب وقال أنها أقرب لأزمة ثقة في مؤسسات الدولة، كما أن حجم الاستبعاد الاجتماعي للشباب كبير، وأن القيادات التقليدية تستأثر بكل شيء وتتحدث نيابة عن الشباب في حين أن الشباب الأردني لا يشعر أنه يمتلك الحاضر ولا المستقبل، ورأى أن الإصلاح السياسي يبدأ بالحوار الحقيقي والتصادم الإيجابي والخروج بنتائج ذات فعالية، كذلك نحتاج إلى تنمية اقتصادية وسياسية وقاعدة الهرم السكاني في الأردن هي الشباب.
وأكد الناشط الشبابي عيسى ملو العين على ما تحدث به المشاركين من الشباب من أن الإصلاح السياسي يبدأ من قانون الانتخابات والأحزاب، وضمان وصول الشباب يبدأ من خلال وجود أحزاب قوية، كما أنه لا يمكن للشباب أن يتقدموا للمناصب القيادية في ظل محاربتهم من رأس المال، وتدخل الأجهزة الأمنية في نتائج الإنتخابات.
وأضاف أننا نعاني من ازدواجية ما بين خطاب الملك وما بين تطبيق السلطة التنفيذية، حيث يدعو الملك الشباب دائما إلى الانخراط في العمل السياسي”في المقابل يتم ايقافنا وملاحقتنا أمنياً”، وكذلك دعى الملك للتوازن بين السلطات ولحكومة برلمانية وفي نفس الوقت نرى تغول من السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، وأن خطاب الملك بالأوراق النقاشية على مدى السنوات السابقة كان يدل على جاهزية الشعب للانتقال الديمقراطي، لكن هناك متنفذين ومستفيدين يعترضوها، كما طالب باتفاق في مؤتمر وطني على محددات الانتقال والإصلاح السياسي.
هذا ويرى الناشط الحقوقي حسين صرايرة أننا اذا لم نتعلم من المئوية أعتقد بأن القادم سيكون أسوأ، وأن الذي بنى الأردن في المئة سنة الفائتة كانوا شباب مؤدلج وحزبي ولهم خلفيات سياسية، دخلوا جسد الدولة ومارسوا رؤيتهم الفكرية.
وتحدث كذلك عن القطاع العام وإغلاقه بوجه الشباب، وأن الدولة تمارس الريعية والسيطرة من خلال القطاع العام المترهل في إرضاء الأردنيين بناء على المحسوبية والواسطة وتغييب الكفاءات، ويجب النظر للصلاحيات المتداخلة ما بين السلطات، كما رأى أن الحكومات المتعاقبة مارست هجمة شرسة على عقيدة الأردنيين البانية لهويتهم التي جعلت المواطن الأردني عاجز عن تعريف نفسه.
وفي حديثه عن خطوات للإصلاح قال أنه يجب أن نعتمد على ثلاثة محاور، التعليم، والقضاء، والصحافة، وأن التنمية يجب أن تكون في البنية الفوقية وليس التحتية، البنية الفوقية هي التي تبني الوعي لدى الناس كي يبنوا البنية التحتية.
وبما يتعلق بمسودة قانون الإدارة المحلية قال الصرايرة أن وجود تمثيل للنقابات وتمثيل قطاعي هذا سيحرم الشباب والمرأة من نسبة تمثيلهم داخل المجالس المحلية، كما أنها تعطي المرجعية لوزارة الإدارة المحلية، وأن كل أدوات عقد الاجتماعات والفصل بيد السلطة التنفيذية وهذه كارثة على مستوى الديمقراطية.
كما أضافت الناشطة الشبابية ديما الخرابشة أن الخطوات المطلوبة من صانع القرار كبداية هي أن يقدم ضمانات حقيقية للتحرك نحو الإصلاح، ومن واجب المؤسسات الرسمية ومن ضمنها الأمنية أن تتراجع عن القبضة التي يواجهها الشباب الفاعل سياسيا، وتفعيل مبادئ المواطنة في كل جوانب الحياة وذلك من خلال تفعيل دور الإدارة المحلية لإعادة بناء الأدوات والمهام الخاصة بكل مجلس.
بالإضافة إلى الحاجة إستراتيجية وأهداف واضحة في مدة زمنية معينة من خلال تفعيل قوانين الأحزاب لإفراز مجالس مجالس نواب تفرز حكومات قوية .كما أشارت إلى إعادة صياغة للمنظومة التعليمية وتعزيز مبادئ المواطنة.
وفي الحديث عن خطوات ونقاط محددة للإصلاح قالت الناشطة الشبابية لينا العالول يجب أن نعرف ماذا نريد هي أول خطوة، حكومة برلمانية أم تغيير ممارسات، ولماذا لم تترجم الأوراق النقاشية إلى قوانين؟ وبماذا أخطأنا وبماذا أصبنا في المئوية الأولى؟
أخطأنا عندما احتكمنا للواسطة والمحسوبية وعندما فقدت الحكومة مصداقيتها، وعندما تدنت مستويات الحرية وزادت المضايقات الأمنية.