توقيع قصص «قطط تعوي وكلاب تموء»
شهد مقر”قتصلية”بوسط القاهرة حفل توقيع ومناقشة المجموعة القصصية «قطط تعوي وكلاب تموء» للكاتب أحمد عبد المنعم رمضان، الصادرة عن دار الشروق بحضور الناقدة د.لنا عبد الرحمن وأدار النقاش الكاتب الصحفي سيد محمود.
والكاتب أحمد عبد المنعم رمضان؛ قاص وروائي وطبيب، صدرت له روايتان: “رائحة مولانا” و”رسائل سبتمبر”، ومجموعتان قصصيتان: “في مواجهة شون كونري” و”أحلام الدوبلير” (الحاصلة على جائزة أخبار الأدب)، إضافة إلى كتاب “صورة مع أنور وجدي”.
في مدينة تشبه الغابة، تدور أحداث المجموعة القصصية «قصص تعوي وكلاب تموء»..عالم قاسٍ ممتلئ بالحيوانات، قرود تتقافز في طرقاته، وقطط تغزو شوارعه، أسود وكلاب هنا وهناك، والراوي تائه وسط كل هذا، لا يكاد يميز الواقع من الحلم، أو الحقيقة من الكابوس، كل شيء صار متداخلا ومربكا، ووسط كل هذا الصخب، يغلق الكاتب باب حجرته ويمسك بقلمه ليسرد ويصف ما يحدث حوله على أمل فهم هذا العالم وإدراك متغيراته.
وقد بدأ حفل التوقيع بكلمة للكاتب سيد محمود والذي تناول خلال كلمته نبذة عن الكاتب أحمد عبد المنعم ،
وأشاد الكاتب والناقد سيد محمود بالمجموعة القصصية، على الرغم من العالم الذي اختاره الكاتب لحياة البشر والحيوانات في مدينة تحكمها الدستوبيا، وأشار إلى أن الكاتب استخدام مفردات تبدو بسيطة ولكنها في الحقيقة تحمل معانٍ كثيرة وعميقة. لافتا إلى أن القصة الأخيرة في المجموعة والتي تحمل “عنوان البحث عن ثمرة مانجو ” رائعة جدا.
وأشاد بحُسن استخدام الكاتب للاحلام والمنامات بداخل المجموعة القصصية والتي أعطته الحل الأمثل لإيجاد مفردات مختلفة استطاع من خلالها إيصال أفكاره.
وأكد أن الكاتب لديه قدرة فائقة على السرد ، واستطاع من خلال كتاباته القصصية الإحالة إلى الواقع المصري وذلك من خلال الخيال الفنتازي والغرائبي.
وتابع: “السمة الواضحة في المجموعة هو استخدام وتوظيف الفانتازيا، واستخدام بعض المفاهيم القائمة على الغرائبية، حيث القطط تموء والكلاب تعوي، مما عكس عنوان المجموعة، وهو ما يكشف عما نجده من تفاعلات يتم التعبير عنها بطريقة مميزة في السرد، تشبه أسلوب الكاتب الكبير يحيي حقي”.
وأضاف محمود : إن الأطباء الكتاب الأدباء يكون لديهم ولع خاص بالقصة القصيرة، أمثال كبار الكتاب، محمد المنسي قنديل، محمد المخزنجي وأسامة علام، موضحا أن الجزء الأول من المجموعة القصصية “قطط تعوي وكلاب تموء” يغلب عليها الطابع الفانتازي الغرائبي، وهو ما يظهر خلال الكتابة مكامن براعة أحمد عبدالمنعم رمضان في السرد وإجادته في استخدام اللغة.
مصائر العابرين
قالت الناقدة د. لنا عبد الرحمن : إن المرجعية العلمية التي ينتمي إليها الكاتب احمد عبد المنعم، تلعب دورا مهما فى إبداعاته.ولفتت إلى أن المرجعية العلمية هي التي جعلت النصوص عنده محكمة، حيث لا يوجد ما يسمى بالانفلات اللاشعوري، وهو ما نجده في أغلب قصصة التي تقوم بطرح تساؤلات وجودية وفلسفية والتي يمررها الكاتب داخل القصص من خلال بطل تلك الحكايات.
وتابعت قائلة : ” تقدم القصص حالة بطل يواجه مدينة تمضي في تحولاتها اللانسانية، حيث الحيوانات طليقة في الشوارع، تشارك البشر المشي في الشارع، والجلوس في المقهى.هناك قرود وأسود، قطط وكلاب حرة، تمضي وتجول، يتقاطع مصيرها مع مصائر العابرين في الحواري والأزقة. .وتنطلق جميعها من لحظات واقعية، ثم تنعطف نحو تداخل كابوسي بين الحقيقة والفانتازيا، بغرض تشكيل رؤية جديدة يمكن من خلالها نقد الواقع العبثي الذي أصبح من المحال التعامل معه إلا بأسلوب المجاز.كأن يقول : في أثناء مروري بشارع رمسيس ظهر إلى جواري قرد ضخم، قرد حقيقي بشعر كثيف وجسد ذي انحناءة مميزة ومؤخرة حمراء”. مثل هذا النوع من المشاهد يحضر في العديد من القصص، حيث يكون لأحد الكائنات دورا فاعلا في السرد. في بعض القصص الأخرى يظهر أيضا تأثر الكاتب بالطب من جانب العلاقة التشريحية لجسد الانسان نفسيا، حيث التشريح هنا يحضر كفعل يحمل في باطنه ايذاء ما.
الكتابة الغرائبية
وتحدث أحمد رمضان عن تجربته في هذه المجموعة فقال : إنه لا يعتمد في قصصه على نوع الكتابة التي يمكن تصنيفها تحت فئة “الديستوبيا”، موضحا أنه قد رصد تغيرات واضحة وسريعة في المدينة خلال العشر سنوات الماضية، لذا فإن ما انطلق لكتابته في المجموعة القصصية، يمثل شعوره حيال مايراه ويعايشه.
وبشأن الانطلاق من الواقع إلى الفانتازيا، أشار إلى أن الكتابة الغرائبية نفسها بالنسبة له، مرتبطة تماما بالواقع، فأنا في المجموعة القصصية أتحدث عن الواقع، ولكن الطريقة الأنسب في التعبير عن ذلك، من خلال الكتابة الفانتازية غير المباشرة، موضحا أن طبيعة النص ربما تفرض نفسها على اللغة بحيث تكون مختلفة، ففي أعمال أخرى ربما نجد اللغة أكثر تقريرية، لذا تفرض طبيعة العمل وتطوره طبيعة اللغة المختارة.
وأضاف: بالرجوع لأعمال سابقة لها علاقة بتوظيف تيمة “الحيوانات”، فإنه لم يستخدم التقنية ذاتها، وإنما حاول أن يكون له أسلوبه وحبكته الخاصة المختلفة عن أعمال كتاب آخرين مثل الدكتور محمد المخزنجي في “حيوانات أيامنا”، أو طريقة جورج أورويل في “مزرعة الحيوانات”، الحيوانات في قصص عبد المنعم جزء حقيقي من القصة كما لو أنهم “شخصيات” لايقتصر وجودهم على الترميز.
واستطرد رمضان: “الخوف هو المحرك الأكبر بالنسبة لبطل مجموعته القصصية، وهو أعلى من الرغبات العادية، وأن الشعور بالعزلة في النص جاء واضحا، حيث البطل يشعر بالاغتراب الزماني والمكاني، لذلك فهو يفضل العزلة ويميل إليها”.
*المصدر: التنويري.
