تقارير

تقرير بعنوان: غُرزة غُرزة، تُروى الحكاية 

التراث الفلسطيني

هناك في زاوية منسية من الذاكرة، تتشابك الخيوط كما تتشابك الحكايات. بين دفاتر الزمن القديم، وجدت لينا أبو سمحة صوتًا يستحق أن يُسمع، حكايات لم يكن لها أن تُطوى في النسيان. بغرزة صبر، وأخرى من شغف، بدأت رحلتها في إعادة نسج تراث الجدات، لتمنحه حياة جديدة في كتاب يسكن أيدي الصغار.

من لحظة الإلهام الأولى، حيث همست الحكايات في أذنها، إلى ليالٍ من البحث والتقصي، وحتى ذلك اليوم الذي وقفت فيه أمام كتابها ليعانق النور، تروي هذه السطور قصةً أكبر من مجرد كلمات مطبوعة. إنها قصة هوية تُكتب من جديد، بخيط متين يمتد بين الأمس والغد.

لكن الرحلة لم تكن سهلة، فبين سطور الحكايات تكمن تحديات جمّة. كيف يمكن أن تحافظ على روح الحكاية بينما تعيد صياغتها لتناسب لغة العصر؟ كيف تُنقل مشاعر الجدات، دفء أصواتهن، وتفاصيل الزمن الذي عشن فيه؟ لم يكن الأمر مجرد كتابة، بل كان أشبه بإحياء ذاكرة، حيث أصبحت كل جملة، وكل مشهد، بمثابة غُرزة في نسيج التراث.

لم تكن الحكايات وحدها ما ألهم لينا، بل كان التطريز الفلسطيني أيضًا جزءًا من السرد، حيث وجدت في كل غرزة قصة، وفي كل نقش رمزًا يحمل بين ثناياه معاني الصمود والانتماء. استلهمت من الأثواب المطرزة معاني الصبر والتحدي، فكان لكل تصميم حكاية، ولكل لون رسالة تعبر عن أجيال لم تترك هويتها تذوب في صفحات النسيان.

وبين البحث والكتابة، اكتشفت لينا أن مشروعها لم يكن مجرد كتاب، بل كان نافذة تطل منها الأجيال الجديدة على ماضٍ غني بالحكمة والجمال. مع كل طفل يفتح صفحات الكتاب، كانت ترى بعينيه دهشة الاكتشاف، وكأنها غرزة جديدة تضاف إلى نسيج الذاكرة الجماعية. فهكذا، غرزة تلو الأخرى، تروى الحكاية، وتُحفظ الذاكرة، ويبقى التراث الفلسطيني حيًا في القلوب والعقول.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

التعليقات