تغطياتتقارير

تقرير اليوم العالمي للتنوع الثقافي

راديو النجاح – تقرير اليوم العالمي للتنوع لثقافي – سارة المومني ورزان الزعبي

-منذ بدء الخليقة اتخذ البشر من كل شبر على الأرض سكناً لهم، أنشأوا مجموعات ومعها نشأت عادات وتقاليد توارثتها الأجيال المتعاقبة، مكونة (الإرث الثقافي)، وشكلت المجموعات البشرية شعوباً، وصار لكل منها مهما كان حجمها تراث ثقافي يخصها وحدها، وهو ما يعرف بـ(التنوع الثقافي الذي يعتبر سمة) ميزة للمجتمعات البشرية.

ولم يكن  يفترض بالاختلاف والتنوع الثقافي في العالم، مدعاة إلى الخلاف والصراع، فالمولى سبحانه وتعالى لم يخلق هذا التنوع عبثاً، بل من أجل التعارف والتقارب والتعاون في سبيل سعادة البشر، وليس تعاستهم، وهذا المقصود باصطلاح (التنمية المستدامة) أو (إعمار الأرض)، وقد ما ورد في الآية 13 من سورة الحجرات:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.
صدق الله العظيم

 

ووفقاً للإعلان العالمي للتنوع الثقافي، فإنه يشكّل قوة محركة للتنمية، ليس على مستوى النمو الاقتصادي فحسب، بل أيضاً كوسيلة لعيش حياة فكرية وعاطفية ومعنوية وروحية أكثر اكتمالاً، من هنا يُعتبر التنوع الثقافي ميزة ضرورية للحدّ من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة.

ورغم ذلك، فإن البشر اتخذوا من تنوعهم الثقافي سبباً نحو شقائهم، بدلاً من أن يسهم في التنمية ورفاه الأجيال، من ينظر بعمق داخل الصراعات التي تقاسيها الأمم في القرن الحادي والعشرين، يرى أن نحو 75 بالمئة منها ذات أبعاد ثقافية.

 يقول المثل الشعبي: (أصابع إيدك مش شبه بعض) وهو جملة بسيطة للتعبير عنا نحن البشر، فبينما نتحد ونتشابه في العديد من الصفات والأفعال، إلا أن كل منا يفكر ويعبر بطريقة مختلفة.
يظهر هذا بوضوح عندما نشاهد التباين والغرابة في عادات وتقاليد الشعوب حول العالم، فمثلاً لكل شعب طريقته في إلقاء السلام، فبعض القبائل الهندية يقوم أفرادها بمسك لحى بعضهم بعضاً عند التحية، أما سكان أستراليا الأصليين فإنهم يقومون بإخراج السنتهم أمام بعضهم، وبالنسبة للصفع أثناء إلقاء التحية فهو منتشر بين فلاحي أوكرانيا.
وفي ما يخص تقديم الهدايا، فوفقاً للثقافة العربية، من غير اللائق أن تفتح هديتك أمام من أهداك إياها، وفي اليابان عليك أن تنحني وتقدم الهدية بكلتا يديك، أما في جزيرة “ميلاتريا” إذا أراد شخص أن يهدي هدية لآخر فإنه يضعها بين قدمية ولا يسلمها باليد وبعد فترة يتناول الآخر هديته ويذهب بها.

وللاحتفالات قصة أخرى من حول العالم .. لقد اعتدنا على أكل الطماطم، لكن هل خطر ببال أحدنا يوماً أنه في بقعة ما على هذه الأرض ثمة من يتراشقونها احتفالاَ!

إنه يحدث مهرجان التوماتينا في فالنسيا في آخر أربعاء من شهر آب، حيث يجتمع الآلاف في الشوارع والميادين و تبدأ حرب شرسة الأسلحة فيها هي الطماطم! يتراشق الناس طوال اليوم بكميات مهولة منها لدرجة أن الشوارع تمتلئ بأنهار من الصلصة الحمراء، وبعد هذه الحرب الودية يجتمع الناس في آخر اليوم لتناول الطعام في موائد جماعية.

 أما في تايلند (فالعز للقرد والإنسان شنق حاله) ففي تشرين الثاني من كل عام يقوم سكان مدينة لوب بوري بتحضير مائدة عظيمة تحوي ما لذ وطاب من الفواكه والخضروات والحلوى والكعك فقط لأجل عيون القرود! وتجتمع مئات القرود المحظوظة للاستمتاع بهذه الوليمة بينما يشاهد السياح هذا المشهد الغريب، ويسكن هذه المدينة أكثر من 2000 قرد ويجوبون الشوارع بحرية تامة، وكأنهم أصحاب البلد، تماماً كالقطط عندنا لكنه اختلاف بيئي لا أكثر.

لا يوجد أجمل من الألوان للتعبير عن الاحتفال بقدوم الربيع، هكذا يرى الهنديون بأية حال، حيث تقام احتفالات كبيرة بمناسبة قدوم الربيع من كل عام، وهي تعرف أيضا باسم (احتفالات الألوان) واسمها بالهندية (هولي).
وبهذه المناسبة تغطي الشوارع بكل الألوان الزهية التي قد تخطر على البال، ويخرج السكان إلى الشوارع بملابس زاهية، ويبدأون برش بعضهم البعض بنوع من البودرة الملونة، وهم يغنون بأعلى اصواتهم.

لا يختلف اثنان على أن الألوان تمثل قيمة في حضارات الشعوب، كونها ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالعلوم الطبيعية والظواهر الكونية وعلم النفس والثقافة والأدب والأسطورة، ومع تقدم العلم نجد كثيراً من المؤسسات قد أولتها أهمية كبيرة لتحقيق أهدافها، فوسائل الإعلام توظفها في نقل رسالتها، كما أن الشركات استعانت بها لجذب المستهلكين، وأكد علماء النفس أن للألوان ثأثيراً في النفس البشرية ومن خلالها يسهل عليهم الغوص في أعماقها من أجل تحليلها وتشخيصها، لكن على علماء النفس الانتباه لاختلاف معنى الألوان بين الثقافات، فالأحمر الذي يعني الدم والقتل في الثقافة العربية، هو رمز الاحتفال والفرح في اليابان، أما اللون الأصفر فهو المرض عند العرب، والجُبن لدى الأمريكان، ولون الفرح في الصين.

-وإن كنتم حائرين في أي بلد تتزوجون، فإليكم بعض المراسيم من حول العالم، واختاروا ما يناسبكم:

في العادة بعد الزواج يقدم الناس الهدايا للعروسين، لكن الأمر مختلف في ألمانيا، فبعد حفل الزفاف يجتمع الأصدقاء والأقارب ويقومون بتكسير الأطباق والأكواب والأواني الخزفية في منزل العروسين، ويتوجب عليهما التنظيف ليتعلما الاعتماد على أنفسهما وبدء الحياة الزوجية بنشاط ومسؤولية.

 أما في الهند فتستطيع الفتاة اختيار عريسها والتقدم لخطبته، كونها هي من تدفع المهر، وفي ذات السياق يتشارك العروسان في مصر تكاليف الزفاف وتجهيز المنزل الجديد.

في الأردن إذا أردت خطبة فتاة عليك أن تُحضِر “جاهة” وهي عبارة عن مراسيم تسبق عقد القران، يقوم الشاب فيها بإحضار أكبر عدد ممكن من الرجال، وكلما ازداد عددهم ومكانتهم الاجتماعية، يكون ذلك تعبيراً عن مدى تقديره للعروس المتقدم لخطبتها، وعلى أهل العروس إحضار نفس عدد الرجال وبنفس مكاناتهم الاجتماعية ليستقبلوا الضيوف، يتم وضع فنجان قهوة أمام من يترأس أهل العريس وأهل العروس ولا يشربانها إلا إذا وافق أهل العروس على العريس.

لكن على خلاف الخطبة المتعارف عليها دولياً قبل الزواج، فإن في بعض أجزاء رومانيا هناك عرف سائد بين الغجر، إذا استطعت أن تختطف فتاة بنجاح وأبقيتها في منزلك من 3-5 أيام فإنها تصبح زوجتك! ولكننا نشك في أن الزوجين سيعيشان في سعادة إلى الأبد.

اختلاف عادات الزفاف ليس في التقاليد فقط، وحتى في أغاني الزفاف وضمن النطاق العربي، فهي متنوعة وفقاً لنوع الغناء والآلات الموسيقية المنتشرة في كل منطقة، 
فهذه من الأردن.

-وبين الضفتين الشرقية والغربية لا يختلف إلا اللهجة..

والحماس يشتعل في سوريا..

-والإيقاع بدأ بالاختلاف عندما وصلنا للعراق..

-ونستمر بقرع طبول الفرح في الخليج العربي..

-لكن الأمر مختلف تماماً في السودان..

بعد هذه الجولة العالمية، استمعنا خلالها إلى إيقاعات غنائية من كل حدب وصوب، وبعض كلماتها كانت غير مفهومة بالنسبة لنا، لكننا ألفناها واستمتعنا بها وذلك ببساطة لأننا استمعنا لها بقلوبنا، وذات الشيء سيحصل إذا استعنا بقلوبنا في تعاملنا مع الثقافات والأفكار المختلفة من حولنا، وعلينا أن نتذكر دائماً ان جمال قوس قزح يكمن في اختلاف ألوانه، وأنه مثلما نرى ثقافات الآخرين غريبة، فهناك شعوب ترى ثقافتنا عجيبة.

(كل عام ونحن متناغمون بمناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية)

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة