يعتبر كتاب “المسيحيّون واليهود في التاريخ الإسلامي العربي والتركي” الصادر عن المركز القومي للترجمة تأليف فيليب فارج ويوسف كرباج، ترجمة بشير السباعي، محاولة علميَّة لتناول مجمل التاريخ الديموغرافي للمسيحيّين واليهود في عالم الإسلام العربي والتركي منذ بدايات الدعوة الإسلاميَّة ولغاية الآن، كما يكشف تعرّجات تاريخ الجماعات المسيحيَّة واليهوديَّة والمسلمة تبعاً للتحوّلات التاريخيَّة السياسيَّة والاجتماعيَّة، الاقتصاديَّة والايديولوجيَّة التي أثّرت في تطوّر عالم الإسلام العربي والتركي.
يأخذنا الكتاب في رحلةٍ زمنيَّة طويلة لقيام الإسلام في الشرق العربي عبر تسعة قرون، أي من الهجرة إلى سقوط المماليك، ثمّ يستعرض تقاتل المسيحيّين وجهاً لوجه في زمن الحروب الصليبيَّة ويتحدّث عن تحفّظات الجماعة المسيحيَّة العربيَّة تجاه الجماعة المسيحيَّة العربيَّة اللاتينيَّة والتي كان من المفترض أن تمد لها يد العون. ويعرج الكتاب على اجتياح العثمانيّين الشرق العربي بعد فتحهم البلقان، دون أن ينسى إسرائيل وديموغرافيتها، حيث يتحدَّث عن تأسيس الجماعة اليهوديَّة لدولة قوميَّة، مستعرضاً في نهاية فصوله الجماعة المسيحيَّة في القرن العشرين.
ووفق المؤلّف، فإنَّ هذا التاريخ ليس مجرّد تاريخ لتعاقب تدعو إلى وحدانيَّة الرب، فهو أيضاً تاريخ سلسلة من الاختراقات الصاخبة أو الصامتة، ابتداء من فرسان الإسلام وبدو شبه الجزيرة العربيَّة إلى الصليبيّين ومن المغول إلى الأتراك، ومن الأوروبيّين اللاتينيّين إلى اليهود الأشكناز، ضمن خلطة روحيَّة ما زالت تعيشها المنطقة العربيَّة.
*المصدر: التنويري.