يقدم هذا الكتاب محاولة جماعيّة من متخصّصين في تاريخ أديان مختلفة، للبحث في وضع إصلاحي مشترك بين هذه الأديان.
طُرح في الكتاب عدد من التساؤلات حول آليات الانخراط في العالم الحديث، وهل تستلزم فكرة الإصلاح؟ وهل الإصلاح يتمثّل في تغيير الممارسات والمفاهيم، مع المحافظة، في الوقت ذاته، على جوهر الرسالة والاعتقادات؟ هل فكرة الإصلاح مرتبطة بجهد تفسيري تأويلي عميق؟ هل الإسلام هو الدين الوحيد الذي لم يستطع أن يستطلع فكرة الإصلاح وينهض بها؟ هل الإصلاح يتطلب مفاهيم جديدة في مجال التربية، ونقل المعارف؟
لقد طُرِحَت عبارة «الإصلاح» في الوسط اليهودي، ثمّ الأرثوذكسي المسيحي، وطُرِحت فترةً قصيرة في الكونفوشيوسية، وثمّة جدل أكبر في تقبّلها في البوذيّة الحديثة، وطُرِحَت في الهندوسية الحديثة، قبل أن تتراجع أمام نظريات ما بعد الحداثة. واستعمل المسلمون، في القرن التاسع عشر، عبارة الإصلاح الديني، ثمّ تقلّصت الإصلاحية الإسلامية في القرن العشرين، وأخذت مكانها الأصوليةُ، التي تفضّل كلمتي «صحوة»، و«إحياء»، وكلتاهما تغيّب التفاعل بين الماضي والحاضر.
يمثّل موضوع العلاقة بين الأديان والحداثة أحد الميادين، التي فرضت نفسها في علم الأديان المقارن، ولاسيّما في العقود الأخيرة، التي أكّدت أهميّة العامل الديني، واستمراره في الحياة الفرديّة والجماعيّة للبشر، بعد فترة من سيادة الإيديولوجيات الاستئصاليّة للدين.
*المصدر: التنويري.