برنامج شذرات اخلاقية / الحلقة التاسعة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة وكل عام وانتم بخير اعاده الله على الامة الاسلامية بالخير وبالبركات وحياكم الله مستمعينا الاكارم في راديو النجاح-العراق مع الحلقة التاسعة من برنامج شذرات اخلاقية تقبلوا مني اجمل التحايا وازكى التقدير.معكم في الاعداد والتقديم عدي الحريشاوي اتمنى لكم طيب الاستماع.
كلمة العيد صغيرة في عددِ حروفها، كبيرة في معناها، فهي تجمعُ في طياتها الفرح والحبّ في آن واحد،ليس العيد لمن لبس الجديد وانما العيد على من انزل الفرحة والبهجة على الفقراء والمحتاجين فهو عيد دائم داخل النفس غير منقطع يجزى به العبد عند ربه . خليكم وياي احبتي المستمعين نستمع لقصتنا لهذا اليوم…
كان العيد قد اقترب ولم يبقى الا ايام قليلة من شهر رمضان وبدأت الأسرة تسأل احمد.
اذا اعددت للعيد ؟ ماهي ترتيباتك للإحتفال به؟ ماهو برنامجك ؟
ويسكت احمد الصغير ، ولا يجيب ………لقد نسي ما كان يفعله في العيد
كان صغيرا في العام الماضي ،وهاهو قد كبر سنة كاملة ،ولم يستطع ان يتذكر شيء من احتفالات العيد السابق ،لذلك كان يرد عن هذه الاسئلة قائلا
أهلا بالعيد.. يتفضل بالوصول …وساعتها سنحسن الاحتفال به وبدون برنامج
وترك احمد الامور تسير بشكل طبيعي.
وكانت الاسرة قد بدأت في وضع ملابس الشتاء للاحتفاظ بها للعام القادم، واخرجت ملابس الصيف وقد اكتشف ان كثيرا منها اصبح لا يناسبه ،طلب من امه ان تغسلها وتكويها ،ووضعها بعد ذلك في اكياس جميلة واهدى هذه الاكياس لأبن حارس المبنى وابن حارس المدرسة والى ابن صاحب الكواء والى ابن بائع الصحف
وسعدت أمه بما فعل.. إذ لم يكن له إخوة أصغر منه يمكنهم الاستفادة من هذه الثياب
راح أحمد بعد ذلك يرتب كتبه، وجد أنه قرأ الكثير منها ولم يعد بحاجة إليها،
خاصة أن مكتبته قد ازدحمت، فعمل قائمة بالكتب التي يريد أن يستغني عنها،
وسأل أصحابه أن يفعلوا نفس الشيء… وبدأت عملية تبادل الكتب فيما بينهم بشكل أسعد الجميع.
لقد تخلصوا جميعا مما لا يريدونه، وأخذوا جديدا لم يكونوا قرءوه بعد
ونسي أحمد التفكير في أمر العيد القادم، لكن الأسرة كانت تذكره بها
وحدث يوما أن قرأ إعلانا ملصقا على حائط:(( صلاة العيد خارج المدينة))
قال في نفسه وجدتها .. عرف المكان..وافق والده على أن يذهب للصلاة فيه
نصحه أن يفعل كما كان الرسول والصحابة يفعلون..يذهبون للصلاة من طريق و يعودون من طريق آخر.
وجد أحمد في طريقه إلى خارج المدينة عدداً من بيوت أصحابه، طلب منهم أن ينتظروه،
ليسيروا معاً.. وكان اللقاء صباح يوم العيد ممتعاً، إذ ساروا يُكبرون مع أضواء اليوم الجديد.
و يتصادف في ذلك اليوم أن يكون مكان أحمد في الصلاة بين ناظر مدرسته و مُدرس الدين.
سعد بهم وسعدوا به، وقال له الناظر:
العيد..و نجاحك يا أحمد ..منذ انتهت الدراسة لم نلتقي .
كنت سأستدعيك..هناك معسكر للمتفوقين دينياً و اجتماعياً و دراسيا خارج المحافظةً.
لقد رشحتك لقضاء عشرة أيام هناك.. شكراً لسيادتكم، وكل سنة و حضرتكم بخير
عاد أحمد كما نصحه والده من طريق غير الذي جاء منه..كان هذا الطريق مملوءاً ببيوت أهله و أقاربه.
دق أبوابهم .. و قدم لهم التهنئة بمناسبة العيد..عاد إلى البيت مبكراً
استعد مع أسرته لكي يستقبلوا القادمين ليقولوا: كل عام و أنتم بخيرهل يمكنكم أن تعرفوا من جاء بهذه المناسبة؟!
جاء ابن حارس المبنى وابن حارس المدرسة و ابن صاحب الكواء و ابن بائع الصحف.
كانوا سعداء بثيابهم ..كل منهم أتى بهدية صغيرة ظريفة، ومناسبة.
وفي المساء ذهب أحمد مع الأسرة إلى جده و جدته..سألوه عن برنامجه،
وكيف قضى العيد..كان سعيداً وهو يقول:
البرنامج كان حافلاً ورائعاً لم تكن هناك زينات في غرفتي،
لكن ثيابي على أصدقائي كانت أجمل من كل زينة.
كُتبي التي في أيديهم كانت رائعة، وكذلك كُتبهم التي وضعتها في مكتبتي كانت اروع.
قد أحسست أنني صنعت لنفسي عيداً، بداخلي.. أذهب للصلاة فيجيء إليً خبر المعسكر.
أهنئ أهلي بالعيد فيعطونني ((العيدية)).. ويسعد الجد بعبارة أحمد أنه صنع عيدا بداخله، وليس من حوله.
وكانت الجدة تتمنى لو عادت صغيرة لتقيم عيداً في قلبها كما فعل أحمد
وشعر الجد والجدة أن كلمات أحمد قد صنعت لهما أجمل عيد..
إن المتحججين على فشلهم بالقدر لا يدركون معنى قوله تعالى : ” إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ”…إن القدر نتيجة لأعمالنا فالله تعالى وضع نتيجة لكل عمل .. ونحن من نختار العمل فتكون النتيجة المقدرة من الله تعالى ، فمن يفعل الصحيح يجد قدراً جميلاً صحيحاً ومن يفعل الخطأ يجد قدراً يعاقبه
يحكى أنه في زمن من الأزمان وضع الله سر قدر أهل قرية مع رجل صالح فيها ليكرمه ويجعله عزيزاً بينهم ، فجاء شاب يبلغ من العمر 20 عاماً وسأله عن قدره فقال له الرجل الصالح :” ستحكم هذه القرية ، وستنطلق بعدها لتحكم البلاد كلها”.
فرح الشاب بهذا وقرر أن يتوقف عن العمل .. فمستقبله مضمون حاكماً للبلاد فلماذا التعب إذن؟
سقط حاكم المستقبل في بحور اللهو والشرب حتى ساعات الصباح كل يوم … وهو يعود لمنزله وتقول له أمه : ” ماذا تفعل يا بني بنفسك؟”..
فيجيبها : ” أريد أن ألعب وأستمتع قبل أن تأتي مسؤوليات الحاكم لي في المستقبل فلا أجد وقتاً لهذا”.
مرت السنوات … ودخل الشاب في سن الأربعين وهو مدمن على الشرب واللعب واللهو ولا يتقن صنعة … أصابه المرض وارتمى في الفراش فعلم أن موته اقترب فطلب أن يأتوا له بالرجل الصالح الذي يخبر الناس قدرهم.
فجاء الرجل الصالح ونظر للشاب بحزن .. فقال له : ” ليشفيك الله”..
فقال له المريض : ” أنت رجل كاذب محتال ، لم أصبح حاكماً للبلاد”.
فأجابه الصالح : ” لقد كان قدرك فعلاً أن تصبح حاكماً للبلاد ، لكن القدر ليس هدية وينتهي الأمر … إن القدر يحتاج لعمل ويحتاج لجهد كي يتحقق فالله تعالى وضع نتيجة لكل عمل وأنت لو استمريت بجهدك وإخلاص لقريتك بعملك النزيه لكنت حاكماً لها ولطالبت القرى المجاورة بك أن تديرها بسبب أخلاقك لكنك تخليت عنها فتغير قدرك”.
وفي الختام احبتي شكرا لكم لكرم الاصغاء والاستماع في أمان لله ورعايته…..