برامج التوعية بالصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة لذوي الإعاقة: درع حماية وأمان
عند تضمين ذوي الإعاقة في برامج التوعية بالصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة، فإنَّهم غالبًا ما يكونون مقيَّدين بسبب الطبيعة العامَّة للمناهج وطرق التدريس، فهم بحاجة إلى بعض التعديلات التي تلبِّي احتياجاتهم الخاصَّة، فالإعاقة لا تعني فقدان الفرد حقّه في الاستقلاليَّة، وحماية نفسه من الإساءة الجنسيَّة، والحصول على علاقات صحّيَّة طوال حياته، ومن هنا، تأتي أهمّيَّة إطلاق برامج خاصَّة تلبِّي حاجة هؤلاء الأشخاص.
ما أهمّيَّة برامج التوعية بالصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة لذوي الإعاقة؟
إنَّ الغرض من برامج التوعية في مجال الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة لذوي الإعاقة هو مساعدتهم على بناء المهارات التي يحتاجونها لبدء والحفاظ على علاقات صحيَّة مع الآخرين وأنفسهم لتعزيز نوعيَّة حياتهم، ويتمثَّل ذلك بما يلي:
برامج التوعية بالصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة تحميهم من الإساءة الجنسيَّة
إنَّ الفتيات والشباب ذوي الإعاقة معرَّضون لخطر الإساءة الجنسيَّة بنسبةٍ أكبر بكثير مقارنةً بمن هم في أعمارهم ولا يعانون من إعاقات، وهنا يأتي دور برامج التوعية والتربية الجنسيَّة في تعليمهم كيفيَّة حماية أنفسهم، وقول “لا” إن شعروا بعدم الارتياح تجاه تصرُّف أي شخص معهم.
برامج التوعية بالصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة توضح لديهم مفهومي الثقة والصداقة
عندما لا يجري تثقيف ذوي الإعاقة حول السلوكيَّات المناسبة وغير المناسبة من الآخرين (الجنسيَّة وغيرها)؛ يمكن أن تؤدِّي هذه الثقة إلى عواقب سلبيَّة، وقد يتعرَّضون إلى إساءة واستغلال جنسيين، وقد يجدون صعوبة في الإبلاغ عن هذه الجرائم التي قد يرتكبها بالغون موثوقون أو مقرَّبون.
يمكن أن تؤثِّر الثقة أيضًا على التجارب اليوميَّة للطلاب ذوي الإعاقة، فقد يواجهون مثلًا صعوبة في تحديد الفرق بين الصديق الحقيقي والشخص الذي يتعامل معهم بلطف، لذلك تعتبر التربية الجنسيَّة مهمَّة لتعليم الأطفال والمراهقين كيفيَّة التعامل مع الصداقات والعلاقات مع البالغين، إضافةً إلى كيفيَّة الإبلاغ وطلب المساعدة عند التعرُّض لمواقف غير مناسبة.
برامج التوعية بالصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة تُعرفهم على مفهومي الحياة الجنسيَّة والعلاقة الحميمة
غالبًا ما يُفترض أنَّ الشباب ذوي الإعاقة غير مهتمِّين بالعلاقات الجنسيَّة أو الحميمة، وقد يعدّهم البعض بأنَّهم لاجنسيِّين (غير مهتمِّين بالنشاط الجنسي وليست لديهم رغبات جنسيَّة)، في المقابل، عندما يعبِّر ذوو الإعاقة عن اهتمامهم بالحياة الجنسيَّة، يمكن تصنيفهم على أنَّهم مفرطون جنسيًّا (مهتمُّون جدًا بالنشاط الجنسي)، هذه الصور النمطيَّة ضارَّة جدًا بهم، فهؤلاء الأشخاص يمكن أن يحتاجوا إلى العلاقات تمامًا مثل أي شخص آخر، وإذا رغبوا في الزواج؛ فيجب أن يحصلوا على التثقيف اللازم للقيام بذلك، قد يستفيد الشباب ذوو الإعاقة على وجه التحديد من التدريس الذي يحدِّد السلوكيَّات الخاصَّة مقابل السلوكيَّات العامَّة، وآداب التعارف بين الجنسين.
برامج التوعية بالصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة تُعَزز شعورهم بالراحة مع أجسامهم
يمكن لهذه البرامج مساعدة ذوي الإعاقة على بناء احترام الذات، وصورة الجسم الصحّيَّة. والمهارات اللازمة ليتمكَّنوا من التحدُّث مع أزواجهم حول ما يشعرون به جيّدًا.
في بعض الأحيان، يتطلَّب الأمر المزيد من الشجاعة لإخبار الطرف الآخر بما لا يعجبك.
للمزيد اقرأ: خرافات شائعه حول الزواج و الإنجاب عند الأشخاص ذوي الإعاقة.
ما هي أهمّ المواضيع التي يجب أن تشملها برامج التوعية بالصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة لذوي الإعاقة؟
هناك مجموعة من المواضيع التي يجب أن تشتمل عليها برامج التوعية الجنسيَّة لذوي الإعاقة لتعزيز دورها في حمايتهم وتمكينهم.
من أهمّ هذه المواضيع:
النشاط الجنسي الآمن والصحِّي:
يشمل ذلك التعريف بالأمراض المنقولة جنسيًّا وطرق منع الحمل لإبقاء الشباب والفتيات ذوي الإعاقة آمنين ومطَّلعين.
التعرُّف على كيفيَّة تأكيد الموافقة أو رفضها:
أي تدريبهم على على اختيار من يمكنه ومن لا يمكنه لمس أجسامهم، أو كيف يمكن أن يلمسهم؛ وذلك لتعزيز السلامة الشخصيَّة والاستقلاليَّة.
تحديد الحدود الماديَّة وممارسة الاستقلاليَّة الجسديَّة:
هذا يشير إلى تعليم ذوي الإعاقة كيف يكونون صريحين بشأن الحدود التي يضعونها مع من حولهم.
تعزيز القدرة على التحكُّم في رعايتهم الخاصَّة، فقد يساعد في منع العنف.
تسمية وتحديد أجزاء الجسم الخاصَّة:
يحتاج هؤلاء الأفراد إلى فهم كيفيَّة عمل جسمهم والتغيُّرات المتوقَّعة خلال فترة البلوغ. للتمكُّن من رعاية أنفسهم وتحديد ما يحدث لهم.
فهم مكوِّنات العلاقة الصحيَّة:
يتعرَّض ذوو الإعاقة لخطر كبير بسبب الرعاية المسيئة؛ لذا فإنَّ معرفة شكل المعاملة غير الصحيَّة وغير العادلة أو الشعور بها أمر مفيد لتطوير الحدود مع الآخرين وطلب المساعدة.
تعزيز الشعور بقيمة الذات:
عندما يجري التقليل من قيمة الأشخاص ذوي الإعاقة؛ فإنَّهم سيعانون من الشعور بتدنِّي قيمة أنفسهم. لكن من خلال التأكيد على أنهم يستحقّون الاحترام والاستقلاليَّة.
فإنَّ الحياة الراضية يمكن أن تساعدهم على اتِّخاذ قرارات أفضل بشأن حياتهم الجنسيَّة.
سيكون من المفيد إطلاق برامج توعويَّة شاملة (لذوي الإعاقة وغيرهم معًا). إذ يستفيد جميع الطلاب من تمثيل ذوي الإعاقة في المواد التعليميَّة.
بما في ذلك الرسوم التوضيحيَّة ولعب الأدوار وطرق التدريس الأخرى. لأنهم سيبنون المهارات اللازمة لاحترام أجساد الآخرين وهويّاتهم، ومن الجيِّد للجميع أن يفكِّروا في الطلاب ذوي الإعاقة باعتبارهم جزءًا من المحادثة حول الحياة الجنسيَّة.
ما هي العوائق التي تقف أمام برامج التوعية بالصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة لذوي الإعاقة؟
هناك مجموعة من العوامل تعيق حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على التثقيف في مجال الصحَّة الجنسيَّة، ومن أبرزها:
- الافتقار إلى برامج تدريب المعلِّمين.
- نقص معرفة المعلّمين وثقتهم في تدريس التثقيف في مجال الصحَّة الجنسيَّة.
- قلق وخوف الوالدين.
- الحاجة إلى شراكات بين المدرسة والمعلِّمين وأولياء الأمور.
- الافتقار إلى التثقيف الصحي الجنسي الصحيح والموثوق للأفراد ذوي الإعاقة.
- نقص التمويل المصمَّم خصيصًا للطلاب ذوي الإعاقة في مجال الصحَّة الجنسيَّة.
متى يجب البدء بتثقيف الأطفال ذوي الإعاقة حول الصحَّة الجنسيَّة والإنجابيَّة؟
غالبًا ما يستفيد الناس أكثر من التعليم عندما يُستخَدم كوسيلة استباقيَّة لدعم الاحتياجات والاهتمامات الحتميَّة.
بدلًا من استخدامه كردِّ فعل على القضايا التي قد تحتاج إلى معالجة بعد أن تصبح مرئيَّة.
أي أنَّه من الأفضل البدء بتوعية الأطفال مبكّرًا، وعدم الانتظار حتى يبدأوا هم بطرح الأسئلة؛ فقد لا يطرح بعض الأطفال الأمر أبدًا لأنَّهم خائفون أو مرتبكون أو حتى غير مهتمِّين.
فحتى لو لم يكونوا مهتمّين، فإنَّهم ما زالوا بحاجة إلى معرفة المزيد عن الحياة الجنسيَّة، ويُوصى بالبدء بتعليم الأطفال في نقاط متعدِّدة خلال تطوّرهم، بدءًا من مرحلة رياض الأطفال.
إذ يمكن أن يستفيدوا من التعرُّف على مفهوم الموافقة على لمسهم والوعي الجسدي والسلامة منذ مرحلة النموّ المبكِّرة.
وحتَّى لو لم يكن الأولاد أو البنات مستعدِّين من الناحية التنمويَّة أو مهتمّين بالعلاقات الرومانسيَّة، فلا يزال بإمكانهم الاستفادة من بناء اللغة والمهارات اللازمة لتطوير الوعي الجسدي.