الهوس الإعلامي في زمن كورونا
راديو النجاح – الهوس الإعلامي في زمن كورونا – حسام الإبراهيم
تعرض الأردن كغيره من الدول لعدد من حالات الإصابة بفيروس كورونا، وتسابقت وسائل الإعلام المحلية المختلفة لتغطية آخر الأخبار المستجدة، بالإضافة إلى منصات التواصل الاجتماعي التي شهدت هي الأخرى صراع محموم للوقوف على آخر المُجريات.
لكن كيف تعامل الإعلام المحلي مع هذه الظروف؟
وكيف تناقلت منصات التواصل الاجتماعي هذه الأحداث؟
نعرض إليكم بعض الوقائع الإعلامية التي ينبغي معالجتها والوقوف عليها:
- الطابور الخامس
يطلق هذا اللقب على مروجي الإشاعات، وكما هو معلوم فإن البيئة الخصبة والمفضلة للأخبار الكاذبة هي الظروف الاستثنائية، خاصة مع غياب الثقة بين المواطن والإعلام الحكومي الرسمي الأمر الذي يجعله فريسة سهلة عند مطلقي الإشاعات.
في الأردن فيروس كورونا كان وما زال له نصيب الأسد من الأخبار الكاذبة والمغلوطة، ف مع تسجيل الأردن لأول حالة إصابة، بدأت وكالات الإعلام والإذاعات ومنصات التواصل الاجتماعي منافسة كبيرة في إطلاق الأخبار بغض الطرف عن صحتها، كل ذلك كان سعيًا وراء السبق الصحفي وجمع المشاهدات والإعجابات، ومن العجيب والمدهش كمية الأخبار المغلوطة يوميًا والعدد الكبير من الناس الذي يتداولنها بشكل واسع، حتى في حالة تصحيح الخبر فإن كمية الإقبال والتفاعل للأخبار السلبية والمغلوطة أضعاف الخبر الحقيقي، هذا الأمر سبب حالة من الفوضى العامة وكانت نتائجه الارتباك والتخبط الذي عاشه المواطن، وتراجع الحالة المعنوية والنفسية بشكل كبير.
- الخصوصية
كما نعلم أن المرض هو ابتلاء من الله عزوجل للمريض، ومن واجبنا الوقوف إلى جانب المريض ومساندته والدعاء إليه، لكن بدلاً من ذلك تعاملت بعض وسائل الإعلام بحالة من التشيهير اتجاه بعض الحالات المصابة، متناسين أخلاقيات المهنة والآداب العامة التي تنص على حرمة الاعتداء على خصوصية أي شخص، فليس من المنطقي أن ننشر صور بعض المصابين وأسمائهم وأمكان عملهم وتفاصيل حياتهم الخاصة، لكن يبدو أن الكثير من الأخلاق الإعلامية في زمن مواقع التواصل الاجتماعي تحتاج إلى مراجعة وإعادة ضبط.
- الوسوم الأكثر رواجًا
يتداول معظم مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي حادثة حفل إربد بكم هائل من السخرية وموجة كبير من القاء التهم واللوم عليهم ضاربين بعرض الحائط مشاعر المصابين وحالتهم التفسية خاصة أنهم لا يتحملون أي ذنب إذا علمنا أن الحفل أقيم يوم الجمعة 13/3/2020.
وكان يوم طبيعي كالمعتاد وعلى العكس أعلن وزير الصحة في ذلك اليوم أن الأردن خالي من الكورونا، ولم تكن هناك أي إجراءات حكومية اتجاه التجمعات العامة أو حالات السفر، فهل نضع الوم عليهم لأنهم لم يعلموا بالغيب؟!
يعتبر تصوير أي شخص بدون إذنه جريمة أخلاقية كبيرة فيها اعتداء على خصوصيات وحريات الأفراد، أضف إلى ذلك أنها جريمة يعاقب عليها القانون؛ فيديو الفتاة الذي تم تداوله وهي بالمطار تحت تأثير الصدمة وفي حالة من الانفعال عندما علمت بنقلها إلى الحجر الصحي، تناقلت وسائل الإعلام المختلفة هذا الفيديو بشكل مسيء للفتاة وعائلتها ولم يتم تقدير أن الكلمة قيلت في لحظة عفوية تحت تأثير الصدمة خاصة أن المسافرين القادمين لم يكونوا على علم بإجراءات الحجر.
- المطلوب
كشفت ظاهرة كورونا العديد من الكوارث التي ينبغي الوقوف عليها، خاصة مع انتشار ظاهرة المواطن الصحفي دون أي تمييز لصحة أي خبر، وبالإضافة للتغول على الحياة الخاصة للأفراد، فالمسوؤلية الأولى والأخيرة هي شخصية أخلاقية، وينبغي على الأفراد أن يكونوا أكثر مسؤولية بنقل الخبر، وأن يكونوا أكثر إدراكًا للحالة النفسية والهلع الذي ينشرونه بين الناس.