النوروبيداغوجيا؛ تحسين انتباه الطالب من خلال كشف أسرار الدماغ
إعداد: آية سكمة و نورهانن حمداني، تحت إشراف الدكتور زهير حراث.
(تلاميذ السنة الخامسة من مدرسة ثقافة تالة الابتدائيَّة نموذجًا)
يهدف البحث إلى فهم دور النيروبيداغوجيا في تحسين اضطرابات الانتباه لدى التلاميذ أثناء عمليَّة التعلُّم، والهدف بالأساس من هذه الدراسة توعية معلمي المدارس الابتدائيَّة التونسيَّة بنجاعة هذا العلم ودوره الفعَّال في مساعدة هذه الفئة من المتعلِّمين.
تعتبر ‘‘النوروبيداغوجيا’’ من أنجح البرنامج الحديثة في إثارة التساؤلات المتعلِّقة بالسبل التي تجعل ممارسات المدرِّسين تستجيب لمتطلَّبات التعلُّم القائم على الدماغ وذلك بتحديد الأساليب والاستراتيجيات التربويَّة التي تساعد الدماغ على أداء وظائفه بشكل طبيعي وبفاعليَّة أكبر ومن خلال الجمع بين الأساليب النوعيَّة والكميَّة والتجريبيَّة، بما في ذلك استبيان موجَّه للمعلمين والمقابلات مع الخبراء في علم الأعصاب التربوي وكذلك التجربة الميدانيَّة. يكشف بحثنا عن أهميَّة توظيف النيروبيداغوجيا في عمليَّة التعليم والتعلُّم. يسعى إلى تمكين المعلِّمين والأولياء من التعرُّف على هذا النهج المبتكر المتوافق مع وظائف الدماغ.
المقدِّمة
في عالم متغيِّر باستمرار، يلعب التعليم دورًا مركزيًا في التنمية الفرديَّة والجماعيَّة. يواجه المعلمون تحديات معقدة، بما في ذلك إدارة انتباه الطلاب أمام تدفق مستمر من المعلومات والانحرافات. تقدِّم علوم الأعصاب التربويَّة، مثل علم الأعصاب التربوي، آفاقًا واعدة من خلال دمج علوم الدماغ والتعليم لتحسين الممارسات التعليميَّة وفهم الآليَّات الكامنة وراء انتباه الطلاب. في هذا السياق، يستكشف مشروعنا لإنهاء الدراسات كيف يمكن لعلم الأعصاب التربوي المساعدة في تطوير استراتيجيات تعليميَّة مبتكرة لتعزيز انتباه الطلاب، مع الاعتراف بالدور الحاسم للمعلم كمحدث للتغيير في عمليَّة التعلُّم
تعريف النيروبيداغوجيا
التعلُّم الكامل للدماغ البشري وهو مستقي من عدة فروع من العلم وهو عبارة عن تطبيق استراتيجيات قائمة على مبادئ مستمدة من إدراك آليَّة اشتغال الدماغ أي انه التعلُّم وفق طريقة اختص الدماغ على التعلُّم من خلالها، فهو إذا التوظيف الفعال لاستراتيجيات بنيت على أسس ومبادئ مستمدَّة من العلوم العصبيَّة.
الإطار التطبيقي
لجمع معلومات صحيحة وموثَّقة وذات صلة، اخترنا استخدام استبيان موجَّه للمعلِّمين كأداة لجمع المعلومات يحتوي على مجموعة من الأسئلة المفتوحة والمغلقة. كما اخترنا المقابلة والتجربة الميدانيَّة كأدوات لجمع المعلومات لذلك يعتمد بحثنا على مزيج من المنهج الكمي والوصفي والتجريبي.
المجتمع وعيَّنة البحث
تمَّ إجراء دراستنا على 100 معلم من مختلف المدارس الابتدائيَّة التونسيَّة كما تم نشره على شبكات التواصل الاجتماعي، سعيا للوصول إلى جميع الجهات.
الاستبيان
تمَّ توزيع الاستبيان على معلمي المدارس الابتدائيَّة في جميع المستويات على شكل ورقي وشكل رقمي.
شمل الاستبيان مقدِّمة تشرح هدف هذا البحث وتؤكِّد على سريَّة المعلومات التي لن تستخدم إلا لأغراض البحث، واحتوى على أسئلة مفتوحة ومغلقة تسمح بالإجابة على أسئلة البحث التالية:
بماذا يسهم تقدُّم العلم العصبي في التربية في توضيح فهمنا لدماغنا؟
ما هي الاستراتيجيات التي يمكن لعلم العصب التربوي توفيرها للمعلمين لمعالجة قلَّة الانتباه لدى التلاميذ؟
المقابلة
من أجل أخذ رأي أهل الخبراء ووجهة نظرهم في المسألة، قمنا بإجراء ثلاث مقابلات المقابلة الأولى مع الباحث في علم الأعصاب التربوي الدكتور” ل.س” قمنا بتوجيه 4 أسئلة وتركنا له المجال للإجابة بحريَّة تامة، المقابلة الثانية كانت م المتفقد الجهوي “ع.ف”، أما المقابلة الثالثة كانت مع المختصة في الدراسات الإسلاميَّة وعلم الأعصاب التربويَّة “ص.ز”.
التجربة الميدانيَّة
قمنا بتجربة ميدانيَّة مع تلاميذ السنة الخامسة من التعليم الابتدائي بالمدرسة الابتدائيَّة” ثقاقة تالة”. تمثلت التجربة في التدريس بالطريق التقليديَّة وبالطريقة المستندة على الدماغ من أجل التأكد من نجاعة النيروبيداغوجيا في تحسين انتباه التلاميذ.
عينة البحث
بالنسبة للاستبيان الموجه للمعلمين أجاب 100 معلم في الجملة بأغلبيَّة 70 %من النساء والفئة العمريَّة اقل من 30 سنة هي الأغلبيَّة بنسبة 75 %، كما أن الأغلبيَّة لا تزيد خبرتهم على 5 سنوات من ممارسة المهنة بنسبة 75%. يعمل غالبيَّة المعلمين في المدارس الحضريَّة بنسبة 59%.
فيما يتعلَّق بمدى إحاطة المعلِّمين بمفهوم النوروبيداغوجيا، نلاحظ أنَّ 63% من المعلمين ليسوا على دراية بهذا العلم، نجد الأغلبيَّة الساحقة لم يتلقّوا دورات تكوينيَّة حول هذا الموضوع بنسبة 87%.
مناقشة النتائج
يهدف البحث إلى فهم دور النيروبيداغوجيا في تحسين اضطرابات الانتباه لدى التلاميذ أثناء عمليَّة التعلُّم والهدف بالأساس من هذه الدراسة توعية معلمي المدارس الابتدائيَّة التونسيَّة بنجاعة هذا العلم، حيث مكَّننا الاستبيان من التوصل إلى أنَّ أغلبيَّة المعلمين غير واعين بمفهوم النيروبيداغجيا، وبالتالي لا يقومون بتطبيق هذا العلم المستند على الدماغ. انطلاقا من الاستبيان المقابلات والتجربة الميدانيَّة ما يمكن استخلاصه هو أن النيروابيداغوجيا تساهم من خلال جملة الأسس والمبادئ التي تقوم عليها في تحسين عمليَّة التعليم والتعلُّم وخاصَّة في الحدِّ من اضطرابات الانتباه لدى العديد من التلاميذ. حيث إنها تقوم على جملة من الاستراتجيات الناجعة في تحسين مستوى التلاميذ وشد انتباههم. وبالتالي أغلبيَّة المعلِّمين في حاجة إلى تكوين وتأطير في هذا المجال، ويجب إعادة النظر في محتوى الدورات التكوينيَّة.
الخلاصة
أجرينا بحثنا لاستكشاف تطبيق علم الأعصاب التربوي في الفصول الدراسيَّة لتحسين انتباه التلاميذ، بما في ذلك تطوير استراتيجيات مبنيَّة على هذا النهج. لقد استخدمنا استبيانًا ومقابلات لتقييم فهم وممارسة علم الأعصاب التربوي من قبل المعلمين، بالإضافة إلى تدخُّل مباشر مع الطلاب لقياس فعاليته. أظهرت نتائجنا أن علم الأعصاب التربوي يمكن أن يساعد في التغلُّب على اضطرابات الانتباه وتحسين جودة حياة الطلاب. على الرغم من أنَّ عددًا قليلاً من المعلمين يعرفون حاليًا هذا النهج، إلا أنَّهم مهتمون بالتدريبات في علوم الأعصاب التربويَّة لدمج هذه الممارسات في أساليبهم التعليميَّة.
نوصي بدمج علم الأعصاب التربوي في برامج تدريب المعلِّمين للتعامل بشكل أفضل مع احتياجات الطلاب ومكافحة الأساطير العصبيَّة. في الختام، على الرغم من أنَّ بحثنا قد قدَّم نتائج واعدة، إلا أنَّ هناك الكثير ما يزال يحتاج إلى استكشافه في مجال علم الأعصاب التربوي، خاصَّة فيما يتعلَّق بفهم الطلاب وتذكّرهم وتحفيزهم.
__________
قائمة المراجع:
Jacques Belleau.(2015). « Neuropédagogie : cerveau, intelligence et apprentissage »,.
Gaudy A. (2010), « LE TROUBLE DEFICITAIRE DE L’ATTENTION/HYPERACTIVITE CHEZ L’ENFANT »,.
Jean Luc-Velay. (2018).« Neurosciences et éducation, des liens complexes tentatives d’applications en pédagogie », Open Edition journal, 2018, p12.
Pfeuty B. (2003), Rôles des synapses électriques dans la synchronisation neuronale : Une étude théorique, Poincaré, Nancy 1, Nancy, p47.
Mireille Houart., Marc Romainville,( 2003) ,Être ou ne pas être dans la lune, telle est l’attention… (Département Education et Technologie – Facultés Universitaires de Namur, page 2.
Barth Britt-Mari., Jérôme Bruner et l’innovation pédagogique. In : Communication et langages, n°66, 4ème trimestre 1985. pp. 46-58.
Finn J. D., et Rock D. A. (1997). “Academic success among students at risk for school failure”,.
*المصدر: التنويري.