النصوص الدينيَّة في رؤية معاصرة
يستكمل الباحث السوري محمد شحرور مشروعه في تقديم رؤية معاصر النصوص الدينيَّة الإسلاميَّة المؤسّسة، في كتابه الصادر عن دار الساقي بعنوان: “السنَّة الرسوليَّة والسنَّة النبويَّة” يضيء على النص الثاني من حيث القداسة والأهمّيَّة في الإسلام (السُّنَّة) من منظور جديد تطغى عليه النظرة العلميَّة في القراءة.
يعيد د. شحرور تحديد وظيفة الحديث في الدلالة المعرفيَّة الابستمولوجيَّة الحديثة. مثلاً، يرفض الأخذ بمطلق مفهوم عدالة الصحابة، كما يرفض كل الأحاديث المتعلِّقة بالغيبيّات “لأن القرآن المؤسِّس ينفيها، ولأنَّ التقدّم المعرفي الابستمولوجي ينفي صحتها” ويحصر معجزات الرسول في معجزة واحدة هي القرآن بدلالة التنزيل، بعد الانتهاء من نقد الشقّ التراثي للسنّة، يوغل في تأسيس فهمه المعاصر لها عبر قسمين: الأول هو السنَّة الرسوليَّة التي هي الوحي الذي أنزل على سيدنا محمد وما جاء فيها من قيم وشعائر ومبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أمّا الثاني، فهو السنّة النبويَّة التي تتفرّع بدورها إلى قسمين، أحدهما القصص القرآني وهو نسبي لا تؤخذ منه إلا العبرة، والقسم الآخر هو أحاديث النبي الصحيحة، التي لم تعارض التنزيل ومارس فيها النبي شؤوناً عسكريَّة واجتماعيَّة مختلفة، وينطبق عليها تغير الأحكام بتغيّر الزمان.
ويكمن المبرِّر الأهم لهذه الدراسة من منظور الكاتب في “وقوع الأمّة في قبضة طبقة من الهامانات السفهاء، يحلّلون ويحرّمون ويعطون شهادات حسن سلوك لمن يريد دخول الجنّة”. في النهاية، يأمل الكاتب أن يكون هذا التأسيس الجديد في النظرة إلى السنّة “شمعة على طريق إعادة الأمّة من هامشيَّة التاريخ إلى مجال الفاعليَّة في تطوّر الإنسانيَّة”.
*المصدر: التنويري.