الطلاق العاطفي (الانفصال الصامت)
خطوات نحو التشخيص والعلاج
التعريف
الطلاق العاطفي هي حالة يعيش فيها الزوجان منفردين عن بعضهما البعض رغم وجودهما في منزلٍ واحد، ويعيشان في انعزال عـاطفي، ونتيجة لذلك تصاب الحياة الزوجيَّة بينهما بالبرود وغياب الحبّ والرِّضا.
المقدِّمات
في الزواج هناك مقدّمات تحدث قبل الطلاق العاطفي مثل:
- الطرَف غير المستمتع جنسيًّا.
- الطرَف الذي لديه ديون ثقيلة أو هموم ومشاكل لا يتحدَّث بها إلى الطرف الآخر.
- الطرَف الذي لا يبوح بتطوّرات الأمراض التي يصاب بها، والتي تهدِّد حياته.
- وجود علاقة جنسيَّة سريَّة أو سلسلة من العلاقات الجنسيَّة غير المشروعة.
المراحل:
- زعزعة الثقة وفقدانها
في هذه المرحلة يفقد أحد الطرفين ثقته بالطرف الآخر، فلا يأمن به، وتهتزّ صورته أمامه.
- فتور الحبّ وفقدانه
في هذه المرحلة يكثر اللوم والعتاب، وتزداد حدَّة المحاسبة عن كل تقصير واتِّهام بعدم تحمُّل المسؤوليَّة.
- الأنانيَّة
تساهم الأنانيَّة في هدم قواعد الأسرة، وهي أن يفكِّر كل من الزوجين بنفسه وبمصلحته فقط، دون مراعاة لمصلحة الطرف الآخر.
- الصمت الزوجي
يعدُّ الصمت الزوجي أحد أوجه الجمود في العلاقة الزوجيَّة، وهو عدم تبادل الأحاديث والمشاعر الودّيَّة مع الطرف الآخر لقناعته بعدم جدوى الحوار معه، وهذا يؤدِّي إلى زيادة الهوَّة بين الزوجين ممَّا يهدِّد العلاقة الزوجيَّة بالتمزُّق والانفصال.
- الطلاق العاطفي
في هذه المرحلة تكثر الحواجز النفسيَّة بين الزوجين، وإذا ما اضطرا إلى التعامل في مواقف قليلة، فإنَّ هذا التعامل يأخذ صفة البرود أو الحدَّة أو الجديَّة التي تقترب من التعامل الرسمي، وليس التعامل الودِّي أو التلقائي المفترض أن يكون عليه التعامل بين الزوجين في المنزل، ويخلو كل الزوجين بنفسه، أو ينغمس في أداء الأنشطة دون احتكاك بالآخر.
الأسباب
- الجانب التعبيري
ويشمل:
1-فتور الحبّ.
2–سوء التوافق الجنسي.
3– المجال النفسي.
- الجانب الذرائعي.
ويشمل:
1- المجال الاقتصادي.
2– المجال المهني.
3–الحالة الاجتماعيَّة.
الآثار:
إذا استمر الزوجان في تجاهل حلّ مشكلة الفتور العاطفي في علاقتهما الزوحيَّة، فإنَّه من المتوقَّع ظهور آثار سلبيَّة تختلف من حالة إلى أخرى .
ومن هذه الآثار: كثرة الخلافات الزوجيَّة نتيجة للفراغ العاطفي، وربما دفع ذلك إلى استخدم العنف اللَّفظي أو الجسدي والذي يحوّل المشاعر بين الزوجين إلى مشاعر عدائيَّة. ومن الآثار السلبيَّة أيضاً التي قد تظهر انحراف أحد الزوجين أو كليهما في ممارسات عاطفيَّة خارج نطاق الزوجيَّة، وارتباطه بعلاقات محرَّمة لتعويض النقص في الإشباع العاطفي، وفي حالات قد يؤدِّي إلى الطلاق.
الحلول
- محاولة فهم الآخر حقوقه وواجباته، مشاعره واحتياجاته، مشكلاته ومخاوفه، فهم هذه التفاصيل العميقة يساعد على تجاوز الطلاق العاطفي.
- الحوار بينهما مهمّ جدًّا، ومراعاة الوقت المناسب لذلك، أي وقت فراغهما.
- الاستمتاع بالعلاقة الحميمة الزوجيَّة وكسر الروتين المعتاد في العلاقة.
- لكلمة “شكراً” إذا تمّ نطقها بحبٍّ وامتنان أثر إيجابي على الإنسان بشكل عام، وإذا جاءت من (الزوج/الزوجة) فإنَّ أثرها أبلغ، لذا يفضَّل تقديم الشكر في أبسط الأمور مثل إعداد الزوجة وجبة العشاء، أو عندما يشتري الزوج مكوِّنات “وجبة العشاء”، فالحياة تكامل وتوزان.
- اعتراف الزوجين بأهمّيَّة الطرف الآخر في حياته.
- التغاضي عن بعض الأخطاء، ومحاولة التركيز علي كيفيَّة تجنُّب وقوعها لتفادي المشكلات الزوجيَّة.
- الاهتمام بمشاعر الطرف الآخر: عندما يعبِّر لك عنها، ويصف بأنَّه سعيد، أو حزين لا تتجاهل مشاعره واهتمّ به.
- الضحك علاج لكل داء كما يقال، عندما يتحلَّى أحد الطرفين بروح مرحة يمكن أن يتجاوز الأمور غير الإيجابيَّة، لأنَّ سبب صراعاتنا كلّها “تضخيم الأمور البسيطة لتصبح كبيرة”، والضحك يثير عاطفة قويَّة داخل الطرفين، ويقوِّي الحسّ الفكاهي في العلاقة.
العلاج
- اعتراف الزوجين بوجود فيروس خطير قد اخترق جسم الحياة الزوجيَّة وعمل على إعاقته وهو الطلاق العاطفي. والاتِّفاق على ضرورة تكاتفهما، وبذل كل ما في وسعهما من جهود من أجل القضاء عليه، لتستعيد حياتهما الزوجيَّة كامل صحّتها وتمام جمالها.
- العمل على تأصيل سمة الصراحة والوضوح في التعامل بين الزوجين ليتمكَّن كل منهما من فهم الآخر وفهم مشاعره بالشكل الصحيح، والتعرُّف على احتياجاته وأفكاره ومشاكله ومخاوفه التي تساعد كثيراً على فهم الآخر وتعميق العلاقة بينهما وتقويتها.
- اعتماد لغة الحوار والتفاهم بين الزوجين، والابتعاد عن الاتِّهام والتجريح، والحرص على الخروج من الحوار بثمرة مفيدة تتمثَّل في الحلِّ الذي يرتضيه الطرفان.
- تقدير كل من الزوجين الأعمال التي يقدِّمها الآخر وشكره عليها مهما كانت بسيطة، والاهتمام بإيجابيَّاته ومدحه عليها والامتنان منه لغرض تعزيزها.
- احترام الطرف الآخر وتجنُّب فعل أو قول كل ما يشعره بالإهانة مهما بدا بسيطاً. وإشعاره بأهمّيّته البالغة في حياة (زوجه/زوجته) وجعله من أولويّاته، ومنحه الاهتمام اللازم، ومشاركة كل طرف هوايات واهتمامات الطرف الآخر.
- الاهتمام بالعلاقة الخاصَّة بين الزوجين، والإقلاع عن إشعار الطرف الآخر بأنَّها مجرد تأدية واجب.
- اعتماد اللّطف والرقَّة في الأقوال والأفعال مع الطرف الآخر، لجذب ودّه ومحبّته.
- أكثر ما يجمِّد العلاقات هو الروتين اليومي فمن المفيد إدخال أمور جديدة في الحياة الزوجيَّة لكسر هذا الروتين من قبيل القيام بنزهات أسبوعيَّة أو زيارة الأماكن التي كانا يزورانها معاً في أيام الخطوبة وبداية الزواج، لاستذكار تلك الذكريات الجميلة العبقة بحبِّ الطرف الآخر.
- على كل من الطرفين أن يحاول تقبُّل الطرف الآخر وغضّ الطرف عمَّا قد يشتمل عليه من عيوب، وتذكُّر أنَّنا لسنا بمعصومين، ومن الطبيعي أن تصدر عنَّا بعض الأخطاء، ومن لا يغفر لصاحبه اليوم خطأه كيف يتوقَّع منه أن يغفر له أخطاءه.
_________
المراجع
- البرود العاطفي عند الرجل والمرأة:أحمد سلام، دار سلمى، مصر.
- 2. الخلافات الزوجيَّة في المجتمع السعودي ، عبدالعزيز الجهني ،رسالة ماجستير من جامعة نايف العربيَّة للعلوم الأمنيَّة ،2005م،ص 35
- 3. الفتور العاطفي في العلاقة الزوجيَّة :أسبابه وعلاجه ،نيروز أبوجميل وسميرة الرفاعي ،رسالة ماجستير، الجامعة الأردنيَّة.2015
- دليل الإرشاد الأسري ،نخبة من المختصين بإشراف د. السدحان،ج3 / 6 .
- 5. دليل الإرشاد الأسري ،السدحان وآخرون :البرود العاطفي في الحياة الزوجيَّة ،علي البكر،ج 3 (القسم الأول) / 195 .
_________
*المصدر: التنويري.