اجتماعالمقالات

الرؤى السلوكيَّة بين التوجيه والسيطرة في فضاء السلوك الإنساني

السلوك الإنساني

يهدف المقال إلى توضيح مفهوم الرؤى السلوكية باعتبارها مجالًا متعدد التخصُّصات يطبق مقولات وتصورات مجموعة من العلوم الإنسانية والتطبيقية (علم النفس، الاجتماع، الاقتصاد السلوكي، الطب) بهدف فهم السلوك البشري وطريقة تفكير أفراد المجتمع وتصرفاتهم وآلية اتخاذهم للقرارات والتأثير عليهم في مجالات مختلفة، مثل السياسة العامة والصحة والتعليم والأعمال، بالإضافة إلى تبيان الكيفية التي يتأثر بها سلوكنا بالعوامل التي تقع خارج نطاق إدراكنا الواعي، كما يسعى المقال إلى توضيح نهج الرؤى السلوكية في تطبيق أحدث الأدلة حول ما يؤثر على السلوك البشري الفعلي، بهدف حل المشكلات العملية التي تقف عائقاً في توافق الإنسان مع بيئته وتقييم نتائج الحلول المقترحة.

تمهيد:

يمارس الإنسان سلوكه وسط بيئة متعددة العوامل، فإن هذا السلوك يتأثر بالعوامل البيئية المحيطة تأثراً كبيراً سلباً أو إيجاباً وهذه العوامل البيئية قد تكون عوامل اجتماعية أو دينية أو ثقافية أو سياسية إلخ…، وحيث إن هذا السلوك أو هذا النشاط يتأثر بما حوله، فإن فهم السلوك الإنساني أصبح مهماً، والأهم من ذلك دراسة الظروف والمواقف المحيطة بهذا السلوك بهدف رصد تمظهرات السلوك الإنساني في مختلف سياقات الحياة الاجتماعية المعاصرة من أجل تحليلها ونقدها وتفسير دوافعها التي تحدد طبيعة علاقاتنا بالآخرين.

ينظر إلى السلوك الإنساني كنشاط موجه ومقصود لتحقيق غايات محددة، ولكن السلوك الإنساني يرتبط بقدرة الفرد وتفهمه لمعنى السلوك والنتائج المرتبطة به، حيث يختلف الأفراد في مدى تفهمهم لحقيقة السلوك ومدى وعيهم بموضوعية السلوك وقدرتهم على تعديله وتنميته وتطويره من أجل الحصول على الأهداف بطريقة مثلى وبنتائج كبيرة.



وهذا يعني أن السلوك الإنساني موضوع معقد بطبيعته، وهو يتعلق بالطريقة والأسباب الكامنة وراء تصرفات الناس. بالطبع، هناك عدد لا يحصى من النظريات المرتبطة بالسلوك البشري وأنواع السلوك المختلفة. وفهم السلوك البشري مهماً جداً في الحياة الاجتماعية، حيث تسلط تلك المعرفة الضوء على الأنماط، والأسباب التي تجعل الناس يتخذون قرارات معينة، أو التعامل بطريقة ما في موقف معين. بكل تأكيد، كلما زاد فهم الأفراد للسلوك البشري، كلما كان بإمكانهم معرفة أنفسهم بشكل أفضل وفهم كيف يتصرف الآخرون، ويفسرون ويتكيفون مع بيئاتهم الاجتماعية المختلفة.

أولاً- تعريف السلوك الإنساني:

في حقيقة الأمر، يقوم السلوك Behavior  على مجموعة من الأفعال والاستجابات التي يتخذها الأفراد نحو الأفراد الآخرين، أو الكائنات الحية أو الأنظمة أو الكيانات الاصطناعية أو نحو بيئتهم بشكلها عام، والتي تشمل الأنظمة أو الكائنات الحية، بالإضافة إلى البيئة المادية غير حية. والسلوك بطبيعة الحال، هو استجابة الكائن الحي للعديد من المحفزات أو المدخلات، سواء كانت داخلية أو خارجية، شعورية أو لا شعورية، علنية أو خفية، إرادية، أو لا إرادية.

يعرف علماء علم النفس السلوكي السلوك الإنساني Behavioral Psychology: بأنه أي أنشطة ينتجها الكائن الحي استجابةً لمحفزات خارجية أو داخلية، بما في ذلك الأنشطة التي يمكن ملاحظتها بشكل موضوعي، والأنشطة التي يمكن ملاحظتها بالاستبطان والعمليات غير الواعية، بشكل أكثر تقييداً. أي إن السلوك: هو أي إجراء أو وظيفة يمكن ملاحظتها أو قياسها بشكل موضوعي استجابةً للمنبهات الخاضعة للرقابة. وبالتالي فإن السلوك، هو كل ما ينتج من الكائن الحي (الناطق) بشكل خاص، وهو يتميز بإمكانية ملاحظته وقياسهباختصار شديد ” السلوك هو ترجمة الأفكار إلى كلمات وحركة. وسلوك الإنسان وتصرفاته تدلنا على شخصيته وبواسطة هذا السلوك نستطيع أن نقرأ أفكاره ونقومها “.

نستنتج مما تقدم، أن السلوك الإنساني: هو مجموع النشاط النفسي والجسمي والحركي والفسيولوجي واللفظي الذي يصدر عن الإنسان وهو يتعامل مع بيئته ويتفاعل معها. وهو جميع أنواع الأنشطة التي تصدر عن الإنسان أثناء تعامله مع البيئة وتوافقه معها.والسلوك الإنساني يتضمن عدة جوانب، وهي كالآتي: حركية مثال: المشي عند الإشارة، الكتابة. انفعاليةمثال: الغضب، الفرح، الشعور بالارتياح. عقلية (معرفية) مثال: التخيل، التذكر، الإدراك. ويتميز السلوك الإنساني بتفوقه على غيره (من الحيوانات العليا)، وأوجه التفوق تكمن في أن سلوك الإنسان مرن قابل للتغيير والتعديل على حسب ظروف بيئته، وأنه يصبح بالتعود سريع ليس بحاجة لعمليات التفكير والجهد. كما أنه قادر على الوصول لأهدافه وتحقيق رغباته وحل المشكلات التي تعترضه، وأيضاً على التفكير السليم والاستفادة من أخطائه، وأخيراً يصبح سلوك الإنسان بالتعود سريعاً محكماً سهلاً لا يحتاج إلى إعمال فكر أو جهد عميق.

تعتبر المدرسة السلوكية هي واحدة من أشهر مدارس علم النفس، ومؤسس هذه المدرسة العالم جون واطسون (1878-1958) وآخرون، الذي يهتم بتشكيل السلوك بغض النظر عن الوراثة والسمات الشخصية وخلفية الفرد، فتشكيل السلوك يكون عن طريق التجربة، فيتم تفسير سلوك الإنسان بالاطلاع على الخبرات التي اكتسبها في حياته.

ومن أهم الأسس التي تقوم عليها النظرية السلوكية قواعد التعلم، فهي تعتمد على أساليب تستطيع من خلالها أحدث تعديل أو تغير في السلوك الإنساني، لذا شغلت النظرية السلوكية مكانة هامة في مطلع عقد الستينيات من القرن الماضي، حيث ترى النظرية السلوكية إن الإنسان لا يتصف بالخير أو الشر إنما يولد بفطرته الطبيعية ومن ثم يبدأ في احتكاكه بالبيئة المحيطة به فيتعلم السلوكيات من خلالها. فالتعلم في علم النفس السلوكي هو عملية اشتراطية، لا تعتمد على الحفظ والتذكر، فنحن نتعلم من خلال التفاعل مع المثيرات الخارجية فعلى سبيل المثال نتعلم تذوق الطعام عن طريق تجربة الأطعمة المختلفة حتى يصبح الطعام ذاته مثيراً للجوع بينما هناك أنواع أخرى من الأطعمة تشعرنا بالغثيان وعدم الراحة فور رؤيتها فنحن لم نولد بهذه الغريزة إنما تعلمناها من خلال التجربة والاختبار، فالطفل الصغير قد يضع أي شيء في فمه دون أن يكون طعاماً.

وعلى العموم حاولت النظريات السلوكية* فهم السلوك البشري وأكثرها انتشاراً هي نظريات التكيف. يحدث التكيف عندما يتم إعداد شخص ما على التصرف بطريقة معينة. وهناك نوعان رئيسيان من التكيف (الكلاسيكي والفعال)، وقد يتأثر الأشخاص المختلفون بشكل أكثر من الآخر. وبطبيعة الحال، فإن تكييف البشر للتصرف بطريقة معينة يمكن أن يكون له نقاشات أخلاقية، خاصةً عندما يكون الشخص مهيئاً للتصرف بطريقة لا تتناسب مع مصالحهم وغاياتهم. ومن ناحية أخرى، يؤكد آخرون أن جميع البشر مبرمجون بطبيعتهم على التصرف بطريقة أو بأخرى.

يحدث التكيف الكلاسيكي عندما يربط شخصاً ما محفزات معينة بنتائج مختلفة. غالباً ما تشجع طريقة التكيف هذه الناس على التصرف بطرق تجلب لهم السعادة والسرور. على سبيل المثال، إذا وجد شخص ما أنه يميل إلى القيام بعمل جيد عندما يتبع غرائزه بدلاً من إتباع القواعد، فمن المرجح أن يكون غير ممتثل ويتحمل المخاطر. لا يجب أن يحدث التكيف الكلاسيكي دائماً من أفعال أو تلاعبات فرد معين. ففي بعض الأحيان، يحدث هذا النوع من التكيف من المجتمع أو من البيئة التي يتعرض فيها الشخص بشكل روتيني. أما فيما يتعلق بالتكيف الفعال([1])، نجد أنه يتم التحكم في السلوك البشري من خلال التعزيز الإيجابي والسلبي. وعادةً ما يتعلم الشخص الذي يجد نفسه في مشكلة مع القانون عندما يخالف قواعد معينة ربط خرق القواعد بالمسائل القانونية. وبالمثل، فإن الفرد الذي يدرس بانتظام للامتحانات ويؤيدها يربط الدراسة بالدرجات الإيجابية. عندما يتعلق الأمر بالسلوك البشري، يميل الناس إلى الابتعاد عما يسبب لهم الألم والانجذاب نحو المتعة والرضا الشخصي.

ثانياً- الرؤى السلوكية للدوافع الواعية وغير الواعية في السلوك الإنساني:

كثير من الأحيان نتوقف فجأة ونسأل أنفسنا: ” لماذا فعلنا ما فعلناه؟ ” ربما نكون قد توقفنا مؤقتاً، ونظرنا حولنا، وأدركنا أننا قد وصلنا إلى منتصف الطريق إلى المنزل بينما كانت أفكارنا في مكان آخر. أو ربما جلسنا بجوار شيء اشتريناه ونحن نتساءل عما إذا كنا نريده أو نحتاج إليه حقاً، بعد أن وجهتنا التحفيزات والتطمينات نحو شرائه دون عناء.

إن تسليط الضوء على سلوكنا غالباً ما يتأثر بعوامل تقع خارج إطار إدراكنا الواعي. ولا يمثل هذا مشكلة بالضرورة، إذ كنا سنجد صعوبة كبيرة في القيام بوظائفنا إذا كان علينا استيعاب كل شيء نقوم به بوعي والموافقة عليه. لكننا – وكذا الحكومات أو المؤسسات الأخرى – غالباً ما نميل إلى التقليل من أهمية هذا الجانب ” التلقائي ” من سلوكنا. وقد تكون النتيجة سياسات أو منتجات أو خططاً غير فعالة.

يحاول نهج الرؤى السلوكية معالجة هذه المشكلة عن طريق أخذ أحدث الأدلة حول ما يؤثر على السلوك، ثم تطبيق هذه الرؤى على قضايا عملية. وبما أن النهج يعطي الأولوية أيضاً لتقييم تأثير تدخلاته، يمكننا أن نعرف بالضبط كيف أحدث فارقاً في مشكلات ملموسة. ومن ثم، انتشر استخدام نهج الرؤى السلوكية من قبل الحكومات والشركات والأفراد بقوة على مدى السنوات العشر الماضية.

ولكن كان هناك أيضاً أسئلة عديدة حول ما إذا كان منهج الرؤى السلوكية موثوقاً به، وما إذا كان يمكنه معالجة القضايا الكبيرة التي تواجه المجتمع، وما إذا كان يطرح أسئلة أخلاقية جادة. هناك أيضاً قدر كبير من الالتباس حول ما يعنيه مصطلح ” الرؤى السلوكية ” في الواقع، فالسلوك البشري هو محط الأنظار، ومقياس الرفض والقبول على مستويات متعددة، وفق السياقات والمؤثرات التي تجعله مؤيداً أو ممتنعاً، لذلك تتداخل العلوم النفسية والاقتصادية والاجتماعية والطبية، مُشكّلة مناهج ومجالات تتقصى حياة البشر، وتفندها بطريقة دقيقة.

تلك المناهج والأدوات وُضعت في محك مع الإنسان، لقياس كيفية اتخاذ قراراته على النطاق الفردي أو في تجاه التوافق الجماعي، أو وفق الجندرية التي ربما اختلطت على كثير من الناس، فتساوت في كل شيء بناءً على المحفزات التي أعادت السلوك الإنساني إلى واجهة البحث والتقصي بما يعرف اليوم بـالرؤى السلوكية (Behavioral Insights).

بمعنى أدق الرؤى السلوكية (BI) هي مجال متعدد التخصصات يطبق رؤى من العلوم السلوكية لفهم السلوك البشري والتأثير عليه في مجالات مختلفة، مثل السياسة العامة والصحة والتعليم والأعمال. يستمد ذكاء الأعمال من ثلاث تخصصات رئيسية: علم النفس، والاقتصاد، وعلم الأعصاب. يساهم كل من هذه التخصصات في الأسس النظرية لذكاء الأعمال بطرق مختلفة:

1. يقدم علم النفس الأدلة التجريبية والنماذج النظرية لكيفية تفكير البشر وشعورهم وتصرفاتهم في المواقف المختلفة. يساعد علم النفس ذكاء الأعمال على تحديد التحيزات المعرفية والاستدلال والعوامل العاطفية التي تؤثر على اتخاذ القرار والسلوك البشري. على سبيل المثال، يشرح علم النفس سبب ميل الناس إلى المبالغة في تقدير احتمالية وقوع أحداث نادرة (اكتشاف التوفر)، ولماذا يفضلون المكافآت الفورية على المكافآت المتأخرة (التحيز الحالي)، ولماذا يتأثرون بالمعايير الاجتماعية وضغط الأقران (الدليل الاجتماعي).

2. يوفر علم الاقتصاد الأدوات والأطر التحليلية لتقييم تكاليف وفوائد التدخلات والسياسات المختلفة التي تهدف إلى تغيير السلوك البشري. يساعد الاقتصاد ذكاء الأعمال على تصميم واختبار فعالية وكفاءة مختلف الحوافز والدفعات وهياكل الاختيار التي يمكن أن تغير سلوك الأفراد والجماعات. على سبيل المثال، يفسر علم الاقتصاد لماذا يستجيب الناس للتغيرات في الأسعار (الطلب والعرض)، ولماذا هم أكثر عرضة للتصرف بناء على معلومات بارزة وذات صلة (الانتباه والتأطير)، ولماذا يقدرون الخسائر أكثر من المكاسب (النفور من الخسارة).

3. يوفر علم الأعصاب الآليات البيولوجية والفسيولوجية التي تكمن وراء الإدراك والعاطفة البشرية. يساعد علم الأعصاب الذكاء الاصطناعي على قياس ومعالجة النشاط العصبي والاستجابات الهرمونية المرتبطة بالنتائج السلوكية المختلفة. على سبيل المثال، يشرح علم الأعصاب لماذا يكون الناس أكثر انتباهاً وتحفيزاً عندما يتلقون ردود فعل إيجابية (الدوبامين)، ولماذا يعانون من التوتر والقلق عندما يواجهون عدم اليقين أو التهديد (الكورتيزول)، ولماذا يكونون أكثر تعاطفاً وتعاوناً عندما يشعرون بالارتباط مع الآخرين. أخرى (الأوكسيتوسين).

في واقع الأمر، يسعى نهج الرؤى السلوكية إلى تطبيق أحدث الأدلة حول ما يؤثر على السلوك البشري الفعلي، بهدف حل المشكلات العملية، كما يمكن أن تقدم الرؤى السلوكية وصفاً واقعياً للكيفية التي نأتي بها بأفعالنا ودوافعنا للإتيان بها، مما يسمح لنا بتصميم أو إعادة تصميم السياسات والمنتجات والخدمات وفقا لذلك. وقد أدت النتائج التي حققها هذا النهج إلى اعتماده من قبل الحكومات والمؤسسات والشركات في جميع أنحاء العالم. فما هي المبادئ الأساسية لمنهج الرؤى السلوكية، ولماذا أثبت شعبيته، وما الذي يمكن أن يحققه؟

يمثل هذا النهج الجديد تحدياً للآراء المتعارف عليها بشأن كيفية اتخاذ القرارات. غالباً ما يفترض الأفراد، وكذا الحكومات والشركات التسويقية، أن سلوكنا يخضع في الغالب لردود فعل مدروسة ومتروية تجاه المعلومات والمحفزات التي نتلقاها. ومن خلال هذا الفهم، يلاحظ الناس كل معرفة ذات صلة، ويوازنون بعناية بين تكلفة وفوائد كل خيار متاح، ويتخذون الخيار الذي يعتقدون أنه يعظم من الفوائد التي ستعود عليهم (أو على أولئك الذين يهتمون لأمرهم).

على النقيض من ذلك، تتمثل ” الرؤية ” الأساسية لنهج الرؤى السلوكية في أن جزءاً كبيراً من سلوكنا غير واعٍ، واعتيادي، ومدفوع بإشارات في بيئتنا أو بالطريقة التي تقدم بها الخيارات. نحن قادرون على اتخاذ القرارات بطريقة مدروسة ومتروية، ولكن هذا يحدث بمعدل أقل مما نفترض. وعوضاً عن ذلك، توجه الاختصارات الذهنية أو ” القواعد الأساسية ” البسيطة أفعالنا، على سبيل المثال، ” افعل ما يفعله الآخرون ” أو ” اتخذ الخيار الأوسط “. وغالباً ما تحفز هذه الاختصارات تلقائياً – خارج نطاق إدراكنا الواعي – عن طريق سمات الخيارات أو المواقف التي نواجهها.

ونتيجة لذلك، قد تتحكم جوانب السياق أو الطريقة التي يقدم بها قرار ما في تشكيل سلوكنا على نحو أكبر بكثير مما ندرك. لنتأمل سلوكنا الغذائي مثلاً. ونظراً لأن الناس يستخدمون وجود السلطة باعتبارها اختصارا ﻟ ” الطعام الصحي ” على سبيل المثال عند تقييم خيارات الطعام المتاحة، فإن إضافة السلطة إلى وجبة (الهامبرغر) السريعةتجعلنا نعتقد فعلياً أنها تحتوي على سعرات حرارية أقل من الوجبة نفسها بدون السلطة. وتتأثر الكمية التي نأكلها بطرق مماثلة. فمضاعفة حجم الحصة الغذائية يعني أن استهلاك الناس من الأكل سيزداد بمقدار الثلث، في المتوسط، والإشارات التي تحيط بطعامنا مهمة أيضاً، إذ تعني عبوات الطعام الأكبر حجماً وأواني التقديم الأكبر تناول المزيد من الطعام.

إن ردود الفعل التلقائية هذه تحدث خارج إطار إدراكنا الواعي، فإنها غالباً ما تكون قد تطورت باعتبارها وسائل فعالة وقوية لتحقيق أهدافنا. بالمقابل نتأمل كم كانت حياتنا ستصبح أصعب بكثير لو اضطررنا إلى التركيز عمداً على كل عنصر من عناصر عملية ربط رباط حذائنا كل صباح، أو تقييم إيجابيات وسلبيات كل طعام نشتريه بدقة وعناية. فهذا النوع من التفكير ” السريع ” هو ما يسمح لنا باتخاذ الآلاف من الأحكام والقرارات الناجحة كل يوم، دون أن ندرك حتى أننا نقوم بذلك. غير أن قلة وعينا لها ثمن أيضاً، إذ تعني أننا عادة ما لا ندرك الطريقة التي تشكل بها هذه العمليات سلوكنا.

لكننا بالمقابل سنظل نطور أنظمة واستراتيجيات تعتمد على الاعتقاد بأن قراراتنا تعتمد على التفكير المتأني بينما تظهر الأدلة العكس. ويمكن للرؤى السلوكية أن توضح لنا العوامل المحركة لأفعالنا بحق في هذه الحالات. وبذلك، يوفر النهج التفسيرات والتوقعات التي توجهنا إلى خطط عمل أكثر فاعلية.

باختصار شديد، يجمع نهج الرؤى السلوكية الأدلة على كيفية تفاعل التفكير الواعي مع العمليات غير الواعية لتشكيل السلوك. ولكنه يبني أيضاً على هذه الأدلة لاقتراح حلولٍ جديدة من خلال ما يلي:

1- المعلومات: كان النهج التقليدي لتقديم المعلومات عن الأكل عموماً هو إخبار الناس بالأطعمة التي ينبغي أو لا ينبغي عليهم تناولها. ولكن نظراً لأن العديد من خياراتنا الغذائية مدفوعة بالعادات وتحدث خارج إطار إدراكنا الواعي، فقد يكون لتحسين الوعي بمخاطر وفوائد أطعمة بعينها تأثير محدود على السلوك. في الواقع، يمكن أن يأتي تقديم المعلومات بنتائج عكسية. على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن الناس كانوا في الواقع أكثر ميلاً لتناول دواء ما بعد عرض الكثير من آثاره الجانبية المحتملة عليهم – على عكس ما قد يحدث حال عرض أثر واحد فقط – وهذا بسبب طريقة إدراكنا للمخاطر.

مع وضع هذه المبادئ في عين الاعتبار، قد يساعد نهج الرؤى السلوكية الأشخاص بدلاً من ذلك على تبني ” قواعد أساسية “، عملية جديدة تركز على خلق عادات جديدة. على سبيل المثال، يمكننا وضع خطط بسيطة لتقليل احتمالية تعرضنا للطعام المغري – مثل ” إذا سأل النادل عما إذا كنت أرغب في الاطلاع على قائمة الحلوى، فسأطلب فنجان قهوة “. وقد أثبت هذا النوع من التخطيط، الذي يمكن أن يؤدي إلى خلق عادات جديدة، فاعليته عبر الكثير من الدراسات. بعبارة أخرى، قد يقترح نهج الرؤى السلوكية أن المعلومات يجب أن تركز بصورة أقل على ما يجب أن يأكله الناس، والتركيز بصورة أكبر على كيف يأكلون بالفعل. لا داعي للتخلي عن التوجيه الغذائي، ولكن بدلاً من ذلك، يجب أن يكون هناك تحول نحو كيفية تحويل هذا التوجيه إلى أفعال.

2- الحوافز: تعتبر الحوافز أداة هامة من أدوات صنع السياسات، وفي الآونة الأخير تركَّز الكثير من الاهتمام، فيما يتعلق باستهلاك الغذاء، على كيفية استخدام الضرائب لزيادة أسعار الأطعمة غير الصحية. والفكرة هي التحول بمشتريات المستهلكين بعيداً عن الأطعمة غير الصحية – مما قد يؤدي إلى تحولها نحو الأطعمة الصحية – تماماً كما أدت الزيادات الضريبية إلى تقليل استخدام التبغ. على سبيل المثال، فرضت بعض الدول ضرائب على المشروبات المحلاة لهذا الهدف.

إن محاولة التأثير على مشتريات المستهلكين بهذه الطريقة أمر يستحق التفكير. لكن نهج الرؤى السلوكية يشير إلى إمكانية استخدام الضرائب بطريقة مختلفة، وربما أقوى، وهي تحفيز إعادة الصياغة. تشير الدراسات إلى أن تقديم وجبات تحتوي على سعرات حرارية أقل بمقدار الربع جعل الناس يقللون استهلاكهم للطاقة بالمقدار نفسه. بعبارة أخرى، لم يحتج الناس إلى التعويض بتناول المزيد من الطعام، ولم يقل شعورهم بالشبع عن الأشخاص الذين استهلكوا الوجبة ذات السعرات الحرارية الكاملة. لذلك، فإن إعادة تشكيل الأطعمة للتخلص من السعرات الحرارية طريقة فعالة لمعالجة الإفراط في تناول الطعام. فلن يضطر المستهلكون إلى بذل جهد لتغيير سلوكهم، إذ يمكنهم شراء المنتجات نفسها، ولكن بآثار صحية سلبية أقل. فالهدف المتمثل في دفع المنتجين إلى إعادة صياغة المنتجات هو أساس تطبيق ضريبة على المشروبات المحلاة في بريطانيا (ضريبة صناعة المشروبات الغازية)، التي أعلن عنها في عام 2016. كان لهذه السياسة سمتان أظهرتا أن الهدف الأساسي كان سلوك المنتجين، وليس المستهلكين. فكلما زاد مستوى السكر وحجم المشروب، زادت الضرائب المطبقة على المُنتج لإعادة صياغة منتجاته.

هكذا أثرت الضريبة على سلوك المنتجين كما هو متوقع. فبسرعة أعادوا صياغة محتوى كل من المشروبات ذات الأسماء الشهيرة والعلامات التجارية الخاصة بهم. وفي غضون ثلاث سنوات فقط، انخفضت كمية السكر المباع للفرد من المشروبات الغازية بنسبة (30) في المائة، أي ما يعادل (5) جرامات لكل شخص يومياً. وكان السبب في حدوث ذلك هو تغير السوق، إذ انخفض إجمالي حجم مبيعات المشروبات التي كانت خاضعة للضرائب بنسبة (50) في المائة، في حين ارتفعت مبيعات المشروبات المنخفضة السكر والخالية من السكر المعفاة من الضرائب بنسبة (40) في المائة. كان الجزء الأكبر من هذا التغيير ناتجاً عن إعادة الصياغة، وليس بسبب تبديل المستهلكين لاختياراتهم. فقد أدى اختلاف التفكير بشأن السلوك إلى سياسة ساهم فيها ولاء المستهلكين لشراء علامة تجارية بعينها بحكم العادة في النجاح، وليس الفشل.

3- التشريعات: أخيراً، يمكننا أن نرى كيف يمكن للرؤى السلوكية أن تغير طريقة تفكيرنا في القوانين التي تضعها الحكومات وكيفية تطبيقها لهذه القوانين. فيما يتعلق بالأكل، يوجد اقتراح شائع وهو مطالبة مصنعي الأغذية وبائعيها قانوناً بعرض المعلومات الغذائية على العبوات وقوائم الطعام. وكثير من هذه القوانين تحدد الطريقة الدقيقة التي يجب أن تعرض بها المعلومات. ومن الخيارات الشائعة (التي تتبناها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) في هذا الشأن الاعتماد في الغالب أو كلياً على عرض الأرقام، مثل السعرات الحرارية. الفكرة من وراء ذلك هي أن يتابع الناس استهلاكهم من السعرات الحرارية ويتخذوا الخيارات على هذا الأساس.

إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في أن الناس يُنقحون المعلومات الغذائية، ويعالجونها باستخدام اختصارات ذهنية سريعة. ولا تتوافق المعلومات العددية الخاصة بالسعرات الحرارية مع هذه الاختصارات، بل تعتمد على تقييمنا المتأني للسعرات الحرارية، وإضافتها إلى حصيلة مستمرة. ويبدو أن الملصقات التي تستفيد من عملية اتخاذ القرارات السريعة والحدسية تعمل بشكل أفضل. على سبيل المثال، تستخدم الملصقات القائمة على ألوان إشارات المرور نظاماً لونياً بسيطاً يمكن تفسيره بنظرة سريعة، دون انخراط واع. وقد أظهر كثير من الدراسات أن ألوان إشارات المرور لها تأثير أكبر على خيارات الطعام من حسابات السعرات الحرارية العددية البسيطة، التي غالباً ما لا يبدو أن لها أي تأثير. وأعلنت الحكومة الألمانية أنها ستدخل نظاماً واحداً قائماً على ألوان إشارات المرور لملصقات الحقائق الغذائية نظام         “ نوتري سكور/ Nutri-Score “([2]يستعين بهذه المبادئ.

فالنقطة الأساسية الكامنة وراء هذه الأمثلة هي: التأكد من أن السياسات أو البرامج تسترشد بأفضل الأدلة حول ما يؤثر على السلوك. إذا كنت ستطرح قانوناً جديداً، فعليك فهم الخيار الذي من المرجح أن يغير السلوك. وإذا كنت ستطرح حوافز، فعليك ضبط توقيتها وحجمها وهيكلها وشروطها لتعظيم تأثيرها. وعند إنشاء حملة معلومات، ضع في اعتبارك كيفية ملاحظتنا للمعلومات ومعالجتها. بشكل عام، تأكد من أن لديك فهماً واقعياً لما يؤثر وسيؤثر على السلوك ولماذا.

– خاتمة: بناءً على ما تقدم حاولنا من خلال هذا المقال مناقشة السمات الأساسية للرؤى السلوكية، ألا وهي: الاهتمام بالمشكلات العملية، وتطبيق الأدلة حول السلوك البشري لخلق حلول محتملة جديدة لهذه المشاكل، واستخدام التجريب لتقييم تأثير هذه الحلول على السلوك. بناءً عليه يمكننا تعريف نهج الرؤى السلوكية في عبارة واحدة هو أنه ” نهج يستخدم أدلة على الدوافع الواعية وغير الواعية للسلوك البشري لمعالجة القضايا العملية “.

وهكذا أضحت منهجية الرؤى السلوكية بكل أبعادها، وبحسب كثير من المختصين النموذج العلمي الذي يوجه ويتحكم في مفردات المعيشة اليومية، لذلك فقد بنت شركات التقنية تطبيقات متخصصة، وذات تركيز عالٍ في تحليل السلوك الإنساني، والتأثير فيه، بهدف تعزيز الجوانب الترفيهية التي تبعده عن ازدواجية المعايير والمواقف واختلاط المصالح، مع تأثير آخر بغرض متقاطع يوجه الجمهور إلى اكتساب أهداف محددة، ربما تكون لمصلحته أو العكس بناءً على النوايا التي يراد منها.

لقد أتاحت البرامج التقنية مسألة مراقبة سلوك الأفراد بشكل دقيق لارتباط حياتهم بها، لذلك عملت الكثير من الدول على تطبيق منهجية تحليل الرؤى السلوكية من خلال تلك البرامج المتخصصة في جمع بيانات وتفضيلات المستخدمين، والتعرف بتعمق على أنماط حياتهم التي تظهر من بين هوامش التجربة ومتون الواقع، لذلك تكون القرارات محكمة، وتخدم المصالح التي وضعت من أجلها، بانسياق الأفراد معها دون إدراكهم أنهم يتعرضون إلى توجيه وتحكم في شؤون حياتهم.

بالمقابل يعتبر كثيرون أن الاعتماد على تحليل دوافع الرؤى السلوكية إثراء للمشاركة المجتمعية في تصميم السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على سلوك الجمهور، لذا فهي تهدف إلى تحقيق أبعاد إنسانية مشروعة، وتكون مدخلات لبناء قرارات حاسمة قصيرة المدى أو طويلة المدى، ضمن متطلبات راهنة أو قراءة مستقبلية.

خلاصة القول تعبّر الرؤى السلوكية عن تطبيق مفرزات العلوم السلوكية لفهم السلوك البشري والتأثير عليه. وهي مهمة لأنها قادرة على المساعدة في تصميم سياسات وبرامج وتدخلات أكثر فعالية تأخذ في الاعتبار الكيفية التي يتصرف بها الناس في الواقع، وليس الكيفية التي يفترض أن يتصرفوا بها. يمكن أن تساعد الرؤى السلوكية في معالجة التحديات المختلفة في مجالات مختلفة، مثل: الصحة، والتعليم، والبيئة، والتمويل، والحوكمة، التنمية الشاملة.

__________

– المراجع المعتمدة:

– حسام الدين فياض: تمظهرات السلوك الإنساني في المجتمع المعاصر، سلسلة نحو علم اجتماع تنويري، الكتاب: السادس، دار الأكاديمية الحديثة، أنقرة، ط1، 2024.

– مايكل هالزوورث، وإلزبِث كيركمان: الرؤى السلوكية، ترجمة: سارة طه علام، مراجعة: شيماء طه الريدي، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، ط2، 2023.

– هلال بن سالم الزيدي: الرؤى السلوكية بين التوجيه والسيطرة، مدونة الجزيرة، الدوحة (قطر)، 23/09/2024. https://2u.pw/2sZDLAPg

– حسين حسن سليمان: السلوك الإنساني والبيئة الاجتماعية (بين النظرية والتطبيق)، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط1، 2005.

– محمد زياد حمدان: نظريات التعلم – تطبيقات علم النفس التعلم في التربية، دار التربية الحديثة، دمشق، ط1، 1997.

– عماد عبد الرحيم الزغول: نظريات التعلم، دار الشروق، عمان، ط1، 2010.

– أحمد عبد اللطيف: تعديل السلوك الإنساني (النظرية والتطبيق)، دار المسيرة، عمان، ط2، 2014.

– ب. ف. سكنير: تكنولوجيا السلوك الإنساني، ترجمة: عبد القادر يوسف، مراجعة: محمد رجا الدرني، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد: 32، أغسطس 1980.

– جمال محمد أبو شنب: السلوك الاجتماعي (الاتجاه السلوكي في نظرية علم الاجتماع)، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ط1، 2008.

– هارولد ريجنا بيتش: تعديل السلوك الإنساني، تعريب: فيصل محمد الزراد، دار المريخ، الرياض، 1992.

– هاب ميد. ون: Nutri-Score: يسهل اختيار المنتجات الصحية، معهد الرأي إيجابي، وارسو (بولندا)، 7 سبتمبر 2021. https://epozytywnaopinia.pl/ar/nutri-score-ulatwia-wybor-zdrowszych-produktow

–  فاستر كابيتال: تطبيقات الرؤى السلوكية من النظرية إلى التطبيق (تطبيقات الرؤى السلوكية في العالم الحقيقي)، 26 حزيران 2024.  https://2u.pw/vsiGCcNS


*  النظرية السلوكية هي واحدة من أشهر النظريات النفسية، التي تتبنى فكرة العلاج القياسي، مثل العلاج عن طريق الكلام، والتي تؤمن أن تحسين السلوك أو تحسين نوعية الحياة يمكن أن يتم من خلال التكيف، وقد ظهرت هذه النظرية لدراسة سلوك البشر على أساس أن السلوك البشري سهل الملاحظة والدراسة من أهم روادها (إيفان بافلوف، وإدوارد لي ثورندايك، وجون بي واطسون، وبي إف سكنر). بمعنى أدق… تقوم المدرسة السلوكية على مبدأ هو أن السلوك الملاحظ لدى الفرد هو الوحدة الموضوعية فقط يمكن اعتمادها كمؤشر موثوق لشخصيته دون ما يقال عن عقله أو ذكائه أو ضميره أو أخلاقه أو عرقه أو خلفيته الثقافية أو غيرها.

([1]التكيف الفعال هو عملية تعلم يتم فيها تعديل السلوك من خلال عواقب مثل التعزيز أو العقوبة. بينما التكيف الكلاسيكيهو عملية تعلم يؤدي فيها حافز محايد مسبقاً إلى استجابة فطرية. أي يتضمن التكيف الكلاسيكي الاستجابة التلقائية للكائن الحي، بينما يتضمن التكيف الفعال الإجراءات المتعمدة للكائن الحي.

ينظر إلى التكيف على أنه نزعة فطرية تولد مع الإنسان وتمكنه من التأقلم والتعايش مع البيئة من خلال تعديل أنماطه السلوكية استجابة لمطالب البيئة، فهو بمثابة استعداد بيولوجي عام لدى الإنسان يساعده على العيش في بيئة معينة، ويمكنه من التنويع في طرق وأساليب تفكيره باختلاف فرص التفاعل والمراحل العمرية التي يمر بها. ففي الوقت الذي تعمل فيه قدرة التنظيم داخل الفرد، نجد أن قدرة التكيف تعمل في الخارج، حيث من خلال هذه العملية يعمل الفرد على تحقيق نوع من التوازن مع ما يجري من متغيرات في البيئة التي يتفاعل معها، مما يتيح له بالتالي فرصة العيش والبقاء.

وبناءً على وجهة نظر بياجيه، فإن العقل ليس مجرد صفحة بيضاء تنطبع عليها المعارف، أو مجرد مرآة تعكس ما يتم إدراكه، فهو ليس مُسجلاً سلبياً، وإنما يمتاز بالفعالية والنشاط. فالأفراد يتفاعلون على نحو نشط وفعال مع البيئة وينتج عن خبرات التفاعل هذه تطورات في الوظائف والأنشطة المعرفية يمثل التكيف الهدف النهائي لعملية التوازن، ويتضمن التغيرات التي تطرأ على الكائن الحي استجابة لمطالب البيئة.

([2]Nutri-Score نظام ذو أساس علمي قوي. تم إنشاؤه من قبل فريق الأستاذ. هيرسبيرج، عالم متخصص في البحث في علم الأوبئة التغذوية. يقوم على طريقة علمية لتقييم القيمة الغذائية للمنتجات، تم تطويره في عام 2005 من قبل فريق بحثي من جامعة أكسفورد البريطانية وتم اعتماده في عام 2007 من قبل وكالة معايير الغذاء البريطانية (وكالة معايير الغذاء، FSA). أساس النتيجة هو معادلة بناها فريق من العلماء يسمى نقاط راينر. يتم وضع تحديد القيمة الغذائية لمنتج غذائي في نظام Nutri-Score في مقدمة العبوة، على شكل ما يسمى تسمية التغذية. الملصق عبارة عن رمز بسيط مكون من 5 أحرف مع الألوان المقابلة ويوفر تقييمًا للقيمة الغذائية الإجمالية للمنتج. يتلقى كل منتج تم تمييزه بنظام NutriScore  إحدى الدرجات الخمس الممكنة في مقياس التصنيف، محسوبة على أساس الخوارزمية. يشمل التقييم:

1- المكونات التي يجب أن تكون محدودة في النظام الغذائي (قيمة الطاقة والسكر والدهون المشبعة ومحتوى الملح).

2- المكونات المفيدة التي يجب الترويج لاستهلاكها (محتوى الألياف والبروتين والفواكه والخضروات والمكسرات).

المنتجات المميزة باللون الأخضر لها قيمة غذائية عالية مهمة في النظام الغذائي ويمكن أن تشكل أساسه. يجدر استهلاكها في كثير من الأحيان أو أكثر. تشير الألوان البرتقالية والحمراء إلى المنتجات التي تحتوي على كمية أكبر من المكونات، ويجب أن تكون نسبتها في النظام الغذائي محدودة. يوصى باستهلاك هذه المنتجات بشكل أقل أو أقل. هذا لا يعني، مع ذلك، أنه ينبغي استبعادهم من النظام الغذائي على الإطلاق. كل منتج – بغض النظر عن التصنيف في النظام – قد يكون لها مكان في القائمة. يُظهر ملصق Nutri-Score القيمة الغذائية للمنتج ودوره في النظام الغذائي.

______________
*د. حسام الدين فياض/ الأستاذ المساعد في النظرية الاجتماعية المعاصرة/ قسم علم الاجتماع كلية الآداب في جامعة ماردين- حلب سابقاً.

*المصدر: التنويري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

التعليقات