الآثار النفسيَّة لإزالة الأرحام
باتت عمليَّة إزالة الرَّحِم أو ما يُعرف بالاستئصال الرَّحِم من العمليات الجراحيَّة الشائعة في الوقت الحالي. والتي تُجرى لعدة أسباب صحيَّة مختلفة. سواءً للتخلص من مشاكل صحيَّة مُزمنة أو للوقاية من أمراض مُحتملة. إنَّ هذه العمليَّة، التي تؤثر بشكل رئيسي على السيِّدات اللواتي تَخۡضَعۡنَ لها. تُثير قضايا ذات أهميَّة كبيرة تتعلق بالآثار النفسيَّة المرتبطة بها. يُثير هذا الموضوع جدلاً متزايدًا بين المختصين في مجال الصحَّة النفسيَّة والمجتمع الطبي، حيث يُرجّح أن تكون لهذه العمليَّة تأثيرات نفسيَّة قد تكون متنوّعة وعميقة على السيِّدات اللواتي تَخۡضَعۡنَ لها. في هذا المقال، سنستكشف تلك الآثار النفسيّة المحتملة لعمليّة إزاله الرَّحِم، مع التركيز على التحديات النفسيَّة التي قد تواجهها السيِّدات بعد خضوعهن لهذه العمليَّة الجراحيَّة.
ما هو الرَّحِم؟
هو أحد أعضاء الجهاز التناسلي للمرأة الذي بدوره يقوم بحمل الجنين خلال فترة الحمل حيث يزوِّد الجنين بالغذاء المناسب له لحين موعد الولادة المقرَّر له، حيث تتضاعف أبعاد الرَّحِم أثناء الحمل أكثر من 5 مرَّات عن الأبعاد الطبيعيَّة حتى يتَّسع لوجود الجنين، وبعد سنِّ الأمل وانقطاع الدورة الشهريَّة يعود حجم الرَّحِم إلى ما كان عليه قبل مرحلة البلوغ .
هل يؤثر الرَّحِم فقط بالإنجاب؟
لا، فقد يسبِّب بعض المشكلات الظهريَّة نتيجة تغييرات هرمونيَّة تحدث بعد استئصال الرَّحِم. مثل انخفاض هرمون الاستروجين، بالإضافة إلى ألم في المعدة والقولون بسبب تداعيات الجراحة على الجهاز الهضمي.
هل تؤثِّر إزالة الرَّحِم على الصحَّة النفسيَّة للمرأة ؟
بالطبع تؤثِّر. حيث أشارت الدراسات أنَّ النساء اللواتي خضعن لاستئصال الرَّحِم أكثر عرضة للإصابة بأمراض نفسيَّة عديدة منها الاكتئاب. وخصوصا إذا كان الاستئصال بعمر مبكِّر .
أمَّا بالنسبة لمرض الاكتئاب هو حالة نفسيَّة شائعة تتَّسم بالشعور المستمر بالحزن وفقدان الاهتمام أو السعادة بالأشياء التي كانت ممتعة في السابق. يمكن أن يؤثِّر الاكتئاب على العواطف والمشاعر والسلوكيَّات والتفكير.
توجد أسباب عديدة للإصابة بالاكتئاب وتشمل التغيُّرات الهرمونيَّة، والضغوطات النفسيَّة والعاطفيَّة، والعوامل الوراثيَّة، والتغيُّرات في الكيمياء الدماغيَّة.
استئصال الرَّحِم قد يؤدِّي إلى تغيُّرات هرمونيَّة في جسم المرأة، وهذا قد يسهم في زيادة خطر الاكتئاب في بعض الحالات. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدِّي تجربة الجراحة وتأثيرها على قدرة المرأة على الإنجاب إلى مشاعر الحزن والضيق النفسي.
قد تشعر بعض النساء بالقلق والتوتُّر بشأن التغييرات الجسديَّة والصحيَّة التي قد تحدث بعد العمليَّة الجراحيَّة. والقلق هو حالة من الخوف الغامض الشديد الذي يتملَّك الإنسان ويسبِّب له الكثير من الانزعاج والألم. فالشخص القلق يتوقَّع الشرّ دائمًا، ويبدو متشائمًا ومتوتِّر الأعصاب. ويعدُّ القلق من أكثر الأمراض النفسيَّة شيوعًا، ويؤثِّر على ما يقارب من 30% من البالغين في مرحلة ما من حياتهم.
بالإضافة إلى التغيُّرات الهرمونيَّة بعد إزالة الرَّحِم، يمكن أن تحدث تغيرات هرمونيَّة في جسم المرأة، وهذه التغيُّرات الهرمونيَّة قد تؤثِّر على المزاج والعواطف.
للأسف كانت كلمة الانتحار تتردَّد كثيرا بعد استئصال الرَّحِم، بسبب اعتقاد بعض السيِّدات بأنَّهن خلقن فقط ليؤدين دور الإنجاب والأمومة وليكنّ ربَّات منازل، وبالتالي فإنَّ أي مسّ بهذا الدور يجعل منهن «نساء غير كاملات» وهذا كلام غير صحيح .
كيفيّة تقديم الدعم للمرأة بعد استئصال رحمها؟
في البداية تقديم الدعم من قبل العائلة ومن قبل الزوج، خصوصًا أنّ المرأة في هذه الحالة تعتقد بأنَّها غير كافية للزوج، وتشعر بفقدانها للجاذبيَّة، لذا يُنصَح بتوفير الدعم العاطفي خلال هذه الفترة الصعبة، وتذكيرها بأنها ليست وحدها، كما تحتاج إلى التشجيع للتأقلم مع التغييرات الجديدة في حياتها، وحثّها باتّجاه الاعتماد على قوّتها الداخليَّة، وتذكيرها بأنَّها قادرة على التكيُّف والتغلُّب على التحدّيات وتشجيعها على مناقشة ما تشعر به، لأنَّه قد يساعدها على تفريغ مكنوناتها.
كذلك، ضرورة أن يعرف الشخص الذي يودّ تقديم الدّعم، كيف تشعر، وفهم التغيُّرات الهرمونيَّة التي قد تؤدِّي إلى تعكُّر في المزاج والعواطف للتخفيف من الضغوطات التي تشعر بها، وتحسين صحّتها النفسيَّة.
محاولة إشراكها في أنشطة ممتعة تحبّها، ممّا يساعد في تحسين مزاجها والتخفيف من توتّرها.
يجب أن تتذكَّر أنَّ التعافي النفسي بعد استئصال الرَّحِم يمكن أن يأخذ وقتًا وجهدًا، وأن الدعم المستمرّ والمحبّ، يمكن أن يلعب دورًا مهمًّا في مساعدتها على تجاوز هذه المرحلة الصعبة.
هل هنالك حاجة إلى استشارة أخصائي نفسي بعد استئصال الرَّحِم؟
نعم هنالك حاجة شديدة إلى استشارة أخصائي نفسي، وخصوصا إذا ظهرت هذه الأعراض عليها، ومنها:
- الشعور بالحزن والقلق المستمرّ ممّا يؤثِّر في مجرى حياتها اليومي.
- إذا كانت لديها صعوبة في تقبُّل تغيُّراتها الجسديَّة والعاطفيَّة بعد الجراحة.
- عند الانفعالات العاطفيَّة المفرطة، أو صعوبة في العلاقات مع الزوج أو ألاهل بسبب التغييرات التي طرأت عليها.
- اذا كان لديها شعور بالعزلة وعدم تقبُّل التحدُّث مع الآخرين بسبب هذه التجربة.
يمكن للأخصائي النفسي تقديم الدعم والاستماع والتوجيه لمساعدتك في التعامل مع هذه الصعوبات والتحدِّيات النفسيَّة والعاطفيَّة، وتقديم العلاج النفسي المناسب لكل شخص، بالإضافة إلى الاشتراك في مجموعات الدعم النفسي وهي مجموعات تجمع بين أفراد يشتركون في تجارب مماثلة أو قضايا مشابهة، ويسعون لتقديم الدعم والتشجيع لبعضهم البعض، تهدف هذه المجموعات إلى توفير منصَّة آمنة للتحدُّث والاستماع والمشاركة في التجارب والمشاعر. يمكن أن تكون مجموعات الدعم النفسي ذات فائدة كبيرة للأفراد الذين يعانون من تحدِّيات نفسيَّة أو عاطفيَّة أو صحيَّة مماثلة.
وهناك مجموعات مختلفة من الدعم النفسي:
- مجموعة الدعم لمرضى متشابهين في المشكلة الصحيَّة نفسها.
- مجموعة دعم للأهالي والمرافقين؛ هذه المجموعة تكون للذين يدعمون أشخاصًا يعانون من مشاكل صحيَّة أو نفسيَّة.
- مجموعة الدعم العامَّة؛ هذه المجموعة تتعلَّق بأشخاص يودّون مشاركة أحداثهم اليوميَّة والتحدّيات والمواقف الحياتيَّة.
- مجموعة الدَّعم عبر الإنترنت، من خلال شبكات اجتماعيَّة ووسائل التواصل الاجتماعي.
إذا كنت تبحث عن مجموعة دعم نفسي، يمكنك الاستفسار في المراكز الصحيَّة المحليَّة، أو البحث عبر الإنترنت عن المجموعات المتاحة في منطقتك، أو الاتِّصال بالخطِّ الساخن 110 خطّ دعم الأسرة والطفل في الأردن الذي يقدِّم خدمات مجانيَّة وسريَّة، واستشارات نفسيَّة عبر الهاتف، حيث يردّ أخصائيّون نفسيّون على المكالمة ويقدّمون الدعم النفسي، أو التوجّه إلى إحدى المراكز المتوفِّرة في منطقتك.