هل يؤثِّر ختان المرأة على وصولها للنشوة الجنسيَّة؟
تحت مظلَّة القبول والأعراف الاجتماعيَّة والحفاظ على الشرف، تتعرَّض الكثير من الفتيات في أفريقيا والوطن العربي لعمليَّة الختان، أو عمليَّة إزالة جزئيَّة للأعضاء التناسليَّة، تلك المظلَّة التي في ظاهرها الحفاظ على المجتمع، وفي باطنها ملايين السيِّدات اللاتي تعرَّضن للأذى النفسي والجسدي. الأمر الذي استدعى شجب وإدانة الكثير من منظَّمات المجتمع المدني والحكومات لعمليَّات الختان، بل وفرض العقوبات القانونيَّة والجنائيَّة على الأطبَّاء الذين يمارسونها، والأهالي الذين يعرِّضون حياة الفتيات في سنِّ الطفولة والمراهقة للتهديد.
تشير منظَّمة الصحَّة العالميَّة لعمليَّة الختان بوصفها تشويه للأعضاء التناسليَّة، وتعرِّفها بأنَّها جميع الإجراءات التي تنطوي على الإزالة الجزئيَّة أو الكليَّة للأعضاء التناسليَّة الخارجيَّة للإناث لأسباب ثقافيَّة أو أسباب غير طبيَّة أخرى.
أشكال الختان ودرجاته
تصنَّف عمليَّات الختان تحت أربع درجات أو أشكال أساسيَّة:
قطع البظر: ويشمل إزالة البظر كليًّا أو جزئيًّا، والبظر هو جزء صغير شديد الحساسيَّة مليء بالنهايات العصبيَّة.
استئصال البظر وجزء أو كل الشفرين الداخليّين المحيطين بالمهبل، أو الشفرين الداخليّين والخارجيّين .
وهي العمليَّة الأصعب، وتسمَّى بالغلق أو الختان الفرعوني أو السوداني، وفيها يتمُّ تقطيب وخياطة الشفرين الكبيرين للمنطقة التناسليَّة ومدخل المهبل، مع ترك ملليمترات صغيرة تكفي خروج البول ودم الحيض، وإعادة فتحها عند الزواج لتسمح بالإيلاج والولادة فيما بعد.
ويشمل عمل أي تشويه أو تغيير في الأعضاء التناسليَّة للأنثى، سواء بالكيِّ أو التضييق أو الثقب بدون داعٍ طبّي لذلك. يسبِّب الختان آثار ومضاعفات جسديَّة ونفسيَّة مؤلمة سواء على المدى القصير أو على المدى البعيد، فعلى المدى القريب بعد عمليَّة الختان مباشرة تصبح الفتاة أكثر عرضة للحمَّى، أو النزيف، أو مشكلات في التبوُّل، أو مشكلات في التئام الجروح، وقد يكون الختان سببًا مباشرًا في الوفاة. وعلى المدى البعيد، من الممكن جدًّا، أن يكون سببًا في مشكلات مثل آلام التبوُّل المزمنة، وزيادة احتمالات العدوى في المنطقة التناسليَّة، وآلام عند الجماع، صعوبات في الولادة، وعدم الرِّضا الجنسي، بالإضافة لمشكلات نفسيَّة مثل القلق، والاكتئاب، أو اضطراب كرب ما كيف تستمتع المرأة المختونة بالحياة الجنسيَّة لها؟
صحيح أنَّ بعض السيِّدات المختونات يشعرن بصعوبة في الاستثارة، والوصول للرِّضا الجنسي. نتيجة لنقص في الإفرازات المهبليَّة أو الآلام أثناء الجماع. وقد يجدن صعوبة في تواصلهن مع أجسامهن أثناء العلاقة الحميمة. هذا الأمر إذا لم يتمّ فهمه والتعامل معه بشكل صحيح قد يكون سببًا في هروب المرأة من تكرار التجربة. وارتباط العلاقة الحميمة لديها بالألم وعدم الاستمتاع. عدم فهم هذا الوضع والتعامل الخاطئ معه، هو السبب وراء الاعتقاد الظالم بأنَّ اللاتي تعرَّضن للختان لديهن “برود جنسي” أو ليس لديهن رغبة جنسيَّة.
أثبت عدد كبير من الأبحاث والدراسات أنَّ المتعرِّضات للختان لديهن فرص متساوية للوصول للنشوة الجنسيَّة مثل غير المختونات، خاصَّة إذا كنَّ على على درجة جيِّدة من التثقيف الجنسي، والوعي بأجسامهن.
هناك عدد من النقاط التي يمكن أن تساعد المتعرِّضات للختان على فهم وإنجاح الحياة الجنسيَّة لهن:
الفرق بين الرغبة والنشوة الجنسيَّة:
المخ هو مصدر الرغبة الجنسيَّة، والأعضاء التناسليَّة هي المسؤولة عن إشباع هذه الرغبة. تعتبر هذه هي المعلومة الأهمّ فيما يخصّ التمهيد لحياة جنسيَّة ناجحة، فكيميائيًّا وهرمونيًّا المخ هو المسؤول عن إرسال إشارات الإثارة للجسم، كيف؟ الأمر معقَّد عند المرأة، وله جوانب عاطفيَّة وعقليَّة متشابكة ومتعدِّدة، ولكن أهمّ العوامل هو التهيئة المناسبة والتمهيد الكافي قبل العلاقة من ناحية، وعن طريق تفهُّم الاختلاف الفردي بين جسدٍ وآخر، وبين امرأة وأخرى، فلكلّ شخص المعادلة الخاصَّة به، وهو الذي ينقلنا لدور الزوج في مساعدة زوجته على اكتشاف ما يسعدها.
المسؤوليَّة المشتركة مع الزوج:
تقع على الزوج مسؤوليَّة كبيرة في مساعدة زوجته في رحلة اكتشاف متعتها في العلاقة، كما يجب أن يتشاركا الحديث بصراحة حول توقّعاتهما ورغباتهما، ويأخذا الوقت الكافي لمعرفة ما يحتاجه كل منهما ليشعرا بالرضا. على الزوج أن يتذكَّر أنَّ الجانب العاطفي عند المرأة يلعب دور البطولة في العلاقة، لذا سيكون من الأفضل أن يستثمر به.
مراحل الاستجابة الجنسيَّة:
الحياة الجنسيَّة ليست الرَّعشة فقط، ولكن تمرُّ الاستجابة الجنسيَّة بأربع مراحل هي:
- الاستثارة: وهي مرحلة المداعبة والتفكير والتمهيد للعلاقة، وفيها تتدفَّق بشدَّة الدورة الدمويَّة في الأعضاء التناسليَّة لتجهيزها.
- البلاتوه أو الثبات والاستقرار: وفيها يتضخَّم حجم الأعضاء التناسليَّة نتيجة ارتفاع ضخّ الدم به. وتتوتَّر العضلات المحيطة بالمنطقة، وتتسارع دقَّات القلب، ويصبح الجسم مستعدًا للمرحلة التالية.
- الرَّعشة: وهي أقصر المراحل وقمَّة الاستجابة للاستثارة الجنسيَّة. وفيه تتقلَّص عضلات المهبل بشكلٍ قوي ومتتابع غير إرادي مصحوبة بشعورٍ مكثَّف من المتعة.
- الاسترخاء: المرحلة الأخيرة، حيث يهدأ توتُّر الأعضاء التناسليَّة، وتعود علامات الجسم الحيويَّة إلى طبيعتها تدريجيًّا.
خلال هذه المراحل كلّها، تمرُّ المرأة التي تعرَّضت للختان في نفس المراحل التي تمرُّ بها غيرها. ولكن النقطة المهمَّة هنا، هي ما ذكرته عدد من الأبحاث من أنَّ الوصول للرعشة الجنسيَّة ليس أهمّ عوامل تقييم الرِّضا الجنسي. بل حازت عوامل أخرى أهميَّة أكبر عند المرأة مثل المداعبة، والتقبيل، والملامسات الحميمة، والإشباع الحسِّي خلال العلاقة، كلّها محطَّات من المتعة تمرُّ عليها المرأة سواء تعرَّضت للختان أم لا، وتعبِّر بها عن الرِّضا حول حياتها الجنسيَّة.
مصدر الإثارة:
على الرغم من أنَّ الأجزاء المستأصلة جراء عمليَّة الختان، وخاصَّة البظر. تلعبُ دورا مهمًّا وحسَّاسًا في المتعة والاستثارة أثناء العلاقة، إلا أنَّها ليست المناطق الوحيدة المسؤولة عن الوصول للنشوة الجنسيَّة. فجسم الأنثى غني بالعديد من المناطق ذات النهايات الحسيَّة الثريَّة. ويستطيع الزوج مع زوجته اكتشاف فرديَّة كل جسم وخصوصيّته وأماكن متعته. ولكن بوجهٍ عامّ، فإنَّ أكثر المناطق قدرة على زيادة الاستثارة والمساعدة في الوصول للنشوة الجنسيَّة: الفم والشفاه، الثدي والحلمات، والعنق، وخلف الأذن، وغيرها من المناطق، فلكلِّ جسدٍ الخريطة الخاصَّة به.
اقرأ ايضا في مقال اضطراب الإثارة الجنسية عند النساء
أنواع الرعشة الجنسيَّة:
رعشة البظر: وهي تعتبر الأشهر. وعن طريق استثارة البظر تصل أكثر من 60% من النساء إلى الرَّعشة. ولكن كنتيجة للاستئصال الجزئي أو الكلِّي للبظر في عمليَّة الختان. سيكون على المرأة بمساعدة زوجها التركيز على الطرق الأخرى في الوصول للرَّعشة الجنسيَّة.
الرَّعشة المهبليَّة: وهي الناتجة عن استثارة الجدار الداخلي للمهبل نتيجة الإيلاج وحركة القضيب داخل المهبل.
رعشة الحلمات: تحتوي الحلمات على آلاف النهايات العصبيَّة شديدة الحساسيَّة التي يمكن الوصول للرعشة من خلال استثارتها.
رعشة الجي سبوت: وهي نقطة شديدة الحساسيَّة في الجدار الأمامي من المهبل. يمكن الوصول للرعشة من خلال مداعبتها أو وصول القضيب لها. قد يحتاج الأمر إلى التجربة، حيث لا زالت الأبحاث تُجرى حول تحديد موضعها بشكلٍ دقيق.
الرَّعشة المتعدِّدة: بعكس الرجل، فإنَّ المرأة تستطيع الوصول للرَّعشة أكثر من مرَّة خلال وقتٍ قليل.
لذا وإجابة على سؤال المقال، هل يؤثِّر الختان في وصول المرأة إلى النشوة الجنسيَّة؟ فالإجابة هي نعم ولا.
يؤثِّر الختان على أهمّ مصادر الشعور بالاثارة والمتعة في الجهاز التناسلي لدى المرأة. كما أنَّه قد يكون سببًا مباشرًا في عدم اتِّصالها بجسدها. وقد تخوض بسببه رحلة طويلة من التعافي من القلق والاكتئاب لتجاوز التجربة. إلا أنَّه أمام هذا الباب المغلق. الكثير من أبواب المتعة التي لا تزال المرأة قادرة على استكشافها، والتعلُّم عنها، وتجربتها، ولا تزال المرأة التي تعرَّضت للختان -رغم بشاعته- قادرة على الوصول للنشوة الجنسيَّة والحصول على علاقة جنسيَّة مشبعة ومرضية بأكثر من طريقة.