اجتماعالمقالات

قراءة نقديَّة في كتاب “المواقع والحظوظ؛ إعادة تفكير التفاوتات الاجتماعيَّة” لفرونسوا ديبي

التعاقد الاجتماعي

حِينَمَا تَحْمِلُنَا الصُّدْفَةُ إِلَى قِرَاءَةِ كِتَابْ:

مِن غَرائِبِ الصُّدَفِ، أن يكون السُّؤَالُ الذي جاءت صيغته كالآتي:

كيف  تتحقَّق العدالة الاجتماعية حسب ديبي:

– أ – حِفْظُ المَوَاقِعِ الْاِجْتِمَاعِيَّةِ.

– ب – التَّعَاقُدُ الاجْتِماعِيُّ.

– ج – مُكَافَأَةُ الأَفْرَادِ المُتَمَيِّزِينَ.

– د – تَأْمِينُ التَّنافُسِ العَادِلِ.

هو سبب قراءتي لهذا الكتاب، في حقيقة الأمر، لم أكن على علم بالجواب، حتى بحثت عن الكتاب، وقرأته، وسأقدِّم قراءة نقدية فاحصة وتمحيصية عنه، ويمكن اعتبار هذا المقال المقتضب أو هذه القراءة الموجزة بمثابة جواب عن سؤال:

– على ماذا تتحقق أو تتأسس العدالة الاجتماعية حسب فرونسوا ديبي ؟

– هل على حفظ المواقع الاجتماعية أم على التعاقد الاجتماعي أم ضمان وحفظ مكافأة الأفراد المتميزين أو ربما على تأمين التنافس العادل بين الأفراد؟

فكل الأجوبة متقاربة تقريباً، لمن لم يطلع على الكتاب، خاصة وأن إضافة حفظ لعبارة المواقع الاجتماعية يوقعنا في أطروحة قريبة للسوسيولوجي الفرنسي بيير بورديو، كما أنه لا وجود حالياً ولا يمكن أن يوجد فيلسوف أو سوسيولوجي فرنسي لا يؤمن على الأقل بمشروعية نظرية “التعاقد الاجتماعي”، إضافة إلى أن مكافأة الأفراد المتميزين قد تدل على العدالة الاجتماعية لهم أو إنصاف هذه الفئة المتميزة، بل حتى تأمين التنافس العادل جواب محتمل لهذا السؤال اللُّغْزُ.

لكل هذه الأسباب أو الحيرة في اكتشاف الجواب الدقيق جدا عن هذا السؤال جعلنا نقرأ الكتاب كاملاً عديد المرات، وندون الهوامش والاضافات والتعليقات والملاحظات على الكتاب، ومحاولة تقديم قراءة تركيبية للكتاب، عَلَّنَا نُجَاوِبُ على هذا السؤال.

أما عن مؤخرة-خلفية-ظهر الكتاب فيجيب:

“هناك حاليا تصوران كبيران للعدالة الاجتماعية هما: نموذج مساواة المواقع ونموذج مساواة الحظوظ.

النموذجان معا لهما نفس الطموح: فهما يعملان على تقليص التوتر الحاصل بالمجتمعات الديموقراطية ما بين المبدأ الأساسي لمساواة كل الأفراد وواقع التفاوتات الاجتماعية الناتج عن التقاليد والمنافسة حول المصالح المختلفة. في الحالتين معا يتعلق الأمر بالعمل على تقليص بعض التفاوتات لجعلها أكثر عدالة، أو على الأقل مقبولة. يسعى نموذج مساواة الأماكن لتقليص بنية المواقع الاجتماعية من غير أن يجعل من حركية الأفراد أولوية. في حين يرتكز نموذج مساواة الحظوظ على منح الجميع إمكانية شغل أفضل الأماكن بناء على مبدأ الاستحقاق.

ففيما يتعلق بالسياسات الاجتماعية والبرامج، لا نقوم بنفس الشيء ونحن نختار أحد النموذجين دون الآخر.

يمكنني هنا إما القضاء على وضعية اجتماعية غير عادلة، أو السماح لبعض الأفراد بالنجاة منها دون إعادة النظر فيها. أما إذا وقع الاختيار على الجمع ما بين الاثنين، فلابد من القيام بأحدهما قبل الآخر.

سوف أقوم على التوالي باختبار نموذج مساواة الأماكن ونموذج مساواة الحظوظ، من أجل إضاءة جوانب القوة والضعف لكلا النموذجين.

كما سأقوم بمنح هذا الاختبار طابعا عمليا من خلال معاينة تطبيق النموذجين بثلاث مجالات: وهي التربية، مكانة المرأة وكذا مكانة الأقليات المرئية بالمجتمع.”

أما عن فرونسوا ديبي، لمن لا يعرفه، وكما ذكر في مؤخرة الكتاب مع صورة وجهه الشخصية، فهو سوسيولوجي فرنسي نضيف معاصر، اشتغل نضيف سابقاً كمدير للأبحاث بالمعهد العالي للدراسات والعلوم الإنسانية بباريس، كما اشتغل نضيف سابقا كأستاذ للسوسيولوجيا بجامعة بوردو، أكيد له مجموعة من الدراسات والأبحاث المنشورة لمن يرغب في الإطلاع عليها باللغة الفرنسية قد نوردها في المصادر.

أما عن أستاذتنا ومترجمتنا الحاذقة الدكتوراه: كنزة القاسمي، فهي مشهورة بالبحث في حقل السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا التاريخية في سياق العالم العربي الإسلامي. وهي بالمناسبة خريجة جامعة بوردو. ولها أيضاً مجموعة من الأبحاث والدراسات المتواضعة المنشورة، ومهتمة قوية بقضايا الشأن العام المتعلقة بالحركة النسوية، وآفاق ما بعد الذكورية ومقاربات النوع، كما تدرس حاليا بجامعة إبن زهر، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير.

ونظراً لأهمية فهرس المحتويات، نشير إلى عناوينه الرئيسية الكبرى ونترك العناوين الفرعية الصغرى ليستكشفها القارئ المتحمس بنفسه، كي لا نحرق عليه لذة العودة إلى الكتاب وقراءته والاطلاع عليه، ولما لا تلخيصه.

بداية نجد كلمة المترجمة الموجزة، ولأنها موجزة سيستمتع القارئ أثناء قراءتها.

أنذاك نجد مقدمة الكاتب ومنها اقتبس لوضع مؤخرة الكتاب، ولهذا وجب الوقوف عندها طويلا لأنها تعرض توجهات ومنحنيات وعوارض الكتاب الكبرى كاملة.

أما عن عنوان الفصل الأول: مساواة المواقع الاجتماعية يحتوي على سبع عناوين فرعية كل منها تعالج إشكالية معينة.

وعنون الفصل الثاني ب: نقد مساواة المواقع، ويحتوي ست عناوين فرعية نقدية.

أما عن الفصل الثالث فكان عنوانه: مساواة الحظوظ، ويحتوي بدوره على ست عناوين فرعية مهمة.

وفي الفصل الرابع: أبان عن نقده اللادغ لمساواة الحظوظ، وخصص له كذلك ست عناوين فرعية أساسية جدا لفهم النقد.

الفصل الخامس والأخير، والذي يشكل عصارة وأطروحة الكتاب التركيبية، لدرجة يمكن القول بأن هذا الفصل هو الملخص التنفيذي لهذا الكتاب، ونستشف ذلك من متنه بل وعنوانه المثير: الأسبقية لمساواة المواقع، وهذه المرة خصص له خمس فقرات وفقط، نظراً لطابعه التركيبي، بل ولعرضه أطروحة صاحبه الأوبولوجية.

أما عن خاتمة الكتاب فقد جاءت في الصفحة 118 إلى الصفحة 121، ما يعادل 4 صفحات وفقط، وهذا ما يجعلنا نستحيي من قراءاتنا النقدية هذه للكتاب، لأن الكتاب هو بمثابة كتاب جيب قصير يسهل قراءته في نصف يوم تقريباً أو أقل بكثير، لأنني افترضت القراءة البطيئة والمتأنية والثقيلة، هذا كل ما في الأمر.

يجب أن ينتبه القارئ الجيد إلى ما قاله لنا فرونسوا ديبي “وفي نهاية التحليل سوف أقوم بتقديم خلاصاتي النهائية والمتعلقة بتفضيل نموذج مساواة الأماكن، وذلك خلافا لما هو سائد حاليا.” (مقدمة الكاتب، ص: 11)، وهذا دليل قاطع على أن فرونسوا ديبي يفضل مساواة الأماكن على مساواة الحظوظ.

في بداية الفصل الأول المعنون ب: “مساواة المواقع الاجتماعية” ينطلق فرونسوا ديبي من تناقضات الثورة الفرنسية لسنة 1789م، تناقضاتها مع شعاراتها، ويشير إلى انهيار النظام المجتمعي القديم، وتطور الرأسمالية وانعكاساتها على بؤس الطبقة البروليتارية خلال القرن التاسع عشر،  فيقدم لنا نموذج مساواة المواقع الاجتماعية وتصورها لمفهوم العدالة (ص: 13)، ويوضح في الفقرة الأولى من الفصل الأول كيف تعمل الدولة الاجتماعية على إعادة توزيع الثروات والسعي نحو تحقيق المساواة الاجتماعية.

كما نلحظ أن ديبي حاول أن يقدم معطيات إحصائية تقارن بين بلده فرنسا وبلاد أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والصين، ليستنتج أن فرنسا القرن العشرين قلصت من حدة اللا مساواة الاجتماعية بفضل الضرائب على الدخل وارتفاع الضرائب على الميراث وكذا الضرائب المفروضة على الشركات … (ص: 15).

أما عن الفقرة الثانية من الفصل الأول المعنونة ب: “الحركة العمالية والسؤال الاجتماعي” فقد عالج فيها دور الحركات العمالية والاحتجاجات والاضرابات والثورات العمالية في التفكير في تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إعادة توزيع شرعية للثروات (ص: 17).

أنا عن الفقرة الثالثة من الفصل الأول دائما فقد عنونها ب: “تأمين المواقع والخدمات الاجتماعية” ويشير هنا إلى ظهور التفكير في التأمين الإجتماعي، من خلال تأمينات البطالة والخدمات الطبية والسكن والترفيه والتقاعد،…إلى آخره (ص: 19)، وكان الغرض من كل هذا هو استفادة المواطنين من مجانية الخدمات العمومية كشرط ضروري وأساسي لضمان مساواة المواقع الاجتماعية.

وفي الفقرة الرابعة المعنونة ب: “عقد تضامن موسع” نلحظ إعادة التفكير القوية في الطبقة العمالية ومدى مساهمتها في تطور المجتمعات الرأسمالية والتي تَدِينُ للعمال بِدَيْنٍ اجتماعي.

هكذا فالمساواة الاجتماعية في هذا السياق تصبح بمثابة نتيجة عقد اجتماعي أكثر مما هي هدف سياسي بحد ذاته (ص: 21).

إن الدولة الاجتماعية هي الدولة التي تقوم على الرعاية الاجتماعية من أجل تجاوز التفاوتات الصارخة داخل المجتمع.

وعنون الفقرة الخامسة ب: “مساواة الولوج لمدرسة الجمهورية” ويقصد مدرسة الجمهورية الفرنسية التي هي مدرسة علمانية تفصل بين الدين والدولة، وإلزامية منذ القرن التاسع عشر، وبسبب هذا نلحظ تقدما فعليا في مساواة المواقع (ص: 22).

لكن مدرسة الجمهورية سرعان ما ستتعرض لنقود موجهة من طرف الحركة العمالية لكون المدرسة خلقت تمييزا بين الطبقة البرجوازية والطبقة البروليتارية، وارتفعت أصوات الأخيرة مطالبة بأن التربية قيمة في حد ذاتها، ويجب على المدرسة أن تحافظ على مساواة المواقع الاجتماعية من خلال توحيد التعليم بين الجميع. (ص: 23).

وخصص الفقرة السادسة: ل “النهوض بالمرأة” من خلال الدعوة إلى مساواة مواقع النساء للتمتع بنفس حقوق مواقع الرجال من حقوق وواجبات وشغل، ومساواة داخل الأسرة، وتحدث فرونسوا ديبي عن الحزب الاشتراكي والحركات العمالية واليسارية والنسويات التي كانت تدافع بشراسة عن حقوق وحرية المرأة المهضومة عبر التاريخ. (ص: 25).

وعن آخر فقرة في الفصل الأول فقد عنونها ب “البوتقة الفرنسية” والتي تشير إلى مفهوم الاندماج من خلال ادماج وإعادة ادماج المهاجرين في فرنسا ثلاثينيات القرن العشرين.

لهذا ثم التفكير في كيفية تحويل المهاجرين وادماجهم داخل فرنسا، وجعلهم مواطنين فرنسيين “مثل الآخرين” (ص: 27).

أما عن الفصل الثاني المعنون ب: “نقد مساواة المواقع” ينطلق فيه من “حدود إعادة التوزيع”، ذلك أن الواقع الإجتماعي واقع أسوأ، ومتفاوت، ولم يحقق الاندماج الإجتماعي المأمول، كما أن المساواة تحققت بشكل نسبي، ولم تشمل المتواجدين خارج المنظومة الذين لا يتوفرون على شغل، ويعانون البطالة، وبالتالي يعانون الاقصاء والتهميش الاجتماعيين، وغياب التضامن. (ص: 32).

وينطلق كذلك من خلفية معاناة الشباب داخل هذا النظام، لكنها أكثر ملائمة للطبقات المتوسطة، “ومن الممكن -يقول فرونسوا ديبي- أن نفسر ذلك باعتبار أن نموذج مساواة المواقع الاجتماعية يبدو صعبا أكثر فأكثر، كما يشهد على ذلك الخوف المستمر من الهبوط الإجتماعي ومن التهميش.” (ص: 35).

وعنون الفقرة الثانية ب “مجموع التفاوتات الصغرى”

تتجلى التفاوتات الاجتماعية في ظهور تفاوتات جديدة وتراكم تفاوتات جزئية صغيرة، وتعرض الأقليات للتمييز والتهميش الإجتماعي، ولهذا عبر فانسون دو كوليجاك عن انتقال من الصراع الطبقي إلى صراع حول المواقع، ويتجلى كل هذا في تفاوت المداخيل الشهرية للأسر، التي تنعكس على التلاميذ وتنتج لهم كذلك تفاوتات دراسية. (ص: 37).

ويعمم نتائجه إلى باقي الميادين الأخرى : الصحة، التوجه المهني عند النساء، البطالة التي تمتد إلى النوع.

وفي النهاية يلاحظ أن نموذج مساواة المواقع يتركز عيبه في التفاوتات المرتبطة بالشغل.

أما عن فقرة “حماية المواقع مقابل التماسك الإجتماعي”

ينطلق من فكرة مجاوزة الاندماج الإجتماعي بالتركيز على التماسك الإجتماعي، خاصة في كتابه “شغل المجتمعات”.

أما عن التماسك الإجتماعي فهو ناتج عن تفاعل الفاعلين الاجتماعيين، ويعرض تقوقع فرنسا وانغلاقها على ذاتها، واعتبار أفراد المجتمع الفرنسي الآخرين منافسين بدل اعتبارهم شركاء (ص: 40).

وما يمكن استنتاجه من كل الفقرات الموالية أن الانغلاق على الذات من سلبيات المجتمع الفرنسي، ويصبح التضامن مستحيلا داخله.

وعن الفقرة المعنونة ب: “خيبات الأمل الدراسية” ينطلق فيها من سياسات الدولة الفرنسية في التعليم لتحقيق المواقع الاجتماعية للأفراد وتقوية الاندماج الإجتماعي وتضييق التفاوتات. (ص: 43).

وسياسة التعليم الشامل الفرنسية دليل على نجاح المساواة  والديمقراطية (نفس الصفحة).

لكن ساهمت المدرسة من خلال شهادة البكالوريا والتركيز على الشعب والمسالك والميزات وعدد سنوات الدراسة وسن الحصول عليها، …إلى آخره من الشروط من إعادة خلق التفاوتات.

ولهذا ركز بولا في كتابه L’inflation scolaire على أن الشواهد سبب مهم في خلق ميكانيزمات “التضخم المدرسي”، من خلال ارتفاع الشواهد وانخفاض الطلب في سوق الشغل.

لكن المدرسة الفرنسية بالنسبة لديبي تعتبر الشواهد هي الوسيلة المثلى للوصول إلى الشغل. (ص: 46).

وعنون الفقرة التالية ب: “السقوف الزجاجية والميادين المنفصلة” والتي تشير كما وردت في الهامش إلى أنه داخل بنية اجتماعية معينة، يصعب الوصول لبعض المناصب العليا من طرف بعض الفئات. (أنظر هامش الصفحة: 46). ويتحدث هنا عن النساء فرغم ادعاء مساواتهن مع الرجال، إلا أن هناك مناصب عليا لم يستطيعوا الوصول إليها بعد، بسبب مسؤوليات الأمومة والأسرة، ما عدا نساء نخبة النخبة هم الناجون الوحيدين من هذه القوقعة.

وتكمن أهمية هذه الفقرة هو أنها ترجع الوظائف إلى النوع الإجتماعي، فالمرأة تشتغل ممرضة أو مساعدة اجتماعية بينما الرجال يشتغلن أطباء ونواب برلمانيين، …إلى آخره.

ويرجع كل هذا إلى ترسخ الصور النمطية الذي لدى المجتمع على النساء والمرأة عموما. (ص 48).

وجميع هذه التفاوتات تشرعن حسب ديبي دائما للانزلاق نحو اللاعدالة اجتماعية.

وننتقل مع فرونسوا ديبي إلى فقرة: “التمييز والهويات” الذي يذكرنا بأعمال الشغب التي تكاثرت في فرنسا منذ 1980م، والتي أطلقها الشباب الفرنسي بسبب الهجرة وتحديات الاندماج، ويطرح مشكلات المهاجرين بشدة، وكيف يتعرضون للعنصرية، وامتداد ذلك ليشمل الثقافة الأصلية للمهاجر، حتى أصبحنا نتحدث عن تعدد الأصول الثقافية للمهاجرين، وبالتالي بروز إشكالية تعدد الثقافات الذي يؤدي بدوره إلى تعدد الهويات.

وحينما نتحدث عن التعدد الثقافي-الهوياتي الذي يعود للتعدد الديني، فإن كل هذا سيلحق حتى الاقتصاد، وطبيعي جدا أن يؤدي كل هذا إلى حدوث الصراع، هنا [إذن] يكون النقد الموجه لمساواة الأماكن (ص:51).

ويضيف أيضاً، “نموذج مساواة الأماكن هو ملائم لمن يتوفرون على مواقع مؤمنة. إضافة إلى كون هذا النموذج يخلق أنواعا من الزبونية والجمود الذي يعيق الإنتاجية ويضعف الثقة ودينامية الحياة الاقتصادية والاجتماعية.” (نفس الصفحة).

اختار فرونسوا ديبي “مساواة الحظوظ” كعنوان للفصل الثالث، كما اختار الانطلاق هذه المرة من نموذج مساواة الحظوظ على غرار نموذج مساواة الأماكن، كما نلمحه يؤرخ لمسألة المساواة منذ عصر الأنوار مرورا بالثورة الفرنسية وقوفا عند التيار الماركسي، ليصل في الأخير إلى التيار اليساري الذي هو تيار يفضل مساواة المواقع على مساواة الحظوظ، عكس تيار اليمين.(ص: 56).

الفقرة الأولى: خيال إحصائي، يسخر فرونسوا ديبي من مساواة الحظوظ التي ترتكز على التخيل، ويقدم لنا معطيات إحصائية تقوم عليها، ويقاربها من وجهات نظر مختلفة من وجهة نظر مدرسية، تلاميذ الفئة المحرومة، المنحدرين من الأقليات، إن كنا نطلب تحقيق مساواة الحظوظ الحقة.

وجهة نظر الشغل والتنظيمات النقابية ومشاكل العنصرية والتمييز الفئوي، والحل حسبه، “ينبغي أن يتوفر كل فرد على نفس الحظ في النجاح، وأن تنتج اللعبة تفاوتات عادلة في التنافسية، وغير قابلة للنقاش.” (ص: 57).

الفقرة الثانية: التمييز والأقليات.

ينطلق هنا من الفئات التي تتعرض للتمييز بشتى أنواعه، فئات الأحياء الشعبية، أحياء المحرومين، ضحايا الهوية، النساء، الأقليات، العمال، المهاجرون، …إلى آخره، “ولهذا السبب ارتبط صراع نموذج مساواة الحظوظ بالمعركة الثقافية التي تحارب الأشكال التاريخية للظلم.” (ص: 60).

الفقرة الثالثة: المجتمع النشيط والمسؤولية الشخصية.

ينطلق في هذه الفقرة من المقاربات الدوركهايمية والماركسية وتصورها للعدالة، ليصل إلى استنتاج مساواة الحظوظ وصلتها بالسياسات الاجتماعية الموجهة جماهيريا، وكذا امتداداتها من أجل الاندماج الإجتماعي للأفراد المهاجرين، وتقديم المصلحة لمن هم أقل حظا، ويقدم أيضاً نماذج المساواة حسب آخر الدراسات والأبحاث السوسيولوجية، ويقارن دائما بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.

“يرتبط العقد الإجتماعي بضمان المساواة الأساسية، وبعد ذلك لا توجد سوى تعاقدات فردية، تكون فيها المبالغ منسجمة مع الوضعيات” (ص: 63)

الفقرة الرابعة: من نخبوية الجمهورية إلى مساواة الحظوظ.

يعود بنا هنا إلى النموذج البيداغوجي الانتقائي الذي تضعه نخبوية الجمهورية، والذي له صلة وثيقة بالمدرسة التي تدافع عن مساواة الحظوظ بكل قواها، حيث أصبحنا نتحدث عن مدرسة الاستحقاق، والتي انبثقت من الدراسات والأبحاث المنشورة في سوسيولوجيا التربية.

فمدرسة مساواة الحظوظ هي مدرسة تركز على العرض المدرسي، وتأخير عملية الإنتقاء وتوسيع أو تحويل المدرسة إلى مساواة حظوظ (ص: 64).

ويركز فرونسوا ديبي على مجموع الإصلاحات البيداغوجية الفعالة التي شملت المدرسة الفرنسية، ومنجزات وزارة التربية الوطنية من أجل الدعم المدرسي للتلاميذ المتعثرين، بل أصبحت المدرسة منبعا لحل المشاكل الاجتماعية، “إذن فنموذج مساواة الحظوظ جيد وفعال، ولذلك نجده في عمق السياسات المدرسية” (ص: 66).

الفقرة الرابعة: الجنس، النوع والكوطا.

خصص هذه الفقرة لقضية مساواة المرأة في جميع المجالات، ويعرض ذلك عرضا تاريخيا، متوقفا عند الحركات النسوية التي تدعو لتحرير ومساواة المرأة. لهذا يمكن القول أيضا بأن النقد النسائي الذي تطور باسم مساواة الحظوظ قد اتسع ليتحول إلى نقد انثروبولوجي يصطدم بمعيار النوع. (ص: 67).

الفقرة الخامسة: السياسات العمومية والأقليات المرئية.

يقصد بالأقليات المرئية المهاجرون الذين يمكن تمييزهم عبر عديد من الصفات والخصائص تميزهم عن السكان الأصليون. وما يتعرضون له من عنصرية وتمييز وبطالة رغم توفرهم على شواهد عليا، يتم رفضهم بسبب انتمائهم، ويتحدث عن النقاشات الحادة في فرنسا حول الفولار الإسلامي، ويربط كل هذا بالسياسات الفرنسية العمومية.

لكن بالرغم من ذلك، فسيكون من السذاجة الاعتقاد بأن فرنسا قد تحولت من نموذج مساواة الأماكن إلى نموذج مساواة الحظوظ. (ص: 70).

يشكل الفصل الرابع فصلا نقديا بإمتياز، انطلاقا من العنوان المختار له: “نقد مساواة الحظوظ”، ليكشف عن الحدود والآثار الفعلية لمساواة الحظوظ ومقارنتها بنموذج مساواة الأماكن، كل هذا من خلال فقرات الفصل.

الفقرة الأولى: تَرَسُّخُ التفاوتات، خاصة في نموذج مساواة الحظوظ، انطلاقا من الو.م.أ، ويعود كل هذا إلى تراجع دولة الرعاية الاجتماعية، لكونها لم تعد تهتم بالفقراء، وقامت بتهميشهم، كما أقصت النساء والمهاجرين، ليصل في الأخير إلى مسألة التمييز التي تعاني منها الكثير من المجموعات داخل هذا النظام. (ص:  76)

الفقرة الثانية: معيقات وهويات مفقودة، ينطلق كعادته من التمييز والاكراهات التي يواجهها ضحايا الظلم الإجتماعي، كل هذا بسبب المنافسة الصارخة بين أعضاء المجموعة، وكل هذا لا يأخذ بعين الاعتبار الهويات الثقافية الناتجة عن الزواج المختلط، وهو ما يجعل اللبس يظل قائما في مجتمعاتنا المتعددة الانتماءات الثقافية والوطنية. (ص: 78).

الفقرة الثالثة: المسؤولية كتعاقد أخلاقي.

ينطلق من نقد نموذج مساواة الأماكن لتشجيعها النظام الأخلاقي المحافظ، كما أن الفرق يكمن على مستوى طبيعة الواجبات الأخلاقية، ونوع التعاقد الأخلاقي، لهذا ننتقل من حدود اجتماعية وثقافية ودينية وسياسية وإديولوجية إلى حدود أخلاقية، لهذا يسعى نموذج مساواة الحظوظ إلى تشجيع استقلالية الأفراد. (ص: 83).

الفقرة الرابعة: الاستحقاق والمنافسة المدرسية.

المدرسة تطبيق لمساواة الحظوظ، من خلال الدعوة للتعليم الشامل، ويحتوي نموذج مساواة الحظوظ على كثير من التفاوتات، ففي نهاية المطاف نلاحظ أن المنظومات المدرسية تعيد إنتاج التفاوتات الاجتماعية. (ص: 85).

كما ينتقد عملية الإنتقاء المدرسية والتركيز على الشواهد والمردودية المدرسية، والألقاب الدراسية، ومسألة الاستحقاق والامتياز المدرسي، لهذا فمساواة الأماكن صارمة ومحافظة، لأنها تغلق في الأفراد مواقعهم ومع أمثالهم.

الفقرة الرابعة: إلغاء التفاوتات.

كيف نلغي التفاوتات؟ هذا هو سؤال هذه الفقرة، أولا من خلال المساواة ما بين الجنسين، وتجاوز الصور النمطية عن المرأة، وتقويض الهيمنة الذكورية، ضرورة إلغاء الاختلاف من أجل خلق ظروف مساواة الحظوظ (ص: 89). مطالبة المدرسة بمحو تحديد الهوية من خلال النوع، وسن سياسة استباقية تطلب من المدرسة أن تضع المجتمع بين قوسين، في الواقع هذا التحليل يحيلنا إلى دوامة اللجوء لمساواة الأماكن من أجل تحقيق مساواة الحظوظ.  (ص: 91).

الفقرة الخامسة: واجب الهوية.

ينطلق كذلك في هذه الفقرة من التمييز الذي يتعرض له أحياء السود الأمريكية ليسقطها على المجتمع الفرنسي، ليستنتج كون العدالة الموجهة للأفراد لا تفيد بالضرورة كل المجتمع. أما الإقصاء والعنصرية والتمييز فهي وقائع لصيقة بالمجتمع، لكن مساواة الحظوظ ترتكز على أحد مبادئ العدالة المتمثل في الاستحقاق. ففي ظل مساواة الحظوظ، هناك دائما أساس ثابت ويتجلى في  الداروينية الاجتماعية. (ص:94).

يعنون الفصل الخامس ب : الأسبقية لمساواة المواقع. وهنا نجد جواب سؤالنا رقم 69: تتحقق العدالة الاجتماعية حسب فرونسوا ديبي، يجيب : “فأدعو لنَمُوذَجِ مُسَاوَاةِ المَوَاقِعِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ، لِأَنَّهُ هُوَ الأَكْثَرُ مُلاَءَمَةً لِمَنْ هُمْ أَكْثَرَ ضُعْفاً، وَلِأَنَّهُ أيضا يُنْصِفُ نمُوذَجَ مُسَاواةِ الحُظُوظِ.” (الصفحة: 95)، وفي الحقيقة كان هذا الجواب هو ما جعلني أقرأ هذا الكتاب، وأخيراً لم تخرج قراءاتي بدون فائدة تذكر، بل خرجت بجواب عن السؤال الذي وضعته في المقدمة.

وفي الفقرة الأولى يقول أن التفاوتات مؤلمة، لأنها تؤثر على صحة المواطنين، وتوتر العلاقات الاجتماعية، والفشل الدراسي لدى الأطفال، وتضر بالرأسمال الإجتماعي للأفراد، وتصاعد العدوانية داخل المجتمعات، وتحدث انقساما في الفضاء العمومي وتساهم في انتشار الجريمة والانحراف، وشيوع الفقر، واختفاء روح التضامن، وزيادة حدة تفاوت الطبقات الاجتماعية.

الفقرة الثانية: المواقع تحدد الحظوظ، ويعرض هنا كيف تساهم الحركية الاجتماعية في تحقيق مساواة الحظوظ.

كما أن التفاوتات ترجح كفة إعادة الإنتاج الإجتماعي، وبالتالي لا تشجع مساواة الحظوظ. (ص: 101).

الفقرة الثالثة: من مساواة المواقع إلى استقلالية الأفراد.

كعادته ينتقل من نقد مساواة الأماكن لكونها تحد من استقلالية الأفراد، ومن تم فحماية الوظائف والمواقع الاجتماعية تصبح شرطا أساسيا. (أنظر هامش الصفحة 104)

لكن رغم ذلك يمكن عد مساواة الأماكن فلسفة ليبيرالية تعطي قيمة كبرى للإستقلالية. (ص: 105).

ويلاحظ هنا كيف تساهم التفاوتات الاجتماعية ما بين الأماكن في إثارة الحسد والحقد والغل داخل المجتمع، الذي يوفر أرضية مناسبة للعنف وللمشاعر السيئة. (ص: 108).

الفقرة الرابعة: التفاوت والاختلاف.

إن نموذج مساواة الحظوظ يعري التمييز والظلم المختبئ خلف نظام مساواة الأماكن، لهذا تتعارض الأخيرة مع مساواة الحظوظ.

كما أن المساواة هي في ذاتها اختلاف، فالتفاوتات ترتب الافراد، والاختلاف يؤسس للتفاوت، ولحل هذا المأزق لابد من تبني ثقافة الاعتراف، لهذا فمساواة المواقع تجعل هاته الحرية ممكنة. (ص: 111).

الفقرة الخامسة: البحث عن المساواة.

كلما كانت المواقع الاجتماعية متساوية، كلما أصبحت حظوظ الترقي الإجتماعي كبيرة. ولهذا نؤكد على أولوية المواقع.

ينتقد وبشدة حصول النخبة الإقتصادية واستحواذها على أجور ومكافآت فوق العادة، لأنها تقلص من مساواة الحظوظ. كما أن مسألة إعادة التوزيع صعبة التحقق، ويركز بشدة على مساواة العرض التربوي داخل المدارس، وأهمية الدعم المدرسي والمساعدات المالية.

لكن المشكل الوحيد هو كون الأكثر استحقاقا هم أصحاب الحظوة الاجتماعية، وبذلك يكون المجتمع أكثر عطاء لمن لديهم أكثر. (ص: 113).

لكن رغم كل هذا تظل العدالة الاجتماعية محصورة بين مساواة الأماكن مقارنة بمساواة الحظوظ، لكن سافيدان يدافع عن مبدأ “المساواة المستدامة” التي تتيح فرصة الاستحقاق والحظوظ. (ص: 116).

“وبصفة عامة، يبدو لي في النهاية أن مساواة الأماكن هي مشروع أكثر قوة من مساواة الحظوظ، فهو يفضي إلى عقد اجتماعي أكثر انفتاحا، (…).

في حين أن عدالة المواقع هي أكثر كرما … “. (الصفحة 117).

لنصل إلى الخاتمة التي تتكون من أربعة صفحات وفقط، وهي جد مهمة، أرجو أن تعودوا إليها، نظراً لكونها خلاصة تركيبية لكل النتائج التي توصل إليها أعلاه، ولهذا سنحاول فقط أن نعرض الخطوط الكبرى لها:

أولا: مساواة الحظوظ مطلوبة بقدر مساواة المواقع.

ثانيا: نموذج المنافسة المنصفة والمصلحة الدينامية الإقتصادية هي النموذج المُحَصِّلُ للمزايا والمكتسبات.

ثالثا: دافع فرونسوا ديبي عن مساواة المواقع لكون مساواة الأماكن تخدم استقلالية الأفراد وتضمن التماسك الإجتماعي.

رابعا: مساواة الأماكن نسبية وتقوي التضامن، وتبحث عن جودة الحياة الإجتماعية، واستقلالية الأفراد.

خامسا: مساواة الأماكن وسيلة مثلى لتحقيق مساواة الحظوظ.

سادسا: مساواة الحظوظ تدعو إلى تفادي تدني شروط عيش الفئات المحرومة.

سابعا: على حزب اليسار الفرنسي أن يحسم مع الخرافات التي يظل يرددها حول دولة الرعاية الاجتماعية والخدمات العمومية.

أصبحت كلمة الإصلاح هي المفضلة عند اليمين، ورفض التغيير يلمع عند اليسار.

لكن الرغبة الأكيدة في المساواة ستسمح بالخروج من هذا المأزق والقيام بإنجاز سياسي حقيقي …. (ص-ص: 118-121).

إنتهى الكتاب ، مباشرة بالفهرس، أما عن المصادر والمراجع والمقالات التي اعتمدها فذكرت في هوامش الصفحات.

خاتمتنا الخاصة بقراءة الكتاب، حينما يختم أي قارئ كتابا معينا، لا بد أنه يتغير من عدة نواحي فكرية وعقلية وذهنية وثقافية وإديولوجية  و … إلى آخره، هذا التغير ناتج عن التمفصل العقلي الذي واجهه وهو يقرأ الكتاب، خاصة عندما تكون قراءته للكتاب مُغْرَضَةٌ، أي لغاية أو غرض في نفس القارئ، حيث كان هدفي منذ البداية من قراءة هذا الكتاب هو الإجابة عن سؤال على ماذا تتأسس أو تتحقق العدالة الاجتماعية حسب فرونسوا ديبي؟ ولهذا قرأت هذا الكتاب للإجابة على هذا السؤال وفقط، والجواب الصحيح والصائب والدقيق هو مُسَاوَاةُ المَوَاقِعِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ حسب الصفحة 95 من الكتاب، وبالتالي كان من الأفضل الاحتفاظ في الأجوبة المقدمة بتعبير فرونسوا ديبي ليكون أكثر دقة، لأنه لم يقل حِفْظُ بل قال مُسَاوَاةُ أي تساوي المواقع الاجتماعية، وهكذا فجواب التعاقد الاجتماعي خاطئ، رغم أن صاحبنا متأثر بنظرية التعاقد الاجتماعي، وذكرها أكثر من مرة في متنه، وليس مكافأة الأفراد المتميزين هذا الجواب أيضاً خاطئ، كما الجواب الأخير المتعلق بتأمين التنافس العادل، وكل هذه الأجوبة لا علاقة لها بفرونسوا ديبي، كان من الأفضل أن يكون السؤال على الصيغة التالية:

– عَلَى ماذا تَتَأَسَّسُ العَدَالَةُ الاِجْتِمَاعِيَّةُ حَسَبَ فُرُونْسْوَا دِيبِي؟

– أ- مساواة المواقع الاجتماعية.

– ب- مساواة الحظوظ الاجتماعية.

– ج- مساواة الأماكن الاجتماعية.

– د- مساواة وإنصاف الأفراد الأكثر حرمانا.

بمثل هذه الأسئلة قد نخلق لدى المترشح نوعا من الزوبعة الذهنية، ولن يستطيع قارئ الكتاب السريع من المرة الأولى أن يجيب عنه، يجب أن يعاني مثلنا ويقرأ ببطئ وتأني ويقف عند أفكار الكتاب الجزئية والعامة، أو يقف عند كل فكرة صغيرها وكبيرها، وهذا ما يحقق لنا نوعا من مساواة الحظوظ على حد تعبير فرونسوا ديبي في المباريات.

وآخر ملاحظة مهمة نقولها في كل قراءاتنا المقدمة للكتب، أشطب مقدماتنا ملخصنا قراءاتنا هاته، وأدلف إلى محراب الكتاب، لمجاوزة القراءة الكسولة والسخيفة لملخصات الكتب.

المرجع المعتمد:

د. فرونسوا ديبي، المواقع والحظوظ: إعادة تفكير التفاوتات الاجتماعية، ترجمة: د. كنزة القاسمي، أفريقيا الشرق-المغرب 2016.

François Dubet est professeur de sociologie à l’université Bordeaux-II, directeur d’études à l’EHESS et membre du CADIS. Ses derniers ouvrages publiés sont : Le Déclin de l’institution (2002), L’École des chances, (2004), Injustices. L’expérience des inégalités au travail (en coll., 2006) aux Editions du Seuil. Il est également le coauteur, dans la collection “Repères”, de Sociologie de Bordeaux (2007).
__________

محمد فرَّاح: حاصل على شهادة الإجازة في التربية تخصص التعليم الثانوي التأهيلي-الفلسفة بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط.

*المصدر: التنويري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

التعليقات