بهذه الكلماتِ أيقظني الهدهدُ عصرَ اليومِ حينَ وجدني نائمةً بالسرير، و ذكَّرني بقولِ الرسول الكريم : ” عن صخر بن وداعةَ رضي الله عنه قال : قالَ رسولُ الله ِصلى الله ُعليه وسلم ( اللهم بارك لأمتي في بُكورِها) فقمتُ من فوري وأعددتُ فنجانَ القهوة لقد أضرَ بيَ السهرُ المتكررُ في هذه العطلةِ الصيفية، وأصابني بالتعبِ والصداعِ وضعفِ الذاكرة ِ و التركيز لابُدَّ لي من إعادةِ ترتيبِ يومي طالعتُ الهدهدَ المنزعجَ من تأخري في النومِ وقال لي لقد ذَكَّرتِـنِي بأحدِ الكائناتِ الكسولةِ التي شاهدتُها في ترحالي .
سألته: وما هو هذا الكائنُ وأينَ التقيتَ به ؟
أجابني : إنهُ حيوانُ الكسلان، وهو من الثديياتِ الذينَ يُـفضلونَ الحياةَ في الغاباتِ المَطيرةِ الاستوائيةِ وشبهِ الاستوائيةِ الكثيفة.
ويتميزُ حيوانُ الكسلانِ بوجودِ مخالبٍ طويلةٍ في أطرافهِ مما يجعلُهُ يسيرُ بصعوبةٍ شديدةٍ على الأرض، ولذلك يقضي معظمَ أوقاتِ حياتهِ فوقَ الأشجارِ التي تُعتبرُ موطنُه الأساسي.
وهُـناك نوعانِ من حيوانِ الكسلان، وعلى الرُغمِ من تشابِهِهِما في الشكلِ والحجمِ إلا أنَّ الاختلافَ البارزَ بينهُم هو في عددِ المخالبِ الموجودِ في أطرافِ كلِّ نوعٍ منهما، حيثُ يوجدُ نوعٌ من حيوانِ الكسلان لديهِ أُصبعينِ فقط في كلِ طرفٍ من أطرافه، ونوعٌ آخرُ لديهِ ثلاثةُ صَوابعَ في كلِ طرف، ومتوسطُ حجمِ حيوانِ الكسلان يتراوحُ بين 23 – 58 سم بينما متوسطُ وزنُه حوالي 4 كيلوجرام والسرعةُ القصوى التي يمكنُ أن يتحركَ بها هيَ حوالي 24 كيلومتراً في الساعة، ومتوسطُ عمرِه يتراوح بين 25 – 40 سنة.
سألتهُ مستغربةً أني لا أسمعُ بهِ كثيراً؟
أجاب الهدهدُ : لأنهُ منَ الحيواناتِ النادرةِ والمُهدّدةِ بالانقراض، ومنذ آلافِ السنينِ كانَ حيوانُ الكسلانِ أكبرَ حجماً بكثيرٍ مما هو عليهِ الآن وكانَ حيوانُ الكسلان قديماً ينمو ليكونَ في حجمِ حيوانِ الفيل وكان يعيشُ في قارةِ أمريكا الشمالية ولكنه انقرضَ منذُ حوالي 10 آلافِ سنةٍ قبلَ أن يعودَ مرةً أخرى في حجمهِ الجديد.
سألتهُ ولماذا هو مهددٌ بالانقراضِ دونَ غيره ؟
أخبرني الهدهدُ أنه من المعلوماتِ المثيرةِ عن حيوانِ الكسلان أنهُ يتحركُ لمسافةِ 6 – 8 أقدامٍ في الدقيقةِ الواحدة، ورَغمَ أنه من السَبّاحينَ الممتازين، مثلَ البشرِ ويصلُ حيوانُ الكسلان إلى الأنهارِ عن طريقِ إسقاطِ نفسهِ من فروعِ الأشجارِ إلى الماء، إلا أن بُطأَهُ الشديدَ الذي يتحركُ بهِ يجعلهُ من الحيواناتِ المهددةِ بالانقراضِ نظراً لصعوبةِ فرارهِ من الحيواناتِ المفترسة
وكذلك فإنَ هذه الحيواناتِ لا يمكنُ أن تتكيفَ بسرعةٍ معَ التغيُّـراتِ في البيئةِ المحيطةِ بهم لذلكَ فهو مهددٌ بالانقراض.
ولماذا سُميَ بالكسلان ؟
لأنهُ عَـادةً ما ينامُ إلى نحوِ 20 ساعةٍ يومياً. ويقضي بقيةُ اليوم في الأكل. حيوانُ الكسلان هو مخلوقٌ شجري (حياتهُ في الأشجار) ، ونادراً ما ينتقلُ إلى الأرضِ. يبقى حيوانُ الكسلان على الأشجارِ حفاظاً على سلامتِه، بينما ينزلُ من على الأشجارِ مرةً واحدةً في الأسبوعِ بغرضِ التبولِ والتبرز، إلا أنه يصبحُ فريسةً سهلةً للحيواناتِ المفترسةِ أثناءَ بقاءهِ على الأرض.
يا لهذا الكسولِ! وكيفَ يحصُلُ على طعامهِ وماذا يأكلُ إذا كان ينامُ 20 ساعة ؟
أجابني الهدهدُ : عادةً ما يأكلُ الدببةَ الكسلى النملَ الأبيضِ ويرقاتَ النمل، وتأكلُ أيضاً الأزهارَ وأوراقَ الشجرِ والثمارَ والحبوب. وهي تتسلقُ أيُ مكانٍ بحثاً عن أعشاشِ النملِ الأبيضِ أو النحل. وتبحثُ الدببةَ الكسلى عن الطعامِ ليلاً. وأثناءَ النهارِ تنامُ في أماكنَ محمية، عادةً ما تكونُ كُهوفاً، على طولِ ضفافِ الأنهار. وهي لا تنامُ لفتراتٍ طويلةٍ في الشتاءِ كما تفعلُ بعضَ الدببةِ الأخرى.
وتحتاج هذه الحيواناتُ إلى الغذاءِ القليلِ نسبياً، كما أن عمليةَ الأيضِ لديها، تَـتَّسمُ بمُعدلَها الذي يقلُ عما لدى غيرها من الثدييات، التي لها نفسُ الحجمِ. والأيضُ هو العمليةُ التي عن طريقِها تحوِّلُ الأحياءُ غذاءَها إلى طاقة. وتستخدمُ الدببةُ أقدامَها الضخمةَ ومخالبِها الطويلةَ لتفتحَ بعنفٍ أعشاشَ النملِ الأبيض، كما أنها تمزقُ جذوعَ الأشجارِ وأغصانِها التي تحتوي أقراصَ العسل.
فعندَ عشِ النملِ الأبيض ، تقومُ الدببةُ بنفخِ الترابِ بعيداً عن العشِ من أجلِ تعريةِ النملِ الأبيض، ثم تقومُ الدببة ُبعد ذلك بشفطِ الحشرات، إلى داخلِ أفواهِها. وتتناسبُ شفاهُ ولسانُ وأسنانُ الدبُ الكسلان بشكلٍ جيد ٍ معَ عاداتهِ الغذائية. فللدبِ خطمٌ طويلٌ وشفاهٌ مرنةٌ ولسانٌ طويلٌ لزجٌ وتنقصهُ سنّانٌ أماميتان في كلٍ من الفكِ العلوي والفكِ السفلي. ويجذبُ الدبُ الطعام من خلالِ هذا التجويف ِ بأصواتِ شفطٍ عالية.
حسنا أيها الهدهدُ الجميل، سأطردُ الكسَلَ من حياتي و أعملُ على تنظيمِ أوقاتي بالجدِ والاجتهادِ حتى لا أنقرضَ ولا تنقرضُ أفعالي.