حريَّة الإنسان في الإسلام
في كتابه “حريَّة الإنسان في الإسلام” الصادر عن دار الساقي، مراجعة وتعليق محمد العاني، يتحرَّى الكاتب السوداني محمد أبو القاسم حاج حمد حريَّة المسلم في دينه وعلاقة ذلك بالتشريع.
حاول الكاتب تسليط الضوء على مقوّمات “الحريَّة المعرفيَّة الكونيَّة” في الإسلام، انطلاقاً من معركة العقل الحرّ المنفتح على الآخر، منتقداً بعض المدارس والاتّجاهات الفكريَّة الغربيَّة التي تنفي حريَّة الإنسان في الإسلام بسبب طروحات المتطرّفين الذين يحتكرون النطق باسم المقدّس ويعطّلون الإبداع بكل أطيافه، باعتبار الإبداع جزء لا يتجزَّأ من الحريَّة يمنح الكاتب “البعد الروحي للحرّيَّة في الإسلام” مساحة كبيرة في بحثه، مستخدماً المعيار الروحي في معالجة علاقة المسلم مع مجاله الخاصّ والعام، ويقارب الصراع الطبقي في المجتمعات الغربيَّة من زاوية تبسيطيَّة بسبب نزعته الإنسانويَّة- الإسلاميَّة. وهدفه من هذه المقاربة هو رفع قيمة الإنسان وحرّيّاته.
يرفض المؤلِّف وجود تنظيمات إسلاميَّة: “ليس في الإسلام تنظيمات يمكن أن تطلق على نفسها هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وليس في الإسلام تنظيمات سياسيَّة لها قيادة متميِّزة عن المسلمين، ويطالب في الوقت ذاته بتخطّي الإيديولوجيَّة التاريخيَّة، أو ما يمكن أن نسمّيه “المصادرة الفقهيَّة” التي عطّلت مقاصد النصّ القرآني.
يرى أنَّ المفسّرين الكلاسيكيّين تأثّروا بالبيئة الفكريَّة المحيطة بهم، داعياً إلى بلورة ثقافة أخرى قادرة على استنطاق النصوص. ورغم أنَّ الكاتب الراحل استند إلى الحيِّز النظري أكثر منه إلى التجارب التاريخيَّة، وخصوصاً حين قارب بين الفهم القرآني للحريَّة والفهم الغربي، إلا أنّ هذا لا ينفي توافر أفكار جنينيَّة في “حرّيَّة الإنسان في الإسلام”، ولا سيما عندما يولي الوعي الإنساني الحرّ دوراً مهمّاً في معركة الحريَّة. والكتاب هو الخامس من مؤلّفات الكاتب التي صدرت بعد وفاته عام 2004.
*المصدر: التنويري.