لعلَّ من أعقد الظواهر الإنسانية، الظاهرة الدينية. لقد شكَّل الدين أولى الوسائل والطرق التي سعى من خلالها الإنسان، إلى فهم ذاته والعالم من حوله، والملاذ الذي يعود إليه عندما لا يجد تفسيرا لبعض ظواهر الكون، ولطلب الخلاص. وبهذا ظلَّ الدين هو الخزّان الحامل لتصوّراته ورؤاه وتفسيراته، الشاملة والعامَّة عن الكون ومصيره. فلأنَّ الوجود بدا له غريبا وغير مفهوم، أعطاه معنى خاصّا، كما تجسَّد ذلك في معطى الدين، فلا غرابة إذا نعت الإنسان بأنه كائن ديني، والدين بعد من أبعاده.
لن تبحث هذه الأسطر في أصل الدين، ولا في التأريخ للظاهرة الدينية، بقدر ما ستطرح إمكانات لإعادة قراءة النصوص الدينية، قراءة أساسها تجديد الرؤية والمساءلة النقدية البنّاءة والمعاصرة للتراث، وبخاصَّة النصوص الدينية الإسلامية، ومحاولة إيجاد الأدوات والتقنيات المنهجية القادرة على ردم الهوَّة، بين تراث يعود لماضٍ سحيق وفهم عتيق، وإنسان معاصر بطموحات وتطلّعات مختلفة. إنسان تكوَّنت لديه رؤى مختلفة عن ذاته ووجوده وفهمه للعالم، نتيجة التطوّرات العلمية والتقنية التي تحقَّقت بفضل انتصار البشرية على الطبيعة المادّية.
هذه الرؤى المغايرة تكشَّفت عن تناقضات لدى كل متدين، بين تراث يشدّه ويأسره إلى الماضي، وعصر يعيشه ويفرض عليه الانخراط والمشاركة فيه. وفك هذه التناقضات لن يتأتَّى إلا بالقراءة الفاحصة والناقدة للدين والتراث عموما، قراءة تتلاءم وروح العصر الذي نحياه ونتقاسم فيه الوجود مع ذوات أخرى ليست أقل ارتياحا واطمئنانا لتراثها الديني. فنحن الآن في وقت لا مناص فيه من ” أن يصبح فيه الدين موضوعا قابلا لأن يفكَّر فيه “[1]، والتخلّي عن النظرة المطمئنَّة التي لا يشوبها شكّ، والتفكير في الإسلام على وجه التحديد.
هذه المقالة ستقدِّم أرضيَّة لمساءلة الظاهرة الدينية الإسلامية، والسعي لتشكيل فهم يضع نصب عينيه السياقات العلمية والفكرية العالمية لعصرنا، دون ادِّعاء للقبض على الحقيقة أو تقديم حلول أو إجابات قطعية وسحرية. فعودة الدين وليس العودة إلى الدين بتعبير ” كريستينا شتوكل “، على الساحة الفكرية العالمية. وضع كل ما هو ديني موضوع نقاش وجدال، في ظلِّ ما يمكن الاصطلاح عليه بـ ” المابعديات “، ما بعد العلمانية وما بعد الحداثة… وفي سياق عالمي تلطّخه دماء ضحايا التطرُّف الذي يرفع شعار الدين ويافطة الدفاع عنه. ولأنَّ الإسلام أحد ” المتّهمين ” بهذا التطرّف، فهو ملزم بمراجعة ذاته، ليس فقط لرفع التهمة، بل للبحث عن طريقة ناجعة للتعامل مع التراث ونصوصه. بما يفتح آفاقا واسعة للفهم والتأويل والقراءة والتحويل، والسعي للمشاركة في بناء العالم وتقدّم الحضارة الإنسانية، على قدر المساواة مع باقي الأديان والثقافات العالمية، بعيدا عن عقدة النقص أو نقاء وصفاء الذات.
سيتركَّز مقالنا على ثلاثة محاور أساسيَّة:
أولا: التراث، أزمة النصّ أم القراءة:
وهذا المحور سيتوقَّف عند مشكلة قراءة التراث الإسلامي، وأهمّية تنويع القراءات وتجديدها. والبحث فيما إذا كانت أزمة النصوص الدينية تتعلَّق بالنصّ بما هو نصّ في حدّ ذاته أم أنها خارج عنه، تتجاوز جغرافيّته النصيّة. وأيضا ما إذا كانت الأزمة ترتبط بجوهر النصّ القرآني أم بالنصوص التي كتبت حوله، نصوص الحديث والتفسير والفقه والكلام… وإمكانية إحداث قطيعة مع هذه النصوص ورفع القداسة عنها.
ثانيا: التطرُّف والدين، أيهما يتكلَّم الآخر: هل الدين هو الذي يتكلَّم التطرُّف أم التطرُّف الذي يتكلَّم باسم الدين؟
وسنقارب فيه ظاهرة التطرُّف الديني وجذوره، وصلة هذا التطرُّف بالنصوص المقدسة وتفسيراتها المتعدِّدة. والبحث عن الأسباب التي تجعل ممارسة العنف باسم الدين فوضويا يحقُّ للكل اللجوء له، وليس ممأسسا من قبل المؤسّسات الدينية والحكومية، خاصَّة مفهوم “الجهاد”. ما إذا كان النصّ القرآني يعطي الحقّ في ممارسته لأيٍ كان، لمجرَّد أنه مسلم، أم ضرورة توجيهه من قبل سلطة الحكم القائم/ المؤسَّسة الدينية. خاصَّة وأن زمان الإمبراطوريات انتهى، والقوة/النفوذ صار محكوما بقوانين وتشريعات واتّفاقيات مدنية،طبعا دون إغفال العلاقة الملتبسة بين الديني والزمني السياسي في الإسلام.
ثالثا: الدين و” المابعديات “: الإسلام على المحكّ
وسنبحث فيه إمكانية تجديد روح الإسلام كدين وثقافة، في استحضار للعصر الذي نعيشه. والاستفادة من القراءة المعاصرة للدين عموما، كما تبلورت في نهاية القرن العشرين وبداية الحادي والعشرين. فقد طُرِحَ سؤال الدين من جديد على الساحة الفكرية العالمية، في سياق ما يمكن الاصطلاح عليه بـ” المابعديات “، ما بعد الحداثة، ما بعد العلمانية؛ وهو سياق سيسمح للإسلام والمسلمين بالأخص، تشكيل نظرة جديدة وفهم دقيق للتراث والنص الديني، وإعطائه بعدا عالميا في علاقة بباقي الديانات الأخرى. فالحديث عن التمركز الجغرافي للدين قد ولَّى، وصار العالم فضاءً مفتوحا لكل التصوّرات الدينية، بفعل ظاهرة الهجرة العالمية والعلاقات المتشابكة والمعولمة. فهل سينجح الإسلام والمسلمون في استثمار هذه اللحظة التاريخية، للخروج من قوقعة نقاء وصفاء الذات، وتشارك العالم مع مختلف الديانات والثقافات في جو من التبادل والحوار والتواضع؟ وتجاوز الصراع الأجوف بين الديني العلماني والأصيل والدخيل، وما تولَّد عنه من ثنائيات لم يعد أحد يستسيغها ولا يصدِّق خطاباتها.
أولا: التراث؛ أزمة النصّ أم القراءة
عند محاولة قراءة التراث الديني الإسلامي، لا شكّ أن هذا السؤال قد يستوقفك: هل أزمة قراءة التراث تكمن في النصّ ذاته – النص القرآني / نص الحديث / التفاسير… – أم في طبيعة القراءة منهجا وفهما واستثمارا؟ وهو سؤال ليس من السهل الإجابة عنه، بإرجاعه لجهة واحدة، هذا إن لم تكن الأزمة تتعلَّق بهما معا. وإذا ما نظرنا إليها من جانب النص، فإن النص ليس نصا واحدة، بل نصوص يتولد الواحد منها عن الآخر. بدءا بالنص القرآني كأصل، ثم نصوص الحديث والتفاسير كفروع، مع استحضار تعدُّد واختلاف الروايات والتأويلات.
لو سلَّمنا أن القرآن هو النصّ الأصل، وهو وحي إلهي – كلام الله – الذي جاء على لسان رسوله (ص)، غير أنه كتب باللغة العربية التي هي إنتاج بشري (ظاهرة بشرية). فإن النصّ القرآني يكون بذلك يتداخل فيه الإلهي بالبشري، وهو تداخل مثير للاهتمام والتساؤل. فمعناه إلهي ورسمه إنساني، والباحث ملزم بأن يدركه كموضوع معرفة من طبيعة مركّبة، كما أن مطالب أن يسلم بقداسته العلوية وواقعيته. وعمله يفرض عليه رفع قدسيته المطلقة ما أمكن، وتفكيك سلطته وقوّته المتعالية. للتمكّن من فهمه وقراءته قراءة نقدية تأويلية تحويلية لدلالته، تتجاوز منطوقه وتكشف ممكناته واحتمالاته، أي النظر إليه (النص) من حيث أنه ” متعدِّد المعنى، ملتبس الدلالة، كثيف المفهوم، متوتِّر الوجهة، إشكالي القضية والأطروحة. “[2] وليس أدل على التباسه وكثافته، ما كتب حوله من نصوص وتفاسير وشروح وشروح الشروح، وما نتج عن قراءته من علوم – بالمعنى الديني للكلمة – ومناهج قياس واجتهاد. وكل هذا يبرهن مدى حيويته وعدم قابليته لأن يستنفد، ويقبل الحصر في قراءة واحدة نهائية وقطعية. ولكن ثراءه وحيويته، لا يبرِّر ولا ينفي إمكانية أن يكون مصدر الأزمة.
إنَّ أي قراءة معاصرة للنص القرآني على وجه الخصوص، والتراث على العموم، تستدعي استحضار السياقات التاريخية والفكرية والثقافية وغيرها. فلا مبرَّر لإنكار ينفي أنه ” يحتوي على أصل ثقافي شامل ينطوي على رؤية جذرية للعالم. وهذه الرؤية تتَّسع باتساع لغته، وهي لغة ميزتها الاتّساع مما يجعله منبعا للدلالة لا ينضب. وبسبب هذه الخصائص كان النصّ مصدر الاختلاف وأصل التفاوت. “[3] والدراسة الغنية، مهما كانت منطلقاتها الفكرية والمنهجية، هي التي تسبر النص وتبحث فيما لم يقله أو ما لا يكشفه، بحيث تخترق النصّ كمعطى مادي كما تشكّله اللغة وأبجدياتها، وتؤوِّل رمزيته وتهتُّك صلابتها. وتحوُّل القراءة إلى محاورة شيَّقة ومثمرة، ومغامرة في بحر النص وممكناته. متخطّية حواجز المقدس وهالته المطلقة إذ ” المقدَّس ليس الديني فقط.. وإنما يكمن حتى في عاداتنا اليومية واعتقاداتنا، في تفاؤلنا وتشاؤمنا، في النظم التي تحكم علاقاتنا “[4]. فكم هي الأفكار والمعتقدات والأحلام والآمال التي قد تكون تسرَّبت إلى أعماق النص، وأصبغت عليها صفة القداسة، والقارئ مجبر بالكشف عنها، حتى تتكلَّل مهمتّه بالنجاح.
هكذا إذا، تكون كل مقاربة للتراث الديني ” بنصوصه وثوابته أو مؤسّساته ومرجعياته. (لا بد أن تؤخذ) كمخزون ثقافي أو رأسمال رمزي، يحتاج إلى الصرف والتوظيف. من خلال عمل الذات على الذات بالجهد والاجتهاد أو الاختبار والتوليد، في ضوء الحاضر وهمومه. ” [5] لا بالتماهي معه والتطابق مع حقائقه، بل بمساءلته وتشريحه لفكّ رموزه؛ فالباحث ذات مسكونة بالحيرة والشكّ والتساؤل، لا طالب خلاص وطمأنينة وارتياح.
كما تتكشَّف الأزمة في طريقة القراءة أيضا، التي لا ترتبط بنوع واحد بل بأنواع عدّة. تختلف من حيث المرجعية والمنطق المتَّبع في الفهم، والمسعى الذي يرسمه لها صاحبها. وهذه القراءة يمكن حصرها في أربعة اتّجاهات، ثلاثة منها أخذناها عن صادق جلال العظم، وأضفنا لها اتّجاه رابع. فهناك الاتِّجاه التوفيقي والتبريري والتعسّفي [6] ثم اتّجاه الرفض، وتنبني نظرة كل اتّجاه للتراث الديني على الآتي:
1) الاتِّجاه التوفيقي: ويسعى إلى محاول التوفيق بين ما ورد في النص القرآني وما توصَّل إليه العلم الحديث، مبرِّرا عدم اختلاف وتناقض ما توصَّل له العلم وما جاء به الدين. وهذه القراءة ينتج عنها تشويه للدين والعلم معا.
2) الاتِّجاه التبريري: وهو اتّجاه يعمل على تبرير كل الوقائع، العلمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بأنها تنسجم مع ما جاء به الإسلام ولا تتعارض معه. وخير دليل على ذلك حسب العظم، أنَّ الفقهاء في الدول الإسلامية التي تبنَّت الاشتراكية، برّروا أنها لا تتعارض مع روح الإسلام. وفي المقابل الذين يوجدون في الدول الإسلامية التي تبنَّت الليبرالية، برَّروا أن الرأسمالية لا تتعارض مع مبادئ الإسلام.
3) الاتِّجاه التعسُّفي: ويعمل على التوفيق بين العلم والدين، من خلال السعي إلى استخراج كافة العلوم الحديثة ونظرياتها من القرآن. معتبرا أن كل مع توصل له العلم الحالي متضمِّن في القرآن منذ 14 قرنا.
4) اتِّجاه الرفض: وهو اتِّجاه يسعى إلى هدم بكل ما هو ديني، منطلقا من عدم جدوى النصوص الدينية. لأنها وفقها فقدت قيمتها، وأثبت العلم تناقضاتها وزيفها.
بناء على هذه الاتِّجاهات، يتبين أن قراءة الدين الإسلامي تقوم على شكلين. شكل يقوم على التماهي والتطابق، وآخر على الهدم والرفض. وكلاهما يعيقان ويعطِّلان القراءة التنويرية البنَّاءة والرصينة، فالقراءة المتماهية مع التراث تسعى للبحث عن الحل في الماضي والعودة إلى الوراء، فيكفي أن يدير المرء وجهه للخلف، ليجد الجواب لمشكلاته الدينية والدنيوية، والقراءة القائمة على الهدم والرفض تعمل على هدم كل ما هو ديني، لأنَّه سبب التخلُّف والويلات التي نعاني منها، والعائق أمام أي نهضة ثقافية علمية وحضارية، والحلّ هو القطيعة التامَّة معه. وإذا كان الأمر هكذا، فإنَّ الدراسة لا تعني أن المرء عليه ” أن يتحرَّر من أصوله وأسمائه أو بيئته وتراثه، بقدر ما يعني أن نقيم مع الأصول والثوابت علاقات متحرِّكة ومتغيِّرة أو نامية ومتجدِّدة. بحيث لا نتعامل مع النصوص والتراثيات والخصوصيات كعوالم مغلقة أو كمتاريس لشنِّ الحرب على الآخر، بل كحقول للدرس والتنقيب، أو كمواد فكرية نختلف عنها ونغنيها بالقراءات الخصبة والمثمرة. أو كرؤوس أموال رمزية غنية، تنتظر أن نقوم بصرفها وتحويلها إلى وقائع معرفية غنية، أو قواعد عملية فعّالة وراهنة نتحول بها بتحويل علاقاتنا بالواقع والعالم. “[7] وبهذا يتحوَّل التراث إلى خدمة الحاضر، وعامل للتغيير والارتقاء نحو آفاق رحبة، بدلا من ارتهان الإنسان في الماضي، أو إقصائه تماما وهو أمر غير قابل للتحقُّق لأن التراث الديني يدخل في بنية وعي الإنسان ومخياله الجمعي.
لا نستطيع إنكار أن الأزمة هي أزمة نصّ وقراءة، وإن تفاوتت حدَّة الأزمة. وأي قراءة تنويريَّة للدين تستحضر واقع الإنسان المعاصر وتطلّعاته تستلزم:
- رفع القداسة عن النصوص، واعتبار القراءة لا تغيِّر من طبيعة النص المادّية شيئا. فهي يقدر ما تهدم تبني، فتحوّل دلالته إلى عامل إثراء للنصّ ودافع للتغيير الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والأخلاقي والعلمي والحضاري.
- تغيير المناهج التي يتمّ توظيفها في دراسة النصوص، فإذا كان المسلمون قديما قد أسَّسوا لمناهج وعلوم لقراءة الدين، فإن الأمر لا يفرض مواصلة القراءة بالمناهج والطرق ذاتها، فالواقع قد تغيَّر والنظرة اختلفت، ولا شيء يحول دون استثمار أحدث المناهج الحديثة في كافة العلوم لإضاءة النصوص ورفع العتمة عنها. ولا مبرر للقول إنَّ هذه المناهج قد تتعارض وقداسة النص، فحتى مناهج القدماء استفادت من مناهج الشعوب الأخرى السابقة على الإسلام.
- عدم احتكار المشروعية الدينية في تفسير وفهم النصوص، وضرورة القطع مع التصوّر التقليدي للفقيه، إذا لا بد من أن يكون مطلعا على العلوم والمناهج المعاصرة، خاصَّة الثورة البيوتقنية العالمية.
ثانيا: التطرُّف والدين، أيهما يحكم الآخر: هل الدين هو الذي يتكلَّم التطرُّف أم التطرُّف هو الذي يتكلَّم باسم الدين؟
لا أحد يستطيع نفي أن مفهوم التطرُّف، مفهوم عامّ وشامل، ومبرّراته قد تكون عرقية أو دينية، أيديولوجيا أو سياسية… غير انه يرتبط دائما بالمنظومات الفكرية الدوغمائية والأصولية، والأصوليات كلها من طبيعة واحدة. ” من حيث إرهابها الفكري والمادّي، كما شهدت التجارب، وما تزال تشهد، من حيث علاقاتها بشعاراتها ونصوصها ورموزها. من النازية إلى الصهيونية، ومن الستالينية إلى الماوية، ومن الجهادية الإسلامية إلى الإنجيلية الأمريكية. “[8] فالتطرُّف عموما لا يجد مكان له إلا في ظل المرجعيات الفكرية الشمولية والإقصائية.
ويشكِّل الإسلام أحد ” المتّهمين ” بالتطرُّف في واقعنا المعاصر، بعد ما ظهرت جماعية متطرِّفة إسلامية/ إسلاموية. وما دام الإسلام متّهما، فإن الأمر يدعو إلى البحث فيما إذا كانت نصوصه (القرآن والشريعة) هي منبع هذا التطرُّف، أم أن الجماعات المتطرِّفة هي التي تحاول رفع شعاراتها باسم الدين، وتبرِّر تطرّفها بالسحب من الموروث الديني حسب هواها.
1 – منطوق النصّ وتأويلات الفقهاء
بالعودة إلى النصّ القرآني، لا بد وأنك ستجده حافلا بالآيات التي تتحدَّث عن مفهوم “الجهاد” أساسا. وأخرى تتناول طريقة العلاقة التي تربط المسلمين بغيرهم، سواء من أهل الكتاب أو من أصحاب الملل الأخرى. وهي آيات تدعو إلى إعلان “الجهاد” على ” الكفار ” و ” أعداء الله / الدين “، غير أن الذي يجب وضعه في الحسبان، أنَّ هذه الآيات لها سياقاتها وأسباب نزولها، كما أن لبعضها آيات تنسخها. والنصّ القرآني في طبيعته حمّال معانٍ، ما يجعل آياته تؤوّل وتقرأ بطرق مختلفة. ومن هذا المنطلق يوظّف النصّ لممارسة التطرُّف، بما يتوافق وأجندة الجماعات ذات الأيديولوجية الإسلاموية التي “بمتانيها ومرجعياتها تستند بشكل أساسي “للقرآن” والذي تفضّل قراءته بشكلٍ انتقائي، ولا سيما عبر آيات معيَّنة من سور محدَّدة أكثر من غيرها. “[9] هكذا تكون القراءة أحادية ومنغلقة تنزع النصّ من سياقه العام ككل، ومن سياقه التاريخي والثقافي. ليتماشى مع البحث عن مبرِّرات للعنف والقتل، وإضفاء الطابع القدسي الإلهي عليه. مع احتكار معناه وحقيقته ومشروعية تفسيره، واعتبار هذه الجماعات فهمها للنص، هو الفهم الوحيد الصحيح، فيتمّ سبغ هذا الفهم على كافَّة مناحي الحياة. ويتحوَّل النصّ إلى صنم متضمِّن كل الأجوبة ويحسم كل شيء.
بهذا إذا، يصبح النص القرآني هو المنهل الأول، لكل باحث عن مسوِّغات لفكره المتطرِّف، وكل متعطش للعنف والقتل والإرهاب. والشريعة المنبع الثاني بمختلف نصوصها، من حديث وفقه وغيرهما. إذ تشكِّل مرتعا خصبا للفكر الأصولي باختلاف درجات أصوليته، فيتغذى منها (نصوص الشريعة) دون مراعاة السياقات ودون تمييز الصحيح من الضعيف، متواتر وآحاد… فشخصية المتطرِّف تعتبر التراث الديني كله صحيح. ” فيتمّ تعبئة هذه الأحاديث أيضا بطريقة فعّالة، من قبل العديد من المنظِّرين المتطرِّفين، الذين ينتقون مجموعة مختارة من بين الآلاف من الأحاديث المدرجة في النصوص الشرعية. [10] ومن بين الأمثلة على النصوص التي يستند إليه التطرف الإسلاموي نجد بن تيمية الذي ” جزم أن العلم الموروث عن النبي “وحده يستحقّ أن يسمَّى علما ” مستبعدا بصورة نهائية كل علم لا تكون النبوَّة مصدره، والشهرزوري قد أفتى بأن ” الفلسفة أُسّ السفه والانحلال ومادة الحيرة والضلال ومثار الزيغ والزندقة..” “.[11] وإلى جانب هؤلاء هناك نصوص محمد بن عبد الوهاب مؤسس السلفية الوهابية وسيِّد قطب وغيرهم ممَّن يجمع الباحثين أنَّ الفكر المتطرِّف الإسلاموي يبني أفكاره ومشاريعه التخريبية على نصوصهم وكتاباتهم. فيكوِّنون منظّمات جهادية تكفيرية ” تختزل فريضة الجهاد في ممارسة القتل والعنف “.[12]
يتَّضح أنَّ النصَّ القرآني يتضمَّن نصوصا وآيات، غالبا ما تقرأ قراءة ضيِّقة ومعزولة عن سياقاتها. يتمّ تأويلها تأويلا خاصا، من قبل مرجعيات فقهية دينية بطريقة محرِّضة على التطرُّف، ومن طرف الحركات الجهادية الإسلاموية لإعطاء تبريرات للعنف والقتل الذي تمارسه.
2 – المتطرِّف ناطقا باسم النصّ
إذا كانت النصوص الدينية (القرآن والشريعة)، تتضمَّن نصوصا تحثُّ على الجهاد، ويتمّ التعسُّف في تأويلها حتى تؤدّي الدور المطلوب منها. من قبل الجماعات الجهادية الإسلاموية، لتعطي صفة القداسة لجرائمها الوحشية، ضدّ من تعتبرهم أعداء الملَّة والدين. فآنئذ النصوص بقدر ما تكون المبرِّر للتطرُّف، تكون الغاية المراد الدفاع عنها وتطبيقها من جهة، ومن جهة أخرى السبيل والطريق لبلوغ أهداف سياسية واجتماعية أو غيرها. ومن ثمَّ السعي للتغيير الجذري وعلى كافة المستويات، فيكون العنف والقتل أكثر وحشية وشراسة.
إنَّ فهم الإسلامويين للدين على أنه ” لا زمني ولا تاريخي وغير قابل للنقد “[13] وسعيها إلى فرضه بلغة السيف، بخطاب مالك للحقيقة المطلقة، ومتعالٍ عن الواقع والتاريخ. وتحثّ شعارات من قبيل “الإسلام هو الحل” و “الإسلام دين ودولة” و “خير أمَّة أخرجت للناس” و”القومية الإسلامية” و”الدولة الإسلامية”… يجعل كل شيء يستحيل مقدّسا لأنَّ ” الإنسان المتديِّن (بطبعه) لا يستطيع العيش إلا في مناخ مشبع بالقداسة “[14]، فيعادي كل ما لا يجد له أصلا في الدين.
هكذا يتحوَّل المتطرفون إلى ناطقين رسميين باسم الدين، مسكونين بعاطفة دينية جياشة، ونرجسية مفرطة في النظر للذات. ويحملهم ذلك على التطلع إلى بناء دولة الخلافة الأفلاطونية الفاضلة، التي تسودها قيم الإسلام، من عدل وحق وشورى وغيرها. عندها يخفت صوت العقل ويتعالى صوت العاطفة العمياء والمدمرة، التي تحرق كل شيء. وإذا كانت الخلافة هي الهدف الأسمى للحركات المتطرفة، فإنها تتحوَّل إلى ” طوبى الفكر السياسي الإسلامي “[15] عموما والجهادي خصوصا. فتصبح دولة خارج الدولة القائمة وضدا عليها، مكفرة (الحركات المتطرِّفة) كل قوانينها ومؤسَّساتها وحتى الأفراد الموالين لها.
حينها يتحوَّل مفهوم الجهاد إلى مفهوم مطلق، عند أتباع الفكر التكفيري المتطرِّف، وحتَّى إن تمَّت مأسسته من قبل السلطة القائمة للدولة، أو من طرف المؤسَّسات الدينية المعترف بها، لا يلقى قبولا واستحسانا من لدن هذه الجماعات، التي لا تقبل بالدولة الحديثة وقوانينها الوضعية. ويتحوَّل الجهاد إلى فعل وعمل يحقّ لأي فرد ممارسته لمجرَّد أنه مسلم، أو ادَّعى ذلك، ودون حاجة إلى التداول حول تحديداته، مع باقي المسلمين على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم، وقراءتهم له. “فالحركات الإسلامية الجهادية ترى الجهاد اليوم فرض عين على المسلمين في معظم أقطار الأرض، وأي جهد بالنسبة إليها يبذل في غير سبيل الجهاد هو جهد ضائع.”[16] ولا مبرِّر حسبهم لتركه أو التراجع عنه.
والحقيقة أن كل الجماعات الإسلاموية المتطرِّفة على اختلافها (القاعدة، طالبان، داعش…)، تسعى إلى الاستناد إلى النصّ القرآني ونصوص الحديث والتفاسير وشروح الفقهاء، لإيجاد ما يبرِّر أعمالها المتطرِّفة والهمجية. فتمسي قاتلة باسم الدين، ولا تفعل إلا ما يقوله، محتكرة الحقّ في تأويله، ومعتمدة على الصريح من أفكار بعض الفقهاء، التي سبق لها أن أوَّلته بطريقة قريبة من أيديولوجيتها الهدّامة.
ثالثا: الدين و”المابعديات”: الإسلام على المحكّ
يؤكِّد “خوسيه كازانوفا” إلى أنَّ ” الباحثين الاجتماعيِّين (يذهبون) فوق كل شيء إلى الإقرار بأن الدين ما زال يتمتَّع أغلب الظن، ببعدٍ عام على الرغم من كل القوى البنيويَّة، والضغوط الشرعية، والعديد من الأسباب المقبولة التي تدفع بالدين في العالم العلماني الحديث إلى داخل النطاق الخاص.”[17] مثل هذا الكلام قد يشعر المتديّنين بالارتياح، ويرون فيه تهافتا للحداثة والأنوار والعلمانية وغير ذلك. لكن الأمر لا يتعلق، كما قد يبدو، بالعودة إلى الدين بالمعنى القروسطي والتقليدي، بل بعودة الدين كما تشكَّل في سياقٍ ما بعد حداثي وعلماني. ” فالدين في المجتمع ما بعد علماني ليس هو ذاته في مجتمع ما قبل علماني، فحين نفكِّر في القبل كحكاية رمزية نرى الدين الذي يفترض أنه عائد قد تغيَّر كذلك.”[18] وهذا المعنى حسب شتوكل يحيل إلى ” ما بعد العلماني بوصفه حالة وعي معاصر/ تعايش الرؤى الكونية للدين مع الرؤى العلمانية.”[19] في جو من التعدّدية والاحترام المتبادل، ودون إقحام للتصوّرات الدينية في الشأن العام، وبالخصوص الشأن في المجال السياسي، ” فالدين بالمفهوم اللبيرالي هو شأن خاص، ولا بد من أن يظل كذلك، والخوف اللبيرالي من تسييس الدين، هو في الوقت عينه، الخوف من مؤسَّسة قد تهدِّد حرية المعتقد الفردية، والخوف من دين أخلاقي معمم قد يدخل مفاهيم خارجية، للعدالة والمصلحة العامَّة والصالح العام.”[20] وهذا التعايش بين الأديان يفرض حيادية الدولة تجاه الدين وتجنّب، ” تفضيل أو عدم تفضيل ليس فقط المواقف الدينية، ولكن أي موقف أساسي سواء أكان دينيا أم غير ديني، لا يمكن تفضيل المسيحية على الإسلام، ولكن أيضا لا يمكننا تفضيل الدين على عدم الإيمان بالدين أو العكس.”[21] ولكن على المؤمنين حسب هابرماس [22] ” بذل مجهود لتجاوز التفاوت المعرفي الذي يبرز عند الالتقاء بالطوائف أو الديانات الأخرى”، والتفكير في كيف يمكن ” لموقفهم أن يتماشى مع سلطة العلوم التي تحتفظ بالاحتكار الاجتماعي للمعرفة على العالم”، والانفتاح على ” أولويات دولة الحقّ الدستوري التي تستند إلى أخلاق دنيوية “.
كل هذا يدلُّ على أن عودة الدين ليست العودة للدين، فالمعنى الأول يعني الدين كما أثمرته الحداثة والعلمانية ونقاشاتها، والثاني الدين كما كان في القرون السابقة على عصر الأنوار والحداثة، وهذا الأخير لا مكانة له في سياق عالمي ما بعد علماني وحداثي، وفي ظلّ ما حقّقته البشرية من تقدُّم على كافة المستويات. وإذا كان الأمر هكذا في البلدان الغربية، فماذا عن البلدان “الإسلامية”؟ هل يمكنها أن تدرك الدرس وتستفيد منه؟
لعل الحاجة إلى فهم دقيق وعميق، لمعنى الدين بدلالته المابعد علمانية/ حداثية من قبل المسلمين. حاجة ملحَّة وضرورية وحيوية، إذا ما أراد المسلمون السير مع الركب العالمي ومسايرة التاريخ. فلا بد لهم من صياغة رؤية واضحة وقراءة حداثية متنوِّرة للتراث الديني، تخرجه من سيطرة الفهم القروسطي الضيِّق، هذا الفهم الذي لم يثمر إلا التطرُّف العنف الديني داخليا وخارجيا.
إنَّ الحالة الراهنة تشكِّل فرصة ثمينة، وإمكانية لتدارك ما فات، وتجاوز إخفاقات مشاريع التنوير والحداثة المتعثِّرة في البلدان الإسلامية، والتي كانت هي الأخرى ناتجة عن عدم استيعاب للحداثة والتنوير من الأصوليين والحداثيين أنفسهم بشكل جيد. وعليه إن وضع الإسلام في صلب الحدث العالمي المعاصر، والاستفادة من القراءات المعاصرة للدين والمناهج المستحدثة في هذا الصدد. لهو أمر يمكنه أن يتوجَّه بالإسلام نحو ما هو كوني وعامّ ومشترك، بعيدا عن عقدة النقص أو التفوُّق، والسعي إلى التعايش مع باقي الديانات على أساس من الاحترام المتبادل، وعدم حصر الإسلام في حيز جغرافي مغلق يحتكر الأحقية فيه دون غيره. وإدراك أن العالم يتَّجه نحو ” زوال التوطين الإقليمي للدين، وانحلال العلاقة مع ثقافته الأصلية”[23]، وذلك بسبب ما يعرفه العالم من تغيّرات جعلت العالم مترابطا ومعولما ومتشابك العلاقات.
إنَّ المهمَّة الآن الملقاة على عاتق المسلمين، هي السعي لبلورة فهم جديد عن الدين عموما والإسلام خصوصا. والعمل على المشاركة في صناعة العالم فالمشكلة لا تتعلَّق ” في أن الإسلام معاد للحداثة والتقدُّم والديمقراطية (…) المشكلة بعد تعثُّر مشاريع التقدُّم والتحديث أو العقلنة والاستنارة، هي أننا نتعامل مع هويّتنا الدينية والحداثية، بمنطق التعالي والتقديس أو التقليد والتطبيق بحسب أصول مقرّرة ونماذج جاهزة أو قوالب مسبقة، في حين أنّ مشاريع التحديث والتنمية لا تتحقَّق أو تنجز من غير خلق وتوليد سواء على مستوى المفاهيم والنظريات والقيم والمعايير أو الخيارات والمهام أو الأساليب والإجراءات…”[24] هكذا يتبين أن المشكلة هي مشكلة قراءة، وتغيير المنظور والرؤى والمناهج. وغياب التفكير الإستراتيجي في التعامل مع الموروث الديني والثقافي، والتعالي على الاستفادة من الآخر، رغم أن الأسلاف لم يتوانوا عن الأخذ عن الشعوب الأخرى، عند صياغتهم للمناهج والنظريات، والتي يتمّ التعامل معها الآن بقدسية، واتباع طريقة متوجِّسة وحذرة، في تطبيق العلوم والنظريات المعاصرة في أيَّة قراءة للدين الإسلامي.
على سبيل الختم
أي قراءة تنويرية للدين لا بد من أن تضع في الاعتبار الآتي:
- تجديد العدَّة المنهجية المعتمدة في دراسة وتشريح النصوص، والاستفادة من المناهج المعاصرة في قراءة النصوص، خاصَّة في مجال اللسانيات وفلسفة اللغة وعلوم الأعصاب ودراسة الدماغ، والعلوم الإنسانية.
- توحيد الرؤية بين المشتغلين في الحقل الديني، من فقهاء والباحثين في الدراسات المقارنة بين الأديان وفي علوم أخرى.
- إعداد معجم تاريخي لمفاهيم الدين الإسلامي، يجعل المفاهيم موحَّدة ودقيقة المعنى.
- وضع قراءة الدين في سياقه المعاصر، وما يشهده من تحوّلات كبرى في كافة المجالات.
- الإيمان بتعدّدية القراءات للنص، فقهية، تاريخية، لسانية، أنثروبولوجيَّة.
[1] – أوجينيو ترياس ” التفكير في الدين الرمز والمقدس “. ضمن كتاب ” الدين في عالمنا ” تحت إشراف “جاك دريدا” و “جياني فاثيمو”، ترجمة محمد الهلالي وحسن العمراني، دار توبقال للنشر، ط 1 / 2004 الدار البيضاء المغرب.
[2] – علي حرب ” هكذا أقرأ ما بعد التفكيك ” المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط 1،2005، بيروت / لبنان، ص 23.
[3] – المرجع نفسه، ص 43.
[4] – عبد الهادي عبد الرحمن “عرش المقدس، الدين في الثقافة والثقافة في الدين ” دار الطليعة،ط 1، 2000، بيروت / لبنان، ص 12.
[5] – علي حرب ” هكذا أقرأ ما بعد التفكيك ” مرجع سابق، ص 15.
[6] – صادق جلال العظم ” نقد الفكر الديني ” دار الطليعة، ط 2، 1970، بيروت / لبنان – بتصرف.
[7] – علي حرب ” هكذا أقرأ ما بعد التفكيك ” مرجع سابق، ص 84
[8] – علي حرب، المرجع نفسه، ص 193.
[9] – لويك لوباب ” هل الجهادية إيديولوجيا سياسية؟ ” ت: محمد الإدريسي، مجلة أفكار، تصدر عن المجموعة الإعلامية ” آخر ساعة ” الرباط / المغرب، العدد 9، 2016، ص 55.
[10] – لويك لوباب، المرجع نفسه، ص55
[11] – علي حرب ” النص والحقيقة 2، نقد الحقيقة ” المركز الثقافي العربي، ط 1، 1993، بيروت/ لبنان، ص 83.
[12] – محمد الزهراوي ” السلفية الجهادية ومحددات الاقتباس العقائدي والمذهبي: في الأدبيات والمفاهيم” مجلة أفكار، المرجع السابق، ص 40.
[13] – أوليفييه روا ” تجربة الإسلام السياسي ” ت: نصير مروة، دار الساقي، ط 2، 1996، بيروت / لبنان، ص 20.
[14] – إلياد مرسيا “المقدَّس والمدنس “ ت : عبد الهادي عباس الحامي، دار دمشق، ط 1، 1988، ص 30
[15] – عبد الله العروي ” مفهوم الدولة ” المركز الثقافي العربي، ط 10، 2014، الدار البيضاء / المغرب، ص 162.
[16] – محمد الزهراوي ” السلفية الجهادية ومحددات الاقتباس العقائدي والمذهبي : في الأدبيات والمفاهيم”، مجلة أفكار، المرجع السابق، ص 39.
[17] – خوسيه كازانوفا ” دياليكتيك الدين والدنيا ” مجلة الاستغراب، المركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية، السنة الثالثة / العدد 8، صيف 2017، بيروت، لبنان، ص 232.
[18] – كريستينا شتوكل ” محاولة تعريف بعد العلماني ” ت : طارق عسيلي، مجلة الاستغراب، المرجع السابق نفسه، ص 348.
[19] – كريستينا شتوكل، المرجع نفسه، ص 350.
[20] – خوسيه كازانوفا ” دياليكتيك الدين والدنيا “، المرجع السابق نفسه، ص 322.
[21] – يورغن هابرماس وآخرون ” قوة الدين في المجال العام ” ت : فلاح رحيم، مركز دراسات فلسفة الدين – بغداد، دار التنوير، ط 1،2013، ص 70.
[22] – يورغن هابرماس ” مستقبل الطبيعة البشرية نحو نسالة ليبرالية ” ت : جورج كتورة، م : أنطوان الهاشم، المكتبة الشرقية، ط 1، 2006، بيروت / لبنان، بتصرف.
[23] – أوليفييه روا ” العلمنة وتحولات الديني “ت: محمد صدام، مجلة الإيمان،مركز عين للدراسات والبحوث المعاصرة – النجف / العراق، العدد ½، 2016، ص 221.
[24] – علي حرب ” هكذا أقرأ ما بعد التفكيك ” مرجع سابق، ص 111.
*المصدر: التنويري.