الأكاديمية

الكتابة للصورة

تعتبر كتابة التقرير التلفزيوني الإخباري من الفنون الصعبة، والتي تقتضى إجادتها قدرا من التمرُّس والخبرة، لأن الصحفي في هذه الحالة يستخدم عددا من الأدوات لنقل المعلومة أو الخبر. فهو يستخدم الكلمة المكتوبة والأصوات والصور من مكان الحدث.

تعتبر كتابة التقرير التلفزيوني الإخباري من الفنون الصعبة، والتي تقتضى إجادتها قدرا من التمرُّس والخبرة، لأن الصحفي في هذه الحالة يستخدم عددا من الأدوات لنقل المعلومة أو الخبر. فهو يستخدم الكلمة المكتوبة والأصوات والصور من مكان الحدث.

ومن المهم ترتيب كل هذه العناصر وأخذها في الاعتبار عند استخدامها في نقل الخبر، وذلك حتى لا تتسبب في تشويش الموضوع في ذهن المتلقي.

وتهدف هذه المقدمة إلى إثارة عدد من النقاط التي ينبغي أن تراعى عند الكتابة في قناة إخبارية تلفزيونية مثل بي بي سي.

تقريب الأفكار والمفاهيم

لا بد للتقرير التلفزيوني من أن يقرِّب الأفكار والمفاهيم والموضوعات من المشاهد، وأن يستخدم المراسلون طرقا مختلفة من أجل تحقيق هذا الغرض. ومن ذلك ما فعله جيريمي بوين عندما وقف في قلب بيروت وأخذ يتحدث مع أحد الفنانين الشعبيين الذين يبيعون صور المشاهير كما رُسمت لأهل لبنان وزوارها من السائحين العرب. سأل بوين الفنان عن أكثر الصور مبيعا. فكَّر الرجل قليلا، ثم أجاب بأن صور الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر تلقى رواجا دائما، إلا أن أكثر الصور مبيعا (في ذلك الحين) كانت صور الزعيم اللبناني الشيعي حسن نصر الله.

اختار بوين تلك القصة وسجَّل لقاءه بالكاميرا مع بائع الصور في أحد تقاريره التلفزيونية. وكان هدفه أن يشرح بطريقة غير تقليدية بعض جوانب الشأن اللبناني والتغير في موازين القوى وشعبية الأطراف السياسية المختلفة.

ويعمل الصحفيون التلفزيونيون بطرق مختلفة، ولكنها تتفق كلها على ضرورة قيام الصحفي بالاطلاع أولا على الصور المتاحة، ثم الكتابة واضعا هذه الصور في اعتباره. ويكاد يكون هناك اتفاق على أن كتابة التقرير بعد جمع المعلومات ودون رؤية الصور المتاحة، ثم البحث بعد الكتابة عن صور مناسبة من أجل “ترقيع” التقرير، ربما يأتي بأسوأ النتائج. فالكتابة للصورة من أصعب، وربما من أنجح الطرق، التي يستعملها بعض كبار الصحفيين والمراسلين، أي طريقة الكتابة للصور.

الكتابة للصورة

 يجب أن يحسب الصحفي المسافات الزمنية المتبقية بين المقاطع المصوَّرة والصوتية، ومن ثم يكتب ما يكافئ طولها ويناسب الصور التي تظهر فيها. ويحسب طول المقاطع المكتوبة باعتبار أن الثانية تكفي لنطق كلمتين باللغة العربية، أي أن ستين كلمة تستغرق حوالي نصف دقيقة بالقراءة المعتادة. وهذا حساب تقريبي يختلف من لغة لأخرى، فمثلا تقدر سرعة القراءة باللغة الإنجليزية بحوالي ثلاث كلمات للثانية الواحدة.

تقرير جيريمي بوين من غزة عن القصف الذي راح ضحيته أبرياء على شاطىء غزة في شهر يونيو/ حزيران من عام 2006 هو من الأمثلة الجيدة التي يمكن عند تحليلها أن تلحظ مراعاته للعناصر التي أسلفناها. فهو يفتتح تقريره بقصة طفلة فقدت فردين من عائلتها في القصف الذي وقع على الشاطئ، ويفسح مكانا للعناصر الصوتية الهامة المصوَّرة.

والأهم من هذا كله أنه يغطي الخبر من كل زواياه ويلتزم بكل المعايير المعروفة عن الكتابة الصحفية في بي بي سي، فهو يفسح المجال لتعقيب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كما يعطي إسرائيل فرصة للرد على اتهامها بالوقوف وراء الحادث، وينقل الموضوع بجمل سهلة وقصيرة.

ومن المهم بمكان عند كتابة تقرير إخباري تلفزيوني أن تكون هنالك إشارات متفرقة لبعض العناصر المرئية، من قبيل “هذه الفتاة”، و”في هذا المكان”، و”على هذا الشاطئ”. لكن الأهم هو أن يتم هذا بحساب، وإلاَّ وقع الكاتب في خطأ آخر هو الإفراط بوصف كل مشهد مرئي بالكتابة، فيتحول التقرير إلى وصف ممل للصور، وينقل للمشاهد إحساسا بالتكرار والرتابة.

فالبساطة في نقل القصة أو الموضوع ربما تكون العنصر الرئيسي الذي يكمن خلف نجاح التقرير، أو الصحفي الذي كتبه. والسيطرة بنجاح على العلاقة بين الكلمة المسموعة والعناصر الصوتية من جهة، .وبين الصورة المتحركة هي المفتاح لتأسيس علاقة ناجحة مع المتلقي

المصدر: بي بي سي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

التعليقات

شاهد أيضاً
إغلاق